Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هكذا تنجح شركات التكنولوجيا الناشئة في "وادي السيليكون"

انطلقت منه "غوغل" و"أبل" و"فيسبوك" و"نتفليكس" ويضم أعرق الجامعات العالمية وأكبر الاستثمارات الجريئة

هناك أمر مهم يجذب الجميع إلى وادي السيليكون هو أن كاليفورنيا هي الولاية الأميركية الأغنى (أ ف ب)

"وادي السيليكون" هو المنطقة التي لطالما كانت لغزاً في عالم المال والأعمال، إذ نشأت فيها الشركات التكنولوجية الكبرى مثل "غوغل" و"أبل" و"فيسبوك" و"سيسكو" و"أنتل" و"نتفليكس" وغيرها، وتظل مركزاً رئيساً لظهور أحدث الاختراعات والإبداعات التقنية، في وقت تتمركز فيها أكثر شركات الاستثمار الجريء التي تبحث عن فكرة لتمويلها، فما قصة الوادي؟  

موقع الوادي

وادي السيليكون هو عبارة عن منطقة كبيرة بمساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، تقع جنوب سان فرانسيسكو في ولاية كاليفورنيا الأميركية، وتتشكل المنطقة من مجموعة من المدن الصغيرة إلى جانب بعضها بعضاً، وفي كل مدينة شركة تكنولوجيا كبرى نشأت فيها ولديها مقرها الرئيس، فـ "أبل" مثلاً في مدينة "كوبيرتينو" بينما "فيسبوك" في مدينة "مينلو بارك". 

سميت المنطقة بوادي السيليكون بسبب وجود شركات التكنولوجيا فيها واستخدامها لمادة السيليكون في أجهزتها ورقاقاتها الإلكترونية Semiconductor، ومنذ السبعينيات بدأت الشركات بالنشوء في وادي السيليكون بعد أن لمع نجم شركة "آي بي إم" ثم "أبل" و"ميكروسوفت" و"أوراكل" لاحقاً، لكن قبل ذلك لفتت شركة "ناسا" التي نشأت في المنطقة الأنظار إلى الوادي مع وصولها إلى القمر نهاية الستينيات.

الجامعات الكبرى

ولعبت الجامعات الكبرى دوراً رئيساً أيضاً في جعل "وادي السيليكون" منطقة مهمة لجذب المتفوقين والمبدعين، ففي المنطقة توجد "جامعة ستانفورد" التي تصنف الثالثة عالمياً، وتتميز بتركيزها على إدارة الأعمال وتأسيس الشركات ومساعدة الطلاب في إيجاد ممولين لمشاريعهم الجامعية لتصبح شركات بعد تخرجهم. 

وبحكم موقعها قرب شركات التكنولوجيا، فإن طلاب "ستانفورد" لديهم فرص قوية للاطلاع على نماذج أعمال الشركات والعمل فيها وتقديم أفكارهم ومناقشتها،

وهناك "جامعة بيركلي" أيضاً التي تقع على مقربة من وادي السيليكون وسان فرانسيسكو، وتصنف ضمن المراتب الأولى عالمياً وتركز على تخصصات الهندسة الإلكترونية والإبداع والأعمال التكنولوجية.

شركات المخاطرة

وهناك أمر مهم آخر يعطي وادي السيليكون هذا الزخم في تأسيس الشركات التكنولوجية الناشئة، إذ توجد في المنطقة رؤوس الأموال المستعدة للمخاطرة في الأفكار، إن كانت على شاكلة أبحاث علمية تحتاج إلى أن تتحول إلى شركات قائمة بذاتها، أو على شاكلة شركات صغيرة أنشأها مبادرون.

وفي المنطقة نحو 120 شركة رأسمال جريء لديها نحو 250 مليار دولار متحفزة للأفكار والمبادرات.

المراهنة على النجاح

وتراهن هذه الشركات على المشاريع الناشئة وتخاطر إلى أبعد الحدود فيها لإنجاحها، إذ تمولها لسنوات طويلة من دون عائد، وتفترض أن واحدة من الأفكار ستنجح وتعيد الأموال المستثمرة بأضعاف مضاعفة.

والشركات المخاطرة مستعدة للخسارة في أكثر من مشروع على أن يبتسم لها الحظ في واحد لتعوض خسائر البقية.

وتسمى هذه الشركات غالباً بشركات النمو، إذ تحتاج سنوات من الضخ المالي لمواصلة نموها ولا يوجد لديها توزيعات نقدية، وفي أحيان كثيرة تخسر خلال السنوات الخمس إلى العشر الأولى حتى تصل إلى مرحلة تخلق القيمة بشكل دائم والأرباح التي يمكن توزيعها على المساهمين.

الشركات المليارية

وغالباً ما تصبح الشركات الناشئة التي تنجح "يونيكورن" أو مليارية، إذ تتخطى قيمتها السوقية المليار دولار، ومن النماذج على ذلك شركة "زووم" التي بدأت نشاطها كشركة ناشئة عام 2011 وأصبحت قيمتها مليار دولار عام 2017.

وقدرت دراسة أجريت في "جامعة ستانفورد" أن رواد الأعمال الذين انطلقوا من مشاريع بحثية في الجامعة ثم تحولت إلى شركات لاحقاً، تمكنوا من تحقيق عائدات بلغت 2.7 تريليون دولار سنوياً وخلقوا 5.4 مليون وظيفة.

الأكثر ثراء

وبفضل هذه الشركات والثروات المجمعة في منطقة واحدة يعتبر وادي السيليكون واحداً من أكثر المناطق ثراء في العالم. وبحسب "فوربس" فهناك 365 ملياردير من أثرياء التكنولوجيا في المنطقة لديهم ثروات لا تقل عن 2.5 تريليون دولار،

كما أن متوسط دخل الموظفين في المنطقة هو الأعلى في أميركا، إذ يتجاوز المتوسط 140 ألف دولار سنوياً، أي نحو ضعف متوسط الدخل في الولايات المتحدة.

وبسبب هذا الواقع تشهد العقارات في المنطقة أسعاراً خيالية، إذ هناك قدرة على دفع المبالغ للبيوت الفاخرة، بينما تواجه الطبقة العاملة فيها أزمة في إيجاد مسكن للإيجار بسبب الإيجارات الباهظة، وهي إحدى مساوئ المنطقة.

البيئة الجاذبة 

لكن على رغم ذلك تظل المنطقة جاذبة للمبدعين والحالمين والمغامرين من المبادرين الشباب، وهناك أمر مهم يجذب الجميع إلى وادي السيليكون وهو كاليفورنيا، الولاية الأميركية الأكبر التي تقع في الجانب الغربي من أميركا وتعتبر الأغنى بين الولايات.

وإضافة الى كون الدخل أعلى في الولاية، تتميز بقوانينها الداعمة لحقوق العمال على اختلافاتهم العرقية والدينية واللونية والجنسية كافة، لذلك يجد الموظفون والعمال فيها قبولاً وحماية قانونية، وهذا عنصر جاذب للتوجه غرباً، ويضاف إلى ذلك كله الطبيعة الساحرة في كاليفورنيا ومنطقة وادي السيليكون وسان فرانسيسكو، حيث شواطئ المحيط الهادئ ومزارع كاليفورنيا الخضراء والجبال والجو المعتدل نسبياً على مدى العام.