Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

منعطف جديد يعيد خلط ملف تفجير مرفأ بيروت

رئيس مجلس القضاء الأعلى يرفض عقد جلسة للتصويت على عزل البيطار حفاظاً على وحدة القضاء والسلم الأهلي

46 دعوى رد ومخاصمة الدولة رفعت من قبل المدعى عليهم ضد القاضي طارق البيطار بهدف كف يده عن الملف (رويترز)

منعطف جديد يسلكه التحقيق في قضية #تفجير_مرفأ_بيروت، بعد أسبوعين حافلين بالصراعات بين المحقق العدلي #طارق_البيطار والنيابة العامة التمييزية، إذ إنه بشكل مفاجئ قرر البيطار تأجيل الجلسات المحددة للاستماع إلى عدد من السياسيين ومسؤولين أمنيين وقضاة على رأسهم النائب العام التمييزي #غسان_عويدات، من دون تحديد مواعيد جديدة. وقال البيطار لصحافيين من مكتبه بقصر العدل في #بيروت إنه قرر تأجيل كل جلسات الاستجواب المحددة في فبراير (شباط) كون النيابة العامة التمييزية قررت عدم اعترافها بمذكراته وباستئناف التحقيقات. 

وأوضح أن "التحقيق العدلي يجب أن ترافقه النيابة العامة التمييزية، ويجدر أن يكون هناك تعاون بينهما"، ويعكس موقف بيطار نوعاً من التهدئة بعدما أثارت قراراته الأخيرة مواجهة غير مسبوقة داخل الجسم القضائي، عكست حجم الضغوط السياسية التي لطالما أخرت مسار العدالة منذ انفجار المرفأ في صيف 2020.

معالجة النزاع القانوني

بدورها، أشارت مصادر مقربة من القاضي البيطار إلى أن خطوته ليست إلغاء أو تراجعاً، بل تريثاً وإعطاء مجال لمعالجة النزاع القانوني بين النيابة العامة التمييزية وصلاحياته كمحقق عدلي، مؤكدة أهمية التعاون مع النيابة العامة كذراع تنفيذية لقراراته باعتبار أن الامتناع عن التبليغات وعدم اعترافها بمذكراته يعوق التحقيق.

ولفتت إلى أن البيطار مصمم على الاستمرار بالعمل حتى تحقيق العدالة في قضية مرفأ بيروت، منتقدة "تهويل" عويدات تجاهه، وكذلك "دخوله غير القانوني وهو متنحٍ عن القضية على ملف قاضٍ آخر".

إلا أن المعلومات تؤكد أن تأجيل الجلسات لا يعني اعترافاً من البيطار بقرارات عويدات الأخيرة، ولا سيما اعتبار يده لا تزال مكفوفة عن الملف، وأنه متمرد على القضاء ومغتصب للسلطة. ويصر البيطار على اجتهاده القانوني، ومفاده أن عضو المجلس العدلي (محكمة استثنائية) لا يجوز رده من محكمة أدنى من المجلس العدلي، كمحكمة التمييز، مستنداً لدراسة قانونية تعتبر أن صلاحيات المحقق العدلي حصرية، ولا يمكن ردها أو نقل الدعوى من يده إلى يد قاضٍ آخر.

ضغوط سياسية

وفي هذا السياق، رحب النائب العام التمييزي السابق حاتم ماضي، بما وصفه بـ"تراجع" البيطار، موضحاً أن القرارات التي اتخذها المحقق العدلي باستئناف التحقيقات والادعاء على شخصيات جديدة، والتي استتبعت بقرارات النائب العام التمييزي بإطلاق سراح جميع الموقوفين، والادعاء على المحقق العدلي ومنعه من السفر، هي قرارات خاطئة لا ترتكز إلى سند قانوني، لأن في رأيه الأول يده مكفوفة عن التحقيق بدعاوى الرد المقامة ضده، والثاني متنحٍ عن الملف منذ بدايات التحقيق.

وكشف عن أن إطلاق سراح الموقوفين جاء نتيجة ضغوط سياسية مورست على المراجع القضائية، مطالباً بتجميد الإجراءات وإعادة توقيف بعضهم إذا كان التحقيق يتطلب ذلك، معتبراً أن السياسيين يقومون بالتسويات مع الخارج على حساب القضاة وضحايا الانفجار، إذ إنه في رأيه "لن تصل التحقيقات إلى النتائج المرجوة، وفي أحسن الأحوال ستقتصر على تحميل المسؤولية للصغار، وتنتهي بدفع تعويضات للمتضررين". 

تداعيات خطرة 

وفي السياق يفسر مصدر مسؤول في مجلس القضاء الأعلى، طلب عدم الكشف عن اسمه، أسباب عدم تلبية رئيس المجلس القاضي سهيل عبود لجلسة، كما يطالب عدد من القضاة، بأنها كانت ستزيد من حدة الانقسام القضائي وإمكانية انسحاب ذلك على الشارع المحتقن. ولفت إلى أن بعض الأعضاء كانوا يطالبون بالتصويت على إقالة البيطار، مما قد يتسبب في "فتنة" بالشارع، لا سيما أن قراراً كهذا لا تبقى انعكاساته على المستوى الإداري فقط، إنما سيكون له تداعيات خطرة على السلم الأهلي، مشيراً إلى أن عدم الدعوة إلى الاجتماع أعطى فسحة لتهدأ الأمور وفتح حوار غير مباشر بين البيطار وعويدات، معتبرة أن تأجيل الجلسات التي كان دعا إليها البيطار يأتي في هذا السياق.

وأوضح أن عبود يفضل معالجة نزاع الصلاحيات والاجتهادات بأسلوب قانوني وليس عقابياً، إذ إنه في رأيه تحويل البيطار إلى التفتيش القضائي سيتبعه بكل تأكيد تحويل عويدات أيضاً، بالتالي زيادة التشرذم والانحلال داخل الجسم القضائي، معترفاً "بوجود تدخلات سياسية فاضحة داخل الجسم القضائي"، متأسفاً لكون تلك التدخلات تحاول تغليب قاضٍ على آخر، مما يضرب الثقة بالسلطة القضائية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

توازن الرعب

في المقابل، يؤكد أحد القضاة في النيابة العامة التمييزية، غير مخول بالتصريح، أن صرامة "حزمة" القرارات التي أصدرها عويدات عقب ما وصفه بـ"تعدي البيطار" غير المسبوق في تاريخ لبنان على النيابة العامة التمييزية، "شكلت عائقاً لاجتهادات البيطار غير القانونية، والتي حاول فيها إلغاء دور النيابة العامة"، علماً أن النصوص واضحة بأنه وبعد إصدار المحقق العدلي قراره الظني يحال إلى النيابة العامة لإجراء مطالعتها قبل الإحالة إلى المجلس العدلي، متسائلاً عن "التناقض الفاضح" الذي وقع فيه البيطار باجتهاده.

ورأى أن تراجع البيطار ناتج عن سببين، الأول خوفه من تلويح عويدات بإصدار مذكرة توقيف بحقه، والثانية "سقوط رهانه بالانقلاب على النيابة العامة"، لا سيما أنه منذ اللحظة الأولى بات واضحاً أمامه أن الضابطة العدلية لم تتمرد على عويدات، كما كان يعتقد، في حين أن أياً من الأجهزة الأمنية أبدى استعداداً لتنفيذ إشاراته.

معركة الأجهزة

وفي رأي أوساط قضائية وقانونية، فإن خطوة البيطار بتأجيل الجلسات مقابل خطوة عويدات عدم المضي في قرار إصدار مذكرة توقيف بحقه، وأيضاً تأخير القاضي سهيل عبيد انعقاد مجلس القضاء الأعلى، بالتالي عدم طرح قضية عزل البيطار أو إحالته إلى هيئة التأديب القضائية، أسهمت في تهدئة التوتر الذي كان سينسحب حكماً على الأجهزة الأمنية. وتوضح أن الجيش اللبناني وبموجب مرسوم سابق صادر عن مجلس الوزراء ملزم تأمين الحماية للبيطار، في حين أن جهاز أمن الدولة وباعتباره ضابطة عدلية ملزم تنفيذ إشارة النيابة العامة التمييزية، الأمر الذي في رأي هذه الأوساط سيؤدي إلى انقسام جديد بين الأجهزة الأمنية، بالتالي أزمة إضافية قد تكون أكثر خطورة من الانقسام القضائي.

دعاوى إضافية

في المقابل، فإن دعاوى النقل والرد ضد البيطار من المدعى عليهم لا تزال مستمرة، وجديدها الادعاء الذي تقدم به الوزير السابق نهاد المشنوق الذي كان البيطار قد حدد جلسة ظهر الإثنين لاستجوابه كمدعى عليه، حيث تقدم بدعوى نقل ملف المرفأ أمام الغرفة السادسة لدى محكمة التمييز التي ترأسها القاضية رندة كفوري، وذلك بسبب الارتياب المشروع. 

وسبق المشنوق، دعوى رد البيطار تقدم بها الأسبوع الماضي النائب علي حسن خليل والنائب غازي زعيتر المدعى عليهما أيضاً، والأخير كانت قد حددت له جلسة الإثنين أيضاً لاستجوابه كمدعى عليه، قبل أن يقرر البيطار تعليق كافة الجلسات. 

وكان المحامي العام التمييزي القاضي صبوح سليمان، المدعي العام العدلي في ملف المرفأ، قد تبلغ بالدعويين المذكورتين ضد البيطار، على أن يصار إلى إبلاغهما إلى الأخير وفرقاء الدعوى، مما يرفع عدد دعاوى الرد ومخاصمة الدولة المرفوعة ضد البيطار بهدف كف يده عن الملف إلى 46 حتى الآن.

الوفود القضائية

وفي سياق الاهتمام الأوروبي لقضية تفجير مرفأ بيروت، تحدثت المعلومات عن زيارة قام بها السفير الألماني للقاضي البيطار، حيث ناقش معه أزمة الصلاحيات التي استجدت أخيراً على القضية، ولم يصدر أي بيان، سواء من البيطار أو من السفارة الألمانية عن الزيارة.

وكذلك أشارت معلومات واكبت الوفود القضائية الأوروبية (فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ) التي زارت لبنان الشهر الماضي، واستمعت إلى شخصيات مصرفية بقضايا تحويلات مشبوهة إلى الخارج، وكان في صلب عملها أيضاً التقصي حول قضية تحقيقات مرفأ بيروت، وكان متوقعاً عودة تلك الوفود خلال الشهر الجاري، إلا أنه حتى الآن لم يتم تحديد أي موعد، في وقت رجحت فيه معلومات تأجيلها أسابيع إضافية.

المزيد من تقارير