Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا جنت بريطانيا بعد 7 سنوات من الانفصال الأوروبي؟

لندن ستدفع 8 مليارات دولار لتسوية الخروج والاستفتاء يكلفها إنتاجية أقل بـ4 في المئة مقارنة مع سيناريو البقاء

بعد 8 سنوات على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تجري مراجعات عن المكاسب والخسائر (رويترز)

ملخص

بحسب المحللين كانت هناك خسارة 7 آلاف وظيفة فقط مقارنة بـ 100 ألف توقعها بعض المتنبئين إثر الخروج البريطاني.

تسيطر بريطانيا الآن على من يأتي إلى أراضيها، مما يعني أنه لم يعد هناك مزيد من حرية الحركة عبر حدودها لـ447 مليون مواطن أوروبي.

وتشير بيانات وزارة العمل والمعاشات التقاعدية البريطانية إلى أن البولنديين والرومانيين الذين وصلوا لشغل الوظائف التي تتطلب مهارات متدنية تم استبدالهم اليوم بالهنود ذوي المهارات العالية والنيجيريين والباكستانيين، فلماذا لا يشعر بعض مؤيدي خروج بريطانيا بكونهم أكثر سعادة؟ كما تتساءل صحيفة الـ"تايمز". 

وتقول الصحيفة إن السبب الرئيس هو العدد الهائل من الوافدين الجدد، فمن المتوقع أن تظهر البيانات الرسمية المنشورة هذا الأسبوع أن صافي الهجرة بلغ 700 ألف في العام الماضي، مقارنة بـ223 ألف فقط وقت التصويت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفسرت الارتفاع بأسباب، أولها أنه كان هناك ارتفاع في عدد الطلاب الأجانب الذين تدعم رسومهم المربحة الجامعات البريطانية، وثانيها مئات الآلاف من الأوكرانيين والصينيين القادمين إلى المملكة المتحدة، لكن التأثير الأكبر كان نظام الهجرة بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي أصدر 800 ألف تأشيرة في عامه الأول.

وبالنسبة لمؤيدي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي فإن "السيطرة على الهجرة" تعني الحد منها، وقال زعيم حزب استقلال المملكة المتحدة والذي تزعم خروج بريطانيا من الكتلة الأوروبية نايجل فاراغ إن "بريطانيا حصلت على وعد بنظام نقاط على النمط الأسترالي"، مما يجعل الوصول إلى المملكة المتحدة أمراً صعباً للغاية.

ويرى مدير قسم المملكة المتحدة في مركز أبحاث تغيير أوروبا أناند مينون أنه "يمكن للحكومة تغيير الحد الأدنى للأجور لمجموعات مختلفة من العمال، وإذا أرادت قللت عدد الطلاب أو بزيادة عدد العمال ذوي المهارات المتدنية، وحينئذ يمكنها ذلك". 

معضلة القوانين الأوروبية

وكان التعهد الرئيس الثاني في شأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي هو القدرة على تمرير قوانين البلاد الخاصة، إذ تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 55 في المئة من القوانين البريطانية تم سنها في أوروبا، وعندما غادرت المملكة المتحدة الكتلة الأوروبية تم تحويل معظم هذه القوانين تلقائياً إلى "قانون الاتحاد الأوروبي" المحتفظ به، وكانت الخطة أن تنتهي كل هذه القوانين تلقائياً نهاية هذا العام، وأمام عبء مراجعة بريطانيا لما يقرب من 3800 قانون تخلت الحكومة عن الخطة، فيما ستبطل فقط الآن 600 قانون فقط. 

ووجد باحثو المركز أن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يبحث عن تباعد نشط أقل بكثير من أسلافه ممن سكنوا "10 داونينغ ستريت"، في إشارة إلى رؤساء الوزراء السابقين.

ويقول البروفيسور من جامعة "أبردين" مايكل كيتنغ، "لسنا ملزمين بالامتثال لقوانين الاتحاد الأوروبي، ولكن هناك كثيراً من الضغط للقيام بذلك".

إنفاق صحي أكبر

وتتساءل الصحيفة عن 350 مليون جنيه إسترليني (435 مليون دولار) أسبوعياً التي قال مؤيدو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أن بالإمكان تحويلها إلى هيئة الخدمات الصحية الوطنية "إن أتش" (NHS) لتكون الدولة في نهاية المطاف أفضل حالاً؟

وسرعان ما تجيب، "لسنا أحراراً في إنفاق هذه الأموال حتى الآن، ناهيك عن ضخها بالكامل في الخدمات الصحية، وفي هذه السنة المالية ستدفع بريطانيا 6.5 مليارات جنيه إسترليني (8 مليارات دولار) إلى الاتحاد الأوروبي كجزء من تسوية الطلاق، أي حوالى 125 مليون جنيه إسترليني (155.5 مليون دولار) في الأسبوع، وربما ارتفع الإنفاق على الخدمات الصحية الوطنية لكن تم تمويل ذلك إلى حد كبير من خلال زيادة الضرائب والاقتراض.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعني ترك الاتحاد الأوروبي أيضاً التخلي عن سياسته الزراعية المشتركة السخية التي تدعم بشكل كبير سبل عيش المزارعين، إذ قال المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني الأسبوع الماضي إن نظام "إدارة الأراضي البيئية" الذي يحل محله "أكثر عدلاً"، كونه لا يستهدف الإعانات المالية لأكبر ملاك الأراضي، لكنه بدلاً من ذلك يتم ذلك من خلال زيادة الإنتاج.

ويقول علي كابر الذي يدير مزرعة فواكه عمرها 200 عام على حدود هيريفورد وورسيستر، "بالنسبة إليّ فللوصول إلى مخطط الإدارة البيئية يجب أن أتخلى عن الدخل وزرع أشياء مفيدة للبيئة بدلاً من ذلك"، بينما تقول وزيرة الداخلية البريطانية سويلا برافرمان إنها تريد مزيد من البريطانيين ليصبحوا قطافي فاكهة، ويرى كابر في ذلك "محض هراء"، مضيفاً "في أي اقتصاد في العالم الأول لا تجعل المواطنين يقومون بهذه الوظائف، فبالنسبة إلى شخص يدفع إيجاراً أو رهناً عقارياً في المملكة المتحدة، فإن هذا يعد عملاً غير معقول".

هجرة جماعية للمواهب

ومن وجهة نظر أستاذة الجغرافيا الاقتصادية في جامعة نوتنغهام سارة هول فإن مدينة لندن تظل متفائلة بشكل مدهش على رغم ما قيل من أنها ستواجه هجرة جماعية للمواهب إلى القارة الأوروبية.

وبحسب المحللين فقد كانت هناك خسارة 7 آلاف وظيفة فقط، مقارنة بـ 100 ألف توقعها بعض المتنبئين إثر الخروج البريطاني، بينما أدى انخفاض الجنيه الإسترليني أيضاً إلى مستوى صحي من صفقات الاندماج والاستحواذ. 

ووفقاً لاستطلاع "يوغوف" فقد كان شهر أبريل (نيسان) 2021 آخر مرة اعتقد فيها الجمهور البريطاني أن مغادرة الاتحاد الأوروبي كانت القرار الصحيح، بخاصة بعد أن انطلق برنامج اللقاح البريطاني بشكل أسرع من نظرائه الأوروبيين، كما كانت المملكة المتحدة أسرع بكثير من الاتحاد الأوروبي في ترخيص لقاح "فايزر"، على سبيل المثال، وفي الواقع لم يكن هناك ما يمنع من الناحية القانونية المملكة المتحدة من السير بمفردها في اتخاذ أية قرارات.

ثمن السيادة باهظ

اقتصادياً، وفي الفترة التي سبقت استفتاء الاتحاد الأوروبي، كان هناك عدد قليل من الحالات الاقتصادية المقنعة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتي لم تتضمن البقاء في السوق الموحدة، في حين رأى عدد من الناخبين أن الأثر الاقتصادي ثمن يستحق دفعه في مقابل السيادة. 

وبعد سبع سنوات من التصويت على المغادرة قد يكون فصل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عن مشكلات بريطانيا الأخرى مهمة حمقاء، لكن ذلك لم يمنع الاقتصاديين من المحاولة، إذ يقول "مكتب مسؤولية الموازنة" إن إنتاج بريطانيا على المدى الطويل سيكون أقل بأربعة في المئة مما كانت عليه لو بقيت في الاتحاد الأوروبي، في حين يعتقد آخرون مثل محلل مركز الإصلاح الأوروبي جون سبرينغفورد، والذي حلل أداء عدد من البلدان الشبيهة منذ أن صوتت المملكة المتحدة على المغادرة، إن الكلفة الاقتصادية الأولية للمغادرة كانت تصل إلى خمسة في المئة.

ويضيف سبرينغفورد، "في البداية كان هناك كثير من عدم اليقين في شأن ماهية علاقتنا، لكن اقتصاد المملكة المتحدة يضمن قدراً كبيراً من الاستثمار المباشر من جانب الشركات المصنعة اليابانية أو شركات الخدمات المالية الأميركية التي استخدمت المملكة المتحدة كجسر إلى الأسواق الأوروبية". 

ومع ذلك كانت إحدى المفاجآت هي نجاح قطاع الخدمات البريطاني، إذ إن انتشار الاستشاريين والمصرفيين الذين يخدمون أوروبا وأميركا الشمالية يعني أن صادرات الخدمات البريطانية أعلى بـ 3.6 نقطة مئوية من تلك الموجودة في دولة غنية نموذجية، وفقاً لمؤسسة "ريزوليوشن". 

وفي الوقت نفسه أدت الاحتكاكات التجارية بالمصنعين إلى إعادة ربط سلاسل التوريد، ففي العام الماضي وجد استطلاع أجرته مجموعة الصناعة "ميك يوكي" أن نصف الشركات تعتزم تعزيز قاعدة التوريد في المملكة المتحدة خلال العامين المقبلين، ويعني هذا عودة بطيئة إلى "صنع في بريطانيا". 

وتقول الصحيفة إنه "على رغم قناعة 56 في المئة من البريطانيين بأن خروج بلادهم من الاتحاد الأوروبي سيكون دائماً فاشلاً، إلا أن بعد سبع سنوات حققت بريطانيا من الناحية الفنية الأهداف الرئيسة لخروجها من الاتحاد الأوروبي، إذ صارت تتحكم في حدودها وتصدر قوانينها الخاصة".