ملخص
حصري: خبراء يحذرون من الوضع "المؤلم" لوحدات طوارئ متعالجي السلامة الذهنية مع كشف أرقام "مثيرة للقلق" عن "تأخيرات غير مقبولة": واقع محزن لمتعالجين مُستضعفين يتركون في أقسام الطوارئ في إنجلترا بلا رعاية لـ5 أيام أو أكثر
أصدر أطباء في المملكة المتحدة تحذيراً صارخاً من الوضع المزري للرعاية الطارئة لمتعالجي السلامة الذهنية، بعدما تبين من أداء نصف أقسام "الحوادث والطوارئ" A&E، أن المتعالجين ينتظرون أكثر من خمسة أيام في المستشفيات، لتلقي العلاج اللازم الذي يحتاجون إليه.
وتظهر أرقام "مثيرة حقاً للقلق" -تمت مشاركتها حصرياً مع "اندبندنت"- الفشل في تلبية حاجات المتعالجين الضعفاء الذين يخذلون بسبب "التأخير غير المقبول" في علاجهم. ونبه أحد الناشطين إلى أن هذه القضية أصبحت تمثل حال طوارئ وطنية.
وقد دفعت بيانات قامت بجمعها "الكلية الملكية لطب الطوارئ" Royal College of Emergency Medicine (RCEM) بالطبيب البارز الدكتور أدريان بويل، إلى إصدار تقييم قاتم للغاية، بحيث أعرب عن قلقه من أن النظام المسؤول عن تأمين الرعاية الصحية يضم موظفين غير مدربين على نحو كاف في أقسام "الحوادث والطوارئ"، لتلبية حاجات المرضى، قد خذل الأفراد الأشد "ضعفاً".
وحذر الدكتور بويل رئيس "الكلية الملكية لطب الطوارئ" من أن متعالجي السلامة الذهنية هم الأكثر تضرراً من الانتظار الطويل داخل وحدات "الحوادث والطوارئ". وقال إن "هؤلاء يحتاجون إلى رعاية فعالة تتسم بالتعاطف -لا بل يستحقون أفضل مستويات الرعاية".
وجاءت الأرقام كما يأتي:
• 46 في المئة من أقسام "الحوادث والطوارئ" التي شملها الاستطلاع، أقرت بأن متعالجي السلامة الذهنية البالغين، قد انتظروا أكثر من خمسة أيام قبل أن يتم تحديد العلاج اللازم لهم
• 12 في المئة من الوحدات أكدت أن لديها أيضاً أطفالاً مصابين بعلل نفسية انتظروا طوال تلك الفترة الزمنية
• تم الإبلاغ عن احتجاز متعالجي السلامة الذهنية على نحو غير قانوني، وتقييدهم داخل غرف أقسام "الحوادث والطوارئ"، وفي بعض الحالات من جانب حراس أمن غير مدربين
• إحدى متعالجات السلامة الذهنية قالت لـ"اندبندنت" إنها احتجزت على فراشها لمدة ثمانية أيام بينما كانت تنتظر تلقي العلاج
وتظهر أيضاً البيانات التي جمعتها "الكلية الملكية لطب الطوارئ"، أن 20 في المئة من متعالجي السلامة الذهنية -أي ما يعادل الآلاف شهرياً- ينتظرون أكثر من 12 ساعة ليصار إلى معاينتهم أو علاجهم أو قبولهم في المستشفى بعد التوجه إلى قسم "الحوادث والطوارئ"، مقارنة بـ10 في المئة من جميع المرضى الآخرين. ويشكل متعالجو السلامة الذهنية ثلاثة في المئة من الحالات الطبية التي تستقبلها تلك الأقسام، ونحو خمسة إلى ستة في المئة من الأفراد الذين ينتظرون 12 ساعة في الإجمال.
الدكتورة ليد سميث رئيسة "الكلية الملكية للأطباء النفسيين" Royal College of Psychiatrists، أشارت إلى أن المتعالجين الذين يعانون أزمة في السلامة الذهنية، يجب أن تتم معاينتهم في غضون "ساعات، وليس أيام".
ولفتت إلى أن هؤلاء "يشعرون بإحباط كبير بسبب التأخير غير المقبول في علاجهم، مما قد يعرضهم لخطر أكبر". وأضافت أن "موظفي "خدمات الصحة الوطنية" (أن أتش أس) NHS الذين يعملون على الخطوط الأمامية، يبذلون قصارى جهدهم لتزويد الأشخاص برعاية فعالة، لكنهم ببساطة غير قادرين على مواكبة المستويات المرتفعة من الطلب على الرعاية".
بول سبنسر رئيس السياسات والحملات الصحية في مؤسسة "مايند" Mind الخيرية للسلامة الذهنية، وصف الأرقام بأنها "مثيرة للقلق". ورأى أنها قدمت مزيداً من الأدلة للحكومة بأن المملكة المتحدة ترزح تحت وطأة "أزمة سلامة ذهنية" كبيرة، تستدعي اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجتها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف "في حين أنه بات من الواضح أن هناك حاجة إلى مزيد من أسرة الطوارئ للأشخاص الذين يعانون أزمة في السلامة الذهنية، فذلك وحده لن يحل المشكلة. النقص في خدمات الرعاية للأشخاص الذين يعانون مشكلات السلامة النفسية، يعني عدم توافر مساعدة كافية متاحة لتفادي وقوع الناس في الأزمة".
وأكد سبنسر "الحاجة الماسة لمزيد من الدعم في الوقت المناسب، وسهولة الحصول عليه على الصعيد الوطني، لأننا أصبحنا في حالة طوارئ وطنية".
يشار إلى أن "هيئة خدمات الصحة الوطنية في إنجلترا" (أن أتش أس إنغلاند) NHS England أطلقت عمليات تجريبية في جميع أنحاء البلاد، لاختبار أوقات انتظار مرضى السلامة الذهنية في وحدات "الحوادث والطوارئ" خلال ساعة واحدة. لكن منذ ذلك الحين، لم يتم تنفيذ أي أهداف رسمية في هذا الإطار.
الدكتور أدريان بويل قال لـ"اندبندنت" إن "هذا الاستطلاع يسلط الضوء على الحالة المزرية التي آلت إليها الرعاية الطارئة للسلامة الذهنية. فهؤلاء هم مرضى ضعفاء، وسواء كانوا أطفالاً أو بالغين هم في وضع هش، ويحتاجون إلى الحصول على دعم طارئ في مجال السلامة الذهنية".
وأضاف "للأسف، أن النظام يخذلهم، بحيث يجد غالبية هؤلاء المتعالجين الضعفاء أنفسهم يقبعون في أقسام ’الحوادث والطوارئ’ لفترات طويلة، غالباً ما تمتد لساعات وفي بعض الحالات، لأيام. إن هذا الوضع هو غير مقبول، ويتطلب اتخاذ إجراءات موضوعية لمعالجته".
يشار إلى أن بحث "الكلية الملكية لطب الطوارئ"، وهو الأول من نوعه، الذي تلقى ردوداً من 68 مستشفى -أو ثلث تلك الموجودة في المملكة المتحدة- حذر نصف عددها من أن أماكن التقييم في وحدات "الحوادث والطوارئ يشغلها "على نحو دائم" متعالجي السلامة الذهنية الذين يحتاجون إلى إدخالهم إلى المستشفى. وأكد 31 مستشفى أن لديه مرضى عقليين في أجنحة "الحوادث والطوارئ" لمدة خمسة أيام أو أكثر.
ودعا أكثر من 92 في المئة من المشاركين في الدراسة إلى زيادة أسرة السلامة الذهنية، للمساعدة في حل مشكلة التأخير في قبول المرضى، بينما قال 32 في المئة، إن هناك حاجة إلى إجراء تقييمات أسرع بموجب "قانون السلامة الذهنية" Mental Health Act.
وشدد الدكتور بويل على وجوب "ضمان رعاية منصفة للجميع. لكن لسوء الحظ، فإن ما يحصل الآن لا يرقى إلى هذا المعيار. إن مرضى السلامة الذهنية على وجه التحديد، يعانون فترات انتظار أطول ويواجهون أصعب التحديات".
وتظهر أحدث بيانات هيئة "خدمات الصحة الوطنية" أنه في نهاية السنة 2022 - 2023، كان نحو مليون و300 ألف مريض ينتظرون موعد متابعة من خدمة السلامة الذهنية المجتمعية- أي بزيادة 10 في المئة على أساس سنوي.
إضافة إلى ذلك، كشف أحد المسؤولين عن وحدات "الحوادث والطوارئ" أيضاً في الاستطلاع، أن نقص دعم الرعاية الاجتماعية لمتعالجي السلامة الذهنية يمثل مشكلة كبيرة. وأشار إلى أن 25 في المئة من المرضى قادرون على العودة إلى منازلهم، لكنهم يواجهون تحديات في الحصول على الدعم اللازم.
هيئة "أن أتش أس" كانت قد شرعت -بعد نشر "اندبندنت" تقاريرها- في الكشف عن بيانات أوقات الانتظار المخفية لجميع المتعالجين الذين ينتظرون أكثر من 12 ساعة من وصولهم إلى أقسام الطوارئ. وعلى رغم جمع بيانات عن أوقات انتظار متعالجي السلامة الذهنية لمدة 12 ساعة، فهذه المعلومات لا تنشر على نحو مستمر.
لكن في العام الماضي، كشفت "اندبندنت" عن بيانات داخلية لـ"خدمات الصحة الوطنية"، أظهرت أنه في أغسطس (آب) عام 2022 -أي نحو أربعة أضعاف العدد- كان خمسة آلاف مريض ينتظرون أكثر من 12 ساعة في أقسام الطوارئ كما كانت الحال عليه قبل عامين. وكشف تقرير آخر عن دخول آلاف من متعالجي السلامة الذهنية إلى أجنحة المستشفيات العامة بسبب النقص في الرعاية الوقائية.
أبينا أوبونغ أساري وزيرة صحة المرأة والسلامة الذهنية في حكومة الظل "العمالية" المعارضة قالت "إنه لأمر مثير للصدمة وغير مقبول، بالنسبة إلى كل متعالج ذهنياً، لا سيما الأطفال، أن يتركوا في حال انتظار أياماً داخل أقسام "الحوادث والطوارئ" قبل تلقي العلاج. وسيتولى حزب "العمال" (في حال توليه السلطة) معالجة أزمة السلامة الذهنية على نحو مباشر، ويتأكد من حصول الأفراد على المساعدة التي يطلبونها، وفي وقت يحتاجون إليها.
وفي تعليق على ما تقدم، أكدت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية البريطانية، أنها استثمرت مليارين و300 مليون جنيه استرليني (مليارين و875 مليون دولار أميركي) إضافية، في خدمات السلامة الذهنية حتى عام 2024. أما بالنسبة إلى الأفراد الذين يعانون أزمة، فقد أنشأت خطوط مساعدة للسلامة الذهنية على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وتستقبل في هذا الإطار 200 ألف مكالمة شهرياً.
متحدث باسم "هيئة خدمات الصحة الوطنية في إنجلترا" قال "لا شك في أن خدمات السلامة الذهنية تتعرض لضغوط كبيرة، بحيث تشهد خدمات الأزمات المجتمعية زيادة بنسبة 30 في المئة في الإحالات، مقارنة بما كانت عليه في فترة ما قبل وباء "كوفيد"، كما تتعامل الرعاية العاجلة والطارئة التابعة لـ"أن أتش أس" مع أرقام قياسية من المرضى".
© The Independent