ملخص
الحكم القضائي في قضية تفجير #مرفأ_بيروت ضد الشركة التي نقلت شحنة #نيترات_الأمونيوم إلى #لبنان
في سابقة هي الأولى منذ انفجار مرفأ بيروت، صدر حكم قضائي من محكمة بريطانية ضد شركة SAVARO أمس الخميس، بمسؤوليتها المدنية في الانفجار، مما يحلحل معه الجمود القضائي المحلي، ويشير إلى أول متهم فعلي في هذه القضية، ويشكل بارقة أمل لأهالي الضحايا الذين رأوا فيه بداية للوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة.
وأعلن مكتب الادعاء في نقابة المحامين، الذي تولى متابعة هذه القضية، صدور أول حكم قضائي خارج لبنان في قضية تفجير مرفأ بيروت ضد الشركة التي نقلت شحنة نيترات الأمونيوم إلى لبنان. وقال في بيان "أصدرت محكمة العدل العليا البريطانية حكماً لصالح الضحايا الذين يمثلهم مكتب الادعاء ضد الشركة البريطانية SAVARO Ltd، بعد أن تمكن المكتب من وقف عملية التصفية التي أطلقتها في أوائل عام 2021 للتنصل من مسؤوليتها".
وأصدرت المحكمة العليا البريطانية حكماً بمسؤولية الشركة تجاه الضحايا الممثلين في هذه الدعوى، على أن يلي ذلك في يونيو (حزيران) المقبل، وفق ما كشف عنه المحامي كميل أبو سليمان لـ"اندبندنت عربية"، المرحلة الثانية التي ستحدد فيها المحكمة قيمة التعويض المستحق للضحايا.
معلومات جديدة
وعن أهمية الحكم يقول أبو سليمان إن "أهميته تكمن في أنه أول حكم يصدر في تفجير المرفأ، ويشير إلى جهة معينة مسؤولة، وقد يكون بداية للوصول إلى محاكمة كل شخص لديه مسؤولية مباشرة أو غير مباشرة عن هذه الكارثة".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأضاف أنه توصل إلى معلومات جديدة ووثائق لم تكن معروفة، استعان بها في مسار المحاكمة وهي قد تفيد التحقيق المحلي أو الخارجي إن حصل، مؤكداً أن هذه المعلومات ستسلم إلى الجهات المتخصصة بملف التحقيقات الخاصة بالانفجار.
وأشار أبو سليمان إلى أن الحكم صادر بحسب القانون اللبناني، بحيث اعتبرت المحكمة البريطانية أن الجريمة حصلت على الأراضي اللبنانية، وهو ما يعتبره سابقة، بحيث بات مسجلاً بالقانون اللبناني اعتراف واضح بحق الضحايا، ومن شأن ذلك أن ينسحب على كل المتضررين من الانفجار، وسيشكل رافعة إضافية لكل الدعاوى المقامة في الخارج، ومنها واحدة مقدمة في الولايات المتحدة الأميركية من أحد المتضررين، تواصلوا معه للتنسيق والمساعدة.
بارقة أمل
أغلبية الذين قدموا الدعوى ضد شركة SAVARO أمام المحكمة العليا البريطانية هم من أهالي الضحايا العشرة من فوج إطفاء بيروت، ومن بينهم عائلة رالف ملاحي. يقول شقيقه ديفيد إن الحكم أعاد لهم الروح، لكن فرحته لن تكتمل كما يقول إلا بعد أن "يستكمل القضاء اللبناني التحقيق ويصدر القرار النهائي". مضيفاً "أمنيتي في كل لحظة منذ ثلاث سنوات، أن نتمكن من معرفة من قتل إخوتنا ومحاكمته".
ويشكل الحكم البريطاني عاملاً مهماً في قضية انفجار العصر، لكن يبقى بحسب مصدر قضائي العامل الأهم هو العقوبة المترتبة عليه، ومن ثم تحديد مسؤولية الأشخاص أو الجهة التي أحضرت شحنة نترات الأمونيوم إلى لبنان ومن تولى حمايتها في العنبر رقم 12 في مرفأ بيروت.
يقول المحامي جيلبير أبي عبود، وهو أحد وكلاء أهالي ضحايا التفجير، إن شكوكاً كثيرة برزت حول شركة SAVARO عندما حاولت عام 2021 اللجوء إلى عملية تصفية للتهرب من مسؤوليتها، لافتاً إلى أن هوية أصحاب الشركة الفعليين وشركائها الأصليين غير معروفين، وأن البحث جار بدقة لكشفهم، بعد أن تبين أن الشركة مسجلة في السجل التجاري البريطاني بأسماء وهمية.
ويوضح أبي عبود أن الشركات تلجأ إلى هذه الطريقة إما للتهرب من الضرائب أو لتبييض أموال، أو لأن مجال عملها هو الممنوعات ومنها المواد المتفجرة، منوهاً بأن الكشف عن هوية أصحاب الشركة الفعليين من شأنه أن يزيل النقاب عن الجهة الحقيقية التي أرسلت النترات إلى بيروت ولمصلحة من، وهل كان المستفيد النظام السوري بتسهيل من حزب الله.
ويؤكد المحامي أبي عبود أن المحاكمة في بريطانيا توصلت إلى معلومات جديدة، معتبراً أن الشكوك وحدها لا تكفي بل يجب أن تقرن بالوقائع والأدلة، وأن الحكم البريطاني سيكون مادة أساسية لاستعمالها أمام القضاء اللبناني أو لدى لجنة تقصي الحقائق الدولية إذا نجحت المساعي المستمرة لتشكيلها، وأنه أي الحكم كسر جمود التحقيقات في لبنان، ويمكن أن يؤسس لمرحلة جديدة.
التحقيقات معلقة في بيروت
وإذا كان أول حكم في قضية تفجير مرفأ بيروت قد صدر من بريطانيا، فإن الحكم في لبنان لا يزال بعيد المنال، خصوصاً أن التحقيقات لا تزال معطلة منذ ديسمبر (كانون الأول) 2021. وتعقدت الأمور مجدداً بفعل التطورات الأخيرة التي شهدها الملف على أثر استئناف قاضي التحقيق الأول طارق البيطار تحقيقاته مستنداً إلى اجتهاد قانوني يسمح له باستكمال التحقيق من دون التأثر بدعاوى طلب الرد المقدمة ضده التي عطلت عمله.
ووجه البيطار بدعوى مضادة بجرم اغتصاب السلطة أقامها ضده المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي رفض تنفيذ الادعاءات الجديدة التي أصدرها البيطار وشملته، وأطلق في المقابل سراح كل الموقوفين، على رغم كونه متنحياً عن القضية بسبب صلة القربى بأحد المتهمين.
وأمام هذه التطورات وبعد أن اضطر القاضي البيطار إلى تأجيل جلسات الاستجواب لبعض المتهمين من دون تحديد موعد جديد، عاد الملف مجدداً إلى الثلاجة بانتظار البت بمصير الدعوى التي قدمها القاضي غسان عويدات بحق البيطار بجرم انتحال صفة. وتحريك القضية يتطلب أن يعين رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود قاضي تحقيق يكلف بالتحقيق مع البيطار.
وكشف مصدر قضائي عن أن أي قاض سيعين سيحكم لصالح البيطار على اعتبار أنه لم ينتحل صفة، بل هو معين من مجلس القضاء الأعلى، لكن الأمور بحسب المصدر لا تقف عند هذا الحد، فمع تعيين قاضي تحقيق يفترض أيضاً بمجلس القضاء الأعلى أن يشكل هيئة اتهامية يعود لها البت بمدى صوابية قرار قاضي التحقيق بعد إنهاء مهمته مع البيطار، ومن ثم فإن احتمالية نسف قراره ستكون قائمة، بالتالي تثبيت التهمة الموجهة ضده بانتحال صفة، مما يعني تحويله إلى المساءلة أو المحاكمة.
يستخلص المصدر من كل ذلك أن التحقيقات في انفجار مرفأ بيروت مستعصية، وأن الملف سيبقى معلقاً إلى أمد طويل، وربما لحين بلوغ الحل للأزمة السياسية وانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة ومجلس قضاء أعلى جديد.