Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأدب الأمازيغي المغربي يعاني حالا من الإهمال والعزلة

روايات وقصائد وقصص مكتوبة باللغة الأصلية والفرنسية تمثل واقعاً إبداعياً متقدماً

أمازيغيون يتظاهرون مطالبين بحقوقهم (اندبندنت عربية)

ملخص

#روايات وقصائد و#قصص مكتوبة باللغة الأصلية والفرنسية تمثل واقعاً إبداعياً متقدماً

مد وجز يؤرجحان حركة الأدب المكتوب باللغة الأمازيغية في المغرب، سواء بحرف "تيفيناغ" أو باللغة الفرنسية، بين إخفاق وضعف إنتاج تارة، وإشعاع وحضور تارة أخرى، لتترسخ في الوقت الراهن حركية لافتة لهذا الأدب سواء كان رواية أو شعراً أو حكاية أو حتى قصة.

وأغنى عدد من الأدباء في الآونة الأخيرة المكتبة المغربية بإصدارات مكتوبة بالأمازيغية في أجناس أدبية مختلفة، إبداعاً ونقداً وتنظيراً أيضاً، غير أن هذه الحركية والنشاط الأدبي الأمازيغي لا يزالان يجدان أمامهما إكراهات عديدة، أبرزها ضعف المواكبة الإعلامية لهذه الإصدارات، ومحدودية المواكبة النقدية من طرف النقاد والباحثين لما هو أدب أمازيغي.

إصدارات أمازيغية

وانتعشت خلال الأشهر الأخيرة حركية الأدب المكتوب بالأمازيغية في المغرب من خلال إصدارات في الرواية والشعر، فالشاعر الأمازيغي موحى بن ساين جرب كتابة الرواية فأصدر باكورته "IRI W BURZ" (إيري وبورز) التي دبجها بالحرف اللاتيني.

الأديب الأمازيغي ابن ساين حاول في روايته الجديدة المزج بين الخيال والواقع من خلال قصة البطل "إيري" الذي يعني "الكنز"، في إشارة إلى ما قدمه لقبيلته من كنوز التنوير بعد أن كانت مكبلة بقيود التخلف. دخل الشاعر الأمازيغي حميد طالبي إلى "العيادة الأدبية" ليقوم بإجهاض الضمير بقرضه ديواناً شعرياً عام 2018 اختار له عنوان tawngimt ismmzdan وتعني بالعربية "إجهاض ضمير" مكتوباً بحرف تيفيناغ مقروناً بالحرف اللاتيني. الروائي مصطفى القضاوي أصدر حديثاً رواية باللغة الأمازيغية بعنوان "أوفوغ"، ومعناها "خروج"، وملخصها قصة خروج "حدو" من مدينة وهران الجزائرية إلى قرية في منطقة الريف شمال المغرب في أواخر سنوات الخمسينيات من القرن الـ20. وكتبت الأديبة الأمازيغية زهرة ديكر رواية "تناوت ن أوكلان"، ومعناها "قوس قزح"، وقبلها كتبت في أدب الطفل قصص "أسردغيول د ترﯕا"، و"يوفتن غ تاكانت نيسافارن" و"أزمومك ايميشكي" وغيرها، كما صدرت لمحمد أوسوس رواية تحت عنوان "إيناكوفن"، ولإبراهيم إعزا رواية "إ مان اس"، ومعناها "في أي يوم"، وآخرون أيضاً.

الرهان على الدستور

 

ولمقاربة سيرورة الأدب الأمازيغي الحديث، ألف باحثون وأكاديميون مغاربة كتباً تتطرق إلى هذا المسار، منها كتاب الباحث الحسن زهور الذي قسم مرحلة تدوين الأدب الأمازيغي، إلى ثلاث فترات زمنية، الأولى السبعينيات من القرن الـ20، وفيها كانت النشأة الأدبية الحديثة. وأما فترة الثمانينيات من القرن الماضي فقد اتسمت- بحسب زهور- بانطلاقة الإبداع في مجالات القصة والنقد والشعر والمسرح، بينما الفترة الثالثة هي التسعينيات التي عرفت نوعاً من ازدهار النقد والأدب الأمازيغي.

ويراهن الأدب الأمازيغي في المغرب على تعاطي الدولة مع المسألة الأمازيغية، خصوصاً أن الفصل الخامس من الوثيقة الدستورية تنص على أن "الأمازيغية أيضاً لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيداً مشتركاً لجميع المغاربة من دون استثناء". ووفق الدستور ذاته، فإن الدولة تحرص على صيانة اللهجة الحسانية، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة، وعلى حماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب، وتسهر على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية. وينص الدستور على تأسيس مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، مهمته حماية اللغتين العربية والأمازيغية وتنميتهما، وكذلك مختلف التعبيرات الثقافية المغربية باعتبارها تراثاً أصيلاً وإبداعاً معاصراً". غير أن هذا المجلس لم يتم إحداثه بعد إلى اليوم، فيما يراهن عليه جزء من الحركة الأمازيغية بشكل كبير.

مسارات واتجاهات

يعلق الأديب الأمازيغي حميد طالبي على مسار هذا الصنف من الإبداع في المغرب، بالقول إن الكتابة لم تشكل سمة جلية مميزة للأدب الأمازيغي لاعتبارات عدة، ولهذا شكلت الذاكرة الجمعية والتواتر الشفوي قلة حفظه وتصريف أشكاله النثرية (نصوص ميثولوجية، حكايات، أمثال، ألغاز...) والشعرية (أناشيد، مواويل، قصائد...). وتابع طالبي، في حديث مع "اندبندنت عربية"، أنه خلال العصر الوسيط وفي مناطق معينة، "ارتبطت الكتابة بتأليف نصوص دينية ومنظومات فقهية ومعاجم ذات مسعى تعليمي، وفي القرنين 19 و20، وبفضل عدد من الباحثين الأجانب والأمازيغ وبخاصة القبائليون، عرف تجميع المتن الأمازيغي وتصنيفه وتسجيله السمعي وتدوينه الكتابي حركية متميزة بخاصة في الجزائر والمغرب".

واستطرد المتحدث قائلاً إن هذه الطفرة وئدت إبان استقلال البلدين، ودخلت الكتابة بالأمازيغية والثقافة الأمازيغية مرحلة تحنيط وكتم أنفاس في ظل مناخ سياسي وأيديولوجي معين، فقد ظهرت في المغرب كتابات عصامية في القصة القصيرة والشعر والرواية حاولت تكسير الصمت المطبق، مثل كتابات حسن إد بلقاسم في 1988، والراحلين علي صدقي أزايكو في 1989، وعلي إيكن في 1994 ومحمد شاشا في 1995.

طفرة نوعية

 

ويرى طالبي أن مع تنامي الوعي الهوياتي بانخراط الشباب المتخرج في الجامعات، والانفراج المحتشم للحقوق المدنية والثقافية مع بداية الألفية الثالثة، عرف الأدب الأمازيغي طفرة نوعية من حيث الكم، مع تصدر الإنتاجات المكتوبة بلهجة "تاشلحييت" للمشهد، وعدد النسخ المطبوعة، والأجناس الإبداعية.

وقد استفرد الشعر والرواية بنصيب الأسد في الجنوب الشرقي للمغرب، والكتابات المسرحية والشعر في الريف، واتجه الجنوب المغربي نحو تشجيع كتابة القصة القصيرة والرواية والسيناريو والمسرح والتكوين في الكتابة، كخيار استراتيجي ونظرة نقدية للمشهد الأدبي لتنويع وظائف اللغة الأمازيغية.

 

ويقول طالبي، إن هناك انخراطاً للعنصر النسوي، وتنويعاً للتيمات مع هيمنة القضية الهوياتية، والترجمة إلى الأمازيغية ومنها، وتتويج بعض الكتابات بجوائز وطنية، وانكباب الطلبة على دراسته بالجامعات، ومراوحة خط الكتابة بين اللاتيني وتيفيناغ، والانتقال من التدوين إلى الإبداع، لكنه يعاني ثلم غياب الدعم، والنشر والتوزيع والمقروئية والنقد الموازي والترويج والاستمرارية.

أسباب عدم الرواج

ويشرح الروائي الأمازيغي موحى بن ساين، في حديث مع "اندبندنت عربية" أسباب عدم رواج الأدب الأمازيغي. ويقول إن هناك أسباباً موضوعية، مثل ضعف التعاطي مع القراءة والإقبال على الكتاب بصفة عامة، علاوة على غلاء الكتاب في المغرب وعدم توفر إرادة سياسية لتشجيع الثقافة بشكل عام والثقافة الأمازيغية بشكل خاص".

وسجل ابن ساين أن زحف الرقمنة ووسائط التكنولوجيا الحديثة قلص من هامش تداول الكتاب، والأسباب الذاتية تتمثل في ضعف المواكبة الإعلامية للإصدارات الأمازيغية للتعريف بها، وكذلك محدودية المواكبة النقدية من طرف النقاد والباحثين لما هو أدب أمازيغي، وعدم تعميم شعبة الدراسات الأمازيغية في الجامعات المغربية، وتسجيل إقبال الطلبة في أبحاثهم على اللسانيات الأمازيغية بشكل كبير عوض الأدب الأمازيغي، ثم عدم إدراج الكتاب الأمازيغي ضمن الجوائز التي تمنحها وزارة الثقافة للكتاب الأمازيغي إلا قبل ثلاث سنوات من الآن. واستدرك ابن ساين قائلاً "ما يقوم به المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية لا ينكره إلا جاحد، لكنه غير كاف بالنظر إلى الإمكانات التي يتوفر عليها، كما أن تعدد الحروف ضمن الاختيارات الممكنة للكتابة بالأمازيغية أثر بدوره على انتشار الكتاب الأمازيغ".

ويلاحظ الروائي الأمازيغي أن "هناك أيضاً معاناة الكاتب الأمازيغي مع الطبع والنشر والتوزيع بحيث يكون لزاماً عليه أن يسهر الليالي في الكتابة والإبداع ليخوض معركة لا تقل معاناة من الأولى فيكون الطبع والنشر من ماله الخاص، أما التوزيع فالحديث عنه حديث ذو شجون".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة