Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

 ترمب يجمد اتفاق استثمار المليارات في القطاع الرقمي ببريطانيا

ضربة لحكومة ستارمر التي تباهت بالاتفاق التجاري مع واشنطن بعد "بريكست"

بعد توقيع لندن وواشنطن اتفاقاً تجارياً في مايو الماضي أعفى الصادرات البريطانية من بعض الرسوم الجمركية التي أعلنها ترمب (أ ف ب)

ملخص

هناك إجماعاً لدى المعلقين والمحللين على أن قرار واشنطن يعد ضربة لحكومة رئيس الوزراء "العمالي" كير ستارمر التي كثيراً ما تباهت بالاتفاقات مع واشنطن وعدّتها إنجازاً بعد فشل حكومات "المحافظين" السابقة في التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) قبل أكثر من خمسة أعوام.

جمدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتفاقاً تكنولوجياً مع بريطانيا، أعلن عنه في سبتمبر (أيلول) الماضي ضمن اتفاقات تجارة جزئية بين البلدين.

وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" أول من نشر خبر تجميد الاتفاق الذي تضمن تعهدات أميركية باستثمار شركات التكنولوجيا الأميركية الكبرى نحو 30 مليار جنيه استرليني (40 مليار دولار أميركي) في بريطانيا.

وأكدت صحيفة "فايننشيال تايمز" اليوم الثلاثاء خبر تجميد الاتفاق، بينما نقلت صحيفة "ذا غارديان" عن مسؤولين في الحكومة البريطانية أن ذلك يأتي في إطار المفاوضات التجارية الحالية بين واشنطن ولندن، وأن الإدارة الأميركية تستخدم التجميد كورقة ضغط في هذه المفاوضات.

لكن هناك إجماعاً لدى المعلقين والمحللين على أن قرار واشنطن يعد ضربة لحكومة رئيس الوزراء "العمالي" كير ستارمر التي كثيراً ما تباهت بالاتفاقات مع واشنطن وعدّتها إنجازاً بعد فشل حكومات "المحافظين" السابقة في التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة عقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) قبل أكثر من خمسة أعوام.

وبعد توقيع لندن وواشنطن اتفاقاً تجارياً جزئياً في مايو (أيار) الماضي، أعفى الصادرات البريطانية من بعض الرسوم الجمركية التي أعلنها ترمب، مقابل تنازلات بريطانية تتعلق باستيراد بعض المنتجات الأميركية كاللحوم وغيرها، دعا ستارمر ترمب إلى زيارة رسمية لبريطانيا في سبتمبر 2025.

وكانت تلك ثاني زيارة رسمية لترمب، في سابقة لرئيس أميركي، وخلالها كشف عن "صفقة الرخاء التكنولوجي".

الاتفاق وتبعات تجميده

وفي المؤتمر الصحافي لإعلان الاتفاق خلال زيارة ترمب، تفاخر ستارمر بالصفقة واصفاً إياها بأنها "قوة لتغيير حياة الناس" وأنها "تجدد العلاقة الخاصة نحو حقبة جديدة".

وأضاف حينها "هي فرصتنا لضمان أن تكنولوجيات مثل الذكاء الاصطناعي والكم وغيرها تزيد من إمكانات البشر وتحل المشكلات وتعالج الأمراض وتجعلنا أغنى وأكثر حرية".

أما ترمب، فقال إن الصفقة ستساعد الولايات المتحدة وبريطانيا في "الهيمنة" العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، وتضمن قيادة بلدينا للثورة التكنولوجية المقبلة جنباً إلى جنب.

لكن هذه الوعود تبخرت مع تجميد إدارة ترمب للصفقة التي تضمنت وعوداً باستثمار شركة "مايكروسوفت" ما يصل إلى 22 مليار جنيه استرليني (29.5 مليار دولار أميركي)، واستثمار شركة "غوغل" ما يصل إلى 5 مليارات جنيه استرليني (6.7 مليار دولار أميركي) في بريطانيا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وكانت الحكومة البريطانية ضمنت "صفقة الرخاء التكنولوجي" مع الولايات المتحدة في خططها لإقامة "منطقة نمو" للذكاء الاصطناعي في شمال شرقي إنجلترا، ووعد المسؤولون البريطانيون بأن المشروع سيوفر 5 آلاف وظيفة، ويجلب استثمارات تصل إلى 30 مليار جنيه استرليني (40 مليار دولار أميركي).

وذكرت "نيويورك تايمز" أن السبب المباشر لتجميد الاتفاق اعتراض إدارة ترمب على ما تسميه "القيود غير التعريفية الجمركية" التي لا ترغب بريطانيا في إلغائها، وفي مقدمتها "ضريبة الخدمات الرقمية" المفروضة على شركات التكنولوجيا الأميركية، وقواعد السلامة الغذائية التي تعوق تصدير بعض المنتجات الزراعية الأميركية إلى بريطانيا.

إلا أن مسؤولين بريطانيين، نقلت عنهم "فايننشيال تايمز" و"ذا غارديان"، حاولوا التقليل من أهمية قرار التجميد، وعدّوه جزءاً من ضغوط مفاوضات التجارة بين البلدين.

وقال أحد هؤلاء المسؤولين إن التجميد "تصلب معتاد من الأميركيين في المفاوضات… فوزير التجارة الأميركي هاورد لوتنيك رجل صعب، وندرك أن الأميركيين يصعبون المفاوضات، لكننا نتمسك بمواقفنا، هم يريدون ما هو أفضل لبلدهم، ونحن كذلك نريد ما هو أفضل لبلدنا".

ضغوط أميركية لتنازلات بريطانية

وعلى رغم أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أعفاها من التزام كثير من القواعد والمعايير الأوروبية الصارمة، فإنها حتى بعد "بريكست" لا تستطيع التخلي عن بعض القواعد والمعايير الأساسية.

أما ضريبة الخدمات الرقمية، فهي مفروضة على جميع شركات التكنولوجيا، وليس على الشركات الأميركية وحدها، غير أن إدارة ترمب تطالب بإعفاء شركات أميركية مثل "أمازون" و"أبل" وغيرها من هذه الضريبة.

وتفرض الحكومة البريطانية ضريبة بنسبة اثنين في المئة على أرباح شركات التكنولوجيا من بيع خدماتها في بريطانيا، فيما يصل ما تحصله الخزانة البريطانية سنوياً من هذه الضريبة على الشركات الأميركية إلى نحو 800 مليون جنيه استرليني (مليار دولار أميركي)، وتطالب إدارة ترمب بإلغاء قواعد السلامة والأمان في استخدام الإنترنت التي وعد المسؤولون البريطانيون خلال المفاوضات بمراجعتها.

لكن القضية الأهم تتعلق بقواعد ومعايير السلامة الغذائية، إذ ترغب الإدارة الأميركية في أن تغير بريطانيا لوائحها وتتبع القواعد الأميركية، ومع أن لندن وافقت ضمن اتفاق مايو الماضي على السماح باستيراد 13 ألف طن من لحوم البقر الأميركية من دون رسوم جمركية، فإن التخلي الكامل عن قواعد السلامة الغذائية لن يكون مقبولاً لا لدى المزارعين البريطانيين ولا لدى هيئات وجماعات حماية المستهلكين، إذ يعني ذلك السماح باستيراد أغذية معززة بحقن الهرمونات، وكذلك الدجاج المغسول بالكلور، وما يترتب على ذلك من إضرار بالصحة العامة، فضلاً عن الإضرار بالإنتاج المحلي ومبدأ عدالة المنافسة.

وكان وزير التجارة والأعمال البريطاني بيتر كايل زار واشنطن هذا الأسبوع على رأس وفد للتفاوض مع لوتنيك ووزير الخزانة سكوت بيسنت، ومن المتوقع استئناف المحادثات الشهر المقبل بعد عطلتي عيد الميلاد ورأس السنة، غير أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الإدارة الأميركية ستغير موقفها من تجميد الاتفاق التكنولوجي أو لا.

اقرأ المزيد