ملخص
ظلت قضية #القمح_الفاسد تحت عين الرقيب الاجتماعي حتى اتخذت فيه #السلطات_الموريتانية قراراً بسحب الشحنة مثار الجدل
أسهم انتشار فيديو تم تداوله على نطاق واسع عبر صفحات نشطاء على "فيسبوك" بموريتانيا في إيقاف توزيع شحنة من القمح الفاسد تصل حمولتها إلى 90 طناً تقريباً، كانت على وشك أن توزع على المواطنين من مخازن مفوضية الأمن الغذائي في مقاطعة تامشكط بمحافظة الحوض الغربي شرق البلاد.
وحذر المدون الذي صور الفيديو سكان المدينة من تناول القمح الفاسد وطالب مصالح المفوضية بسحب الشحنة، وهو ما تحقق بعد أن امتنع خازن المفوضية عن تسلم أية مواد غذائية غير جيدة.
القوة الناعمة
يقول الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي الحسن سيدي، وهو أحد شباب مدينة تامشكط الذين بادروا إلى نشر فيديو شحنة القمح الفاسد على صفحاتهم إنه "لولا سرعة انتشار وقوة تأثير الإعلام الجديد، كان بإمكان الأمر أن يمر من دون ذكر"، مستدركاً "نجحنا في إيصال معاناة مدينتنا ورفع الظلم عنا بسحب الشحنة من مخازن المفوضية في المدينة".
حراك شباب المدينة الإلكتروني تلقفه مؤثرون موريتانيون لهم آلاف المتابعين على مختلف المنصات وحول القضية إلى محط اهتمام جميع الموريتانيين.
وظلت قضية القمح الفاسد تحت عين الرقيب الاجتماعي حتى اتخذت السلطات الموريتانية قراراً بسحب الشحنة مثار الجدل.
ونشرت مفوضية الأمن الغذائي عبر صفحتها على "فيسبوك" بياناً حول الموضوع جاء فيه أنه "بمجرد إبلاغ الخازن المندوب الجهوي بالأمر، رد عليه برسالة فحواها الامتناع عن تسلم أي مواد غذائية فاسدة وإعادتها إلى مصدرها".
معايير الجودة
وأعادت قصة شحنة القمح الفاسدة قضية معايير الجودة وآليات حفظ المواد الغذائية والصحية وتوزيعها إلى واجهة النقاش، وطالب مثقفون وصناع فكر السلطات بضرورة توخي الحيطة والحذر في تعاملها مع تلك المواد.
واعتبر الأمين العام لمنتدى المستهلك الموريتاني، الخليل ولد خيري، أن ما حدث هو بمثابة "ثغرة في نظام تصريف المواد الغذائية الذي من المفترض أن يكون في مؤسسة كمفوضية الأمن الغذائي، ولديها توزيعات اعتيادية، إذ ينبغي أن تكون هناك لجنة متخصصة في الجودة، وهي غير موجودة للأسف، لا من قبل مفوضية الأمن الغذائي ولا من عضوية جمعيات حماية المستهلك".
من جهتها ردت مفوضية الأمن الغذائي في بيانها على تلك الجزئية بقولها إن "التعليمات في هذا الخصوص ومن طرف السلطات العليا صريحة وواضحة بضرورة مراعاة أعلى معايير الجودة في المواد الغذائية الموجهة إلى المواطنين".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
لكن المفوضية في الوقت نفسه حذرت النشطاء من "التهويل من الأمر وتصويره على أنه سعي من المفوضية إلى إدخال مواد فاسدة في تشكيلة المواد الغذائية الموجهة للمواطنين". واعتبرت هذه التصرفات إن حصلت فهي "موغلة في انعدام المسؤولية والتجني على المؤسسة، وستتخذ المفوضية في هذا الصدد ما تراه مناسباً من إجراءات قانونية لحماية سمعتها".
واستحدثت الحكومة الموريتانية قبل أسابيع هيئة حكومية للمعايير وقياسات الجودة، لطالما ظلت مطلباً ملحاً من قبل الفاعلين الاقتصاديين ومنظمات المجتمع المدني والرأي العام.
ثقافة غائبة
وتساءل الموريتانيون عن دور جمعيات حماية المستهلك ومنظمات المجتمع المدني عموماً في هذا النوع من القضايا. وطالب النشطاء بضرورة إشراك أصحاب الخبرة من هذه الجمعيات في الإشراف على تخزين المواد الغذائية وتوزيعها.
ويرى ولد خيري عن دور جمعيته في إطار الرقابة أنه "يفترض أن يكون لعملنا دور رقابي غير ملزم، وبالفعل نحن نبذل جهداً كبيراً من خلال منصاتنا التفاعلية ومراسلاتنا الإدارية إلى الجهات الرسمية بضرورة إشراك منظمات المجتمع المدني وأيضاً بالملاحظة على بعض الملفات المرتبطة بحياة الناس وحماية المستهلك والتي منها هذه القضية".
إلا أنه يعترف بأن تعاطي السلطات مع منظمات المجتمع المدني لا تطبعه السلاسة، ويضيف "مع الأسف السلطات تنظر إلينا وكأنها ليست بحاجة إلى خدماتنا، ولا ترى أية جدوى لنا، وأحياناً تتجاهل وتغض الطرف عن كثير من القضايا التي نطرحها كمجتمع مدني في هذا السياق، وأحياناً يحصل بعض التعاطي، بخاصة المتعلق بإشراك بعض منظمات المجتمع المدني أخيراً في لجان وزارة التجارة، كلجنة السوق ولجنة المخابز، وأيضاً في وكالة سلامة الغذاء التي أصبح منتدى حماية المستهلك عضواً في مجلس إدارتها".
بينما تؤكد مفوضية الأمن الغذائي أنها "تنفذ وعلى عموم التراب الوطني، حزمة من مختلف البرامج الاجتماعية الموجهة للمواطنين، تعتبر المواد الغذائية قطب الرحى فيها، ولم يسبق أن سجل خلال الأعوام الماضية في الأقل توجيهها لأي مواد غذائية غير جيدة لتلك البرامج، بل راعت في تلك المواد على الدوام أعلى معايير الجودة".
ويقول ولد خيري "أعتقد بحسب المعلومات المتاحة لدينا، بأن المؤسسات الغربية لا توزع بعض المواد الغذائية إلا بعد أن تخضعها للتحليل لتتأكد من صلاحيتها للاستهلاك من عدمه، وأما المؤسسات الأخرى سواء كانت خاصة أو منظمات مجتمع مدني ناشطة في مجال العمل الخيري وحتى المؤسسات الحزبية وغيرها، فتلك الثقافة غائبة عنها".
وطالب ولد خيري الذي يرأس أقدم منظمة عاملة في مجال حماية المستهلك، السلطات الموريتانية بإشراك منظمات المجتمع المدني في مجال الاستشارة في الأقل بالنسبة إلى هذه القضايا وتبني الجودة، وبأن تكون لكل مؤسسة لجنة تحقق تسمى لجنة الجودة وأن يكون فيها عضو من المجتمع المدني".