Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما احتمالات انهيار ثاني أكبر اقتصاد في العالم؟ وهل تستفيد واشنطن؟

أميركا الأقل تضرراً من الأزمة الصينية وتفاقم الأوضاع يعني أزمة عالمية

150 مليار دولار حجم الصادرات الأميركية إلى الصين تمثل أقل من واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي  (اندبندنت عربية)

ملخص

تستحوذ الصين على 2.3 مليون محطة رئيسة لشبكات الجيل الخامس للاتصالات من بين ثلاثة ملايين محطة حول العالم.

 

مع تصاعد أزمة القطاع العقاري في الصين واحتمال انتقال العدوى للقطاع المالي، تعلو أصوات في الغرب متوقعة انهيار ثاني أكبر اقتصاد في العالم، أو على أقل تقدير "نهاية المعجزة الاقتصادية الصينية".

إلا أن عدداً من الاقتصاديين المخضرمين يرون أن الحديث عن "انهيار الاقتصاد الصيني، أكبر اقتصاد في العالم" مبالغة، على رغم وجود أزمة حقيقية قد تكون لها تبعاتها على الصين والعالم.

إلى ذلك ترى الغالبية العظمى من المحللين أن الاقتصاد الصيني ربما وصل إلى قمة تطوره وقد يأخذ في التراجع، ويستدل هؤلاء بأرقام متوسطات نمو الناتج المحلي الإجمالي في العقود الثلاثة الأولى عقب "الثورة الاقتصادية" التي أطلقها دنغ زياو بينغ بنهاية السبعينيات من القرن الماضي، إذ كان متوسط نمو الاقتصاد لا يقل عن 10 في المئة سنوياً في الـ30 سنة الأولى، أما في السنوات الخمس الأخيرة على سبيل المثال فكان متوسط النمو السنوي لثاني أكبر اقتصاد في العالم عند نسبة سبعة في المئة.

عن تأثير أزمة الصين في العالم والولايات المتحدة، لا يستبعد حتى أقل المتشائمين في شأن ثاني أكبر اقتصاد في العالم أن انهياراً في الصين قد يتبعه انهيار في الولايات المتحدة أكبر اقتصاد في العالم، هذا ما كتبه هارفي جونز في صحيفة "الديلي إكسبريس" البريطانية الثلاثاء الماضي، معدداً أوجه الشبه بين الاقتصادين.

ولعل أهم ما يذكره الاقتصاديون هو ارتفاع معدلات الدين، إذ تبلغ نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في الصين 3:1 وهي لا تزيد إلا قليلاً على النسبة في الولايات المتحدة التي تبلغ 2.55:1، هذا مع فارق أن حجم الاقتصاد في حدود 19 تريليون دولار، أي نحو ثلاثة أرباع حجم الاقتصاد الأميركي، كما أن معظم الدين الصيني هو دين محلي، وليس خارجياً كما في الولايات المتحدة.

التنين الصيني: مارد أيقظته إمبريالية الغرب
على مر التاريخ، خضعت الصين لاستعمار غربي وحروب أفيون ما زالت آثارها ترسم نظرة بكين للغرب وتقود عملية الصعود والتوسع الصيني في العالم. إليكم القصة.
Enter
keywords

 

إساءة تفسير

إلا أن دعاة وصول الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلى الذروة قابلهم من يرون أن على الولايات المتحدة ألا تسيء تفسير ما يجري في الصين وألا "تهلل لاحتمال انهيار ثاني أكبر اقتصاد في العالم"، فقبل ثلاثة أسابيع نشرت مجلة "نيوزويك" الأميركية مقالة لديفيد غولدمان نائب رئيس تحرير "آسيا تايمز" وزميل معهد كليرمونت بواشنطن يحذر فيه من أن سياسة الضغط على الصين ووقف صعودها التكنولوجي ليس بالضرورة مفيداً للولايات المتحدة.

إذ تسعى الصين لتقود الثروة الصناعية الرابعة، وتعمل على إدخال الذكاء الاصطناعي في مجالات النشاط الاقتصادي كافة، في الوقت نفسه تسعى الولايات المتحدة لتحجيم الاستثمار الخارجي لهذا القطاع في الصين، كما تعمل على حرمان أكبر شركة تكنولوجية صينية، "هواوي"، من الوصول إلى الرقائق المتطورة، على رغم أن الشركة الصينية تستحوذ على النصيب الأكبر من نشر شبكات الاتصالات الجديدة للجيل الخامس حول العالم.

وتستحوذ الصين حالياً على 2.3 مليون محطة رئيسة لشبكات الجيل الخامس للاتصالات من بين ثلاثة ملايين محطة حول العالم، كما أن سرعة الإنترنت في الصين حالياً تقريباً ضعف سرعتها في الولايات المتحدة، بحسب مجلة "نيوزويك"، كما أدخلت النظم الآلية الإلكترونية في  جوانب الاقتصاد كافة تقريباً.

فعلى سبيل المثال في الموانئ الصينية يتم تفريغ ناقلة حاويات في نحو 45 دقيقة، بينما تأخذ ناقلة مشابهة يومين لتفريغها في ميناء أميركي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتعد الصين حالياً أكبر سوق في العالم للروبوتات الصناعية، وتستخدم الصين الذكاء الاصطناعي في معظم الأعمال من المخازن إلى المناجم مروراً بالمصانع.

وربما يؤدي الحصار الأميركي والضغط على الحلفاء لحرمان الصين من تكنولوجيا الرقائق المتقدمة إلى تباطؤ النمو الصيني في هذا المجال، ولكن بحسب "غولدمان" لن يعني ذلك تقدم أميركا كثيراً فيه.

صحيح أن الصين تشهد منذ عامين غليان فقاعة عقارية، وتراكم مديونيات هائلة لدى الشركات والحكومات المحلية، لكن على سبيل المثال إذا كانت ديون الحكومات المحلية في الصين ما بين أربعة وخمسة تريليونات دولار، فإن لديها أصولاً تصل إلى 30 تريليون دولار.

وربما زادت البطالة بقوة بين الشباب، ذلك لأن الجامعات الصينية تخرج مؤهلين للعمل أكثر من قدرات الشركات والأعمال على توظيفهم.

أزمة محلية أم عالمية

يشبه ما يجري في الصين الآن ما حدث في أميركا وأوروبا عام 2008، فالأزمة المالية العالمية بدأت من غرب المحيط الأطلسي وانتقلت إلى شرقه مع انهيار فقاعة القطاع العقاري الأميركي ثم الغربي، وتزامن مع ذلك انهيار فقاعة أخرى في القطاع المالي سببها القطاع المصرفي غير الرسمي، أو صيرفة الظل وهي عبارة عن الشركات المالية ضخمت من سندات تمويل القروض العقارية، ومشكلتها أنها يمكنها المضاربة بقوة لأنها لا تخضع لقواعد التنظيم المالي التي يخضع لها النظام المصرفي الرسمي (البنوك)، كما أن شركات وصناديق صيرفة الظل ليست مطالبة بقيود الضمانات ضد المخاطر التي تلزم بها السلطات البنوك وتعد شبكة أمان لتفادي الإفلاس والانهيار في مواجهة الأزمات.

ومع انفجار فقاعة القطاع العقاري الصيني عام 2021 عندما تخلفت مجموعة "إيفرغراند" عن سداد ديونها التي بلغت 300 مليار دولار كأكبر مديونية شركة في العالم، توقع البعض انتقال الأزمة إلى أنحاء أخرى خارج الصين، إلا أن القطاع العقاري عبر ضفتي الأطلسي ليس على وشك الانهيار وإن كان يشهد تباطؤاً.

ثم جاء ما حدث هذا الشهر من تخلف بعض صناديق وشركات صيرفة الظل في الصين عن الوفاء بالتزامات سندات دين عليها ليزيد من مخاوف العالم بانتقال عدوى القطاع العقاري الصيني إلى القطاع المالي، وذهب بعض المحللين الأميركيين والغربيين إلى أن القطاع المصرفي الصيني الرسمي نفسه، ويصل حجمه إلى 2.4 تريليون دولار، مهدد بأزمة.

لكن حتى الآن لا تبدو أزمة قطاع صيرفة الظل في الصين، أكبر اقتصاد في العالم، وحجمه عند نحو ثلاثة  تريليونات دولار، مماثلة لأزمة المشتقات المالية في الغرب قبل 15 عاماً.

وكتب الاقتصادي الأميركي الحائز جائزة نوبل بول كروغمان مقالة في صحيفة "نيويورك تايمز" يستبعد فيها أزمة عالمية نتيجة ما يجري في الصين، فوفقاً لرأيه أن الأرجح هو اقتصار الأزمة على الصين مع تأثيرات ليست كبيرة في الولايات المتحدة والعالم.

خسائر وفوائد

أما عن تأثير الأزمة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إن تطورت إلى كارثة لا تفلح معها تدخلات الحكومة وسياساتها الاقتصادية في العالم، فربما لا تصل أيضاً إلى حدوث أزمة عالمية، فعلى سبيل المثال، ليست الولايات المتحدة منكشفة كثيراً على الاقتصاد الصيني، كما أن الإجراءات التي تتخذها إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تقلص هذا الانكشاف، حتى إن البعض يصفها بأنها محاولة "فك ارتباط" الاقتصاد الأميركي بالاقتصاد الصيني.

فالاستثمارات الأميركية المباشرة، أي الاستثمارات التي تعني تملك حصص أو مشاركة في قرار إدارة الأعمال، في الصين وهونغ كونغ لا تتجاوز 215 مليار دولار، أما الاستثمارات في الأوراق المالية، كالأسهم والسندات، فتزيد قليلاً على 300 مليار دولار، أي إن إجمالي انكشاف الاستثمارات الأميركية على الصين لا يتجاوز نصف تريليون دولار إلا قليلاً (515 مليار دولار).

قد لا يبدو الرقم كبيراً إذا قورن بحجم اقتصاد الولايات المتحدة الذي يزيد قليلاً على 25 تريليون دولار، بل إن جانباً واحداً من القطاع العقاري الأميركي يواجه أزمة حادة الآن، هو قطاع المباني التجارية والإدارية، الذي يصل حجمه إلى خمسة أضعاف الاستثمارات الأميركية في الصين (2.6 تريليون دولار).

  وإذا كان لما يجري في الصين تأثير في العالم والولايات المتحدة، فإن أميركا تبدو الأقل تضرراً من احتمال أزمة اقتصادية عميقة في الصين، فعلى سبيل المثال فإن الانكماش السعري الحالي في الصين، يعني انخفاض كلفة الواردات الأميركية وواردات بقية العالم من الصين.

 

وربما تستفيد الولايات المتحدة من أن أزمة في الاقتصاد الصيني ستؤدي إلى تراجع الطلب العالمي على المواد الأولية بما فيها الطاقة، بالتالي تنخفض أسعار النفط والغاز عالمياً.

وعلى رغم أن الولايات المتحدة منتج كبير للطاقة، إلا أن استهلاكها كبير أيضاً، ومن شأن انخفاض الأسعار العالمية أن يقلل من معدلات التضخم في أكبر اقتصاد في العالم.

لكن الأزمة الاقتصادية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم لن تؤثر كثيراً في الصادرات الأميركية إلى الصين نتيجة انخفاض الطلب الصيني.

ففي العام الماضي 2022 لم يزد حجم الصادرات الأميركية إلى الصين على 150 مليار دولار، وهو رقم لا يمثل سوى أقل من واحد في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الأميركي.

ولا يتوقع أن يؤثر تراجع الصادرات الأميركية إلى الصين في أسعار المنتجات الأميركية في الداخل، وربما يكون تأثير انهيار الطلب الصيني أكبر على دول تصدر أكثر إلى الصين مثل ألمانيا واليابان.

اقرأ المزيد