Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أكياس البلاستيك في تونس تخنق البر والبحر

استهلاك المليارات منها سنوياً يفاقهم الأزمة ويخالف القانون

يستخدم المواطن التونسي الواحد بين 300 و400 كيس بلاستيكي في السنة (اندبندنت عربية)

ملخص

على رغم صدور قانون في تونس قبل عامين يمنع استخدام الأكياس البلاستيكية إلا أن استهلاكها يتفاقم من سنة إلى أخرى، ليطاول اليوم أكثر من 4 مليارات كيس بلاستيكي في العام

رحلة قاسية تقطعها الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد في تونس، بدءاً من إنتاج لا يستغرق سوى ثوان معدودة ثم استعمال لا تتجاوز مدته 20 دقيقة وصولاً إلى الغوص في قاع البحر لتدخل دورة لا يقل عمرها عن 400 سنة حتى التحلل ومعها تأثير سلبي في المنظومات البيولوجية والكائنات الحية والإنسان.

وعلى رغم صدور قانون في تونس منذ عامين يمنع استعمالها، إلا أن استخدامها يتفاقم من سنة إلى أخرى ليطاول اليوم أكثر من 4 مليارات كيس بلاستيكي في العام، بينما يستهلك الفرد الواحد سنوياً ما بين 300 و400 كيس بلاستيكي وهي أرقام مفزعة بالنظر إلى الأخطار البيئية التي يشكلها الاستهلاك المفرط للأكياس البلاستيكية على البيئة وعلى صحة الإنسان.

الاختصاصي البيئي التونسي حمدي حشاد قال لـ "اندبندنت عربية" إن "معظم الأكياس البلاستيكية التي يتم تداولها يومياً في بلادنا لا تحترم المعايير المعمول بها، علاوة على أن جزءاً منها مصدره التهريب عن طريق الحدود الليبية والجزائرية"، مما يخلف آثاراً خطرة على صحة الإنسان، وحذر من الأخطار البيئية للأكياس، خصوصاً عند "التخلص منها في الفضاء العام، حيث تنتشر بالمناطق الفلاحية فتسهم في اختناق التربة، علاوة على تسرب جزء منها إلى البحر والأنهار فتسهم في تلويث المياه وهلاك الثدييات البحرية، بالتالي اختلال التوازن الإيكولوجي".

وإضافة إلى نتائجها البيئية تفسد تلك الأكياس جمالية المدن والأرياف لوجودها في الفضاء العام والمساحات الخضراء ومزارع الحبوب بسبب انتشار المصبات العشوائية في عدد من المناطق، وفقاً للاختصاصي البيئي.

وأثار حشاد أزمة أخرى في تونس ترتبط "بفساد بعض المؤسسات الرقابية الناشطة في المجال البيئي وضعف الرقابة على المصانع المنتجة لتلك الأكياس التي لا تحترم المعايير المعمول بها"، ودعا إلى "استخدام الأكياس الورقية التي يعد ضررها أقل حدة من نظيرتها البلاستيكية"، مطالباً "بضرورة العودة للبدائل الطبيعية كالأكياس المصنوعة من الألياف الطبيعية، أو أكياس البلاستيك المقوى والتي تستخدم لمرات عدة"، وذكر أن "عدداً من الدول اتخذت إجراءات قوية لمنع الاستخدام المفرط للأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الوحيد".

أين قوة القانون؟

القانون التونسي بدوره يمنع إنتاج وتوريد وتوزيع الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد بالسوق الداخلية والحد التدريجي من استخداماتها في الأسواق الكبرى والصيدليات. ومنعت السلطات دخول الأكياس ذات الاستعمال الواحد الموردة، إلا أن الواقع مغاير بالنظر إلى توافرها في كل مكان وبشكل لافت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن في الواقع، يتم تداول الأكياس البلاستيكية بشكل لافت للانتباه أمام المخابز وفي الأسواق العمومية والمحال التجارية، وعلى رغم منع استخدامها في الفضاءات التجارية الكبرى إلا أن أشكالاً جديدة أكبر حجماً وأعلى سعراً من تلك الأكياس باتت متوافرة للعموم، مما يشي بأن القضاء النهائي عليها أمر مستبعد في ظل تزايد الطلب على استعمالها.

وبينما ينص القانون على الحد من استخدام الأكياس البلاستيكية وتطلق المنظمات المدنية الناشطة في مجال حماية البيئة صيحات فزع إزاء ما يتهدد المنظومة البيئية، يطالب أصحاب مصانع البلاستيك في تونس بمراجعة الأمر الحكومي الصادر في الـ 16 من يناير (كانون الثاني) 2020، القاضي بضبط الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الواحد التي يمنع إنتاجها وتوريدها وتوزيعها في السوق الداخلية.

عمال مهددون

يشتغل في قطاع البلاستيك التونسي، ثلاثة آلاف عامل في 80 مؤسسة ويتم تحويل 20 ألف طن من تلك المواد سنوياً إلى إنتاج هذا الصنف بالبلاد، ودفع ذلك عدداً من مصنعي البلاستيك إلى تنظيم وقفة احتجاجية أمام وزارة البيئة أمس الجمعة، رفضاً لتطبيق القانون.

وطالب الممثل عن المجمع المهني لمصنعي البلاستيك في تونس أسامة المسعودي بإعادة تأهيل مهنيي القطاع بما يضمن تواصل نشاطهم، مقترحاً "تعليق الأمر الحكومي لمدة عام والعودة إلى طاولة الحوار والبحث عن ممولين من أجل صناعة بديل إيكولوجي لا يضر بالبيئة والمحيط ويحافظ على ديمومة المؤسسات الناشطة في هذا المجال"، وأضاف المسعودي في تصريح صحافي أن "الآلات المتوافرة حالياً غير قادرة على صنع البديل الذي تطالب به وزارة البيئة، وهو بديل غير إيكولوجي ولا يعد صديقاً للبيئة، إذ سيتحول الكيس من متوسط الحجم إلى أكبر قليلاً".

وكانت وزيرة البيئة التونسية ليلى الشيخاوي أعلنت وضع إستراتيجية وطنية للانتقال الإيكولوجي تتضمن خمسة محاور أبرزها "الحد من التغيرات المناخية والحد من الانبعاثات الكربونية وحماية التنوع البيولوجي والموارد الطبيعية والتشجيع على الإنتاج والاستهلاك المستدام والحد من التلوث بكل أشكاله باعتماد الاقتصاد الدائري ونشر الثقافة البيئية".

يذكر أن وزارة التجارة التونسية منعت في وقت سابق من هذا العام استخدام الأكياس البلاستيكية في المخابز العصرية والمدعمة، قبل تأكيد وزارة البيئة أنها نجحت في تقليص عدد الأكياس الموزعة يومياً في هذه المخابز بخمسة ملايين كيس.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير