Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما الذي يجعل منشأ كورونا قضية سياسية بامتياز في أميركا؟

تقرير وزارة الطاقة يشجع الجمهوريين لاتهام إدارة بايدن بأنها ناعمة مع بكين

الاستخبارات الأميركية منقسمة في شأن رواية تسرب كورونا من مختبر صيني  (أ ف ب)

ملخص

توصلت #وزارة_الطاقة_الأميركية إلى أن أصل #وباء_كورونا نتج عن تسرب من مختبر في #الصين، فيما لا تزال #وكالات_الاستخبارات بالبلاد منقسمة في هذا الصدد

بعد استنتاج وزارة الطاقة الأميركية، أخيراً، بأن أصل وباء فيروس كورونا نتج عن تسرب من مختبر في الصين، لا تزال وكالات الاستخبارات الأميركية المختلفة منقسمة ولم يغير أي منها استنتاجاتها عقب الاطلاع على تقرير وزارة الطاقة، فلماذا يصعب الحصول على دليل قاطع حول منشأ الفيروس، وما السبب الذي يجعل نظرية تسرب كورونا من مختبر في الصين، قضية سياسية بامتياز في أميركا يبدو أنها ستستمر أشهراً أخرى مقبلة؟

نقاش سياسي مشحون

عاد النقاش المشحون سياسياً حول منشأ فيروس كورونا إلى صدارة المشهد في الولايات المتحدة من جديد، فقد أعطت النتائج التي توصلت إليها وزارة الطاقة الأميركية أن منشأ الفيروس نتج عن تسرب عرضي من مختبر في مدينة ووهان الصينية، دفعة لأعضاء مجلس النواب الجمهوريين الذين يحققون في أصول الوباء الذي أودى بحياة سبعة ملايين شخص حول العالم بينهم 1.1 مليون في الولايات المتحدة حتى الآن، وفقاً لبيانات منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي قدم ذخيرة جديدة لمن اتهموا الحكومة الفيدرالية منذ فترة طويلة بتضليل الجمهور في شأن "كوفيد-19"، مما قد يؤدي إلى زيادة عدم الثقة في شأن التهديد الذي لا يزال يشكله الفيروس.

ولأن نظرية تسرب الفيروس من المختبر لاقت رواجاً بين الجمهوريين منذ ربيع عام 2020 بعد أن ألقى الرئيس دونالد ترمب اللوم على الصين في تفشي الوباء، بينما لم يقتنع عديد من الديمقراطيين بهذه الفرضية، يحرص الجمهوريون في الكونغرس الآن على استخدام تقارير وزارة الطاقة التي نشرتها للمرة الأولى صحيفة "وول ستريت جورنال"، في انتقاد الحزب الشيوعي الصيني الحاكم وتصوير سياسة إدارة الرئيس جو بايدن بأنها ناعمة تجاه بكين، ما سيمنح حياة جديدة للتشريعات التي توقفت العام الماضي بما في ذلك مشاريع قوانين رفع السرية عن المعلومات الاستخباراتية حول الوباء، وتشكيل لجنة غير حزبية على غرار لجنة 11 سبتمبر (أيلول) لدراسة بدايات الفيروس، وتقييد مشاركة البيانات مع العلماء الصينيين.

تصعيد جمهوري وتشكيك ديمقراطي

وفيما دعا عديد من أعضاء الكونغرس الجمهوريين البيت الأبيض إلى عقد إحاطات سرية حول ما يعرفون عن أصول "كوفيد-19"، على أمل استخدام التقييم الأخير كزخم للعقوبات وقيود الاستثمار على ثاني أكبر اقتصاد في العالم، عبر آخرون لصحيفة "بوليتيكو" عن أملهم في وضع استراتيجية مشتركة تربط بين الصين و"كوفيد" وتتضمن مهام لتقصي الحقائق وسياسات جديدة لمواجهة التهديدات في الولايات المتحدة وخارجها.

 كما دعا النائب الجمهوري داريل عيسى إلى فرض قيود على المعلومات التي تشاركها الجامعات الأميركية مع الصين، في حين طالب النائب الجمهوري ريتش ماكورميك بزيادة مراقبة الطلاب الصينيين وباحثي العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات الذين يعملون في الولايات المتحدة.

في المقابل، حاول البيت الأبيض التخفيف من شأن تقرير وزارة الطاقة والتشكيك فيه، حيث امتنع المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي والسكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارين جان بيير، عن رفض أو تأكيد التقييم الذي توصلت إليه وزارة الطاقة، على اعتبار أنه لا يوجد إجماع في الحكومة الأميركية حول كيفية نشأة "كوفيد-19" وانقسام أجهزة الاستخبارات الأميركية حول الموضوع، فضلاً عن أن تقرير وزارة الطاقة اعتمد على معلومات استخباراتية ذات مستوى ثقة منخفضة.  

ومع ذلك، من المرجح أن يفتح أصل فيروس "كوفيد-19" شهية الجمهوريين لمزيد من التحقيقات والنقاشات حول هذه القضية خلال الأشهر المقبلة، بخاصة أن عديداً من الخبراء يشيرون إلى أن فهم سبب أزمة الصحة العامة التي أودت بحياة الملايين يمكن أن يساعد الباحثين على فهم كيفية منع حدوث الأزمة التالية.

الحروب الأميركية
هجمات 11 سبتمبر 2001، دفعت الولايات المتحدة الأميركية إلى شنّ حربها العالمية على الإرهاب. فاستهدفت أولاً أفغانستان لضرب تنظيم "القاعدة" المحمي بحركة "طالبان"، ثم ما لبثت أن وجّهت جيشها الجرار باتجاه العراق، حيث قضت على نظام صدام حسين.
Enter
keywords

 

هل يوجد دليل قاطع؟

غير أن صعوبة الوصول إلى دليل قاطع حول منشأ "كوفيد-19"، تظل العقبة الرئيسة أمام الانتقال إلى الخطوة التالية في العلاقة مع الصين التي رفضت عام 2021 التعاون مع جهود منظمة الصحة العالمية لدراسة احتمال تسرب الفيروس من مختبر في مدينة ووهان التي تقع على بعد 500 ميل (820 كم) غرب شنغهاي، وتعد موطناً لمعهد ووهان لعلم الفيروسات ومعهد ووهان للمنتجات البيولوجية.

وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز"، حاول العلماء ووكالات التجسس الأميركية تحديد مصدر فيروس كورونا، لكن كان من الصعب الحصول على دليل قاطع، بينما تنقسم وكالات الاستخبارات بالبلاد في تحليلها ولم يغير أي منها استنتاجاتها بعد الاطلاع على نتائج وزارة الطاقة، كما أن العلماء ينقسمون أيضاً في استنتاجاتهم.

يقول العلماء الذين درسوا جينات الفيروس والأنماط التي ينتشر بها، إن السبب الأكثر ترجيحاً هو أن الفيروس انتقل من الثدييات الحية إلى البشر في سوق هوانان للمأكولات البحرية في ووهان التي ظهرت فيها الحالات الأولى لـ"كوفيد-19" أواخر عام 2019، وهي ظاهرة علمية تعرف باسم "الانتشار الحيواني".

لكن علماء آخرين يقولون، إن هناك أدلة، وإن كانت ظرفية، على أن الفيروس جاء من مختبر، ربما من معهد ووهان لعلم الفيروسات، الذي لديه خبرة عميقة في البحث عن فيروسات كورونا، بخاصة أن حوادث المختبر ليست غريبة، ففي عام 2014، وقعت حوادث تشمل إنفلونزا الطيور والجمرة الخبيثة، ما دفع مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية الأميركية إلى التشديد من ممارسات السلامة البيولوجية.

لماذا يصعب حل اللغز؟

غير أن الصين ضاعفت من صعوبة حل اللغز وراء منشأ الوباء، بجعل جمع الأدلة أمراً شديد الصعوبة، ذلك أنه عندما وصل الباحثون الصينيون لجمع عينات من سوق هوانان، كانت الشرطة أغلقت السوق وطهرتها لأن عدداً من الأشخاص المرتبطين به أصيبوا بما تم التعرف عليه لاحقاً على أنه "كوفيد"، ولم تترك أي حيوانات حية في السوق يمكن اختبارها معملياً.

كما يعتقد بعض العلماء أن الصين قدمت صورة غير كاملة لحالات "كوفيد" المبكرة، وهم قلقون من أن التوجيهات الصادرة إلى المستشفيات في وقت مبكر من تفشي المرض للإبلاغ عن الأمراض المرتبطة بالسوق على وجه التحديد، قد دفع الأطباء إلى التغاضي عن حالات أخرى ليس لها مثل هذه الروابط بالسوق، مما يخلق تحيزاً بحثياً في التعرف على كيفية انتشار المرض.

ماذا فعل العلماء للتحقيق؟

 حاول الخبراء العمل لسد الثغرات الموجودة في البيانات، حيث فحص العلماء حالات المرضى الذين تم نقلهم إلى المستشفى قبل مطالبة الأطباء للبحث فقط في الحالات المرتبطة بالسوق، كما حددوا مواقع حالات "كوفيد-19" المبكرة في ووهان بما في ذلك الأشخاص الذين كانوا مرتبطين في البداية بالسوق أو كانوا غير مرتبطين به، ووجدوا علامات على أن الفيروس بدأ في الانتشار انطلاقاً من السوق، كما درس هؤلاء العلماء خرائط للمكان الذي وجد فيه الباحثون الفيروس في سوق هوانان، بما في ذلك الجدران والأرضيات والأسطح الأخرى، ووجدوا أن تلك العينات متجمعة في منطقة من السوق تباع فيها الحيوانات الحية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال بعض العلماء، إن التحليلات الجينية المنفصلة عن المراحل المبكرة جداً من الوباء تشير إلى أن الفيروس انتقل إلى الأشخاص الذين يعملون أو يتسوقون في السوق في مناسبتين منفصلتين، لكن علماء آخرين جادلوا في أن هذه الدراسات قد لا تشير بالضرورة إلى منشأ السوق بثقة كبيرة، على اعتبار أن الدليل على انتشارين منفصلين في السوق، يمكن أن يكون دليلاً على تطور الفيروس أثناء انتشاره من شخص لآخر وليس من حيوانات لأشخاص، وجادل آخرون أيضاً بأنه على رغم كل الاهتمام الذي يتم توجيهه إلى معهد ووهان لعلم الفيروسات، لم يتم توجيه ما يكفي من الجهد إلى موقع بحث مختلف في المدينة، وهو مركز ووهان للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، الذي يعد أقرب بكثير إلى سوق هوانان.

لماذا يشك البعض في تسرب المختبر؟

في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، نشر الجمهوريون في لجنة الصحة بمجلس الشيوخ تقريراً حول أصول الوباء، جادل بأنه كان على الأرجح نتيجة حادثة متعلقة بالبحوث، وسلط التقرير الضوء على ما وصفه مؤلفوه بالثغرات في نظرية الأصول الطبيعية، إضافة إلى مشكلات السلامة الحيوية المستمرة في معهد ووهان لعلم الفيروسات، لكن التقرير اعتمد إلى حد كبير على الأدلة العامة المتوفرة، بدلاً من المعلومات الجديدة أو السرية، ولم يقدم دليلاً لإثبات أن معهد ووهان خزن أي فيروس في مجموعاته، بما يمكن أن يصبح مسبباً لـ"كوفيد-19"، مع أو من دون تدخل علمي.

وقال التقرير، إن فرضية التسرب في المختبر تعززت من خلال عدم وجود أي دليل منشور على أن فيروس سارس، وهو الفيروس المسبب لـ"كوفيد-19"، كان ينتشر في الحيوانات قبل الوباء، وأن عينات الفيروس التي جُمعت من الثلاجات ومن الأسطح الأخرى في سوق هوانان كانت متشابهة وراثياً مع العينات البشرية، مما يشير إلى أن الفيروس مصدره البشر وليس الحيوانات، ومع ذلك يشير بعض الخبراء إلى أن عدم القدرة على العثور على حيوان مصاب لا يثبت شيئاً، لأن الصين أغلقت السوق وقتلت جميع الحيوانات الموجودة به قبل أن يتم اختبارها.

لكن في عام 2018، أي قبل تفشي الوباء، سعى معهد ووهان وتحالف إيكوهيلث، وهي مجموعة بحثية ذات تمويل أميركي عادة للحصول على تمويل من وزارة الدفاع لجمع فيروسات كورونا وتجربتها بسمات جديدة تجعلها قابلة للانتقال بشكل كبير بين البشر، لكن تمويل البنتاغون لم يحدث أبداً وفقاً لما نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" ووسائل إعلام أميركية أخرى.

غير أن تقرير الجمهوريين أشار إلى هذا الاقتراح بأن الفيروس المسبب لـ"كوفيد-19" له سمات مشابهة لما كان يسعى إليه الباحثون، وأقنع هذا بعض العلماء بأن التسرب من المختبر كان محتملاً مع إمكانية إصابة أحد الباحثين، ونقله الفيروس بعد ذلك إلى خارج المختبر، لكن المسؤولين في المعاهد الأميركية الوطنية للصحة نفوا مراراً أن تكون الفيروسات التي تتم دراستها بدولارات دافعي الضرائب الأميركيين تحمل أي تشابه جيني مع الفيروس الذي يسبب "كوفيد-19"، وإن كان هذا لا يعني براءة معهد ووهان من التهمة حيث أقر القائم بأعمال مدير المعهد الوطني للصحة الطبيب لورنس تاباك، خلال جلسة استماع للكونغرس، أخيراً، أنه لا يعرف الأعمال الأخرى التي يقوم بها معهد ووهان.

ماذا تقول الاستخبارات الأميركية؟

في مايو (أيار) عام 2021، وبعد عدة أشهر من توليه منصبه، أمر الرئيس بايدن وكالات الاستخبارات الأميركية بإجراء تحقيق لمدة 90 يوماً حول سبب الوباء، وأُصدرت نتائج هذه المراجعة في أغسطس 2021 حيث انقسمت النتائج بين نظرية الأصول الطبيعية ونظرية التسرب في المختبر، فقد خلص مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى "ثقة متوسطة" بأن الفيروس ظهر مصادفة في المختبر، مثلما استنتجت وزارة الطاقة في تقريرها الجديد إلى "ثقة منخفضة" بأنه كان تسريباً معملياً عرضياً، وهو تقرير استند إلى معلومات استخباراتية غير متاحة للجمهور.

في المقابل خلصت أربع وكالات استخبارات أخرى ومجلس الاستخبارات الوطني، بثقة منخفضة، إلى أن الفيروس ظهر على الأرجح من خلال الانتقال الطبيعي، بينما لم تتخذ وكالة الاستخبارات المركزية موقفاً ولا تزال مترددة.

ماذا يفعل الكونغرس؟

كان الجمهوريون في مجلس النواب يحاولون التحقيق في أصول الوباء وجمع الأدلة التي قد تلقي الضوء على سبب حدوثه، بما في ذلك ما إذا كانت الصين أخفت الحقائق حول تفشي المرض الأولي، وما الأبحاث التي ربما تكون أموال الضرائب الأميركية قد مولتها في ووهان.

الآن بعد أن أصبح الجمهوريون مسؤولين عن مجلس النواب، فإن هذا العمل الاستقصائي يتصاعد في عديد من اللجان، بما في ذلك لجنة الاستخبارات ولجنة الطاقة والتجارة واللجنة الفرعية المختارة في شأن جائحة فيروس كورونا، بينما ينتظر أن تعقد اللجنة الفرعية أول جلسة استماع لها في شأن مسألة منشأ الفيروس في الثامن من مارس الحالي.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات