Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بيروقراطية خدمات الصحة البريطانية تعذب المتعالجين

يقول زعيم حزب العمال البريطاني كير ستارمر إن سحر "التكنولوجيا التحويلية" سيقلص قوائم انتظار متعالجي المستشفيات والجراحات، ولكن كم علينا أن نتحمل بعد هذا الكلام الفارغ المبهم؟

جعل ستارمر إصلاح منظومة خدمات الصحة جزءًا كبيرًا من عرضه (غيتي)

ملخص

يقول زعيم حزب العمال البريطاني إن سحر "التكنولوجيا التحويلية" سيقلص قوائم انتظار متعالجي المستشفيات والجراحات، ولكن كم علينا أن نتحمل بعد هذا الكلام الفارغ المبهم فيما بيروقراطية خدمات الصحة البريطانية تعذب المتعالجين من أمثالي؟

"متلازمة المعطف الأبيض" white coat syndrome؟ أعاني حالة مستعصية.

لمن يبحثون منكم عن معنى لكلامي في رؤوسهم ولا يجدونه، دعوني أشرح لكم عما أتحدث عنه.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تتمثل "متلازمة المعطف الأبيض" في [ارتفاع ضغط الدم لدى المتعالجين] خلال وجودهم في المستشفى المحلي أو عيادة الطبيب العام. يبدو ارتفاع ضغط الدم مفرطاً بشكل أكبر عندما يشعر المريض بالتوتر، علماً أنها حالة شائعة جداً في هذه الظروف.

إذ اعتراني بعض القلق إزاء معدل ضغط الدم [الانبساطي والانقباضي] الذي سجلته في زيارتي الأخيرة للمستشفى، ارتأيت أن أخضع لفحص آخر في صيدلية متاجر "تيسكو".

صحيح أن الصيدلية في هذه المتاجر ليست في تصوري قاعة من حقبة جديدة لممارسة اليوغا، لكنها تبقى أكثر راحة بأشواط من أي مكان ستقابل فيه أشخاصاً يرتدون معاطف بيضاء أو زي الجراحات.

وغني عن القول، إن معدل ضغط الدم الذي سجلته في "تيسكو" كان أدنى كثيراً مقارنة مع [ضغط دمي الذي سجلته في زيارتي الأخيرة للمستشفى]. يبدو أن حتى أصغر الأمور تبقى مفيدة.

لكني أتساءل كم كان سيبلغ مستوى ضغط دمي لو أنني قسته مرة أخرى بعدما حاولت إبلاغ طبيبي العام بالنتيجة التي حصلت عليها.

أن تحاول التحدث إلى طبيب عام في هذه الأيام أشبه بسباق شرس مخصص للموسيقى المسجلة [التي تسمعها خلال انتظارك على الهاتف] حتى لو أنك محظوظ كفاية وتتعاين لدى طبيب جيد (ولن أتخلى عن طبيبي حتى من أجل ورقة يانصيب رابحة).

انتظارات طويلة على الهاتف، وأصوات مجهولة تخبرك أنك الرقم الـ12 في قائمة انتظار تطول ساعتين متتاليتين، إغلاق المكالمة عندما تكون اجتزت كثيرين أخيراً، ثم البدء مرة أخرى من الرقم الـ12. لست أبالغ بوصفي هذا، ليس كثيراً، على أية حال.

هذه الأيام، تتوفر خدمات إي كونسالت" eConsult التي يجدر بها أن تحسن مجرى الأمور. بيد أنها بطيئة جداً وغير عملية. تطلب منك النقر فوق قائمة محدودة من الحالات الصحية والأعراض قبل أن تصل إلى الجزء حيث يتوفر عدد محدود من الرموز للتعبير عن مشكلتك. إنها عملية تطبيب بمساعدة بضع رسائل قصيرة.

انتظر... أنا أعرف! سأنقر على القلق! لأنه حتى إذا كنت لا تعاني هذه الحالة (وأنا لا أعانيها، هل يفاجئك ذلك؟) فقد تجد نفسك تنضم إلى صفوف من يكابدون القلق إذا حاولت أن تتولى أمر صحتك كما كنت أحاول أخيراً.

كذلك، أبلغت من عيادات عدة أن "في مقدوري الاتصال بهم في أي وقت"، ولكن كل ما اكتشفته أن قول ذلك أسهل كثيراً من فعله. ماذا عن رسائل البريد الإلكتروني؟ لا تصلك ردود عليها إلا إذا أرسلتها مرتين أو ثلاث مرات أو 36 مرة. واللجوء إلى خيار المكالمات الهاتفية يعني الانتظار... والانتظار... والانتظار. ثم تركك تنتظر. والطلب إليك لاحقاً الاتصال برقم آخر.

يبدو وقع الضغط النفسي الذي يجتاحك عندما تحتاج حقاً إلى التحدث إلى شخص ما شديد الوطأة فعلاً.

إليك الجزء المطمئن (قليلاً). إذا أحدثت ضجة، ستتخطى كل المعوقات المذكورة وتصل إلى مبتغاك في نهاية المطاف. اكتب عدداً كافياً من الرسائل و/ أو رسائل البريد الإلكتروني إلى عدد كاف من الأشخاص، اشتعل غضباً، إنما بطريقة لائقة وإلا لن يكون مرحباً بك أو أنك لن تلقى أي اهتمام، ويمكن أن يؤتي مجهودك ثماره. من يتذمر ويشتكي ويفتعل المشكلات يفوز بالاهتمام والمساعدة. حتى في "هيئة خدمات الصحة الوطنية" المتهالكة اليوم.

اضطرارك المستمر إلى ارتداء نصف طن من ثياب المحارب الصلبة قبل الدخول في معركة لطيفة مثل لعبة "دانجنز آند دراغنز" (سجون وتنانين) متسلحاً بسيف سحري من نوع "بلس 2" [النادر] ينهش قواك. يستنزف طاقتك ويرهقك، خصوصاً إذا كنت تكابد حالات طبية.

كير ستارمر زعيم حزب العمال البريطاني كان يؤدي دور الفارس أيضاً. يقول إنه يملك سيفاً من نوع "بلس 2" خاصاً به، ويسعه استخدامه لحمل "هيئة خدمات الصحة الوطنية" على النجاح بمساعدة صديقه المغامر ويس ستريتنغ، الذي سيستخدم "عصا الشيخ" أو "عصا القدر" (أو شيئاً من هذا القبيل) عندما يدخل وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية.

يبدو إصلاح "هيئة خدمات الصحة الوطنية" واحداً من المهمات الروحانية المبهمة الخمس في أجندة ستارمر.

في خطابه الصحافي الأخير، قال إن حكومة حزب العمال ستستفيد من تطبيق "هيئة خدمات الصحة الوطنية" الذي استخدمناه جميعاً خلال جائحة "كورونا" في "الدفع نحو خدمة أكثر استجابة تضع المريض في المرتبة الأولى".

تبدو خطة رائعة، أليس كذلك؟ منفذ واحد لمختلف خدمات "هيئة خدمات الصحة الوطنية". مكان تقصده كي تحجز موعداً لدى الاختصاصي، ومنه تتلقى تذكيرات بمواعيدك وإرشادات صحية، وتشارك عبره حتى في تجارب سريرية.

مهلاً، ألم يسبق أن سمعنا هذا الكلام؟ ألم نسمع جميعاً كلاماً عن "التكنولوجيا التحويلية"، والأهداف الرائعة التي ستحققها؟ مراراً وتكراراً؟ من السلطات المتعاقبة؟

انعتوني بالتشاؤمي المتهكم، ولكني أخشى أن يكون زعيم حزب العمال يخاطر في قطع وعود مبالغ فيها. التكنولوجيا إنجاز مذهل. بالنسبة إلى "هيئة خدمات الصحة الوطنية" سيكون هذا التقدم رائعاً إذا جرى تنفيذه على نحو صحيح. لا ننس "على نحو صحيح".

كذلك سيكون العنصر البشري حاضراً أيضاً على الدوام، العنصر البشري المرهق الواقع تحت ضغوط شديدة، الذي ضاق ذرعاً، والمنهمك بالمهمات الكثيرة الملقاة على عاتقه، الذي لا يبالي بمواجهة السياسيين الذين يتصرفون معه بغطرسة تتمسك بها حكومة المحافظين التي يأمل ستارمر في استبدالها.

دعونا نواجه الأمر، لن يفعل ستارمر ما هو أسوأ بكثير. مبدئياً، يبدو بعض أفكاره جيداً.

ولكنه العنصر البشري نفسه الذي كان علي أن أعتمد عليه كي أتلقى الرد على رسائلي الإلكترونية ومكالماتي. الإجراءات البيروقراطية تزيد عذاب الجسد عذاباً نفسياً وعقلياً. كل تلك الغطرسة التي يقاسيها تجد طريقها إلى المتعالجين.

أكتب هذا بعدما علمت تواً إنني استبعدت من عيادة معالجة الألم في "المستشفى الملكي الوطني للعظام" في ستانمور ما إن أخذ وجعي يتفاقم، بعدما أبلغت سابقاً بأن علي ألا أقلق. ما عليك سوى الاتصال بنا عندما تحتاج إلينا (أي إرسال رسائل البريد الإلكتروني، وإغلاق الهاتف في وجهك، وإعادة تحويلك إلى رقم آخر، واكتشاف أنك خارج القائمة). لم يخبروني أن أتصل بهم خلال فترة سنة (والدخول في متاهات لا تنتهي) أو سنطردك. بل قالوا، اتصل بنا عندما تحتاج إلينا.

لذا، الآن كي تحصل على معاينة طبية لأنك تكابد حالة مستعصية ولكن قابلة للعلاج، قد يستغرق الأمر ساعتين على الهاتف، وانتظاراً لمدة أسبوعين قبل أن تصل إلى طبيب عام يملأ لك كومة أوراق لا طائل منها، وتبدأ من جديد.

يهمكم أن تعرفوا السبب وراء عجز "هيئة خدمات الصحة الوطنية" عن العمل؟ ها هو: هل في متناول أحد سيف "بلس 2"؟

يبدو أن كل ما تقدم يفسر سبب وجود "متلازمة المعطف الأبيض". ضغط الدم الوطني يحلق إلى القمر.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات