Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تصمد وحدة الصف بين العمال في فرنسا؟

مراقبون: ثمة خلافات قائمة بين النقابات المعنية وإن بقيت على الخط نفسه

متظاهرون في احتجاجات وسط باريس   (أ ف ب)

يوم حافل بالمواجهات شهدته مسيرات يوم عيد العمال في فرنسا. تعبئة شاملة جاءت معاكسة لتوقعات الحكومة التي عولت على تلاشي حركة الاحتجاج مع مرور الوقت، حيث تظاهر ما يقارب 2.3 مليون شخص في أنحاء البلاد، بحسب إحصاءات الكونفيدرالية الفرنسية الديمقراطية للعمل "سي جي تي"، فيما قدرت وزارة الداخلية الأعداد بـ782 ألفاً.

مسيرة العاصمة باريس استقطبت 55 ألفاً، بحسب تقديرات النقابات، ووزارة الداخلية حددتها بـ112.000، وقد شابها عديد من أعمال العنف والشغب والمواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في باريس ونانت وليون، وأسفرت عن إصابة 108 من عناصر الشرطة ورجال الأمن بينهم 25 في العاصمة باريس، بحسب ما أعلن وزير الداخلية جيرار دارمانان، كما تم توقيف 291 شخصاً من كافة المناطق.

الأمينة العامة للنقابة الكونفيدرالية صوفي بينيه أكدت أن "تظاهرات عيد العمال هذه هي الأهم منذ نهاية الحرب، وأن أعداد المشاركين بلغت 7 أضعاف أعداد مسيرة عام 2021"، فيما أعلنت إذاعة فرنسا أنها "المرة الأولى التي تتوحد فيها النقابات تحت راية موحدة بمناسبة هذا اليوم منذ 15 عاماً".

بدورها، كررت رئيسة الحكومة إليزابيث بورن دعوة للقاء النقابات، لكن ليس بشكل جماعي، وقد لقيت تجاوباً إيجابياً من قبل لوران برجيه الأمين العام لنقابة الاتحاد الديمقراطي الفرنسي للعمل "سي أف دي تي"، المعروفة بمواقفها الإصلاحية، فيما لم تقبلها "س جي تي".

ويجتمع اتحاد النقابات، اليوم الثلاثاء، لإقرار المراحل المقبلة واتخاذ قرار في شأن اليد الممدودة من قبل السلطة. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، عما إذا كانت وحدة صف النقابات ستصمد أمام هذه الدعوة للحوار نظراً إلى اختلاف المواقف من هذه الدعوة.

وقالت صوفي بينيه "لدينا بعض الاختلافات، لكننا نبقى على الخط نفسه". وهو تأكيد يحمل بعض الشك لسرعة التجاوب التي صدرت عن لوران برجيه، الأمين العام لنقابة "سي أف دي تي"، الذي سيقابل إليزابيث بورن في الأيام المقبلة.

وأكد وزير العمل أوليفيه دوسوبت أن دعوات الحوار ستوجه إلى رؤساء النقابات في الأيام القليلة المقبلة، وأن اللقاءات ستكون منفردة، ولقيت استجابة من قبل "سي أف تي سي"، و"سي أف دي تي". وشهدت التظاهرات أيضاً مشاركة نقابات عمالية من حول العالم، فما يجري في فرنسا يلقى متابعة واسعة في العواصم الأخرى، حيث شارك ممثلون عن النقابات العمالية من بلدان مختلفة في مسيرة باريس قادمين من كوريا وكولومبيا وإسبانيا والولايات المتحدة وسويسرا.

ويرى المتخصص في الشأن السياسي أوليفيه روكان أن تلك الخطوة ترسل إشارة قد يكون من المثير متابعة تطوراتها في المستقبل، فهي برأيه تعكس تصميم المجتمعات المدنية على مواجهة ومقارعة "الرأسمالية التي تضع مزيداً من الضغط والأعباء على العمال وتقدم القليل". ويتابع "هل يمكن اعتبار ذلك صحوة عالمية لروابط التضامن؟ وهل يمكن اعتبار الفترة ما بعد الجائحة ستشهد فترات تعبئة، وأن المجتمعات المدنية ستشهد ديناميتها؟ كما يمكن طرح السؤال بالشكل الآخر والتساؤل عن سبب عدم قدرة السلطات على مواكبة تطلعات الناخبين وإجراء حوار جدي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير إلى أن "مستقبل الحركات النقابية سيكشف عما إذا كان هذا سيؤدي إلى تعبئة عالمية وتضامن يذهب أبعد من رمزية المشاركة".

واليوم، تعكف النقابات على اتخاذ قراراتها في شأن المرحلة المقبلة والمواعيد التالية المرتقب لها 3 مايو الذي يصادف موعد اجتماع المجلس الدستوري الذي سيبحث الاقتراح الثاني الذي تقدمت به مجموعة "ليوت" البرلمانية حول طلب إجراء استفتاء شعبي على القانون. أما الموعد الآخر لإلغاء القانون فسيكون في 8 يونيو (حزيران)، حيث تقدم مجموعة "ليوت" مقترحاتها في البرلمان، فما هي حظوظ هاتين الخطوتين؟ وهل بإمكانها حمل الحكومة على التخلي عن قانون تم تبنيه؟

ويرى روكان أن "ذلك سيعتمد على التعديل المقترح، بمعنى أن الاقتراح الأول لم يحمل نصاً أو اقتراح تعديل لضيق الوقت، لكن هذه المرة تمت صياغة النص بطريقة أخرى". وفي حال ارتأى المجلس الدستوري أن النص مطابق للمادة 11 من الدستور فهذا يعني أن الاستفتاء فمن الممكن عندها أن يتعين على النقابات جمع التوقيعات المطلوبة من المواطنين، أي ما يعادل خمسة ملايين توقيع. وينص اقتراح مجموعة "ليوت" على العودة إلى اعتماد عمر 62 سنة للتقاعد.

وحيال الدعوات المتكررة إلى حل البرلمان يرى روكان أن مثل هذه الخطوة مستبعدة كون انتخابات برلمانية جديدة لن تأتي بغالبية واضحة، ما يعني أن الوضع لن يتغير، لكن في المقابل قد تصبح هذه الانتخابات حتمية في حال استمرار الاحتجاجات واحتدامها.

وفي خضم المعركة حول القانون المثير للجدل، بقيت مارين لوبن على مسافة، حيث لم تدل بكثير من التصريحات، واكتفت بالتعبير عن معارضتها لهذا القانون. ومنذ تبني القانون علت لهجة أكثر هجومية، حيث وجهت انتقاداتها اللاذعة للرئيس ماكرون أولاً عبر مقابلة مطولة أدلت بها لمجلة "لوباريزيان"، عشية التظاهرات، وفي لوهافر، اتخذ خطابها صفة بداية حملة انتخابية، فهي التي نافست ماكرون منذ 2017 لن تواجهه في الانتخابات المقبلة، لذا انتقلت إلى ميدان المبارزة في عقر دار إدوار فيليب الذي جاء في الاستطلاعات كالرجل المفضل لدى الفرنسيين فيما حلت لوبن في المرتبة الثانية.

ويوم عيد العمال كسرت عادة سار عليها حزبها منذ أيام والدها جان ماري لوبن، منذ عقود، حيث تخلفت للمرة الأولى عن المسيرة التي كانت تسير في باريس وتنتهي بشكل قاطع عند تمثال جان دارك، بطلة الدفاع عن فرنسا، حيث كان يوضع إكليل الزهر عندها تمثالها. وعوضاً عن ذلك اختارت مدينة "لوهافر"، معقل رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب، والمتوقع أن يكون منافسها في الحملة الانتخابية المقبلة.

ويعتبر روكان أن مواصلة حزب التجمع الوطني باقتناص عيد العمال والبحث عن منافسة النقابات في اليوم الذي يحتفلون فيه بعيد العمال في حين كان عنوان مسيرتها "الأمة"، مما يذكر بالخطابية التاريخية لحزبها الجبهة الوطنية، فإن ذلك سيلعب ضدها.

وتصريح مارين لوبن لصحيفة "لوباريزيان"، أول من أمس، شكل حملة شرسة ضد الرئيس ماكرون، حيث وجهت اتهاماتها له، واعتبرت أن إقدام وكالة التصنيف المالي "فيتش" مرتبة فرنسا إلى رتبة "أ ناقص"، جاءت استناداً إلى حالة الانهيار المالي في البلاد فماكرون، برأيها ضاعف الديون.

روكان اعتبر أن تصنيف وكالة "فيتش"، استند إلى المناخ الاجتماعي، "في حين أن المهم هو مستوى الفوائد وفرنسا لم ترفعها".

جولات أخرى تنتظر ماكرون ورئيسة الحكومة التي مدت وكررت دعوتها إلى الحوار واستقبال النقابات في انتظار المواعيد التي حددتها النقابات، والتي ستقرر المراحل المقبلة، بورن تنازلت عن قانون الهجرة أخيراً كدليل على التزامها بوعد بالتهدئة التي وعد بها ماكرون فهل ستجد ما تقدمه للنقابات يزيل ما تسببه قانون التقاعد؟

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات