Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يصب الاستياء من بايدن وترمب في مصلحة كينيدي؟

ترشحه مستقلاً ينسجم مع سخط الأميركيين إزاء الرئيسين وقد يخصم من رصيدهما

وسط حالة الإحباط في المجتمع الأميركي جاء تحول روبرت أف كينيدي جونيور من ترشيح نفسه داخل الحزب الديمقراطي إلى الترشح بصفته مستقلاً (أ ف ب/ غيتي)

ملخص

تصاعد شعور معظم الأميركيين بالسخط مع إدراكهم أن إعادة انتخاب بايدن أو عودة ترمب قد تدخل الولايات المتحدة في أزمة سياسية

أعطى إعلان روبرت أف كينيدي جونيور الانفصال عن الحزب الديمقراطي ليكون مرشحاً مستقلاً، زخماً جديداً للسباق الرئاسي الأميركي لعام 2024، كونه يستغل سخط غالبية الأميركيين على تنافس الرئيس جو بايدن والرئيس السابق دونالد ترمب للمرة الثانية، ويراها فرصة سانحة مع افتقار بايدن إلى الشعبية بسبب عمره المتقدم وهفواته المتعددة، بينما تحاصر ترمب أربع محاكمات و91 تهمة جنائية بما تجعله مرشحاً مهتزاً للحزب الجمهوري، فما الذي يعنيه ترشح كينيدي، وكيف يستفيد من رفض غالبية الأميركيين لكل من بايدن وترمب، ولماذا يخشاه الرئيسان على رغم أن فوزه بالانتخابات مستبعداً؟

خلل واشنطن

على رغم أن التذمر من السياسة التي تصنعها واشنطن يعد سمة أميركية عريقة، فإن المزاج الشعبي إزاء السياسيين انخفض إلى أسوأ مستوياته في الولايات المتحدة، عندما دفع الانقسام بين الجمهوريين والديمقراطيين، خلال الأيام الماضية، البلاد إلى حافة الإغلاق الحكومي وأدخل الجمهوريون المتشددون وجميع الديمقراطيين في مجلس النواب، الكونغرس في حال من الفوضى حينما أطاحوا برئيس المجلس كيفن مكارثي في سابقة تاريخية جعلت الأميركيين ينظرون إلى الحادثة كدليل على الخلل الوظيفي الواسع النطاق في واشنطن، الذي يحتاج إلى إصلاح عاجل.

وتصاعد شعور غالبية الأميركيين بالسخط مع إدراكهم أن إعادة انتخاب الرئيس الحالي جو بايدن أو عودة الرئيس السابق دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، قد يدخل الولايات المتحدة في أزمة سياسية خلال صراعهما على أهم منصب في البلاد، فالرئيس بايدن طاعن في السن (81 سنة)، وتحوم حول نجله هانتر شبهات فساد قد تطال الرئيس نفسه، في حين أن ترمب (77 سنة) متهم بعدد 91 تهمة في أربع قضايا مختلفة من بينها التحايل ومحاولة الانقلاب على الحكم للاحتفاظ بالمنصب الرئاسي لنفسه والاحتفاظ بوثائق سرية تتعلق بالأمن القومي الأميركي، وهي تهم قد تودعه السجن لأكثر من 700 عام إذا أدين بها جميعاً.

تعب وغضب

وبعد الاضطرابات التي شهدتها أميركا نتيجة الصراع حول الانتخابات الرئاسية الماضية ووباء "كوفيد-19" والتضخم، يعرب الناخبون عن شعورهم بالتعب والغضب وتشاؤم واسع النطاق في شأن الانتخابات الرئاسية المقبلة والصراعات الحزبية وإيمانهم المتأرجح بالمؤسسات السياسية، وعلى رغم اعتراف الأميركيين من الطبقة العاملة والمتوسطة بارتفاع أجورهم في الآونة الأخيرة، لكن كثيرين يقولون إن المكاسب تتضاءل مقارنة بارتفاع تكاليف المعيشة، ولهذا تشهد أماكن مختلفة من البلاد إضرابات الآلاف من العمال النقابيين، من صناعة السيارات إلى الرعاية الصحية إلى هوليوود، من أجل الحصول على عقود أفضل.

ومنذ عام 2016 وحتى الآن، لا يبدو أن الاقتتال الداخلي بين الديمقراطيين والجمهوريين سينتهي قريباً، وهذا أحد أبرز الأسباب التي تدفع غالبية الأميركيين إلى خشية حدوث منافسة أخرى بين ترمب وبايدن، ويفضلون المضي قدماً خلال الدورة الرئاسية المقبلة للعثور على مرشحين آخرين.

الكارهون المزدوجون

وفي حين أن كلا المرشحين يتمتعان بتقدم كبير مع ناخبيهما الحزبيين، فإن 51 في المئة من الناخبين في استطلاعات الرأي الأخيرة لديهم انطباع سلبي عن بايدن و56 في المئة منهم يكرهون ترمب، لكن الناخبين الذين لا يحبون ترمب وبايدن والذين يطلق عليهم الخبير الاستراتيجي الجمهوري كيث نوتون، لقب "الكارهون المزدوجون"، يصبحون كتلة انتخابية متأرجحة سيقضي كلا الحزبين وقتاً ومالاً في محاولة الفوز بها.

ومع ذلك، من المرجح أن يدعم هؤلاء الناخبون ترمب بهامش اثنين إلى واحد بحسب الاستطلاع الأخير الذي أجرته شبكة "بي بي أس" حيث يقول 54 في المئة إنهم سيدعمون ترمب إذا أجريت الانتخابات اليوم، بينما يقول 27 في المئة إنهم سيختارون بايدن و19 في المئة لم يقرروا بعد.

وإذا كان السيناتور الجمهوري ميت رومني، البالغ من العمر 76 عاماً، قدم مثالاً يحتذى به حين أعلن قبل أسابيع قليلة أنه لن يترشح لإعادة انتخابه على مقعد مجلس الشيوخ عن ولاية يوتا وأنه حان الوقت لجيل جديد من القادة على رغم أنه في صحة جيدة ويتمتع بذهنية حادة، فإنه من السذاجة تصور أن أياً من الرئيسين بايدن وترمب سيفعل الشيء نفسه ويتنازل عن المنصب، بحسب جيفري ماثيوز، المؤرخ والأستاذ في جامعة "بوجيه ساوند".

زخم جديد

ووسط حالة الإحباط السائدة في المجتمع الأميركي جاء تحول روبرت أف كينيدي جونيور من ترشيح نفسه داخل الحزب الديمقراطي إلى الترشح بصفته مستقلاً بمثابة ورقة جامحة تتمتع بالقدرة على إعادة تشكيل الانتخابات الرئاسية، لعام 2024، بحسب وصف صحيفة "بوليتيكو"، لكنه من غير الواضح بعد ما إذا كانت ستصب في صالح بايدن أم ترمب.

لكن تحوله هذا يجعله نظرياً أقرب إلى الناخبين غير الراضين عن كلا الحزبين السياسيين، والسياسة الحزبية المفرطة، ويريدون بديلاً لخيارات بايدن -ترمب المتوقعة في نوفمبر (تشرين الثاني) من العام المقبل، مما يمنح السباق زخماً جديداً من خلال أطروحاته حول نظريات المؤامرة التي ينكرها الديمقراطيون وبعض الجمهوريين التقليديين، بخاصة في ما يتعلق باللقاحات وجوانب من التاريخ السياسي الأميركي وحياد عملية الانتخابات التمهيدية الرئاسية الحالية.

خيار ثالث واعد

وإضافة إلى عامل استياء الناخبين من المرشحين المحتملين من الحزبين، يتوقع أن يجعل اسم عائلة كينيدي الشهير روبرت كينيدي جونيور (69 سنة) في وضع يسمح له بالحصول على أكبر حصة من الأصوات لمرشح مستقل منذ أن حصل روس بيرو على ما يقرب من 19 في المئة في انتخابات عام 1992 والتي فاز بها بيل كلينتون، فهو نجل شقيق الرئيس جون كينيدي (اغتيل عام 1963)، ونجل السيناتور والمرشح الرئاسي روبرت كينيدي الذي اغتيل عام 1968.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الأسابيع الأخيرة، أظهر استطلاعان للرأي أن كينيدي حصل على 14 في المئة عند إدراجه كخيار ثالث على ورقة الاقتراع مع بايدن وترمب، وفي سباق محتدم حيث كل ميزة صغيرة تشكل أهمية كبيرة، يشعر كلا الحزبين بالقلق إزاء الكيفية التي قد يتمكن بها كينيدي من الاستفادة من ناخبيهما، فقد وصف حلفاء الرئيس بايدن ترشيحه كمستقل بأنه خطر، وبدأ الديمقراطيون في التعبير عن مخاوفهم من أن حملته قد تكون مفيدة لترمب إذا أقنع عدداً كافياً من الناخبين المتأرجحين بدعمه على بايدن.

كما بدأت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري، التي تدرك كيف نجح روبرت كينيدي في جذب الحشود المناهضة للقاحات بين قاعدتها وجمهورها، في تسليط الضوء على مواقف كينيدي السياسية الليبرالية، وكانت حريصة على القضاء على أي دعم لديه بين اليمينيين المتشددين.

وجاء تغيير ترشح كينيدي مستقلاً في أعقاب الإعلان عن مرشح آخر، وهو البروفيسور التقدمي كورنيل ويست، الذي قال، الأسبوع الماضي، إنه يترشح مستقلاً بعدما كان يترشح مع "حزب الخضر"، وهو على يسار كينيدي أيديولوجياً، لكنه أثار أيضاً مخاوف مماثلة في شأن ما يمكن أن تفعله هذه المنافسة بالنسبة إلى بايدن وآفاق نجاحه.

حسابات المكسب والخسارة

وتظهر بعض استطلاعات الرأي أن هناك اهتماماً بكينيدي أكثر من الأسماء المستقلة الأخرى أو الأسماء المرشحة كحزب ثالث في هذه الدورة، ويشير استطلاع جديد أجرته "رويترز" مع مركز "إبسوس" أن كينيدي حصل على 14 في المئة من الدعم بين الناخبين المحتملين، وهي نسبة كبيرة مقارنة بنحو 40 فاز بها ترمب و38 لبايدن.

ويقول مات بينيت الناشط الديمقراطي في "ثيرد واي"، وهو مركز أبحاث وسطي متخصص في دراسة المرشحين لأحزاب ثالثة والمرشحين المستقلين، إن "أي شخص يقسم التحالف المناهض لترمب هو أمر سيئ ولا أحد يعرف ما هو التأثير الذي قد يحدثه كينيدي، لكن بالنظر إلى أن القاعدة المؤيدة لترمب أقل من 50 في المئة، فإن الطريقة الوحيدة لفوز ترمب هي أن تقوم أطراف ثالثة بسحب الأصوات من بايدن، ومن المؤكد أن كينيدي وآخرين سيفعلون ذلك".

ويبدو أن المخاوف من أن كينيدي قد يكون مفيداً لترمب موجودة بشكل وثيق بين جناحي الديمقراطيين بخاصة في أوساط الليبراليين الذين يفضلون دفع بايدن نحو اليسار في ما يتعلق بالسياسة، وهم يحذرون الآن من الافتقار إلى استراتيجية لمنع كينيدي من المنافسة وتحصيل أصوات، كما يشعر المعتدلون بالقلق أيضاً.

نزيف الأصوات

ولكن على رغم كل المخاوف، فلا يزال بعض الديمقراطيين يصرون على أنه يمثل تهديداً أكبر لترمب، ويتفق معهم بعض الجمهوريين على أن كينيدي قد يشكل مشكلة بالنسبة لهم، وفي حين يرون أن ترمب قوة مهيمنة داخل الحزب الجمهوري، إلا أنهم يعترفون بأن كينيدي يمكن أن يجذب شرائح معينة حيث حقق الرئيس السابق نجاحات، خصوصاً في المساحات عبر الإنترنت حيث تكون الجماهير المتخصصة أكثر تقبلاً للادعاءات المثيرة للجدل ضد السياسيين.

وتشير استطلاعات الرأي الداخلية لحملة ترمب إلى أن محاولة كينيدي ستستنزف أصواتاً من الرئيس السابق أكثر من بايدن في الانتخابات العامة، وفقاً لتقرير موقع "سيمافور"، بينما تستعد حملة ترمب بدورها لشن هجوم منسق من الرسائل النصية ورسائل مواقع التواصل الاجتماعي ضد كينيدي، الذي على رغم كونه عضواً في العائلة الأكثر شهرة في السياسة الديمقراطية، يخوض الانتخابات كمؤيد لحمل السلاح ومناهض للقاحات، ويتوافق برنامجه بشكل أوثق مع الشعبوية المحافظة أكثر من الليبرالية التقدمية لبايدن.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل