Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

استبعاد "ناسا" وصول كائنات فضائية إلى الأرض لا ينهي التكهنات حولها

تحليل البيانات واجه عوائق والبحث عن دليل أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش

قال مدير وكالة "ناسا" بيل نيلسون إن الأدلة على وجود كائنات فضائية غير موجودة بعد (أ ف ب)

ملخص

يؤكد المدير المساعد للمهمات العلمية بوكالة "ناسا" أن "الظواهر الشاذة غير المحددة هي أحد أعظم أسرار كوكبنا"

على رغم أن تقرير وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) لم يجد أي دليل على أن الأجسام الطائرة المجهولة أو ما يسميه البنتاغون الآن "الظواهر الشاذة غير المحددة" جاءت من خارج كوكب الأرض، إلا أنه ترك الباب مفتوحاً أمام كثير من الأشياء التي يمكن أن تغذي نظرية المؤامرة بأن الولايات المتحدة ربما تتستر على معلومات حول حقيقة هذه الظواهر، فما طبيعة ما كشفت عنه ناسا؟ ولماذا اعترفت بضعف جمع البيانات والافتقار إلى معايير موحدة، وبأنها عجزت عن تفسير خمسة في المئة من مشاهدات هذه الظواهر باعتبارها منفصلة عن عملها وتتضمن معلومات سرية؟ ثم لماذا عينت الوكالة مديراً لتطوير أبحاث هذه الظواهر؟

خيبة أمل

لا شك في أن عديداً من الأشخاص الذين يعتقدون بوصول كائنات فضائية إلى الأرض أصيبوا بخيبة أمل واسعة عندما كتبت لجنة من الخبراء العلميين، بتكليف من وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" المؤلفة من 16 عضواً في تقريرها أنه من الواضح أن غالبية المشاهدات والملاحظات المتعلقة بالأجسام الطائرة المجهولة أو ما يسميه البنتاغون الآن "الظواهر الشاذة غير المحددة" يمكن أن تعزى إلى ظواهر أو أحداث معروفة، وتأكيد رئيس اللجنة، عالم الفلك ديفيد سبيرغيل، أن الفريق لم ير أي دليل يشير إلى أن الظواهر الشاذة غير المحددة هي من خارج كوكب الأرض.

ويرى أستاذ علم الفلك والفضاء في جامعة أريزونا كريس إمبي أن عديداً من المشاهدات الأخيرة لهذه الظواهر يمكن أن تُعزى إلى بالونات الطقس والأجسام الفلكية مثل النيازك والكرات النارية وكوكب الزهرة، كما تمثل بعض المشاهدات عمليات مراقبة من قبل قوى أجنبية، ولهذا السبب يعتبر الجيش الأميركي هذه قضية أمن قومي.

وربما تعود خيبة الأمل إلى انتشار التكهنات القائلة بأن حكومة الولايات المتحدة تخفي معلومات حول وجود حياة خارج كوكب الأرض، بعدما زعم محلل الاستخبارات الأميركية السابق في وزارة الدفاع (البنتاغون) ديفيد غروش في شهادته أمام الكونغرس خلال شهر يوليو (تموز) الماضي أن الحكومة أدارت على مدى عقود برنامجاً سرياً لاستعادة ودراسة مركبات فضائية وأنها احتفظت بجثث كائنات غير بشرية لقيت مصرعها في تحطم هذه المركبات.
وعلى رغم نفي رئيس مكتب البنتاغون المكلف بالتحقيق في الظواهر الشاذة غير المحددة شون كيركباتريك هذه الادعاءات أمام الكونغرس الأميركي، تصاعدت هذه التكهنات مرة أخرى خلال هذا الأسبوع مع الأخبار الواردة من مكسيكو سيتي حينما عرض شخص يصف نفسه بأنه متخصص الأشعة فوق البنفسجية أمام المشرعين في الكونغرس المكسيكي ما ادعى أنهما جثتان فضائيتان تم اكتشافهما في بيرو عام 2017، ويُزعم أن عمرهما نحو 1000 عام.

تريليون حياة خارج الأرض

ومع ذلك فإن تقرير "ناسا" لن ينهي التكهنات حول وجود حياة لكائنات فضائية عاقلة خارج كوكب الأرض، بخاصة بعدما أقر مدير وكالة "ناسا" بيل نيلسون في بداية المؤتمر الصحافي الذي عقدته الوكالة الخميس الماضي، باحتمال أن يكون هناك تريليون حالة من الحياة خارج الأرض وأنه من المنطقي أن تكون هناك حياة عاقلة ذكية هناك، لكنه اقتبس مقولة المفكر والرئيس الأميركي السابق توماس جيفرسون بأن "الادعاءات غير العادية تتطلب أدلة غير عادية"، مشيراً إلى أن الأدلة على وجود كائنات فضائية غير موجودة بعد، ومن ثم فإن الحياة خارج كوكب الأرض يجب أن تكون فرضية الملاذ الأخير.

غير أن معظم بيانات الظواهر الشاذة غير المحددة التي نظر فيها فريق الدراسة التابع لـ"ناسا" جاءت من طائرات عسكرية أميركية، كما أن تحليل هذه البيانات واجه عوائق بسبب ضعف جمعها والافتقار إلى معايير موحدة، إذ تشمل المجموعة المثالية للبيانات قياسات التصوير البصري، والتصوير بالأشعة تحت الحمراء، وبيانات الرادار، لكن عدداً قليلاً جداً من التقارير يحتوي على كل هذه البيانات، وهو ما يجب علاجه للمضي قدماً في البحث على أساس موثوق به لتحليل البيانات.

إبرة في كومة قش

ولتبيان مدى صعوبة تأكيد دليل قاطع، وصف المسؤولون عملية التحليل بأنها أشبه بالبحث عن إبرة في كومة قش، فقد كان هدف فريق الدراسة بحسب سبيرغيل هو "توصيف القش أو الظواهر الدنيوية، ثم طرح الأمر للنقاش والمقارنات للعثور على الإبرة"، أو ذلك الاكتشاف المثير المحتمل حول وصول كائنات فضائية من غير البشر إلى الأرض. واعترف سبيرغيل في الوقت ذاته بأن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد الباحثين على تمشيط مجموعات البيانات الضخمة المتوافرة للعثور على الظواهر النادرة والشاذة.
كما أقر نيلسون، رئيس وكالة "ناسا"، بعدم معرفة هذه الظواهر الشاذة غير المحددة، لكنه تعهد بمحاولة معرفة ذلك، ولعل هذا هو السبب في سرعة إعلان الوكالة تعيين مارك ماكينيرني مسؤولاً عن أبحاث الظواهر الشاذة غير المحددة للوكالة، الذي شغل في السابق مسؤولية الاتصال بين الوكالة ووزارة الدفاع الأميركية لتغطية أنشط الظواهر الشاذة غير المحددة بحسب صحيفة "واشنطن بوست".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


أعظم أسرار الأرض

وعلاوة على ذلك، يؤكد المدير المساعد للمهمات العلمية بوكالة "ناسا" نيكولا فوكس أن "الظواهر الشاذة غير المحددة هي أحد أعظم أسرار كوكبنا"، في إشارة إلى أنه على رغم وجود عديد من روايات شهود العيان والمرئيات المرتبطة بالظواهر الشاذة غير المحددة، فإنها لا تزال أشبه باللغز كونها غير متسقة، وليست مفصلة أو منسقة بحيث يمكن استخدامها للتوصل إلى استنتاجات علمية محددة حول طبيعة وأصل الظواهر الشاذة غير المحددة.

وما يزيد من شكوك أصحاب نظرية المؤامرة حول وجود كائنات فضائية وصلت إلى الأرض في وقت ما، أن وزارة الدفاع الأميركية التي تقود جهداً على مستوى الحكومة لتحليل مشاهدات الظواهر الشاذة غير المحددة، أفادت بعد فحص أكثر من 800 حالة مشاهدة تم جمعها على مدى ما يقرب من ثلاثة عقود، بأن اثنين إلى خمسة في المئة من هذه الظواهر يمكن وصفها بأنها غير مفسرة، لكن عمل وزارة الدفاع في هذا الشأن منفصل عن عمل "ناسا" ويتضمن معلومات سرية إضافية.

ووفقاً لخبراء الفضاء فإن القيمة الأساسية لوكالة "ناسا" هي المساعدة في تفسير الظواهر الجوية والفضائية التي تحدث أثناء رؤية الأجسام، وليس التقاط البيانات عن الأجسام نفسها، لأن هذا الأمر يخص المجتمع العسكري والاستخباراتي، الذي يقوم بتشغيل أجهزة استشعار متطورة وتكنولوجيا تصوير، تجمع كثيراً من المعلومات في تلك المجالات السرية بفضل الأدوات الحساسة المستخدمة لجمعها.

لغز مستمر

وربما كان هذا أحد الأسباب التي جعلت التقرير الأول لفريق دراسة الظواهر الشاذة غير المحددة التابع لـ"ناسا" لا يلقي كثيراً من الضوء على لغز الأجسام الطائرة المجهولة وفقاً لموقع "سبيس" المتخصص في شؤون الفضاء، لكنه بدلاً من ذلك يقدم توصيات حول الكيفية التي قد تتمكن بها "ناسا" من المساعدة في دفع الموضوع إلى الأمام.

وعلى سبيل المثال، يرى التقرير في خاتمته أن وكالة "ناسا" يمكنها المساهمة بشكل أفضل في هذا الموضوع من خلال الاستفادة من أقمار مراقبة الأرض للمساعدة في توفير بيانات وأدلة أفضل حول الظواهر الشاذة غير المحددة.
كما اقترح فريق دراسة "ناسا" جمع مشاهدات الطيارين التجاريين باستخدام إدارة الطيران الفيدرالية ودمجها مع المشاهدات السرية غير المدرجة في التقرير، نظراً إلى أنه لم يكن لدى أعضاء الفريق تصريح أمني يسمح بالاطلاع على المعلومات المصنفة سرية من قبل مجتمع الاستخبارات الأميركي، لذلك لم يتمكنوا إلا من النظر إلى المجموعة الفرعية من المشاهدات العسكرية التي لم تكن سرية.

ومن خلال الوصول إلى هذه المشاهدات السرية ووجود آلية منظمة للطيارين التجاريين للإبلاغ عن المشاهدات، يمكن لمكتب حل الحالات الشاذة في جميع المجالات وهو المكتب العسكري المكلف بقيادة جهود التحليل، الحصول على أكبر قدر من البيانات والتي يراهن البعض على إمكانية تقديم استنتاجات علمية تسلط الضوء بشكل أكبر على الظواهر الشاذة غير المحددة، وتكشف عن سر اللغز الدفين العالق حتى الآن حول مدى وجود كائنات فضائية عاقلة ربما وصلت إلى الأرض.

ولهذا، سيكون تقرير اللجنة بمثابة الخطوات الأولى لـ"ناسا" في إجراء أبحاث جادة حول الظواهر الشاذة غير المحددة، وسط حقبة جديدة من الانفتاح من قبل الحكومة الأميركية، وبخاصة المجتمع العسكري والاستخباراتي، الذي كان يشعر بالقلق من العدد المتزايد من مشاهدات الأجسام الغريبة والتي قد تشكل تهديداً للطيران التجاري والعسكري والأمن القومي الأميركي.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير