ملخص
قدم ليفربول انتصاراً استثنائياً في "سان سيرو" على رغم غياب محمد صلاح، بعدما حسم سوبوسلاي المواجهة بركلة جزاء مثيرة، ليظهر فريق آرني سلوت عزيمة وانضباطاً وتحوّلاً تكتيكياً أعاد الثقة في موسم مضطرب.
ركلة جزاء تحسم مباراة ليفربول وإنتر ميلان الإيطالي في ملعب "سان سيرو". ولعل محمد صلاح، أينما كان يشاهدها، فكر أنه كان يمكن أن يسددها بنفسه. لكن وفي ظل غياب النجم المصري، تقدم دومينيك سوبوسلاي - الذي استولى أولاً على مركزه في الجناح الأيمن ثم على مهمة تنفيذ ركلات الجزاء - وسددها ببراعة.
انتصار لافت يعيد بريق ليفربول
كان هذا انتصاراً باهراً لآرني سلوت، وليلة لامعة لليفربول. صلاح غاب عنها، وغاب معها عن فرصة لانتزاع فوز في مباراة كبرى. فالأداء الذي بدا كهدوء تلى العاصفة، كان أداء منضبط وهادئ، وتحول إلى ما هو أكبر من ذلك. صحيح أن ليفربول سبق له أن هزم أرسنال وريال مدريد، لكن السياق يجعل من هذه النتيجة أفضل ما قدمه هذا الموسم.
وعلى رغم السخاء في احتساب ركلة الجزاء، فقد مثلت دعماً لمدرب محاصر بالضغوط. فإنتر ميلان، وصيف بطل دوري الأبطال الموسم الماضي، والذي لم يهزم في 18 مباراة ضمن دور المجموعات في "سان سيرو"، سقط أمام فريق يعاني الغيابات. وأثبت سلوت أنه قادر على الفوز في ميلانو من دون صلاح، ومن دون عدد كبير من اللاعبين الآخرين أيضاً. وتردد اسمه في مدرجات أحد أعظم ملاعب كرة القدم في أوروبا، إذ هتف به جمهور ليفربول. وفي أسبوع خضع فيه سلوت للاختبار، خرج منتصراً ومحبوباً.
علاقة اللاعبين بالمدرب ودور الجماعية
وقال "جماهير الفريق تهتف باسمي، وهذا يعني الكثير بالنسبة لي". وعلى رغم إصراره على أن الأمر لا يتعلق به، جعل صلاح كل شيء يتمحور حول المدرب. فقد استثار سلوت رداً من لاعبيه، إذ أدى كل منهم بطريقة توحي بأن لديه - خلافاً لصلاح - علاقة قائمة مع المدرب. فكان هناك التزام جماعي، ووضع اللاعبون مصلحة الفريق أولاً.
وبينما لم يتم التضحية بأحد، بدا بعضهم مستعداً للتضحية بنفسه لصد تسديدات إنتر. وبدا ليفربول أقل كفريق يمر بأزمة، وأكثر كفريق يريد إثبات نفسه.
وأظهر سلوت مرونته. فقد قدم الفريق أداءً أوروبياً على الطريقة القديمة، أقرب إلى مباريات خارج الديار في عهد رافا بنيتيز أو جيرار هولييه، لا أداءً منسوباً إلى سلوت.
وإن كان قد انشغل بأمور كثيرة في الأيام الماضية، فقد وجد المدرب الهولندي وقتاً لبناء خطة مختلفة. وأثبت أنه قادر على التغيير. ومع افتقاده صلاح أو أي لاعب يمكن أن يقترب حتى من مواصفات جناح، اختار اللعب بوسط مكون من أربعة لاعبين على شكل ماسة. وقد حمل هذا التعديل كثيراً من البراغماتية؛ وحتى توظيف أليكسيس ماك أليستر في رأس الماسة جاء للاستفادة من القوة البدنية لسوبوسلاي في الجهة اليمنى. وفي التشكيل الجديد، كان كورتيس جونز أفضل لاعب في الملعب.
صلابة دفاعية نادرة هذا الموسم
أظهر ليفربول قدرته على الدفاع. فعلى رغم أنه استقبل 38 هدفاً هذا الموسم، فقد نجح في إيقاف أقوى هجوم في الدوري الإيطالي. وباستثناء تصد رائع من أليسون قبيل نهاية الشوط الأول، حين أبعد ضربة رأس من لاوتارو مارتينيز، لم يتعرض الحارس لاختبارات حقيقية تذكر، إذ تكفل زملاؤه بالبقية. وقال سلوت "أود أن أتوقف عند لاعب تعرض لانتقادات في الفترة الماضية، وهو إبو كوناتيه. لقد قدم مباراة مذهلة أمام اثنين من المهاجمين المتميزين".
امتلك ليفربول التركيز والعزيمة والتنظيم، وهي عناصر لم يجمع بينها دائماً هذا الموسم. وقال سلوت "أظهر اللاعبون عقلية رائعة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكان لافتاً، بما يحمله من رمزية، أن يهديهم سوبوسلاي - أفضل لاعب في ليفربول هذا الموسم - ثمرة هذا الجهد. وقال سلوت "ما يقدمه بدنياً وكروياً أمر استثنائي… لقد وقف بثبات في لحظة صعبة". ولم يسبق لسوبوسلاي أن سدد ركلة جزاء مع ليفربول في مباراة رسمية، لكنه أطلق هذه التسديدة في سقف الشباك بقوة.
وكان الشد الخفيف - وغير الحكيم على الإطلاق - من أليساندرو باستوني لقميص فلوريان فيرتز سبب ركلة الجزاء. شاهد الحكم فيليكس تسفايير اللقطة الحاسمة على شاشة حكم الفيديو المساعد. وقال مدرب إنتر، كريستيان كيفو بأسى "خسرنا المباراة بسبب لقطة كبيرة". واتفق سلوت إلى حد ما، إذ قال "لو كان ذلك يستحق ركلة جزاء، لكان بإمكاننا الحصول على 10 مثلها هذا الموسم". لكنه يرى أن الحظ عاكس ليفربول طوال الموسم. وإذا كان نظام حكم الفيديو المساعد قد حرم ليفربول من هدفٍ في المباراة، فقد منحهم هدفاً آخر.
فرص ضائعة وتألق سومر
للحظة وجيزة، ظن ليفربول أنه انتزع التقدم في الشوط الأول. فقد أُلغي الهدف الذي سجله كوناتيه - وكان سيحمل له بعض الخلاص - بعدما وصلت الكرة إليه عبر ذراع هوغو إيكيتيكي؛ واستغرقت مراجعة نظام حكم الفيديو المساعد وقتاً طويلاً للغاية قبل إلغاء الهدف. وجاءت اللقطة من ركلة ركنية نفذها سوبوسلاي، لكن باستخدام لغة سلوت، خرج ليفربول في نهاية المطاف بـ"ميزان إيجابي للكرات الثابتة" عندما ترجم النجم المجري ركلة الجزاء من مسافة 12 ياردة إلى هدف.
وفي مباراة تطلبت الكثير من الصبر، سنحت لهم فرص أخرى. وكان يان سومر الحارس الأكثر انشغالاً، إذ تصدى لمحاولتين من كورتيس جونز وريان غرافنبرخ خلال بضع ثوانٍ في أول 20 دقيقة.
وعندما هدد البديل كونور برادلي مرمى إنتر، أبعد سومر الكرة من القائم القريب. وأنهى ليفربول المباراة بقوة، وأسهم بديله الآخر في الفارق. ولم يكن لدى سلوت الكثير على الدكة. وقال "لم نملك سوى 13 لاعباً في الخطوط الثلاثة ممن يملكون خبرة في الدوري الإنجليزي أو دوري الأبطال".
ومثل برادلي، بدأ فيرتز المباراة على مقاعد البدلاء. ولم يكن ذلك ذريعة لانفعالٍ على طريقة صلاح من اللاعب الذي كلف 100 مليون جنيه استرليني (133 مليون دولار). بل دخل بديلاً لألكسندر إيساك، الذي بدأ إلى جانب إيكيتيكي للمرة الثانية فقط؛ وكالعادة، بدا المهاجم الفرنسي أكثر جاهزية وحيوية. ولو أكمل إيساك الدقائق الـ90، ربما كان سيتولى تنفيذ ركلة الجزاء، لكن سوبوسلاي تقدم وسدد.
تراجع إنتر وعودة قوة ليفربول
استغل سوبوسلاي فرصته، لكنها كانت فرصة ضائعة بالنسبة للإنتر. إذ اتسم أداؤه بالبطء، وأساء لاعبوه تمرير الكرة كثيراً، وتلقى الفريق هزيمته الثانية توالياً في دوري الأبطال. وبينما عانى ليفربول من الإصابات قبل المباراة، ابتلي بها الإنتر خلالها؛ إذ خسر هاكان تشالهان أوغلو بعد 10 دقائق، ثم فرانشيسكو أتشيربي بعد نصف ساعة. ومع ذلك، كان بمقدور الإنتر أن يبذل المزيد لكشف نقاط ضعف ليفربول.
وفي المقابل، خرج سلوت أكثر قوة. فالفريق الذي خسر تسع مباريات في سلسلة من 12 مباراة، لم يُهزم الآن في أربع. وقد بدأ ذلك عندما تم استبعاد صلاح.
اتخذ سلوت قراراً كبيراً حينها، ثم قراراً ثانياً بترك صلاح في الديار بعد تصريحاته النارية عقب مباراة ليدز. وفي الحالتين، يبدو أنه كان على حق.
© The Independent