Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

2022 عام تصفير المشكلات في الخليج

عملت دول المجلس على تعميق المصالحة في ما بينها وتفاعلت مع محاولات تركيا وإيران التقارب معها

ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان (أ ف ب)

رياح التصالح لا تهدأ في منطقة الشرق الأوسط منذ نهاية 2021، فقد تلاشت لغة الاستعداء بين دول المنطقة مع خطوات التقارب بين مختلف القوى المتنازعة منذ انعقاد "قمة العلا" في السعودية مطلع العام الماضي.

وشهدت منطقة الشرق الأوسط على أثرها تغيرات في خريطتها، لكن ليس بتغير حدود الدول وإنما بتحولات في دبلوماسيتها العميقة أعادت من خلالها ترتيب المصالح السياسية ودخلت قوى إقليمية بارزة من بينها مصر والسعودية وتركيا والإمارات وقطر في مرحلة متقدمة من التفاهمات والمصالحات.

عام 2022 لم يكن عاماً عادياً فقد جرى فيه تحولات مهمة في عديد من دول العالم وأقاليمه، ووجدت دول الشرق الأوسط نفسها مضطرة للتقارب أكثر والاستثمار في السياسة التصفيرية في ظل انقسام دولي غير معهود منذ اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

نهج تركيا الجديد

تستقبل تركيا عام 2023 وهي تأمل بتصفير خلافاتها وبالانتقال إلى مرحلة أخرى في إطار علاقاتها مع دول المنطقة، بخاصة مصر. وقد أحيت مصافحة الرئيسين التركي ونظيره المصري في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على هامش الاحتفال بافتتاح بطولة كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في قطر آمال استعادة مسار التطبيع المتعثر.

وقد أعلن الرئيس رجب طيب أردوغان، في تصريح سابق له "ضرورة الانتقال بالعلاقات المصرية- التركية من مستواها الراهن إلى مستوى أعلى"، وما زال الجانب التركي هو المبادر بإطلاق التصريحات حول ما يجري في مسار العلاقات بين البلدين.

الملاحظ أن السلوك التركي أخذ يتغير في السنتين الماضيتين، وذلك بعد إبعاده بعض رموز "الإخوان" وإغلاق قنوات تلفزيونية حرضت ضد الحكومة المصرية، لكن يبدو أن إيقاع التغيير لم يرضِ القاهرة بعد وبقيت معضلات لم تحل على الرغم من لقاءات جرت بين مسؤولين في البلدين.

وتنتهج تركيا نهجاً جديداً في المنطقة، فعلاقات أنقرة بالإمارات والسعودية آخذة في التحسن بل وتمضي في سياقات من الشراكة والتعاون إثر زيارتي أردوغان إلى أبوظبي والرياض.

قي 2022 شهدت العلاقات التركية- السعودية تطوراً، بعد زيارة الرئيس التركي للسعودية وزيارة ولي العهد السعودي لأنقرة، التي يعمل البلدان من خلالها على تصحيح مسار العلاقات وتجاوز الخلافات التي تراكمت خلال السنوات الخمس الماضية.

وقد أكد الرئيس التركي خلال زيارته السعودية أن "الزيارة تدشن لمرحلة جديدة من العلاقات" ولم يكن من المستغرب أن يكون تسارع التعاون الاقتصادي أبرز سمات التقارب التركي- السعودي، فالاقتصاد التركي يعيش أزمة مستمرة بعد خفض الفائدة التي هوت بالعملة. وأعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إيداع خمسة مليارات دولار في المصرف المركزي التركي قريباً.

وخلال مؤتمر صحافي حول إعلان الموازنة السعودية، أوضح الجدعان أن "النقاش مستمر مع الجانب التركي في الموضوع، وإنه قد يحسم قريباً"، لكنه شدد على أن "القرار اتخذ".

وفي الأمر ذاته فتحت الإمارات صفحة جديدة في علاقاتها مع تركيا على الرغم من الخلاف الذي كان بينهما في أكثر من ملف، وبدأت بالاستثمار في تركيا بـ10 مليارات دولار.

و أشار الكاتب السعودي عبدالرحمن الراشد في مقال له في صحيفة "الشرق الأوسط" إلى أن "الجهود الخليجية أوقفت الخلافات بينها، وبني التصالح على تفاصيل كثيرة، وتنازلات من جميع الأطراف، وامتدت نتائجها لتشمل مصر وتركيا، ولا أستطيع أن أقول إيران تشملها أيضاً، لأن الخلافات معها أكثر تعقيداً، ومركبة، بقضايا إقليمية مثل اليمن والعراق وسوريا ولبنان. إنما خفض التوتر مع إيران، وليس بالضرورة التصالح معها".

الحوار الإيراني- السعودي وساحات الخلاف الحاد

أثارت جهود تركيا في استعادة العلاقات مع دول المنطقة مخاوف الإيرانيين في شأن استمرار التعاون بين طهران وأنقرة، ويخشى الإيرانيون من أن المصالحة ستؤثر سلباً على المفاوضات بين الرياض وطهران اللتين تخوضان منذ بداية العام الماضي مفاوضات ثنائية لاستعادة العلاقات ولحل كثير من القضايا الإقليمية العالقة بينهما لكن الحوارات الثنائية لم تنعكس حتى الآن على ساحات الخلاف بينهما.

وثمة تسريبات بأن الطرفين يدرسان بالفعل استئناف العلاقات الدبلوماسية بصورة كاملة، وقال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إن بلاده "مستعدة لاستئناف العلاقات مع السعودية، وفتح سفارتي البلدين إذا كانت الرياض مستعدة لذلك".

استعادة العلاقات الخليجية- الإيرانية

تتفق دول الخليج في ما بينها حول أشكال التهديد الإيراني الذي يتركز في التدخلات في الشؤون الداخلية والإقليمية والبرنامج النووي، لكن تختلف الدول الخليجية في التعامل معها لتصل علاقات بعض الدول بإيران إلى مستوى العلاقات الودية فضلاً عن احتفاظ البعض الآخر بمستوى منخفض من العلاقات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشهد عام 2022 إعادة ترسيم خريطة الدبلوماسية الخليجية الإيرانية بدءاً من الكويت والإمارات اللتين استعادتا علاقاتهما الدبلوماسية مع طهران بعد نحو سبع سنوات من خفض تمثيل البلدين الدبلوماسي عقب اقتحام محتجين إيرانيين السفارة السعودية.

وأعلنت الكويت في 14 أغسطس (آب) الماضي عن إعادة سفيرها إلى إيران، ونشرت وزارة الخارجية الإيرانية على موقعها أن السفير الكويتي بدر عبدالله المنيخ سلم أوراق اعتماده إلى وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في طهران. وفي الشهر ذاته أعلنت الإمارات أيضاً عن عودة سفيرها سيف محمد الزعابي إلى طهران.

وقد أوضح أمير قطر في حديث مع مجلة "لوبوان" الفرنسية، أن علاقة بلاده مع إيران مهمة، مضيفاً "أنها بلد مهم جداً بالنسبة إلينا، لدينا علاقة تاريخية وأكثر من ذلك، نتشارك في حقل الغاز الرئيس الذي لدينا مع إيران".

وأضاف "إننا نشجع كل أعضاء دول مجلس التعاون الخليجي وإيران على التحاور. بالطبع، هناك اختلافات، لكن علينا أن نجلس ونتحدث عن هذه الخلافات مباشرة بيننا وبين الإيرانيين، من دون تدخل خارجي".

استعادة تماسك دول مجلس التعاون الخليجي

وعلى الجانب الخليجي يبدو أن المجلس يتنفس الصعداء بعد سنوات من التوتر بين دول الأعضاء فقد جاءت القمة الخليجية 43 التي أقيمت في التاسع من ديسمبر (كانون الأول) لترسيخ ما كان عليه المجلس، وتشير الظروف الجديدة إلى ملامح بنية استراتيجية تتشكل في المنطقة، فقد وجدت دول المنطقة نفسها في ظروف مختلفة، لكنها تدرك أنه ما زال لديها القدرة على رسم مسار جديد لنفسها.

فقد أكد الأمير محمد بن سلمان عزم بلاده إطلاق مرحلة ثانية وجديدة لتعزيز تطوير العمل الخليجي، ولعل أبرز هدف اتفقت عليه دول الخليج بعد المصالحة الخليجية في قمة العلا، وأكدته في قمة الرياض، هو "بلورة سياسة خارجية موحدة" بين دول المجلس الست.

و أشار عبدالرحمن الراشد في المقال المشار إليه سابقاً "بعد نحو عام على ذلك الاتفاق في العلا، يمكننا الآن أن نقول إنه صمد، والمصالحات سارت ببطء وإلى الأمام، ومعظم القضايا الخلافية تم التوافق حولها أو التعامل معها، من السياسية إلى القانونية. ولا بد من القول، أيضاً إن جميع الحكومات قدمت تنازلات. رافقت المصالحات توافقات مفاجئة ومثيرة، أبرزها بين مصر وتركيا، التي تمت بعد اجتماعات تفصيلية عديدة".

وقد ذكر نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني في مقابلة نشرتها صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، 12 ديسمبر (كانون الأول) من العام الحالي "نؤمن بالوحدة (الخليجية)، وهذا لا يعني أننا نتفق على كل شيء، فلدينا خلافاتنا، دعنا نبني على الهدف المشترك، ولا يمكننا إعمار كل شيء، ونعرف أن هذا يحتاج إلى وقت، ولكننا نرى استعداد القيادة لإعادة العلاقات إلى المكان الذي كانت عليه".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير