Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف نجت البكالوريا اللبنانية من تداعيات الانهيار؟

لا يزال كثيرون يفضلون الشهادة الرسمية أكثر من الفرنسية ويرون فيها فرصة لتحقيق أهداف المستقبل

دخول التجاذبات السياسية في ملف التعليم من أبرز التحديات التي تواجه القطاع بحسب مراقبين (رويترز)

ملخص

في ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتردية يتساءل كثيرون عن مصير شهادة #البكالوريا_اللبنانية في مواجهة الفرنسية، فما الذي يفضله الطلاب؟

مع تطور التعليم الثانوي في لبنان باتت البكالوريا اللبنانية محل تساؤلات كثيرة حول مدى قدرتها على تأمين دخول الطلاب إلى الجامعات المرموقة، وفي ظل الأوضاع الاقتصادية والسياسية المتزايدة يتساءل كثيرون عن مصير هذه الشهادة، وما إذا كانت البكالوريا الفرنسية ستحل محلها في المستقبل.

في الوقت الحالي لا يزال كثيرون يفضلون البكالوريا اللبنانية، ويرون فيها فرصة لتحقيق أهدافهم المهنية والأكاديمية، لكن يتعين على السلطات التعليمية في لبنان العمل على تحسين جودة التعليم وتطوير مناهج الدراسة وتعزيز دور المعلمين في تحسين مستوى التعليم الثانوي بالبلاد.

في حديث مع أحد الطلاب قال "والدي أخرجني من المدرسة الرسمية خلال فترة البكالوريا واضطر إلى وضعي في مدرسة خاصة بسبب الإضرابات المتكررة للمعلمين، إذ لم نعد قادرين على التعلم بسببها، لكنني أنوي التقدم للبكالوريا الفرنسية بدلاً من اللبنانية، لأنني لا أعرف ما إذا كانت الشهادة اللبنانية ستؤهلني للالتحاق بالجامعة بسبب التراجع الحاصل في هذا الإطار".

واقع التعليم الثانوي

يشير عضو اللجنة التحضيرية لرابطة أساتذة التعليم الثانوي في لبنان محمد قاسم لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "التعليم الثانوي الرسمي تطور بشكل مطرد، إذ ينتشر في كل المناطق اللبنانية، وتوسع من 60 إلى287 ثانوية بنحو 60 في المئة من مجموع طلاب لبنان. أما أساتذته فقد تميزوا بتفوق كبير نتيجة حصولهم على الكفاءة اللازمة بكليات التربية".

أما بالنسبة إلى التحديات التي تواجه القطاع فيلفت قاسم إلى أن "هناك عوامل عدة، منها إشكاليات أعداد العاملين والتعاقدات مع دخول التجاذبات السياسية في هذا الملف، فضلاً عن الإهمال الكبير من ناحية البنى التحتية للمدارس".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويشير قاسم إلى أن "الأزمة الأساسية في لبنان تعود إلى المناهج التعليمية التي طبقت عام 1997، إذ إن المحاور التسعة التي شملتها خطة النهوض التربوي لم ينفذ منها سوى البند الذي يتعلق بالكتب المدرسية، ولم تلتزم المدارس توفير الوسائل الضرورية لتطبيق هذه المناهج بخاصة في موضوع إعداد المعلمين بشكل كافٍ لمواكبة التطور، كما لم تلتزم الأغلبية توفير وسائل الإيضاح والتجهيزات والمكتبات والملاعب والمختبرات والمرافق وتطوير الهيئة التعليمية، بالتالي ترك التعليم الثانوي والابتدائي يتخبط في أزمة المناهج الجديدة التي لم يستطع مواكبتها بالشكل السليم".

ويضيف "على رغم ذلك بقي التعليم الثانوي قادراً على استيعاب الأزمة، ويبذل أفراد الهيئة التعليمية جهوداً إضافية من أجل الحفاظ على الحد الأدنى من المستوى التعليمي، إذ بقي ينافس المدارس الخاصة التي سبق أن تمكنت من توفير جميع مستلزمات المناهج الجديدة، إن لم نقل إنها بدأت تطبيق هذه المناهج قبل أن يضعها المركز التربوي للبحوث والإنماء قيد التنفيذ".

الأزمة الاقتصادية

يرافق هذا الواقع التربوي الواقع الاقتصادي للهيئة التعليمية في القطاعين الرسمي والخاص، إذ بات معلمو القطاعين يطالبون بتحسين أوضاعهم المالية وتعديل رواتبهم بعد انهيار العملة الوطنية أمام الدولار.

في السياق يلفت قاسم إلى أن "القطاع الخاص كان أكثر مرونة حيال هذه الأوضاع، لأنه قادر على زيادة الأقساط المدرسية والتكيف بإعطاء حوافز للمعلمين. أما التعليم الرسمي فبقي معلموه يعانون أزمة اقتصادية ومالية تضطرهم إلى الاعتماد على التحركات المطلبية والإضرابات، مما أثر في إنتاجيتهم ومستواهم النفسي والمعنوي، إذ كانوا بلا غطاء مادي وعاجزين عن تأمين الحد الأدنى من العيش الكريم وبخاصة مع بدء الأزمة أواخر 2019"، مشيراً إلى أن "الحكومة لم تبادر حتى الساعة إلى إيجاد حل لوضعهم الصعب، مما يعرض أغلبية التعليم الرسمي إلى أخطار جدية كالإقفال، وهذه خسارة وطنية وليست فقط تربوية".

يشير قاسم كذلك إلى أن "ثمة مشكلة أخرى تتعلق بتراجع أعداد الطلاب الملتحقين بالتعليم الرسمي، مع العلم أن المدارس الخاصة كانت تشكو قبل بداية الأزمة من نزوح طلاب الثانوية إلى المدارس الرسمية لما توفره من تسهيلات أكبر"، لافتاً إلى أنه "عندما أقرت في العام الماضي مساعدة الـ500 مليار ليرة لبنانية (33.447 مليون دولار) للمدارس في لبنان، أعطيت المدارس الخاصة 350 مليار ليرة (23.413 مليون دولار) مع العلم أنها ليست بحاجة إلى ذلك، أما التعليم الرسمي فمنح 150 ملياراً (نحو 10 ملايين دولار) ولا نعلم ما إذا وصلت فعلاً لإعادة تأهيل المدارس أم تمت سرقتها".

لبنانية أم فرنسية؟

ليست الشهادة الرسمية هي الوحيدة المعترف بها في لبنان، فهناك شهادات كثيرة دخلت وأصبحت معتمدة منها البكالوريا الفرنسية، إذ وقع بروتوكول بين الدولتين اللبنانية والفرنسية عام 1994 لإعطاء الحق لأي طالب لبناني أو أجنبي في الحصول على الشهادة مع معادلتها في لبنان، وكانت هناك شروط عدة للطلاب اللبنانيين، منها حصولهم على الشهادة المتوسطة الرسمية (البريفيه).

يشير قاسم إلى أن "هناك عديداً من اللبنانيين الذين حازوا على التفوق في الشهادة الفرنسية، ونسبة النجاح فيها مرتفعة أكثر من الشهادة اللبنانية"، مؤكداً أن "نسبة الطلاب الملتحقين بالشهادة الفرنسية ليست كبيرة، إذ رشح لها ثلاثة آلاف طالب، مقابل أكثر من 40 ألف مرشح على البكالوريا اللبنانية".

عن دور وزارة التربية والتعليم العالي في لبنان، يقول المدير العام للوزارة عماد الأشقر لـ"اندبندنت عربية" إنه "بعد أزمة كورونا شهدنا سنة إقفال كاملة، بالتالي ألغيت شهادة الثانوية العامة، والسنة اللاحقة كانت مجتزأة. أما في السنة الماضية فقد أجرينا امتحانات البكالوريا وكان عاماً دراسياً مضطرباً، لذا لا يمكننا أن نعول على آخر سنتين مرا لتقييم القطاع".

وحول أعداد الطلاب يشير إلى أنه "في المدارس الخاصة لدينا 800 ألف طالب في السنة، أما الرسمية فعددهم 320 ألفاً من الابتدائي والثانوي، إضافة إلى 170 ألفاً غير لبنانيين يداومون في المدارس الرسمية من بعد الظهر".

وعن موقع الشهادة اللبنانية في التصنيف العالمي مع تكاثر الشهادات الأجنبية ولجوء الأغلبية إلى الأخيرة بسبب الأوضاع الاقتصادية وحاجات سوق العمل، يؤكد الأشقر أن "الدستور يحمي حرية التعليم، لذلك نحن منفتحون على كل شيء بخاصة من ناحية التعليم الخاص"، لافتاً إلى أن "هناك شهادات أجنبية عدة منها البكالوريا الفرنسية والبرنامج الأميركي والشهادة الألمانية، وكلها تعادل الشهادة اللبنانية".

ثمة خريطة طريق للخروج من أزمة المناهج القديمة يقول الأشقر في شأنها إن "اللجان تعمل على تطوير الشهادة والمواد والأسئلة، كما سنأخذ في الاعتبار مواكبة التطورات التقنية من خلال دمج آليات الذكاء الاصطناعي لكي يعود لبنان منافساً في قطاع التعليم على مستوى العالم".

المزيد من العالم العربي