ملخص
مشكلة "مارفل" هي أن مسلسل "لوكي" ليس طائراً يغرد خارج سربه بل مجرد مسلسل تافه بين عوالم من المسلسلات الأخرى المماثلة
عاد لوكي Loki، [ونراه] يعيش خارج إطار الزمن. لكن ليس بصورة رمزية ومثيرة، على طريقة بيلي بيلغريم، إنما بالمعنى الحرفي للكلمة، وعلى امتداد حبكة المسلسل: فإله الشر الشقي هذا، وثمرة خيال توم هيدلستون، يبدأ الموسم الثاني من مسلسل "لوكي" وهو يتنقل من حقبة زمنية إلى أخرى. وربما نظنها فكرة جذابة بنظر [شركة الإنتاج] "استوديوهات مارفل" Marvel Studios، بأن يُرمى البطل تلقائياً في الماضي [ويعود ليعيش أحداثه بطريقة مختلفة]. فهذه الشركة المملوكة لـ"ديزني" التي تشمل أحدث إصداراتها مسلسلات على غرار "شي هولك" She-Hulk و"فارس القمر" Moon Knight و"الغزو السري" Secret Invasion، وأفلام على غرار "الرجل النملة والدبورة: كوانتمانيا" Ant-Man and the Wasp: Quantumania، سلكت بشكل متزايد طريق الفشل تلو الآخر. وبالتالي، قد تصنع المعجزات ليعود بها الزمن فجأة لعام 2012، عندما كان فيلم "أفنجرز" (منتقمون) Avengers يتصدر صناديق التذاكر، وكان العالم عبارة عن كف يد مغرية تملؤها الدولارات، [يغويها ويشجعها على الإنتاج].
وفي متابعة للأحداث حيث توقفت في نهاية الموسم الأول، نرى لوكي في مواجهة واقع جديد، إذ يبدو أن رفاقه من "سلطة تباين الوقت" Time Variance Authority (ويطلق عليها في مناسبات عدة من المسلسل اسم مختصر عديم المعنى هو "تي في أي" TVA)، ما عادوا يعرفونه. ويصاب بالصدمة بعد تقديمه إلى "ذلك الذي بقي" He Who Remains، وهو نسخة من عالم موازٍ لشخصية "كانغ" (الذي يؤدي دوره جوناثان مايجورز). والحال أن مايجورز الذي يصور على أنه "الشرير الأكبر" الذي يغير نمطه ومظهره باستمرار على امتداد الحقبة الجديدة من [مسلسلات] "مارفل"، صور دوره في الموسم الثاني من "لوكي" قبل وقت قصير من اعتقاله بتهمة التعنيف الأسري في مارس (آذار) الماضي (وقد نفى الممثل التهم ومن المتوقع أن يخضع للمحاكمة في وقت لاحق من الشهر الجاري). ولا شك في أن "مارفل" في وضع لا يُحسد عليه، بالنظر إلى عدم صدور أي حكم قانوني حتى الآن يؤكد براءة مايجورز أو ذنبه. لكنني أتصور أن ضلوع نجم فيلم "كريد 3" Creed III بدور رئيس ومهم في هذا المسلسل هو حتماً مشكلة، سيصعب على كثيرين غض النظر عنها وتخطيها.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لن أخوض في التفاصيل، لكن مسلسل "لوكي" يسحب بطله من عقدة الافتتاحية هذه بسرعة نسبياً، لينتقل إلى حبكة أحداث تستند إلى إطار الزمن، يواجه فيها لوكي نظيرته ونسخته الأنثى وعشيقته سيلفي (وتؤدي دورها صوفيا دي مارتن). وتأتي أفضل اللحظات التي ابتدعها هيدلستون عندما يوضع [البطل لوكي] في مواجهة موبيوس، العميل الهامس لـ"سلطة تباين الوقت" (ويؤدي دوره أوين ويلسون)، حتى لو أن ديناميكية الصداقة بينهما قد تذكر بعلاقة غير متسقة بين رجلين مستقيمي الميول يسعيان جاهدين إلى العبث وإظهار خفة الظل. ولعل رفيق ويلسون المغتاظ دوماً هو صاحب الأداء الأفضل في المسلسل، شأنه شأن [الممثل] كي هوي كوان الذي فاز أخيراً بجائزة أوسكار، كونه يضفي، هو التالي، جواً من الإثارة - وإن كان مبالغاً فيها - [خلال تأديته] لدور أوروبوروس Ouroboros، الخبير الفني المرح في "سلطة تباين الوقت".
وبالطبع، يمكن التنويه ببعض العناصر التي تصب في مصلحة "لوكي"، إذ إن تصميم الإنتاج مذهل، وفكرة البيروقراطية التي تمزج بين الطرازين القديم والمستقبلي الحديث في "سلطة تباين الزمن" فريدة بصرياً، وإن كانت على شيء من الرتابة. ولا شك في أن حبكة الرواية هي أيضاً فيها كثير من المفاجآت الصادقة، كلما انتقل المشاهد من حلقة إلى أخرى، وإن كانت هذه غير مثمرة وعقيمة: فبما أن الرواية غير مربوطة لا بالوقت ولا بالفضاء، سيصعب [على المشاهد] الاهتمام بأي أمر يحصل في مجرى الأحداث. إلى ذلك، فإن الأخطار غالباً ما تكون عالية، من دون أن يفهم المشاهد السبب - فترى عوالم، ووقائع تقع في بحر النسيان - إلى حد يجعلها عملياً خاوية من أي معنى.
أما الأهم، فهو أن مسلسل "لوكي" بدأ يشبه ما هو عليه فعلياً، فبات تحويراً غير حكيم للتقليد القديم. وجرى تسليط الأضواء فيه على شخصية ثانوية لم تكن يوماً مناسبة لأداء دور ريادي ورئيس. فكأنه عشاء يقتصر على المقبلات. ومشكلة "مارفل" هي أن مسلسل "لوكي" ليس طائراً يغرد خارج سربه في هذا الصدد، بل مجرد مسلسل تافه بين عوالم من المسلسلات الأخرى المماثلة.
© The Independent