Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خطة ترمب الأخيرة لقلب نتيجة الانتخابات

لم يخف الرئيس المنتهية ولايته قبل بدء الاستحقاق الرئاسي اعتقاده بأن الحسم قد ينتهي إلى الكونغرس

بدا من الواضح خلال الأيام الأخيرة، أن الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب يُعد خطة مع عدد من حلفائه الجمهوريين من أجل تحقيق رغبته في قلب نتيجة الانتخابات، ومن ثم الاستمرار في الحكم، على الرغم من جميع المحاولات القضائية الفاشلة في تحقيق هذا الهدف واعتراف عدد كبير من الجمهوريين بأن جو بايدن هو الرئيس المنتخب، الذي سوف يتسلم السلطة بعد نحو ثلاثة أسابيع، فما هي ملامح هذه الخطة؟ وما احتمالات نجاحها حين يحل موعد تنفيذها بالكامل الأسبوع المقبل؟ 

إشارات سابقة 

لم يخف ترمب قبل بدء الانتخابات الرئاسية الأميركية بوقت طويل، اعتقاده بأن حسم نتيجة الانتخابات قد ينتهي إلى الكونغرس من دون أن يدخل في التفاصيل، وإن كانت تصريحاته قد فسرها مراقبون على أنها إشارة إلى سوابق تاريخية قليلة حسم فيها الكونغرس نتيجة انتخابات متنازع عليها. 

وبعدما فشلت محاولات ترمب وفريقه القانوني الوصول إلى أي نتيجة ملموسة تثبت ادعاءاته بتزوير الانتخابات، وفي أعقاب رفض المحاكم على اختلاف أنواعها 60 دعوى قضائية بما فيها المحكمة العليا الفيدرالية الأميركية، التي كان يراهن على القضاة الثلاثة الذين عينهم فيها، لم يتبق أمام الرئيس الراغب في إلغاء خسارته للانتخابات، سوى وسيلة واحدة فقط، وإن كانت غير مضمونة لتحقيق غايته، وهي خوض معركة أخيرة بدأت برفع دعوى قضائية فيدرالية جديدة يوم الاثنين الماضي، وتنتهي عندما يجتمع الكونغرس بمجلسيه النواب والشيوخ يوم الأربعاء المقبل 6 يناير (كانون الثاني)، على وقع تظاهرات حاشدة دعا ترمب أنصاره إليها من مختلف أنحاء الولايات المتحدة، ولكن كيف يمكن قلب نتيجة الانتخابات؟ 

دعوى قضائية فيدرالية

رفع لوي غومرت عضو مجلس النواب الجمهوري عن ولاية تكساس وعدد من الناخبين الجمهوريين، دعوى قضائية الاثنين الماضي في محكمة فيدرالية في ولاية تكساس (عَيّن ترمب قاضيها) ضد نائب الرئيس الأميركي مايك بنس الذي سوف يرأس الاجتماع المشترك للكونغرس يوم الأربعاء بصفته رئيس مجلس الشيوخ، في محاولة تستهدف تغيير القواعد، التي تحكم عملية جمع وفرز الكونغرس لأصوات المجمع الانتخابي في كل ولاية من الولايات الأميركية الخمسين بالإضافة إلى مقاطعة كولومبيا حيث واشنطن العاصمة. 

وترتكز هذه المحاولة إلى السماح لبنس المُكلف بقيادة جلسة مجلسي النواب و الشيوخ بتجاهل ناخبي بايدن في نحو 6 ولايات، واستبدالهم بقوائم ناخبي ترمب الذين خسروا الانتخابات، حيث تؤكد الدعوى القضائية المرفوعة أن القانون الصادر عام 1887 المعروف باسم قانون الفرز الانتخابي، وهو قانون يحكم منذ فترة طويلة عملية فرز أصوات المجمع الانتخابي، يُلزم بنس ممارسة سلطة جمع واختيار الأصوات التي سيتم فرزها فقط، بالمخالفة لما ينص عليه الدستور حسب نص الدعوى. 

الدستور فقط 

ووفقاً لنص الدعوى فإنه بموجب التعديل الثاني عشر من الدستور، يتمتع المُدعَى عليه وحده، وهو مايك بنس بالسلطة الحصرية والسلطة التقديرية المطلقة لفتح مظاريف أصوات المجمع الانتخابي لكل ولاية والسماح بفرزها، وأنه حينما تكون هناك قوائم ناخبين متنازع عليها، أو عندما يكون هناك اعتراض على قائمة ناخبين تمثل أصوات المجمع الانتخابي، فإن له الحق المطلق في تحديد القائمة التي سوف يتم احتسابها في عملية جمع الأصوات، أو عدم احتساب أي صوت على الإطلاق من الولايات المتنازع عليها. 

ولهذا تطالب الدعوى أن يسترشد بنس فقط بالأحكام الدستورية القائلة، بأن يمارس السلطة التقديرية المطلقة في تحديد الأصوات الانتخابية التي ستُحتسب لولاية معينة، وأنه يجب عليه أن يتجاهل أحكام قانون الفرز الانتخابي التي من شأنها أن تحد سلطته الحصرية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تحدي انتخاب بايدن

وتزامنت هذه الدعوى القضائية مع اعتزام عدد من الجمهوريين في مجلس النواب وعضو واحد على الأقل في مجلس الشيوخ، تحدي انتخاب بايدن بالاعتراض على التصويت في ولاية أو أكثر من الولايات، فقد أشار غومرت في الدعوى إلى أنه سيكون أحد أعضاء مجلس النواب الجمهوريين الذين يعتزمون تحدي ناخبي بايدن، كما يعتزم العشرات من الجمهوريين الآخرين في مجلس النواب أن يحذو حذوه، بالإضافة إلى عضو مجلس شيوخ واحد على الأقل هو تومي توبرفيل، الذي أوضح أنه قد ينضم إليهم. 

ولم يتضح بعد ما إذا كان أعضاء آخرين في مجلس الشيوخ سيفعلون ذلك أيضاً، في وقت سعى فيه زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل إلى إقناع أعضاء حزبه في المجلس بعدم المشاركة في تحدي الانتخابات، وهو ما فعله أيضاً الزعيم الثاني للجمهوريين في المجلس السيناتور جون ثون، الذي اعتبر أن أي تحديات لنتائج الانتخابات محكوم عليها بالفشل، ما جعل الرئيس ترمب يشن عليه هجوماً شرساً.

ولن تكون تلك العملية سابقة من نوعها، ففي عام 2004 اجتمع الكونغرس لفرز نتائج الانتخابات الرئاسية واعترضت السيناتور باربرا بوكسر والنائبة ستيفاني تابز على فوز الرئيس جورج دبليو بوش بإعادة انتخابه في ولاية أوهايو على المرشح الديمقراطي جون كيري، ما أجبر مجلس النواب ومجلس الشيوخ على التصويت حول هذه الاعتراضات التي رُفضت في نهاية الأمر، وهي عملية لم تكن تستهدف قلب نتيجة الانتخابات. 

حائط صد

غير أنه على الرغم من توافر المتطلبات الإجرائية اللازمة لتحدي الناخبين من المجمع الانتخابي، التي تتمثل في اعتراض عضو واحد على الأقل من مجلس النواب وعضو آخر من مجلس الشيوخ على أصوات المجمع الانتخابي في ولاية أو أكثر، ومن ثم مناقشة أوجه الاعتراض والرد عليها في جلستين منفصلتين لكل من المجلسين لمدة لا تزيد على ساعتين، فإن التصويت في النهاية على هذا الاعتراض أو التحدي سيواجه بحائط صد، وسيكون مصيره الفشل بسبب سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، فضلاً عن عديد من الإشارات الصادرة عن ماكونيل وأعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري بأنهم لا يعتزمون دعم جهود ترمب.

التخلص من القواعد 

ولكي يتجنب أنصار ترمب هذا الفشل المتوقع يوم الأربعاء المقبل، فإن التخلص من هذه القواعد وفق ما أعلنه غومرت، سيسمح لبنس بتحديد الناخبين الذين يجب احتساب أصواتهم، ما يعني أن نائب الرئيس قد يمكنه ببساطة اختيار احتساب القائمة المؤيدة للرئيس ترمب في ولاية أو أكثر. 

وسبق ذلك التحضير لهذه اللحظة الحاسمة، فقد اجتمع الجمهوريون الذين كانوا سيصبحون ناخبي ترمب في المجمع الانتخابي حال فوزه، وزعموا أنهم يدلون بأصواتهم في إعادة انتخاب ترمب باعتباره الفائز، ما يعني أنهم يعتمدون على بنس والجمهوريين في الكونغرس للتعامل مع تلك الأصوات غير الرسمية على قدم المساواة مع القوائم المعتمدة في تلك الولايات التي فاز بها بايدن.

ترمب يحشد الجميع

 لا يبدو ترمب بعيداً عن هذه الخطة، فقد أعاد تغريدة قبل أيام تضمنت اقتراحاً بتدخل بنس في عد الأصوات الانتخابية للمجمع الانتخابي، واستضاف قبل أيام عدداً من الجمهوريين في مجلس النواب داخل البيت الأبيض، الذين كانوا يقودون جهود الاعتراض على نتائج المجمع الانتخابي، بقيادة النائب الجمهوري مو بروكس، الذي قال إن الجمهوريين يستعدون للاعتراض على فوز بايدن في ما يصل إلى ست ولايات، الأمر الذي سيفرض ساعات من النقاش في مجلسي النواب والشيوخ، ما يجعل إعلان فوز بايدن أشبه بسيرك سياسي.

ولكي يكتمل السيرك السياسي في الداخل والخارج، حث ترمب الذي خاض حملته الانتخابية مرتين ليكون مرشح القانون والنظام، على التجمع في العاصمة واشنطن يوم اجتماع الكونغرس في تظاهرة وصفها بالجامحة، فيما اعتبر خصومه أنه يسعى إلى إثارة الفوضى وإحداث اضطراب يقاطع به الجلسة المشتركة للكونغرس، التي سيحسبون فيها فوز بايدن بـ 306 مقابل 232 من أصوات المجمع الانتخابي.

احتمالات النجاح

من الناحية القانونية، ليس من الواضح ما إذا كان القاضي الفيدرالي الذي عينه الرئيس ترمب في تكساس سيوافق على طلب إصدار حكم عاجل في الدعوى القضائية الأخيرة قبل أسبوع واحد من موعد اجتماع الكونغرس، ويرجح خبراء في القانون أن تلقى هذه الدعوى نفس مصير الدعاوى القانونية السابقة التي انتهت إلى الرفض.

لكن بفرض أن القاضي الفيدرالي وافق على طلب إصدار حكم، فإن ذلك سوف يضع بنس في موقف حرج، قد يضطر فيه إما إلى الطعن في الدعوى، وهو ما يضعه في خانة خصوم ترمب، أو أن يصمت أو يدعم الدعوى بما يُظهر نيته في تنفيذ هذا السيناريو وتغيير رغبة الناخبين الذين أدلوا بأصواتهم في انتخابات 2020. 

موقف بنس من الخطة 

 في حين أن بنس انخرط في السابق مع عدد من الأعضاء الجمهوريين في مجلس النواب الساعين إلى قلب نتائج الانتخابات، فإنه تجنب اتخاذ موقف علني في هذه المسألة، ولم يقدم أي إشارة حول الكيفية التي يعتزم بها تولي رئاسة جلسة الكونغرس في 6 يناير، التي من المقرر أن تقر بشكل نهائي فوز بايدن بالرئاسة ليتسلم منصبه رسمياً في 20 يناير، وفي وقت سابق من هذا الشهر كان بنس يخطط للإشراف على جمع وفرز أصوات فوز بايدن ثم محاولة الهروب من غضب ترمب بالتوجه إلى الخارج في ما قد تكون آخر رحلة دبلوماسية له في منصبه. 

أما إذا اختار بنس في النهاية عدم المشاركة في الجلسة تجنباً لهذا الموقف المحرج، فمن المرجح أن يحل محله في رئاسة الجلسة رئيس مجلس الشيوخ المؤقت تشاك غراسلي السناتور الجمهوري عن ولاية أيوا، الذي لم يُعرف بعد موقفه حيال هذه الخطة.

لكن العديد من الجمهوريين والمتخصصين في القانون في واشنطن يؤكدون أن ترمب ليس لديه أي فرصة لتعطيل نتائج الانتخابات وإعلان فوز بايدن بالرئاسة، أو تعديل النتيجة لصالحه كما يرغب، بل إن دعوة أنصاره لاحتجاجات حاشدة وجامحة، ليست سوى محاولة أخيرة يائسة.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير