Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معركة القدس أكبر وأبعد من صواريخ لبنان وغزة

رد إسرائيل على أكثر من جبهة في وقت واحد ليس سوى محاولة فاشلة لإقناع الداخل بأنها لم تفقد هيبة الردع

إطلاق إسرائيل الصواريخ لم يعد يعزز هيبتها (أ ف ب)

ملخص

تجربة #"فتح" وبقية #الفصائل_الفلسطينية المسلحة في #لبنان تحت شعار التحرير أدت إلى احتلال إسرائيل لكل فلسطين مع سيناء والجولان

حركة "حماس" تعود عام 2023 إلى ما بدأته نظيرتها "فتح" في الجنوب اللبناني مطلع 1965، لكن إطلاق الصواريخ من الجنوب على الجليل الأعلى ليس صاعقة في سماء صافية، أولاً لأن الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى والمعتكفين في رمضان صارت سياسة منهجية بقيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في حكومة بنيامين نتنياهو، وأخيراً لأن عودة العمل الفلسطيني المسلح من لبنان أصبحت قراراً ضمن خطة عنوانها "وحدة الساحات"، فالشغل لتنظيم "محور المقاومة" على الجبهات اللبنانية والسورية والعراقية واليمنية والفلسطينية بقيادة الحرس الثوري الإيراني مستمر منذ سنوات.

وكان لافتاً تلويح الأمين العام لـ "حزب الله" حسن نصرالله بفتح كل الجبهات رداً على أي اعتداء إسرائيلي في فلسطين أو لبنان أو أي مكان، بل إنه هدد أخيراً بالرد السريع والمباشر من لبنان على أي اعتداء إسرائيلي على أي لبناني أو مقيم أو ضيف في لبنان مهما تكن جنسيته وهي إشارة غير عادية، إذ لم تكن "حماس" تقدم على إطلاق أكثر من 30 صاروخاً دفعة واحدة من الجنوب حيث الجيش اللبناني وقوات "يونيفيل" الدولية و"حزب الله" الذي انفرد بالمقاومة منذ زمن ويراقب كل حركة في الجنوب.

أما الخطاب الرسمي اللبناني الموجه إلى الأمم المتحدة عن احترام قرار (1701) فصار مضحكاً، وأما دعوة مجلس الأمن لبنان إلى بسط السيادة على أرضه فهي صوت في البرية، وليس رد إسرائيل على إطلاق الصواريخ من غزة ولبنان في وقت واحد سوى محاولة فاشلة لإقناع الداخل بأنها لم تفقد "هيبة الردع"، فلا هو في مستوى ما تسميها تل أبيب "المعركة بين الحروب"، ولا هو سوى حركة مصممة لئلا تقود إلى حرب شاملة لا يريدها الطرفان في هذا الوقت، محور المقاومة المنتظر ما تؤدي إليه خطوات طهران الدبلوماسية في المنطقة، وإسرائيل المضروبة بأعمق انقسام بسبب المواجهة في الشارع لسعي حكومة اليمين المتطرف جداً إلى "انقلاب قضائي" أجبرت على تعليقه موقتاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


لكن معركة المسجد الأقصى والقدس لا تخاض عملياً من لبنان وفيه، ولا هي تراشق بالصواريخ بين قطاع غزة وإسرائيل التي تسارع إلى القصف الجوي، فالتراشق الصاروخي يقود إلى مزيد من الدمار في غزة الفقيرة من دون أن يغير شيئاً في المعادلة: قصف وخطاب قوي ثم هدنة، وكل طرف يبقى في مكانه، فلا تحرير أرض ولا حتى تحريك مفاوضات.

تجربة "فتح" وبقية الفصائل الفلسطينية المسلحة في لبنان تحت شعار التحرير أدت إلى احتلال إسرائيل لكل فلسطين مع سيناء والجولان كما إلى حرب لبنان الطويلة في وقت كانت الدول العربية جميعاً في حال حرب مع إسرائيل التي تحوطها ما كانت تسمى "دول الطوق"، مصر وسوريا والأردن ولبنان، أما اليوم فإن الطوق مكسور بمعاهدات سلام، وحال الحرب مخروقة بـ "اتفاقات أبراهام"، ولبنان ينوء تحت أثقال أزمة سياسية ومالية واقتصادية واجتماعية لا حدود لها، والكل يتحدث عن البقاء ضمن "قواعد اللعبة"، واللعبة واضحة، فليس بالصواريخ وحدها يتم تحرير الأرض، وحتى "اتفاق أوسلو"، بصرف النظر عن الرأي في ما بدأ به وما انتهى إليه، فإن ما قاد إليه ليس القصف بالصواريخ في "عمليات القشرة" من لبنان والأردن، بل الانتفاضة الشعبية في الضفة الغربية، والمقاومة التي تحتاج إليها فلسطين هي العمليات اليومية الفردية والمنظمة التي تربك إسرائيل العاجزة عن وقفها وعن الرد عليها بأكثر من الاعتصامات وتدمير بيوت المقاومين، وهي عمليات ليس هدفها خدمة مشروع إقليمي يوظفها ثم يوقفها حين يحصل على مراده، بل خدمة مشروع التحرير الفلسطيني.

الدفاع عن المسجد الأقصى مهمة عربية وإسلامية وعالمية في إطار الضغوط على إسرائيل وعمل "لجنة القدس"، لا مجرد مهمة صاروخية، والوقت حان بعد قرن من التراجيديا الفلسطينية للحصول على مردود، ولئلا تذهب التضحيات التي يقدمها الشعب الفلسطيني مجاناً من دون عمل منظم ضمن خطة وقيادة للتقدم بالقضية على الأرض لا في الأناشيد والخطب.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل