Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستطيع الإمارات أن تمنع الضربات الإسرائيلية عن دمشق وحلب؟

تملك إسرائيل وسوريا حاجات تدفعها لقبول تسوية أمنية من نوع ما، لكن لا يوجد وسيط جدير يربط بينهما في حين تحاول أبوظبي التصدي للمهمة

حظي رئيس النظام السوري بشار الأسد باستقبال كبير في أبوظبي خلال زيارة أجراها في 19 مارس الجاري (وام)

ملخص

تملك #إسرائيل وسوريا حاجات تدفعها لقبول تسوية أمنية من نوع ما، لكن لا يوجد وسيط جدير يربط بينهما في حين تحاول #الإمارات التصدي للمهمة

@ZIAD_Online

الحديث عن فرص التواصل والسلام بين دمشق وتل أبيب ليس حديثاً، فقد أجرى الطرفان حوارات مفتوحة وجادة بهدف تحقيق سلام شامل كان آخرها في عام 2008، إلا أن الظروف تغيرت كثيراً منذ ذلك الوقت.

التغيرات التي طرأت على البلدين خلال السنوات الـ 15 الماضية تتركز في أمرين، الأول الوسيط التوافقي الذي يمكن أن يقود أي تواصل بينهما، والثاني مستوى النديّة السياسية والعسكرية بينهما والذي يمكن أن يغير حجم المكتسبات التي يمكن أن يحصل عليها أي من الدولتين في ما لو قررتا العودة للطاولة من جديد.

وتقييم هذين المتغيرين من جديد بات ضرورياً اليوم، مع نمو أحاديث السلام والمصالحات الإقليمية التي أدت إلى تحقيق اختراقات تاريخية وغير مسبوقة بعد عقد ساخن مرت به المنطقة سياسياً وأمنياً، غيّر وجهها وأنظمتها وأعاد توزيع مراكز القوى والأولويات ورسم الخرائط من جديد.

الإمارات وسيط جديد

عندما قرر الطرفان الجلوس على طاولة جادة في 2008، كانت تركيا "الصِفرية" هي المكان الأنسب. دولة توافقية تنتهج سياسة تصفير المشكلات إقليمياً ودولياً، تملك علاقة ممتازة مع سوريا، ومن القلائل في الشرق الأوسط التي تملك علاقة دبلوماسية كاملة مع إسرائيل لا يشوبها أي شكل من أشكال الحرب أو الأراضي المحتلة، كما هو حال مصر والأردن. لذلك نجحت حينها في تقديم نفسها كطرف يمكن أن يثق به الطرفان.

اليوم، تحاول أنقرة في إطار رحلة التصفير الجديدة إيجاد صيغة للمصالحة مع النظام السوري بعد سنوات من القطيعة، في خضم سعيها الدؤوب خلال السنتين الماضيتين إلى احتواء مشكلاتها المتشعبة انتهت بإغلاق مشكلاتها مع السعودية والإمارات، وسعيها إلى إغلاق ملفات مصر عبر تقديم التنازلات. 

بالمقابل، تحضر الإمارات كوسيط بعد مبادرتها في تحقيق سلام مع إسرائيل ضمن الصفقات الإبراهيمية، وأيضاً تبادلها الزيارات الرفيعة مع دمشق بعد سنوات من العزل الإقليمي للنظام السوري، أعطاها ذلك دوراً يجعلها الأكثر قرباً عربياً من سلطة بشار الأسد، والأنشط في تعزيز وصول إسرائيل في المنطقة.

كان هذا حاضراً على مستوى التصريحات الرسمية عندما أشار رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق نفتالي بينيت إلى دور إماراتي للتوسط بين بلاده ودمشق.

وقال في مارس (آذار) 2022، بعد قمة شرم الشيخ التي استضافتها مصر وجمعته بالشيخ محمد بن زايد والرئيس عبدالفتاح السيسي، إن الإمارات "تقوم بدور أكثر أهمية في إستراتيجية إسرائيل الإقليمية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف المسؤول الإسرائيلي السابق في حديثه عن المساعي العربية إلى إعادة سوريا لجامعة الدول "نخشى أن يؤثر ذلك في حرية إسرائيل في العمل على المدى القصير"، إلا أن استدرك بالقول "لكن الجهات الفاعلة، الإمارات بالتحديد، ترى أن لديها الإمكانية لأداء دور وساطة بين إسرائيل وسوريا في المستقبل".

المفاوضات على دمشق وليس الجولان

ولم يعارض بشار الأسد أحاديث شرم الشيخ بالمطلق، لكنه اشترط رداً عليها "استعادة الأرض"، وفق ما نقلت عنه وكالة "سبوتنيك" الروسية.

وعلى رغم أن الأرض المقصودة في حديث الأسد هي هضبة الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل منذ 1967، إلا أن إسرائيل لم تعد معنية بالخطوط السابقة التي نوقشت لآخر مرة في إسطنبول 2008، كما أن الأسد ليس معنياً بآمال الخليجيين والإسرائيليين بأن تسهم إعادة تأهيله في إبعاده من إيران.

ففي حوار تركيا قال رئيس الوزراء الإسرائيلي حينها إيهود أولمرت إن المفاوضات "ستكون طويلة ومعقدة ويمكن أن تنتهي بتنازلات صعبة من قبل إسرائيل"، في إشارة واضحة إلى استعداده لتسليم عودة مرتفعات الجولان في مقابل الحصول على وقف شامل لإطلاق النار.

وأكد وزير الخارجية السوري الراحل وليد المعلم في حينها أن أولمرت أعطى بشار الأسد "صيغة غير محددة بشأن الجولان، وأن الإسرائيليين يقبلون النقاش فيها".

إلا أن الأمور تغيرت اليوم، فما عادت إسرائيل التي تريد الحصول على ضمان وقف إطلاق نار شامل على حدودها مع سوريا وحلفائها اللبنانيين (حزب الله)، بل النظام الذي بات يملك جيشاً مدمراً بالكامل بعد أن استنزف وحلفاؤه في الحرب الأهلية التي اشتعلت بعد اندلاع الثورة.

وأيضاً، باتت إسرائيل تملك عمليات بأهداف عميقة في الداخل السوري ويريد النظام حمايتها، من ضمنها دمشق وحلب، وهو ما يجعل الحديث عن الجولان أمراً غير وارد في ظل الأولويات الجديدة التي صنعها إعادة التموضع.

هل تحمي الإمارات سماء دمشق من الصواريخ؟

في قمة شرم الشيخ الثلاثية التي أتى ذكرها آنفاً، دافعت الإمارات عن موقفها حول ضرورة إعادة دمج النظام السوري في المنطقة وتحقيق تقارب بينه وبين إسرائيل بالقول إن "الخطوة ضرورية حتى لا يبقى الأسد تحت الحماية الإيرانية والروسية بشكل كامل".

وبحسب هيئة البث الإسرائيلي "كان"، فإن الإماراتيين ردوا على تشكيك الإسرائيليين في ذلك بأن النتيجة المأمولة لن تحدث بشكل فوري.

ولا تملك إسرائيل خيارات أخرى في مواجهة التهديدات القادمة من الشرق سوى الاستمرار في العمليات العسكرية التي تستهدف بها مخاوفها في الداخل السوري.

فبحسب مؤسسة "راند" للدراسات، فإن تل أبيب تبني موقفها من سوريا بناءً على خمس حاجات: تقليل النفوذ الإيراني والروسي في سوريا، ومنع نقل الأسلحة المتطورة إلى حزب الله، ومنع سوريا من تشكيل تهديد عسكري جاد أو السماح لإيران بالقيام بذلك، وتعميق سيطرتها على مرتفعات الجولان، ومنع الجماعات الإرهابية المسلحة من إقامة بنية تحتية على طول الحدود مع إسرائيل.

السعي إلى تحقيق هذه الحاجات كلف إسرائيل القيام بعمليات عابرة للحدود، واشتبكت مع عناصر لـ "حزب الله" بشكل مباشر وروسيا بشكل غير مباشر، وهو ما كان يمكن أن يسفر عن مواجهة من نوع ما، واضطرت في فترة من الفترات لتقديم دعم سري لحركات الثورة المسلحة ذات العقيدة المتطرفة والمعادية لإسرائيل.

وأضاف تقرير "راند" أن لدى إسرائيل مصالح أمنية جوهرية ذات أولوية ولا تبدو الطريقة التي تعمل بها الآن قادرة على تحقيقها بشكل جذري، على رغم امتلاكها المبادرة والتنفيذ الناجح لكل تلك العمليات.

ولا تستحسن الدراسة استمرار تلك العمليات على رغم نجاحها التكتيكي لإنها قد تتسبب في "خسارة بعض المكتسبات بالنظر إلى نتائج العقد الماضي، إذ أسهم تركيز الأطراف السورية على بعضها بعضاً في الصراع في خروج إسرائيل من دائرة العداء المباشر، مما جعلها الأكثر فائدة من الأزمة"، مستعرضة تخوف الإسرائيليين من زوال هذا المكتسب إذا ما استمرت الدولة العبرية في الاشتراك العسكري في الحرب.

وبالنظر إلى أهمية القصف الإسرائيلي في الداخل السوري لتحييد أي تأسيس لتهديد مستقبلي، تبرز أهمية وجود وسيط يملك علاقة موثوقة بالطرفين يساهم في عقد صفقة من نوع ما تعالج مخاوف الطرفين ولو جزئياً، وهو ما يغيب عن الساحة عكس كل الحوارات السورية-الإسرائيلية على مر التاريخ. في حين تحاول الإمارات التي نالت أسبقية تطبيع العلاقة مع الطرفين استغلال ذلك لتكون ذاك الوسيط، وليس من الواضح حتى الآن مدى قدرتها على تأدية مهمة من هذا النوع.

فقد تكسب أبوظبي الجولة إعلامياً، إلا أنه على أرض الواقع لا تستطيع فعل شيء كما يرى مراقبون. فروسيا الحامي لسوريا لم تستطع سياسيا أو عبر دفاعاتها الجوية منع إسرائيل من استهداف الأراضي السورية باستمرار.

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل