Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أين كان الفيدرالي الأميركي عندما تحطم "بنك وادي السيليكون"؟

البنك نما بسرعة كبيرة باستخدام الأموال المقترضة في استثمارات طويلة الأجل وكانت الأخطار كامنة على مرأى من الجميع

مع ارتفاع أسعار الفائدة بسرعة كان بنك "سيليكون فالي" مثقلاً بالخسائر (أ ف ب)

ملخص

كانت الأخطار في بنك #سيليكون_فالي واضحة على مرأى من الجميع إذ سُجل ارتفاع سريع في الأصول والودائع في موازنته العمومية وتجلت الخسائر المتزايدة في حيازات السندات

طرحت صحيفة "وول ستريت جورنال" تساؤلاً حول انهيار بنكي "سيليكون فالي" و"سيلفيرغيت"، وهو أين كان المنظمون في الولايات المتحدة عندما تحطم البنكان؟، ولخصت الإجابة في ما سمته بالخطأ البسيط والمتمثل في نمو البنكين بسرعة كبيرة باستخدام الأموال قصيرة الأجل المقترضة من المودعين الذين يمكنهم طلب السداد في أي وقت، واستثمارها في أصول طويلة الأجل لم يكونا قادرين أو غير راغبين في بيعها، مع الإشارة إلى أن الاحتياطي الفيدرالي الأميركي كان المنظم الفيدرالي الأساس لكلا البنكين.

وكانت الأخطار في البنكين واضحة على مرأى من الجميع، إذ سجل ارتفاع سريع في الأصول والودائع في موازنتيهما العمومية، وتجلت الخسائر المتزايدة في حيازات السندات والملاحظات على بياناتهما المالية.

وتشير الصحيفة إلى أنه ومع ارتفاع أسعار الفائدة بسرعة كان بنك "سيليكون فالي" مثقلاً بالخسائر التي أجبرته في النهاية على محاولة جمع رأسمال جديد، مما أثار مخاوف المودعين الذين انتزعوا أموالهم في غضون يومين. وتساءلت الصحيفة مجدداً عن كيفية سماح المنظمين للبنك بالنمو بهذه السرعة وتحمل كثير من أخطار أسعار الفائدة؟

الفيدرالي الأميركي

ولم يكن "سيليكون فالي" الوحيد الذي واجه مشكلات الأسبوع الماضي، فقبل أيام فقط انخفض سهم مجموعة "سيليكون فالي" المالية وبنك "سيليكون فالي" 60.41 في المئة، كما انخفض سهم "سيلفيرغيت كابيتال كورب"، بنك الأعمال المبتكرة في مجال التكنولوجيا المالية والعملات المشفرة بنسبة 11.27 في المئة، كما صرح أحد أكبر البنوك في صناعة التشفير أن البنك سيغلق.

وقالت الشريك الإداري في " فيدرال فاينانشيال أناليتكس"، وهي شركة استشارية تنظيمية للصناعة المصرفية، كارين بيترو للصحيفة إن "تداعيات هاتين القضيتين دليل على وجود مشكلة إشرافية كبيرة، لهذا السبب لدينا أساطيل من مدققي البنوك وهذا ما يفترض بهم أن يفعلوه".

وكان بنك "سيليكون فالي" نما بوتيرة سريعة، إذ تضاعفت الودائع تقريباً في عام واحد فقط، ونما إجمال الأصول في الشركة الأم، مجموعة سيليكون فالي المالية (SVB Financial Group)، إلى 211 مليار دولار نهاية عام 2021، في مقابل 116 مليار دولار في العام السابق.

وبحلول نهاية عام 2022 كان البنك الـ16 من بين أكبر بنوك الإقراض في الولايات المتحدة، وكان انهياره الداخلي ثاني أكبر فشل مصرفي في التاريخ الأميركي، في حين يمثل سقوط البنك أكبر اختبار حتى الآن للهندسة التنظيمية لما بعد الأزمة المالية المصممة لإجبار البنوك على الحد من الأخطار ومراقبتها عن كثب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهته، قال محافظ الاحتياط الفيدرالي السابق دانييل تارولو، الذي كان الشخص الرئيس للبنك المركزي في ما يتعلق بالتنظيم بعد الأزمة المالية، للصحيفة إن "النمو السريع يجب أن يكون دائماً علامة صفراء على الأقل للمشرفين، وذلك لأن ضوابط الأخطار والمخازن الوقائية ضد الخسائر المحتملة لا تنمو في كثير من الأحيان بما يتماشى مع الأخطار الجديدة التي تتعرض لها البنوك سريعة النمو".

وإضافة إلى ذلك، فإن ما يقرب من 90 في المئة من ودائع بنك "سيليكون فالي" كانت غير مؤمنة مما يجعلها أكثر عرضة للهرب في أوقات الاضطرابات، لأن شركة تأمين الودائع الفيدرالية (Federal Deposit Insurance Corp) لا تقف وراءها.

في حين قال إريك روزنغرين الذي شغل منصب رئيس بنك الاحتياط الفيدرالي في بوسطن بين عامي 2007 و2021 وكان أكبر منظم للبنك قبل ذلك، "لا ينبغي أن يفشل بنك بقيمة 200 مليار دولار بسبب السيولة"، مضيفاً "كان يجب أن يعرفوا أن محفظتهم تميل بشدة نحو رأس المال الاستثماري ولا تريد الشركات المخاطرة مع ودائعهم ولذلك بدأت في سحب الأموال بشكل جماعي".

قواعد سيولة

وقال المحلل في مجموعة "كوين" واشنطن للأبحاث (أي دي) غاريت سيبرغ في مذكرة إن قواعد السيولة لكل من بنك "سيليكون فالي" وبنك "سيلفيرغيت" كانت أقل إرهاقاً من البنوك الكبرى،

ومن المؤكد أن البنوك تقترض بانتظام لفترات قصيرة للإقراض لفترات زمنية أطول، لكن "سيليكون فالي" ركز موازنته العمومية على الأصول طويلة الأمد، ووصل أساساً إلى العائد لتعزيز النتائج في أسوأ وقت ممكن وقبيل حملة رفع أسعار الفائدة من جانب الاحتياطي الفيدرالي، وأدى ذلك إلى تعرض البنك لخسائر كبيرة غير محققة مما جعله أكثر عرضة لسحب العملاء للأموال.

في حين قال المدير المساعد لأبحاث الإيداع في "جيني مونتوغومري سكوت أل إل سي" تيموثي كوفي إن المنظمين كانوا على دراية بأن الخسائر غير المحققة في محافظ الأوراق المالية للبنوك قد تؤدي إلى مشكلات، لكنهم لم يتخذوا خطوات محددة لمعالجة المشكلة. وأضاف كوفي أن "هذا شيء يتم تداوله في الصناعة لأشهر عدة لكنهم لم يفعلوا شيئاً لمساعدة سيليكون فالي".

620 مليار دولار خسائر الصناعة المصرفية

لم يكن بنكا "سيليكون فالي" و"سيلفيرغيت" الوحيدين اللذين يواجهان الأخطار التي تشكلها الخسائر غير المحققة، إذ تعرضت الصناعة المصرفية ككل لخسائر غير محققة على الأوراق المالية بنحو 620 مليار دولار نهاية العام الماضي، وفقاً لمؤسسة التأمين على الودائع الفيدرالية التي بدأت في تسليط الضوء على تلك الخسائر أواخر العام الماضي، وأيضاً هناك مسألة تنظيمية أخرى تتمثل في قواعد المحاسبة ورأس المال التي تسمح للبنوك بتجاهل خسائر السوق على بعض الأوراق المالية إذا كانت تنوي الاحتفاظ بها حتى تاريخ الاستحقاق.

ففي حال "سيليكون فالي" فإن الوعاء الذي احتفظ بهذه الأوراق المالية التي تتكون إلى حد كبير من سندات الرهن العقاري الصادرة عن كيانات ترعاها الحكومة، هو المكان الذي توجد فيه أكبر فجوة في رأس المال، والفكرة من وراء مثل هذا الوعاء هو أنه يعزل المؤسسة من تقلبات الأسعار على المدى القصير، فالمشكلة التي يطرحها ذات شقين، الأولى أن البنك قد لا يتمكن من الاحتفاظ بمثل هذه الأوراق المالية حتى تاريخ الاستحقاق إذا واجه أزمة نقدية، كما حدث في بنك "سيليكون فالي"، ومع ذلك فإن بيع الأوراق المالية سيجبره على إدراك الخسائر الهائلة المحتملة.

وثانياً، معالجة الأوراق المالية تعني أن البنوك مثل "سيليكون فالي" لا تشجع على البيع عند ظهور الخسائر مما قد يتسبب في تفاقم المشكلات ونموها، ويبدو أن هذا هو الحال في "سيليكون فالي" وعدد من البنوك الأخرى، إذ تسبب ارتفاع أسعار الفائدة عام 2022 في خسائر كبيرة بأسواق السندات، كما أن لدى البنوك حافز إضافي للتراكم في الخزانة، إذ يجب عليهم الاحتفاظ برأسمال أقل في مقابل مثل هذه الحيازات، كما يفترض أنها خالية من الأخطار، ومع ذلك فهذا يعني أن البنوك تحتفظ برأسمال أقل لامتصاص الخسائر، ويمكن أن تفقد الخزانة قيمتها بسبب التغيرات في أسعار الفائدة.

نقل الأصول وتغير الأخطار

وقال آخرون إن السياسة النقدية على مدى العقد الماضي لعبت دوراً، إذ قال الرئيس السابق لبنك الاحتياط الفيدرالي في مدينة كانساس ونائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة التأمين الفيدرالية FDIC توماس هونيغ، إن الاحتياطي الفيدرالي "قمع منحنى العائد وأوضح للقطاع المصرفي أنه سيفعل ذلك لفترة طويلة "، مضيفاً "لذا يتخذ المصرفيون قرارات بناء على هذه الرسالة واستناداً إلى تلك السياسة، ويملأون محافظهم بأوراق مالية حكومية ذات آجال استحقاق متفاوتة، ويقولون إنهم سيحتفظون بها حتى تاريخ الاستحقاق".

وربما كان بنكا "سيلفرغيت" و"وادي السليكون" معرضين بشكل خاص للتغيير في الظروف الاقتصادية لأنهما ركزا أعمالهما في قطاعات الازدهار والكساد، إذ قالت أستاذة القانون بجامعة كورنيل سولي أوماروفا، والتي تم ترشيحها لإدارة مكتب المراقب المالي للعملة عام 2021، "إنه مع قيام الشركات في تلك القطاعات الآن بنقل الأصول إلى مكان آخر في النظام المالي، فإن طبيعة هذه الأخطار قد تتغير، وهذا يشير إلى ضرورة أخذ المنظمين نظرة أوسع للأخطار في النظام المالي". وأضافت "يتعين على جميع المنظمين الماليين البدء في تحمل المسؤولية والتفكير في العواقب الهيكلية لما يحدث الآن".