Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف أصبحت سجادة "كان" الحمراء منصة للاحتجاج؟

المهرجان السينمائي لم يقتصر هذه السنة على عرض أفلام استثنائية جديدة فحسب، بل شهد أيضاً تمرداً في الملابس غير التقليدية

كيت بلانشيت وجنيفر لورانس وإيزابيل أوبير من بين النجمات اللواتي انتهزن فرصة ظهورهن على السجادة الحمراء للإدلاء بتصريحات سياسية وأخرى تتعلق بأزياء المراة (غيتي)

ملخص

يتمحور مهرجان "كان" بشكل أساسي حول أفضل الإنجازات السينمائية. لكنه أصبح أيضاً أحد أهم الأحداث في عالم الموضة ومكاناً يغتنم فيه نجوم العالم الفرصة لإيصال رسائل تعكسها الملابس التي يختارونها

ربما لا يتوقع كثيرون رؤية امرأة تسير حافية على السجادة الحمراء في "مهرجان كان السينمائي"، إذ إن الأمر ليس معهوداً في مكان كهذا. لكن مع ذلك، أصبح المشهد مألوفاً إلى حد ما في هذا الحدث السنوي الذي يجمع أهم الممثلين والممثلات وعارضات أزياء ومخرجين، يظهرون بأبهى حللهم.

من المؤكد أن المهرجان يتمحور بشكل أساسي حول الاحتفال بأفضل إنجازات الإنتاج السينمائي. لكنه أصبح أيضاً أحد أهم الأحداث في عالم الموضة، وكذلك مكاناً يغتنم فيه نجوم العالم الفرصة لتوجيه رسائل سياسية أو تعبيرية تعكسها الملابس التي يختارونها.

مع ذلك، وفي خضم الاتجاهات السائدة المختلفة، بدءاً من الفساتين الطويلة المفتوحة، إلى التصاميم المزدانة بالترتر الشفاف، يبدو أن اتجاهاً محدداً يطغى على الساحة: وهو أقدام النساء. فمرة أخرى، شهد مهرجان هذه السنة شخصيات سينمائية بارزة مثل ناتالي بورتمان وجنيفر لورانس وإيزابيل أوبير اللواتي تصدرن عناوين الصحف من خلال عرض الأهمية السياسية لأقدامهن بمهارة.

من المعروف أن قواعد اللباس تقليدياً في مهرجان "كان" صارمة إلى حد ما: ففي عام 2015، أفيد بأن مجموعة من النساء في الخمسينيات من العمر، منعن من حضور عرض لأحد الأفلام لأنهن كن يرتدين "أحذية مسطحة تكسوها "أحجار الراين" (من الأحجار شبه الكريمة) بدلاً من الكعب العالي. وأثارت المسألة على الفور رد فعل عنيفاً، واتهامات بالتحيز الجنسي، اضطر معها مدير المهرجان تييري فريمو إلى أن ينفي عبر حسابه على "تويتر" - في رد على الانتقادات - أن يكون الكعب إلزامياً في المهرجان.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مع ذلك، سارعت ممثلات إلى الرد، بحيث قالت إميلي بلانت في ذلك الوقت: "كي أكون صادقة، يتعين أن ينتعل الجميع أحذية مسطحة وتجنب الكعوب العالية". وفي العام التالي، حضرت النجمتان جوليا روبرتس وساشا لاين إلى مهرجان "كان" حافيتين. وقالت لاين في مقابلة أجريت معها في وقت لاحق: "كانت السجادة مخصصة لفيلمنا. كنتُ أرتدي ثوباً أنيقاً للغاية فيما تعين علي صعود كثير من السلالم، والتجول طيلة اليوم... لذا اخترت الذهاب حافية. لماذا يمكن أن يعترض أحد على الأمر؟ فأنا ما زلت هنا وأرتدي ملابس أنيقة".

الممثلة كريستين ستيوارت تماهت مع لاين وكررت تعليقاتها، ورفضت بصراحة فرض قواعد لباس صارمة على النساء، قائلة بجرأة: "أشعر بأنه لا يمكنك أن تطلب مني ذلك أيضاً بعد الآن. فإذا كنتَ لا تطلب من الرجال انتعال الكعب العالي والالتزام بزي محدد، فلا يمكنك أن تفرض ذلك علي". وقد اشتهرت نجمة فيلم "شفق"  Twilight بخلع حذائها ذي الكعب الشاهق من علامة "كريستيان لوبوتان" Christian Louboutin فوق السجادة الحمراء في مهرجان "كان" عام 2018، والسير حافية عليها.

وبغض النظر عما إذا كانت قاعدة رسمية أو لا، فمن الواضح أنه حتى الآن، ونحن في عام 2023، تختلف بشكل كبير التوقعات والضغوط المفروضة على النساء اللواتي يحضرن فعاليات رسمية مثل مهرجان "كان"، عن تلك المتعلقة بالرجال.

فلطالما فرضت معايير الموضة التقليدية قواعد تقضي بوجوب اقتران الملابس الرسمية بأحذية مناسبة تضحي براحة القدمين. سواء كانت تلك الأحذية العالية من نوع "بامب"، أو صندل، أو "ستيليتو"، فهي تحتاج إلى أن توفر ارتفاعاً إضافياً من أجل المظهر، كي يتم اعتبارها مناسبة ورسمية. ربما يبدو ذلك كأنه أمر مفروض بعض الشيء، لكن إذا كانت هناك أي أمثولة علمتنا إياها السجادة الحمراء هذا العام، فهي أنها يمكن أن تكون بمثابة صورة مصغرة لأوجه عدم المساواة الأوسع نطاقاً بكثير.

لنأخذ الممثلة كيت بلانشيت على سبيل المثال التي خلعت كعبها في نهاية الأسبوع الماضي في حفل "كان" أثناء تقديمها جائزة للممثلة الفرنسية- الإيرانية زهرة أمير إبراهيمي. ففي مبادرة تضامن مع معاناة النساء في إيران، توجهت بلانشيت إلى الجمهور بالقول: "سأخلع كعبَي تكريماً لنساء إيران". ثم رفعت بشكل هزلي جائزة إبراهيمي المدببة، مازحة بالقول: "هذه الكأس هي للتصدي لكل من يشكل عقبة تعترض حقوق المرأة. فلتحيا النساء!".

هذا الشعور أعربت عنه أيضاً في مهرجان هذا العام كل من بورتمان ولورانس وأوبير. فالسبت الماضي، وأثناء حديث ناتالي بورتمان عن فيلمها الجديد "ماي ديسمبر"  May December، تطرقت إلى مفهوم "الأداء الأنثوي" (التصرفات المتوقعة من المرأة)، قائلة للحضور، إنه أمر "يثير الفضول للغاية". وأشارت إلى "القواعد المختلفة التي يتوقع منا نحن النساء التزامها في سلوكاتنا - حتى في هذا المهرجان - مقارنة بالرجال، لا سيما لجهة كيف يفترض بنا أن نبدو أمام الجمهور، وكيف يفترض بنا أن نتصرف".

في غضون ذلك، كانت جنيفر لورانس تصل إلى السجادة الحمراء لحضور العرض الأول لفيلم "خبز وورود"  Bread and Roses بفستان قرمزي من تصميم "ديور"، وهي تنتعل شبشباً. أما بالنسبة إلى إيزابيل أوبير المعروفة بالأناقة الدائمة في "مهرجان كان" وما بعده، فأشارت ببراعة إلى الاحتجاجات في شأن مسألة نزع الأحذية، من خلال انتعالها حذاء من علامة "بالنسياغا" صمم خصيصاً ليشبه قدمين حافيتين.

 

كل هذا كان بمثابة تذكير بأنه على رغم التقدم المجتمعي، لا تزال أجساد النساء خاضعة لرقابة صارمة في أعين الجمهور. إن لم يكن من خلال أحذيتهن، فيكون من خلال ملابسهن. فعارضة الأزياء إيرينا شايك، اقتصر ثوبها في فعاليات مهرجان "كان" لهذا العام، على قطعتين جلديتين من تصميم "موالولا"، كشفتا عن الجزء الأعلى من جسمها بالكامل، وفستان أسود شفاف ارتدته فوق مجموعة متناسقة من الملابس الداخلية من علامة "غوتشي". وفي مكان آخر، شاهدنا جوليا فوكس ترتدي صدرية شفافةبالكامل مع تنورة انسيابية بيضاء، بينما تبخترت نعومي كامبل على السجادة الحمراء بثوب قرمزي اللون تتخلله قصات متنوعة في منطقة الصدر.

الملابس الشفافة التي تكشف عن البشرة ليست أمراً غير المألوف في مجموعة الأزياء الرائجة، خصوصاً مع عودة ظهور صرعات موضة عام 2000 على منصات العروض التي لا تزال سائدة بقوة. ("الفساتين الشفافة" كانت طاغية لمواسم عدة، بحيث كانت تميل جميع النساء المؤثرات والنجمات إلى ارتدائها في المناسبات الرسمية) لكن الظهور بها خلال "مهرجان كان" يحمل أهمية خاصة وسط كل هذه الضجة المحيطة بالسير بأقدام حافية، لا سيما عند النظر إلى مدى سهولة إغضاب الناس من خلال إطلالات جريئة مماثلة. وليس تعيير بعضهم لفلورانس بيو بسبب ارتدائها فستان "فالنتينو" شفافاً الصيف الماضي، سوى مثال واحد يمكن أن يتبادر إلى الذهن.

لا شك في أن إبراز القدم، يختلف بالطبع إلى حد ما عن الكشف عن الصدر. لكن الرسالة الرئيسة هي نفسها في الأساس وتتعلق بقلب الأعراف الاجتماعية النمطية التي تلاحقنا، والإظهار للعالم أن النساء سئمن من القواعد التي تفرض عليهن في ما يعتبر مقبولاً أو غير مقبول لجهة عرض أجسادهن. ويتعلق الأمر أيضاً بأسباب المضي في امتثالنا لقواعد اللباس القائمة على التمييز الجنسي، بينما - كما أشارت بلانشيت - لا تزال حقوق المرأة عرضة للقهر في مختلف أنحاء العالم.

ومع الأخذ في الاعتبار جميع هذه الأمور، فإننا لا نطلب كثيراً. وأقل ما يمكن أن يسمح به الناس لنا، هو خلع كعوبنا أو إظهار جزء من جسدنا، من دون الاضطرار إلى تصدر العناوين الرئيسة للأخبار.

© The Independent

المزيد من سينما