Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المساعدات الغربية أنقذت الاقتصاد الأوكراني من الانهيار

آلة الحرب الروسية دمرت البنية التحتية وكلفة إعادة الإعمار تعتمد على مدى استمرار الصراع

الأسابيع الأولى للحرب كانت الأكثر صعوبة على الاقتصاد الأوكراني (أ ف ب)

ملخص

بلغ احتياط #النقد_الأجنبي لأوكرانيا بداية فبراير نحو 30 مليار دولار بفضل #الدعم_الدولي الأمر الذي ساعد #العملة_الوطنية (هريفنيا) على التماسك على رغم الأزمة.

على مدى عام صمدت #أوكرانيا أمام القدرات العسكرية الروسية واستطاعت المحافظة على معظم أراضيها، لكن الاقتصاد الأوكراني عانى بدرجة أكبر من تداعيات #الحرب، إذ خسرت كييف ثلث ناتجها المحلي على الأقل وفق تقديرات حكومية، بعدما فقدت معظم قدرات #تصدير_الحبوب والصناعات المختلفة، لكن كما تكيف الشعب الأوكراني مع ظروف الحرب استطاع #اقتصاد البلاد تهيئة نفسه للتعامل مع تداعياتها.

وكانت الأسابيع الأولى للحرب التي اندلعت في الـ 24 من فبراير (شباط) العام الماضي، كانت الأكثر صعوبة على الاقتصاد الأوكراني، لكن بحسب محافظ بنك أوكرانيا المركزي أندري بيشني سرعان ما بدأت القطاعات الاقتصادية تتعافى من الصدمة الأولى للحرب، وعاد بعض النازحين مما ساعد في تكيف الاقتصاد الأوكراني مع ظروف الحرب وإنشاء قطاعات اقتصادية جديدة تركز على دعم القوات المسلحة.

وأوضح بيشني خلال حوار مع موقع صندوق النقد الدولي نشر الشهر الماضي أن الأوكرانيين أبدوا "صلابة هائلة"، على رغم أن كييف خسرت ثلث ناتجها الإجمالي المحلي عام 2022، مرجعاً ذلك إلى قوة النظام المصرفي واستمراره في العمل من دون قيود على رغم العمليات البرية والجوية، مشيراً إلى نجاح المصرف المركزي في وقف تدفق رأس المال إلى الخارج وتطبيق سعر ثابت للصرف، وغيرها من الإجراءات الضرورية لمواجهة الأزمة.

عام على حرب أوكرانيا
في 24 فبراير 2022، شنت روسيا هجوماً عسكرياً واسعاً على أوكرانيا، لمواجهة خطط توسع حلف شمال الأطلسي. بعد مرور عام، العالم بأسره يعاني من تداعيات الحرب فيما لا تلوح في الأفق أية نهاية قريبة للنزاع.
Enter
keywords

 

انخفاض أقل من المتوقع

واستمرت إيرادات الدولة بفضل استمرار عمليات كل البنوك، مما جعل هناك دعماً للاقتصاد الذي واصل العمل بكامل طاقته، وأصبح هناك دخل من الضرائب، إضافة إلى الحصول على مساعدات دولية واستخدمت تلك الموارد في دعم القوات المسلحة.

ووفق بيان لوزارة الاقتصاد الأوكرانية في مطلع يناير (كانون الثاني)، فقد انخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد خلال العام الماضي بنحو 30.4 في المئة، وفق تقدير مبدئي بهامش خطأ زيادة أو نقص اثنين في المئة، وهو ما اعتبرته النائب الأول لرئيس الوزراء ووزيرة الاقتصاد يوليا سفيريدينكو أنه أقل مما كان متوقعاً في بداية الأزمة، على رغم من تأكيدها أنه التراجع الأكبر في أي عام منذ استقلال أوكرانيا عن الاتحاد السوفياتي عام 1991.

وكانت توقعات البنك الدولي مع بداية الربع الثالث من العام الماضي تشير إلى أن الانكماش سيكون بنسبة 35 في المئة، بينما كانت تقارير صندوق النقد والبنك الدوليين تشيران بعد خمسة أشهر من الحرب إلى توقع انخفاض قدره 45 في المئة.

وعزت وزيرة الاقتصاد الصمود الاقتصادي إلى "النجاحات التي حققتها القوات المسلحة الأوكرانية في ساحة المعركة والعمل المنسق للحكومة وقطاع الأعمال وروح السكان التي لا تقهر، وسرعة استعادة مرافق البنية التحتية الحيوية المدمرة من قبل الخدمات المحلية"، وكذلك النظم المالية واستمرار الدعم المقدم من الشركاء الدوليين.

كذلك أكدت الأمم المتحدة تقديرات انكماش الاقتصاد الأوكراني في تقرير بعنوان "الوضع الاقتصادي وآفاقه"، مؤكدة أن الأسباب ترجع إلى الدمار الهائل لمنشآت ومواقع البنية التحتية والمؤسسات الصناعية، إضافة إلى الخلل الكبير في النشاطات الإنتاجية والتجارية بفعل الانخفاض الكبير في حجم القوى العاملة ونزوح السكان على نطاق واسع، إذ أشارت تقديرات البنك الدولي خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى نزوح 14 مليون شخص.

صادرات الحبوب

ويعتمد الاقتصاد الأوكراني على الصادرات التي تراجعت منذ اندلاع الأزمة بنسبة 35 في المئة مقارنة بعام 2021، وفي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي أظهرت بيانات لوزارة الزراعة الأوكرانية أن صادرات البلاد من الحبوب تراجعت على أساس سنوي منذ بداية الموسم الزراعي 2022 -2023 وحتى نوفمبر إلى ما يقارب 13.4 مليون طن في مقابل 19.7 مليون في الفترة نفسها من الموسم السابق.

وأدت الحرب إلى إغلاق موانئ البلاد على البحر الأسود حتى جرى توقيع اتفاق لتصدير الحبوب والمنتجات الزراعية الأوكرانية عبر ثلاثة موانئ أوكرانية هي أوديسا وتشرنومورسك ويوزني في يوليو (تموز) 2022، وكانت أطرافه روسيا وأوكرانيا برعاية الأمم المتحدة وتركيا، وفي نوفمبر مُدد عمل الاتفاق مدة ثلاثة أشهر.

وتحولت مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية إلى مناطق للحرب وزرعت بها ألغام، كما دمر عدد من صوامع الغلال وفقد المزارعون مصادر البذور والأسمدة.

وبينما انخفضت الإيرادات المالية للدولة الأوكرانية ارتفع الإنفاق الدفاعي بنسبة 818 في المئة عن العام السابق، مما جعله يتجاوز 42 في المئة من إجمال الإنفاق الأوكراني بين يناير ونوفمبر من العام الماضي.

ولتعويض تلك الخسائر المالية دعمت المساعدات المالية بخاصة من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الموازنة الأوكرانية بنحو 30 مليار دولار منذ بداية الحرب وحتى الـ 20 من ديسمبر (كانون الأول) 2022، وإجمالاً بلغت المساعدات لكييف 122 مليار دولار بما يشمل الدعم العسكري والإنساني والاقتصادي، وهو رقم ضخم بالنظر إلى أن إجمال الناتج المحلي لأوكرانيا سجل 200 مليار دولار عام 2021.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صعوبات ودعم

لكن هذا الصمود الذي تحدث عنه المسؤولون الأوكرانيون قوبل بمزيد من الصعوبات الروسية، إذ يوضح محافظ البنك المركزي الأوكراني أن كييف تعرضت منذ أكتوبر لحال من "الترويع المكثف" في قطاع الطاقة من جانب موسكو، على حد وصفه، عبر تسع موجات من الضربات الصاروخية التي دمرت منشآت أساس في البنية التحتية مثل الكهرباء والمياه والتدفئة، مؤكداً عمل مؤسسته على استمرار عمل الشبكة المصرفية من خلال مشروع يسمى "باور بانكينغ" الذي يهدف إلى إنشاء شبكة من فروع البنوك المهمة في أوكرانيا تشمل 1000 فرع في 200 مدينة وقرية، بحيث تعمل جميعها باعتبارها شبكة واحدة مع تطوير حلول لدعم عملها حتى في حال انقطاع الكهرباء، مشيراً إلى أن ذلك المشروع هو الأول من نوعه في العالم، إضافة إلى توفير أجهزة الصراف الآلي في الملاجئ التي يأوي إليها المدنيون عند القصف الروسي.

وأضاف محافظ البنك المركزي الأوكراني لموقع صندوق النقد الدولي أن النظام المصرفي دخل الحرب بحال جيدة جداً بفعل الإصلاحات التي تمت بمساعدة فنية من مؤسسات دولية على رأسها الصندوق، وتعهد بمراجعة القيود على تدفقات رأس المال التي فرضت منذ بداية الأزمة بهدف "ضمان استقرار الاقتصاد الكلي فور تعافي الاقتصاد.

وتتطلع كييف إلى مزيد من الدعم الاقتصادي من المؤسسات الدولية، إذ اتفق البنك المركزي الأوكراني مع صندوق النقد الدولي على تنفيذ برنامج يتابعه خبراء الصندوق، وهو ما اعتبره محافظ البنك تأكيداً أوكرانياً على التطلع نحو الإصلاح بغض النظر عن الحرب.

مساعدات

ومن المرتقب أن يستمر اعتماد الاقتصاد الأوكراني على المساعدات الدولية، إذ أكد بيشني أن هدف كييف تمويل موازنة ضخمة لا تقل عن 38 مليار دولار من خلال مصادر خارجية خلال العام الحالي، بسبب الأخطار التي قد تنتج من الاعتماد على موارد البنك المركزي في تمويل عجز موازنة 2023، موضحاً أنه على رغم أن حجم التمويل غير مسبوق فإن الحكومة الأوكرانية والبنك المركزي يخططان لتنفيذ ذلك التمويل عبر التعاون مع مانحين دوليين وسوق الدين المحلية بمساعدة من صندوق النقد.

كما أعرب عن اعتقاده بأن البرنامج الذي يتابعه خبراء الصندوق سيكون أحد العوامل الرئيسة للسماح بجذب التمويل الدولي لأوكرانيا، موضحاً أن الشركاء الدوليين ينتظرون ضوءاً أخضر من صندوق النقد، بخاصة مع تطلع كييف إلى إتاحة شرائح ائتمانية عليا لها خلال الربيع القادم من جانب الصندوق.

وكان الصندوق أعلن في الثامن من أكتوبر 2022 عن صرف مساعدة طارئة بقيمة 1.3 مليار دولار عبر أداة المساعدة الجديدة لمواجهة الصدمات الغذائية.

وجرى التعهد بالفعل إلى جانب كبير من تلك الحاجات المالية، إذ أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في ديسمبر الماضي موافقة الاتحاد الأوروبي على تقديم 18 مليار يورو (19.1 مليار دولار) لكييف خلال 2023، كما ينتظر أن تقدم واشنطن نحو 12 مليار دولار وفق خطط للكونغرس، وباقي المبالغ يرتقب أن توفرها دول ومؤسسات مالية أخرى.

الدعم الدولي

ووفقاً لآخر تقرير للبنك الوطني الأوكراني فقد بلغ احتياط النقد الأجنبي للبلاد بداية فبراير الجاري نحو 30 مليار دولار بفضل "الدعم الدولي من الشركاء"، وهو الدعم الذي ساعد العملة الوطنية (هريفنيا) على التماسك على رغم الأزمة، إذ انخفضت 0.033 دولار لكل "هريفنيا" في الـ 24 من فبراير 2022 إلى 0.027 دولار لكل "هريفنيا" في الـ 13 من فبراير الجاري، مما جعلها أفضل حالاً من عملات أخرى في العالم تأثرت بشكل أكبر جراء تداعيات الحرب.

وكانت كييف لجأت إلى سوق السندات بداية الحرب لتمويل العمليات العسكرية، إذ أطلقت في مارس (آذار) 2022 سندات سميت بـ "سندات الحرب" جمعت من خلالها 8.1 مليار "هريفنيا" (277 مليون دولار) من خلال فائدة بلغت 11 في المئة.

وبحسب تقديرات رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية أوديل رينو باسو في أكتوبر الماضي، فإن أوكرانيا تحتاج إلى ما بين ثلاثة و 3.5 مليار دولار شهرياً لمنع اقتصادها من الانهيار، موضحة في حوار مع مجلة "فورين بوليسي" الأميركية أن الدعم الخارجي مطلوب على المستويات كافة سواء الموازنة أو البنية التحتية وغيرها.

إعادة الإعمار

وبينما تستمر المعارك في ساحات الحرب من دون بوادر للحل، تحاول المؤسسات المالية وضع تصور لفاتورة إعادة الإعمار وإنعاش الاقتصاد الأوكراني، إذ وضع البنك الدولي والحكومة الأوكرانية والمفوضية الأوروبية تقييماً مشتركاً في سبتمبر (أيلول) الماضي ذكر أن الانتعاش الاقتصادي لأوكرانيا قد يكلف 349 مليار دولار على المدى القصير، لكن رئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار أكدت أن أي توقعات لن تكون دقيقة بالنظر إلى عدم معرفة طول أمد الحرب، مؤكدة أنه كلما طال الصراع ازدادت كلفة الإعمار.

وتشمل عملية إعادة إنعاش الاقتصاد إلى جانب تأهيل البنية التحتية والمصانع توظيف ملايين العمال الذين فروا من الحرب داخل البلاد أو خارجها بعد عودتهم حين استقرار الأوضاع، فضلاً عن إعادة الأراضي الزراعية لحالها ليتمكن المزارعون من أداء عملهم.

ومن بين المضاعفات الرئيسة لعام 2023 وما بعده إعادة توظيف ملايين العمال المؤهلين الذين فروا من الحرب في الخارج أو أصبحوا نازحين داخلياً، إذ من المتوقع أن يعود معظمهم إلى ديارهم بعد الحرب، فضلاً عن استعادة الصناعة والبنية التحتية المدمرة في أوكرانيا.

المستقبل

وتنظر سلطات كييف بتفاؤل حذر لمستقبل الوضع الاقتصادي، إذ توقع البنك المركزي الأوكراني في أكتوبر 2022 أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي الأوكراني بنسبة أربعة في المئة إذا انتهت الحرب بحلول منتصف العام الحالي، وبنسبة اثنين في المئة إذا استمرت الحرب لفترة أطول، لكنها خفضت توقعاتها في يناير الماضي إلى واحد في المئة فقط، وهو ما يتفق مع توقعات صندوق النقد الدولي نمواً بنسبة واحد في المئة فقط.

وفي آخر تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي توقع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.3 في المئة، ويأمل المسؤولون الأوكرانيون في أن تسمح الدول الغربية التي فرضت عقوبات على موسكو وجمدت ممتلكات وأموال روسية على أراضيها بأن تستخدم تلك الأصول والنقود في إنعاش الاقتصاد الأوكراني، وعلى رغم استبعاد ذلك في بداية الصراع إلا أن رئيسة المفوضية الأوروبية قالت في نوفمبر الماضي إن الاتحاد الأوروبي يبحث عن آليات لاستخدام الأموال الروسية المجمدة في تغطية بعض حاجات إعادة إعمار أوكرانيا.

ولا توجد أرقام عن إجمال حجم خسائر الاقتصاد الأوكراني، لكن بيانات البنك المركزي الأوكراني تؤكد أن 11 في المئة من الشركات الأوكرانية اضطرت إلى الإغلاق منذ بدء الهجوم، كما قالت وزارة الاقتصاد الأوكرانية إن 5 ملايين شخص فقدوا وظائفهم.