Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الموريتانيون على موعد مع الإثارة بمحاكمة تاريخية للرئيس السابق

يواجه تهم الفساد والتربح وغسل الأموال وعقوبتها تصل إلى 20 عاماً ومناصروه يعتبرون القضية "تصفية حسابات سياسية"

الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبدالعزيز يواجه اتهامات بالفساد واستغلال النفوذ (أ ف ب)

ملخص

#الرئيس_الموريتاني_السابق رهن الاعتقال حالياً بعد أن رفضت المحكمة الجنائية المتخصصة بالجرائم المتعلقة بالفساد الإفراج المؤقت عنه.

يعيش الموريتانيون أياماً مثيرة إذ يشهدون حدثاً غير مسبوق في تاريخ البلاد، وإن شهدته بلدان أخرى في المنطقة العربية وحول العالم، بمحاكمة الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز (2009-2019) بتهمة الفساد واستغلال النفوذ والثراء غير المشروع، في بلد عاني لعقود الفساد وضياع الثروات، مما تسبب في تأخره عن قطار التنمية على رغم ما يتوفر له من موارد طبيعية في مقابل تعداد سكاني ضعيف.

بينما يرى كثيرون في موريتانيا أن محاكمة الرئيس السابق مجرد تصفية حسابات سياسية وأنها تأتي للتغطية على فشل الرئيس الحالي محمد ولد الغزواني في حل الأزمات الاقتصادية المتراكمة، يراها الغالبية بمثابة تعويض عن الألم الذي يشعرون به وهم يرون بلدهم فقيراً ومنهكاً، معتبرين المحاكمة ليست إلا حلقة في دائرة كبيرة تضم عدداً من المختلسين، وستكون عبرة لكل من تسول له نفسه أكل المال العام وإفقار البلاد.

ويحاكم الرئيس الموريتاني السابق محمد ولد عبدالعزيز رفقة 11 مسؤولاً آخرين من بينهم وزراء بتهمة غسل الأموال والفساد والإثراء غير المشروع.

معركة قانونية

يتمسك فريق الدفاع عن الرئيس السابق ولد عبدالعزيز (65 سنة)، بالحصانة التي يمنحها الدستور لكل من تولى منصب الرئيس، ويشككون في قانونية الإجراءات والتهم الموجهة ومن بينها الفساد واستغلال النفوذ والإثراء غير المشروع.

واستأثرت المعركة القانونية بخصوص أهلية المحكمة التي تنظر في القضية حالياً بنصيب كبير من تدخلات فريق الدفاع، لكن بعد أسابيع من التداول، رفضت المحكمة العليا (أعلى هيئة قضائية) طعناً لتبرئة الرئيس السابق وقررت إحالة ملفه إلى المحكمة المتخصصة بالفساد بعد استنفاد مراحل الاستئناف والطعن.

وظهر الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز للمرة الأولى في قفص الاتهام برفقة بقية المتهمين في القضية المعروفة إعلامياً بملف "فساد العشرية"، ودافع عن نفسه بالقول إن جميع التهم الموجهة إليه كاذبة وخبيثة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبعد شد وجذب قررت المحكمة الجنائية المتخصصة في جرائم الفساد تعليق محاكمة الرئيس السابق وبقية المتهمين 15 يوماً، إلى أن يبت المجلس الدستوري في ثلاث مواد طعن الدفاع في دستوريتها، وهما المادتان 16 و47 من قانون مكافحة الفساد والمادة 287 من قانون الإجراءات الجزائية.

يقول دفاع الرئيس السابق إن "المادة 16 من قانون مكافحة الفساد التي تنص على أنه على المتهم بالفساد تبرير ثروته تنافي وقرينة البراءة التي تنص على أن البينة على المدعي".

ويضيف الدفاع أن "المادة 47 من القانون ذاته تنص على منح 10 في المئة من المحجوزات المحكوم بمصادرتها لصالح هيئات البحث والتحقيق، يؤثر سلباً في مجريات التحقيق باعتباره يمثل تحفيزاً غير مشروع قد يؤثر في نزاهة القضاة".

20  عاماً

يقول المتخصص القانوني أحمد الهيبة ولد محمدي إن على هيئة الدفاع عن الرئيس السابق تقديم جميع الدفوع ضد المواد المشار إليها من قانون الفساد التي سبق أن أكدت الهيئة عدم دستوريتها أثناء الدفوع الشكلية، مشيراً إلى أن الأطوار الحقيقية للمحاكمة لم تبدأ بعد، ومن المنتظر استجواب المتهمين، وهذه أكثر مراحل المحاكمة إثارة وينتظرها غالبية الموريتانيين ليقفوا على حقيقة ما جرى من اختلاسات خلال فترة الرئيس السابق.

ويضيف ولد محمدي لـ"اندبندنت عربية" أن "هناك عراقيل إجرائية يتسبب بها محامو الرئيس السابق ولد عبدالعزيز لأنهم يرفضون الأفعال المنسوبة لموكلهم وعلى وجه الخصوص الفساد وغسل الأموال، مشيراً إلى أن هذه المحاكمة بدأت منذ نحو عامين بسلسلة من الإجراءات القانونية والشد والجذب، إلا أنها ما زالت تعاني عراقيل بسبب محاولات الدفاع وقفها.

ويؤكد ولد محمدي أن الرئيس السابق وبقية المتهمين معه يواجهون أحكاماً بالسجن تصل إلى 20 عاماً في حال ثبوت التهم عليهم، إضافة إلى الحق في استرداد الأموال المختلسة.

فرصة لمحاربة الفساد

يرى مناصرو الرئيس السابق محمد ولد عبدالعزيز أن "المحاكمة الجارية الآن سياسية بامتياز بتوجيه اتهامات لرئيس سابق أمضى في الحكم 10 سنوات وسلم السلطة طواعية للرئيس المنتخب".

وبينما يوجد الرئيس السابق حالياً رهن الاعتقال، بعد أن رفضت المحكمة الجنائية المتخصصة بالجرائم المتعلقة بالفساد الإفراج الموقت عنه، يرى غالبية الموريتانيين أن محاكمته فرصة تاريخية لمحاربة الفساد في البلاد، والضرب بيد من حديد لكل من يسعى إلى سرقة المال العام أو تبديده.

ويواجه ولد عبدالعزيز اتهامات بالفساد وغسل الأموال والإثراء غير المشروع، رفقة 11 متهماً من بينهم وزراء سابقون ورجال أعمال كانوا يعملون معه خلال حكمه ما بين 2009 و2019.

وتمكن القضاء الموريتاني من وضع يده على 41 مليار أوقية (أكثر من 100 مليون دولار)، يعود أكثر من نصفها لممتلكات ولد عبدالعزيز وأفراد عائلته.

ويقول محامو الدولة الموريتانية إنه سيتم فحص حسابات الحكومة والشركات العامة بدقة للحصول على أدلة جديدة تضاف للوثائق السابقة التي أثبتت استخدام المتهم لأموال الدولة من أجل التربح والاستيلاء على عقارات مهمة، واستخدام اسم الدولة للتدخل في العقود العامة ومنح رخص لمنظمة غير حكومية أسسها نجل محمد ولد عبدالعزيز، ويستخدمها في غسل الأموال.

ووفقاً لمحامي الدولة، زادت ثروة محمد ولد عبدالعزيز بشكل كبير خلال السنوات العشر التي قضاها في السلطة. وفي وقت توجيه الاتهام إليه، مارس (آذار) 2021، قدرت قيمتها بـ67 مليون يورو.

وأمضى الرئيس الموريتاني السابق أربعة أشهر معتقلاً في سجن انفرادي، حيث تم تمديد حبسه بلا محاكمة مرات عدة.

ووصل ولد عبدالعزيز إلى السلطة عبر انقلاب عسكري أبيض عام 2008 على الرئيس الراحل سيدي محمد ولد الشيخ عبدالله، ثم تخلى عن السلطة بعد الاتفاق على إجراء انتخابات رئاسية تمكن من الفوز بها عام 2009 وأعيد انتخابه في ولاية ثانية عام 2014، وحاول مراراً تغيير الدستور للسماح له بالترشح من جديد، لكن المعارضة وقفت ضد مسعاه.

وفي انتخابات 2019 دعم ولد عبدالعزيز صديقه ووزير دفاعه ورئيس الأركان آنذاك محمد ولد الغزواني للترشح للانتخابات، بهدف أن يعود للترشح في انتخابات 2024، وسلمه السلطة بعد أن فاز الغزواني في أغسطس (آب) 2019.

المزيد من تقارير