Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تسونامي قضائي في لبنان آخر فصوله الادعاء على حاكم المصرف المركزي

ادعاءات القاضية عون تهدد عمليات التحويل من الخارج بحسب معارضي قراراتها

متظاهر يرتدي قناع "بانديتا" يقف أمام مصرف لبنان المركزي في بيروت (غيتي)

ملخص

تصعيد قضائي في #لبنان حيث اتهم #مدعي_ عام_ بيروت حاكم مصرف لبنان #رياض_سلامة بجرائم تبييض واختلاس أموال وتهرب ضريبي وتزوير، سبقه دعاوى بحق مصرفي #عودة و #سوسيتيه_جنرال

ادعى النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة وشقيقه رجا ومساعدته ماريان حويك، وكل من يظهره التحقيق فاعلاً أو مشتركاً أو محرضاً أو متدخلاً، بجرائم تبييض واختلاس أموال وتهرب ضريبي وتزوير.

وعيّنت محكمة الاستئناف في بيروت المحامي العام الاستئنافي القاضي رجا حاموش للنظر في ملف حاكم مصرف لبنان، وذلك بعد قرار ردّ النائب العام الاستئنافي في بيروت القاضي زياد أبو حيدر بناءً لدعوى سلامة بوجهه.

ويشهد لبنان كباشاً على صعد مختلفة يختلط فيه القضاء بالمواقف السياسية. ويشكل سلامة محور هذا الكباش بعد الحملات السياسية عليه خصوصاً من طرف أنصار الرئيس السابق ميشال عون، الذي سعى إلى إزاحته عن منصبه مرات عدة. ولكن المؤيدين لسلامة يذكِّرون بأن الرئيس عون ووزراءه أيدوا التمديد لسلامة من دون تحفظ. سلامة الذي يشغل منصبه منذ أكثر من ثلاثين سنة، يؤخذ عليه أيضاً أنه جارى القوى السياسية في سياساتها المالية التي أوصلت لبنان إلى الحضيض الاقتصادي الحالي، أما رده فهو أن كل السياسات المالية حصلت بقرارات من الحكومة ومن مجلس النواب وتالياً لم يكن باستطاعته وقفها.

وفي سياق فصول المعارك القضائية المصرفية ادعت القاضية غادة عون على سبعة مصارف، تطالبهم برفع السريّة عن حسابات رؤساء مجالس إداراتها وأعضائها ومساهمين. وأصدرت قراراً بالادّعاء على مصرفي "سوسيتيه جنرال" و"عودة"، بجرم تبييض الأموال، بعد تمنّع هذين المصرفين التعاون مع إجراءاتها.

وفي هذا الإطار يوضح مصدر مسؤول في الـ "سوسيتيه جنرال"، أن عون باتت تستسهل توزيع تهم تبيض الأموال والإثراء غير المشروع وتهريب الأموال، على من تريد ترهيبهم وإخضاعهم، كاشفاً أن المصرف ورئيس مجلس إدارته أنطون الصحناوي تحت سقف القانون، إنما قرار جمعية المصارف هو عدم الخضوع لجهات سياسية تستخدم القانون تعسفاً من أجل تنفيذ أجندات سياسية مشبوهة.

ولفت إلى أن ما تقوم به عون يسبب ضرراً معنوياً ومادياً للمصارف اللبنانية التجارية أمام الرأي العام العالمي، ويؤدي إلى فرض حصار مالي على لبنان، مستغرباً مسيرة القاضية عون التي لم تدعِّ أو تستدعي يوماً أي شخص ينتمي لـ"التيار الوطني الحر" أو من رجال الأعمال المحسوبين على الرئيس السابق ميشال عون وصهره جبران باسيل، في وقت فرضت الخزانة الأميركية على باسيل وبعض مقربيه عقوبات بسبب ملفات فساد وتبيض أموال وإثراء غير طبيعي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب المعلومات فإن التسوية المطلوبة هي حصر الدعاوى القضائية المرتبطة بالمصارف أمام المدعي العام المالي علي إبراهيم، أو المحكمة المصرفية الخاصة، إضافة إلى اتباع الأصول القانونية لملاحقة رؤساء مجالس إدارة المصارف.

ووفق المعلومات تسعى جمعية المصارف لفك الإضراب قبل نهاية الشهر الحالي، بهدف تجنب أزمة تحويل الرواتب للموظفين، إذ يتوقع صدور تعميم قضائي من النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، ينظّم من خلاله آلية الادعاء على المصارف والأطر القانونية لملاحقتها، كذلك إعلان عدم أهلية القاضية غادة عون والتي سبق وأصدر عويدات تعميماً بكفّ يدها، إلّا أنها لم تمتثل.

"أنا مسؤول"

وفي دخول على خط معالجة الأزمة المصرفية – القضائية، طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بكتابٍ إلى وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي، الإيعاز للأجهزة الأمنية المختصة بعدم تنفيذ القرارات الصادرة عن القاضية غادة عون، واتخاذ ما يلزم من تدابير وإجراءات تجيزها القوانين والأنظمة المرعية الإجراء في سبيل تطبيق أحكام القانون والمنع من تجاوزه والمحافظة على حسن سير العدالة.

ورداً على سؤال عن سعيه مع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات لوقف إضراب المصارف، قال ميقاتي "أنا مسؤول عن الانتظام العام في البلد، وحتماً القطاع المصرفي، هو قطاعٌ مهمٌّ ومنشط ولا اقتصاد يبنى بلا مصارف، وبعد كل الإضراب الحاصل، نعم أسعى بالاتصالات مع جمعية المصارف لمعرفة أين أصبحت في القضاء وأعطي التوجيه اللازم، واقتربت الأمور من الحلّ".

مناشدة أوروبية

ورداً على ميقاتي ناشدت القاضية غادة عون عبر حسابها على "تويتر" باللغة الفرنسية، الهيئات الدولية في البرلمان الأوروبي، وقالت "السيد ميقاتي يتدخل بشكل فاضح في العدالة من أجل وقف التحقيقات التي أجريها في قضية البنوك وغسيل الأموال دفاعاً عن سيادة القانون ساعدونا".

كذلك، أكد وزير العدل هنري الخوري، في بيان، تمسّكه باستقلالية القضاء وبمبدأ فصل السلطات وبعدم التدخل في عمله، وحرصه المطلق على مكانة القضاء وحقوق المتقاضين.

كما اعتبر نادي قضاة لبنان، في بيان، أن ما حصل تدخل سافر يشكل خطيئة كبرى، وسابقة خطيرة تجافي أبسط المبادئ القانونية، وينبغي الرجوع عنها فوراً من دون إبطاء، داعياً المراجع القضائية ووزير العدل إلى التصدي لهذا الاعتداء السافر، مع احتفاظه لنفسه بحق اتخاذ أي موقف إضافي تصعيدي عند الاقتضاء.

بدوره، أصدر مجلس القضاء الأعلى بياناً تعقيباً على القرارين الصادرين عن رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية قال فيه "عملاً بمبدأَي فصل السلطات واستقلالية السلطة القضائية المكرسين دستوراً وقانوناً، وتأسيساً عليهما، يدعو مجلس القضاء الأعلى السيد رئيس مجلس الوزراء والسيد وزير الداخلية والبلديات للرجوع عن القرارين المذكورين أعلاه اللذين يمسان بهذين المبدأين، ويؤكد أنه يعمل على تأمين شروط إنتظام العمل القضائي وحسن سير العدالة، وذلك وفقاً للأصول والأحكام القانونية المرعية الإجراء، والمصلحة العامة والمصلحة العليا للدولة".

فشل "الفتاوى"

ورداً على المطالبات بتنحيتها وكف يدها عن ملفات المصارف، أكد مصدر قضائي على صلة بالقاضية غادة عون، أن عملها قانوني وخيارات عزلها عن تلك الملفات هي تدخل في عمل القضاء، مؤكداً أنه لا إمكان للمدّعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات تنحية القاضية عون.

ولفت إلى أنه وبعد فشلهم بعزلها عبر "الفتاوى" القانونية، لجأت المصارف عبر رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى الالتفاف عليها عبر الاستعانة بالأجهزة الأمنية والطلب منها عدم التجاوب مع استدعاءاتها، مقابل تعهدهم بفك الإضراب مقابل ضمانات قانونية وأمنية.

وكانت القاضية عون أكدت في تصريح، أن إقدامها على رفع الدعوى أتى بعد تحديد مهلة أخيرة للمصارف غير المتعاونة والتي تمتنع عن تقديم الداتا المطلوبة في التحقيق حول استفادة مجموعة من المصارف من قروض بواسطة مصرف لبنان عام 2019، أي عند بدء الأزمة، بقيمة 9 مليارات دولار. وأيضاً حول طريقة تبديد هذه الأموال واستفادة بعض مجالس الإدارة الشخصية منها وتحويل الدولارات إلى الخارج باستنسابية.

انتحال صفة

ويؤكّد مصدر في جمعية المصارف، أن الملفات القضائية التي فتحتها مدّعي عام جبل لبنان غادة عون ضد القطاع المصرفي تعكس أزمة القضاء اللبناني وكشفت التدخلات السياسية الفاضحة، مشيراً إلى أن عون انتحلت صفة المدعي العام المالي، إذ أعطت لنفسها صلاحياته التي تخوله الطلب من المصارف رفع السرية المصرفية والتحقيق في قضايا تبييض أموال، الأمر الذي برأيه يشكل انتهاك فاضح للقانون.

وطالب التدخل الفوري لرئيس مجلس القضاء الأعلى والمدعي العام التمييزي لكف يدها بشكل حاسم عن الملفات المصرفية وتحويلها إلى المجلس التأديبي، لما باتت تشكله من خطر على القضاء والمصارف.

وحول رضوخ بعض المصارف المدعى عليها من قبل عون، كشف أن بعض إدارات بعض المصارف لديها مصالح سياسية واقتصادية مع "التيار الوطني الحر" الذي يدعم القاضية عون، متأسفاً إلى أن تلك المصالح أدت إلى انقسام في الجمعية ما أضعف موقفها.

ولفت إلى أنها "تحاول استمالة المودعين وإيهامهم بأنها تدافع عن حقوقهم المسلوبة إلا أنها في الحقيقة تعمل لمصلحة فريقها السياسي وتفرط في حقوق المودعين"، مؤكداً أن جمعية المصارف "لن ترضى بتصرفاتها العشوائية وغير القانونية، والتي تشكل خطراً على المصارف لناحية زعزعة ثقة المصارف الدولية المراسلة بالقطاع المصرفي اللبناني، ما قد يدفعها إلى تجميد الخدمات المالية مثل فتح الاعتمادات المالية أو قبول التحويلات من وإلى الخارج".

ابتزاز المواطنين

وفي رسالة دعم للقاضية عون، استنكرت جمعية "الشعب يريد إصلاح النظام"، ما اعتبرته تدخل ميقاتي بعمل القضاء، بتسطير كتاب إلى وزير الداخلية يدعوه فيها إلى مواجهة قرارات القاضية غادة عون وعدم تنفيذ أي منها، متهمة ميقاتي بحماية المصارف التي استفاد منها على حساب الشعب اللبناني.

بدوره رأى عضو اللجنة القانونية في "رابطة المودعين" المحامي فؤاد الدبس، أن المصارف والسياسيين يضعون المواطنين أمام خيار السكوت عن ارتكابات المصارف مقابل تعليق الإضراب للاستمرار بتقديم الخدمات المصرفية. مشدداً على أن "التدخل في عمل القضاء جريمة، وهو اليوم يحصل من أجل تعويم المصارف التي هي كارتيلات ومافيات"، لافتاً إلى أن المصارف تقوم بإذلال الناس لحماية نفسها قضائياً، كما أنها تسعى لإقرار قانون "الكابيتال كونترول" الذي يؤمن لها العفو العام ويعطيها الغطاء والحماية.

البعد الأوروبي في التحقيقات

في العودة إلى الادعاء على سلامة، يمثل ادعاء المحامي العام الاستئنافي في بيروت أول ادعاء محلي يطاول سلامة على هامش تحقيقات تجريها دول أوروبية عدة حول ثروته، وفق ما أفاد مسؤول قضائي لوكالة الصحافة الفرنسية.

وفتح القضاء اللبناني في أبريل (نيسان) 2022 تحقيقاً محلياً بشأن ثروة سلامة ومصدرها بعد استهدافه بتحقيق في سويسرا، ولاحقاً في دول أوروبية أخرى، للاشتباه بضلوعه وشقيقه رجا سلامة في قضايا اختلاس أكثر من 300 مليون دولار. وطلب المحامي العام الاستئنافي استجواب سلامة وأخيه ومساعدته وإصدار المذكرات القضائية اللازمة بحقهم.

ويجري هذا التحقيق على خلفية التحقيقات الأوروبية، التي حصلت منذ أكثر من شهر حين استمع محققون أوروبيون في بيروت لشهود، بينهم مدراء مصارف وموظفون في مصرف لبنان، في إطار التحقيقات التي تتعلق بثروة حاكم المصرف المركزي.

وتركز التحقيقات الأوروبية على العلاقة بين مصرف لبنان وشركة "فوري اسوشياتس"، المسجلة في الجزر العذراء ولها مكتب في بيروت والمستفيد الاقتصادي منها رجا سلامة. ويُعتقد أن هذه الشركة لعبت دور الوسيط لشراء سندات خزينة و"يوروبوند" من المصرف المركزي عبر تلقي عمولة اكتتاب، جرى تحويلها إلى حسابات رجا سلامة في الخارج.

وفي 28 مارس (آذار) 2022، أعلنت وحدة التعاون القضائي الأوروبية "يوروجاست" أن فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ جمدت 120 مليون يورو من الأصول اللبنانية إثر تحقيق استهدف سلامة وأربعة من المقربين منه، بينهم شقيقه، بتهم غسل أموال و"اختلاس أموال عامة في لبنان بقيمة أكثر من 330 مليون دولار و5 ملايين يورو على التوالي، بين 2002 و2021".

ومنذ يوليو (تموز) 2021، يحقق القضاء المالي الفرنسي في ثروة سلامة، وقد وجه بداية ديسمبر (كانون الأول) المنصرم لامرأة أوكرانية مقربة منه اتهامات بينها غسل أموال واحتيال ضريبي. ولطالما نفى سلامة الاتهامات الموجهة إليه، معتبراً أن ملاحقته تأتي في سياق عملية "لتشويه" صورته.

وعلى رغم الشكاوى والاستدعاءات والتحقيقات ومنع السفر الصادر في حقه في لبنان، لا يزال سلامة في منصبه الذي يشغله منذ عام 1993، ما جعله أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً في العالم. ومن المفترض أن تنتهي ولايته في مايو (أيار) خصوصاً انه صرح بعدم رغبته باحتمال التمديد له لولاية جديدة، كذلك أعلن ميقاتي أن التمديد لسلامة لم يعد وارداً.

اقرأ المزيد