Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ثقافة الخوف" في بعض خدمات الصحة البريطانية تسمح بمواصلة الانتهاكات

حصري: وثيقة داخلية مسربة تكشف مخاوف مثيرة للقلق داخل الهيئة التنظيمية، لجهة التغاضي عن تحذيرات المبلغين عن مخالفات -وتعريض السلامة العامة للخطر- مما يعيد إلى الذاكرة أحداث قضية الممرضة لوسي ليتبي

ساتكليف: "رغم أننا قطعنا أشواطاً وأحرزنا تقدماً كبيراً على مر الأعوام، فإنني ما زلت عازمة بإصرار على المضي قدماً في إدخال تحسينات" (غيتي)

ملخص

حصري: وثيقة داخلية مسربة تكشف مخاوف مثيرة للقلق داخل الهيئة التنظيمية، لجهة التغاضي عن تحذيرات المبلغين عن مخالفات -وتعريض السلامة العامة للخطر- مما يعيد إلى الذاكرة أحداث قضية الممرضة لوسي ليتبي: "ثقافة الخوف" في جزء من "خدمات الصحة" البريطانية تسمح لممرضين عديمي الضمير بمواصلة إساءة معاملة المتعالجين

كشف تقرير جديد دامغ صدر في المملكة المتحدة، أنه يتم السماح لممرضين وممرضات وقابلات جرى توجيه الاتهام إليهم بارتكاب انتهاكات جنسية وجسدية وعنصرية خطرة، بمواصلة العمل في أقسام الرعاية الصحية، نتيجة تجاهل تحذيرات المبلغين عن المخالفات.

وتبين من وثائق اطلعت عليها "اندبندنت" أن موظفين يخشون الإبلاغ عن مخاوفهم إلى الجهة المنظمة لقطاع التمريض في "خدمات الصحة الوطنية" (أن أتش أس) NHS، بسبب "ثقافة الخوف" السائدة داخل الهيئة الرقابية.

أحد المبلغين أشار في حديثه مع "اندبندنت" عن المخالفات المرتكبة، إلى وجود أوجه تشابه مع قضية الممرضة لوسي ليتبي (وهي قاتلة متسلسلة قام مشرفون عليها بحمايتها، مما سمح لها بقتل سبعة أطفال في "مستشفى كاونتيس أوف تشيستر" Countess of Chester Hospital)، متهماً "مجلس التمريض والقبالة" في بريطانيا Nursing and Midwifery Council (NMC)، باتخاذ موقف دفاعي وبمحاولة حماية سمعته.

وزعم أن ثقافة "السلوك السام المتجذر"، على حد تعبيره، داخل "مجلس التمريض والقبالة"، يؤدي إلى تحقيقات متحيزة وفاشلة.

تجدر الإشارة إلى أنه كان قد جرى إطلاق مراجعة للمبادئ التوجيهية في "مجلس التمريض والقبالة"، بعدما سلطت "اندبندنت" الضوء في وقت سابق من هذه السنة على عدد من المخاوف، من خلال التحدث مع موظفين اشتكوا من ترك المجلس لممرضين متهمين بارتكاب جرائم جنسية وعنف أسري، من دون مراقبة أو منعهم من مزاولة مهنتهم.

وتكشف وثيقة داخلية بعث بها أحد المبلغين البارزين عن المخالفات المرتكبة، مجموعة من المخاوف بما في ذلك الحالات التالية:

• ممرض في كوفنتري اعترف بمشاركته صوراً غير محتشمة لأطفال، لم يتم استبعاده من ممارسة مهنته، إلا بعد مرور ثلاثة أعوام على رفع الشكوى الأولية ضده

• ممرض في مقاطعة كينت تحرش جنسياً بإحدى المريضات، وواصل ممارسة المهنة بلا قيود، لمدة ثمانية أشهر بعد الإبلاغ عن الحالة

• ممرضة دينت بتهمة الإساءة العنصرية إلى أفراد من الجمهور، ولم تواجه أي عقوبات في البداية، رغم التراجع عن القرار الأولي بعدم معاقبتها في وقت لاحق

واكتشفت "اندبندنت" أيضاً حادثة غير لائقة تورط فيها أحد الموظفين بالتعامل مع الأعضاء التناسلية لمريض ذكر بشكل غير لائق، كما لو كانت "دمية"، ولم يتلق إلا مجرد تحذير.

وأشار المبلغ عن المخالفات، في حديثه مع "اندبندنت"، إلى أن المخاوف التي جرى الإبلاغ عنها لـ"مجلس التمريض والقبالة"، قوبلت بنمط مماثل من "السلوك الدفاعي الذي ينطوي على ثقافة تعطي أولوية تفضيلية لسمعة المجلس على التزاماته القانونية، وتعرض المبلغين عن المخالفات لمعاملة سيئة، كان قد جرى انتقادها في وقت سابق، باعتبارها عاملاً مساهماً سمح للممرضة لوسي ليتبي بالاستمرار في عملها.

وأضاف "قمت أنا وزملاء لي بإثارة مخاوفنا بشكل متكرر داخل المؤسسة، لكن ’مجلس التمريض والقبالة’، لم يظهر مستوى التفكير والبصيرة الذي يتوقعه عادة من الممرضين والممرضات والقابلات ومساعدي التمريض المسجلين على قوائمه".

وأعرب عن اعتقاده "بوجود حاجة لاتخاذ إجراءات عاجلة، من أجل حماية صحة الناس وسلامتهم". وقال "أخشى أن يؤدي الفشل في معالجة القضايا الثقافية المتجذرة داخل المجلس إلى السماح لمهنيين غير مؤهلين بالبقاء ضمن سجلاتنا وإعطائهم الضوء الأخضر بالاستمرار في العمل".

ولدى مناقشة هذه النتائج المثيرة للصدمة مع رئيسة "مجلس التمريض والقبالة" أندريا ساتكليف، ردت بأن تحقيقاً قد فتح في هذه المزاعم.

ثقافة الخوف

تضمن تقرير داخلي وضع في العام الماضي، وأحيط بتكتم من جانب "مجلس التمريض والقبالة"، تفاصيل مقابلات أجريت مع نحو 41 موظفاً، إضافة إلى مقابلات إنهاء العمل مع موظفين مغادرين، في الفترة الممتدة ما بين أبريل (نيسان) عام 2021 ومارس (آذار) عام 2022.

وخلصت الاستنتاجات التي اطلعت عليها "اندبندنت" إلى ما يأتي:

• وجود "ثقافة خوف" داخل مجلس التمريض والقبالة"، حيث يتردد الموظفون في الاعتراف بـ"الأخطاء" ويخافون من ارتكابها

• تعرض موظفين لضغوط شديدة بسبب التراكم "الكبير" في التحقيقات وتحديد أهداف مهنية "غير واقعية أو قابلة للتحقيق"

• أحد العاملين تحدث عن "تردد الموظفين بالتعبير عن أي مخاوف" لأنهم يشكون في أنه ستتم معالجتها

• وصف أحد العاملين المعاناة التي يواجهونها بالقول "إنهم يشعرون بالإنهاك ويصارحون الناس بأنهم يكافحون لمواجهة الضغوط وأعباء العمل"

• أثيرت مخاوف جدية في ما يتعلق بالعنصرية داخل "مجلس التمريض والقبالة"، بما فيها حوادث تنمر تم الإبلاغ عنها وشملت نساء من العرق الأسود

• أثار الموظفون قضايا تتعلق بوجود تمييز على أساس الجنس، وكراهية للنساء، بما في ذلك معاملة نساء حوامل بشكل غير عادل

وأوضح التقرير أن كثيراً من الأفراد "لن يشعروا بالثقة في مواجهة السلوكيات غير اللائقة"، لافتاً إلى أن الشعور المشترك بين الموظفين تمثل في "العبارة التي استخدمها كثيرون، وهي: "الخوف من العواقب"" ذات الصلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"مقطع فيديو لحالة اغتصاب"

شارك المبلغ عن المخالفات المرتكبة، مخاوفه مع كل من "هيئة المعايير المهنية في الصحة والرعاية الاجتماعية" Professional Standards Authority for Health and Social Care (تشرف على تسع لجان قانونية تنظم العاملين في هذا المجال)، و"لجنة المؤسسات الخيرية" Charity Commission (تقدم المشورة والتوجيه لجميع المؤسسات الخيرية في إنجلترا وويلز)، وكلاهما مسؤولتان عن الإشراف على "مجلس التمريض والقبالة".

وزعم أنه في حادثة وقعت في عام 2017، تم فصل محقق بعدما ذكر لزميلة له في "مجلس التمريض والقبالة" بأنه لديه "مقطع فيديو لحالة اغتصاب". وجرى فصل محقق آخر في عام 2018، لاستخدامه إهانة عنصرية في إشارة إلى أحد الأشخاص بعبارة n*g nog العنصرية المسيئة، التي ترمز إلى استعباد السود.

"مجلس التمريض والقبالة" أكد أنه يتبنى سياسة "عدم التسامح المطلق" مع جميع أشكال التمييز، وسيقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة عند الإبلاغ عن أي مخاوف.

وتظهر الأرقام الراهنة أن هذه الهيئة الرقابية لديها تراكم يصل إلى 5,339 حالة سوء سلوك داخل "مجلس التمريض والقبالة". وقالت "هيئة المعايير المهنية في الصحة والرعاية الاجتماعية" في تقريرها الأخير عن المجلس، إن التحقيقات لا تزال تستغرق "وقتاً طويلاً"، مع بقاء أكثر من 700 قضية مفتوحة لمدة ثلاثة أعوام.

وفي رسالة عبر البريد الإلكتروني موجهة إلى "مجلس التمريض والقبالة" و"هيئة المعايير المهنية للرعاية الصحية والاجتماعية" و"لجنة المؤسسات الخيرية"، قال المبلغ عن المخالفات، إن "اليأس" الطاغي والمتمثل في الحاجة الملحة لإنهاء الأعمال المتراكمة "أدى إلى اتخاذ قرارات خطرة لإغلاق القضايا بأي ثمن".

وشملت هذه القرارات "عدم التحقيق بشكل كاف في الحالات، والفشل في معالجة التطبيق التمييزي للسياسات التمييزية، وتفضيل مكافأة السرعة على الجودة في العمل، والافتقار للشفافية عند التعامل مع الأفراد الذين يثيرون مخاوف، وإخضاع الموظفين الذين يشككون في الممارسات لمضايقات منهجية".

وأعرب المبلغ عن المخالفات عن خشيته من أن "يؤدي الفشل في معالجة القضايا الثقافية العميقة الجذور داخل "مجلس التمريض والقبالة" بشكل صحيح، إلى ترك مهنيين غير مؤهلين ضمن سجل المجلس للاستمرار في ممارساتهم".

وفي يناير (كانون الثاني) 2023، تم تنبيه أحد المديرين البارزين إلى قضية محددة عن المخالفات المرتكبة، إلى ممرض في كوفنتري، تقدم بطلب إزالة طوعية لاسمه من سجل التمريض، بعد اعترافه بمشاركة صور غير لائقة لأطفال في عام 2019، بحسب ما تظهر الأدلة التي اطلعت عليها "اندبندنت".

ويزعم أن الممرض اعترف خلال مقابلة مع الشرطة، بأنه قام بذلك لأغراض جنسية، لكن لم يتم توجيه أي اتهام إليه. وفي عام 2020، قرر فريق تحقيق تابع لـ"مجلس التمريض والقبالة" أنه "لا توجد قضية تستحق الرد عليها". وفي نهاية المطاف، تم فصله بعد ثلاث سنوات، بعد تركه يواصل العمل من دون قيود خلال تلك الفترة.

وفي قضية أخرى فتحت في عام 2018، وجهت اتهامات إلى ممرض بارتكاب سلوك غير لائق جنسياً مع فرد من المتعالجين. وتمت إحالة القضية إلى "مجلس التمريض والقبالة"، وإصدار أمر موقت في البداية بتعليق صلاحيته في ممارسة المهنة. ومع ذلك، تم رفع هذا الأمر الموقت بين فبراير (شباط) وأغسطس (آب) 2018، مما سمح له بمواصلة العمل بحرية، قبل أن يتم طرده وشطبه من سجل التمريض بعد مرور ثمانية أشهر.

وفي قضية أخرى من هذه السنة، لم يتخذ في حق ممرضة بيضاء أي إجراء تأديبي، رغم تأثيمها بـ"تحرش عنصري متعمد".

ووفقاً للمبادئ التوجيهية المتبعة، يوصي "مجلس التمريض والقبالة"، بعدم التحقيق مع الممرضة المتهمة من قبل "هيئة الرقابة"، ما لم يتم إبلاغ الشرطة رسمياً بالشكوى.

وبينما يقوم المجلس في الوقت الراهن، بمراجعة جميع إرشاداته المتعلقة بسوء سلوك جنسي، وعنف، واعتداء منزلي، وحالات حماية الأفراد المعرضين للخطر، لم توضع بعد أي تغييرات حيز التنفيذ.

السيدة ساتكليف الرئيسة التنفيذية لـ"مجلس التمريض والقبالة" ركزت على أهمية "تعزيز الثقافة داخل المجلس، التي تشجع الناس على التعبير عن مخاوفهم"، وأعربت عن "امتنانها للمخاوف التي أثيرت"، مؤكدة أنها "تتعامل معها بمنتهى الجدية".

وقالت "إن أولويتنا القصوى تقضي دائماً بضمان سلامة الأشخاص الذين يستخدمون خدمات الصحة والرعاية. ونحن ملتزمون أن تظل تشكل المحور الأساسي في جهوزيتنا لممارسة العمل".

إلى ذلك، أشارت السيدة ساتكليف إلى أن المجلس بدأ "اتخاذ تدابير لتحسين الوضع"، لكنها أقرت بأنه لا يزال هناك كثير من العمل الذي يتعين القيام به. وأكدت رئيسة "الهيئة التنظيمية" عزمها على التحقيق في المخاوف التي أثيرت بعد نشر تقرير "اندبندنت"، وأنها ستعتمد الشفافية في ما يتعلق بالنتائج التي ستشاركها.

وقالت "أريد أن أؤكد من جديد التزامي الشخصي بتطوير بيئة عمل آمنة وشاملة، بحيث يتلقى جميع زملائنا الدعم الذي يحتاجون إليه لتحقيق النجاح، كي نتمكن من تحقيق هدفنا الأساسي المتمثل في حماية الأفراد بشكل فعال".

وأضافت، "رغم أننا قطعنا أشواطاً وأحرزنا تقدماً كبيراً على مر الأعوام، فإنني ما زلت عازمة بإصرار على المضي قدماً في إدخال تحسينات".

تجدر الإشارة إلى أن "هيئة المعايير المهنية للرعاية الصحية والاجتماعية" و"لجنة المؤسسات الخيرية"، وهما الهيئتان التنظيميتان اللتان تشرفان على عمل وأداء "مجلس التمريض والقبالة"، لم تباشرا بعد أي تحقيق في هذا الشأن. وفيما ذكرت "لجنة المؤسسات الخيرية" لـ"اندبندنت" أنها في صدد تقييم الادعاءات، ذكرت "هيئة المعايير المهنية للرعاية الصحية والاجتماعية" أنها تراقب من كثب التحقيق الداخلي الذي يجريه المجلس.

© The Independent

المزيد من متابعات