Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف كسبت صناعة الدواء في لبنان ثقة المواطن؟

الدواء المحلي يصدر إلى 11 بلداً ويغطي 20 فئة علاجية

الدواء المصنع محلياً أسهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية على الطبقات الفقيرة في لبنان (اندبندنت عربية)

ملخص

خلال الأزمة أثبتت #مصانع_الأدوية_في_لبنان القدرة على منافسة المصانع العالمية وزادت مساهمتها في سوق الاستهلاك المحلية للدواء من 10 أو 13 في المئة إلى 40 في المئة رغم التحديات

لو عدنا بالزمن إلى ما قبل الأزمة، لبدا وضع صناعة الأدوية في لبنان مختلفاً تماماً. فمع انطلاقتها في خمسينيات القرن الماضي، كان لبنان مركزاً لإنتاج وتصدير الأدوية في المنطقة، لكن تراجع نشاطه في هذا المجال لاحقاً. عام 2009 طورت وزارة الصحة مع منظمة الصحة العالمية المصانع وفق أصول التصنيع العالمية. اعتمدت شهادات التصنيع المطابقة للمعايير العالمية في صناعة الدواء. هذه الانطلاقة الجديدة، لم تتخط مساهمتها في السوق نسبة 10 إلى 13 في المئة من حجم الاستهلاك المحلي. قبل الأزمة، الريادة كانت للمنتجات المستوردة حصراً بسبب الثقافة السائدة. أرغم المواطن على إعادة النظر في اختياراته، مع انقطاع عديد من الأدوية المستوردة، والارتفاع الكبير في أسعار الأدوية المستوردة مع رفع الدعم عنها.

 

حجم السوق المحلية

في لبنان تسعة مصانع للأدوية مرخصة من وزارة الصحة العامة، إضافة إلى ثلاثة مصانع للأمصال تغطي حاجات البلاد وفق نقيبة مصانع الأدوية الدكتورة كارول أبي كرم التي تشير إلى أن الأزمة سلطت الأضواء على هذا القطاع الحيوي الذي لعب دوراً مهماً في دعم الاقتصاد اللبناني، كما وفر فرص عمل لكثيرين. لذلك، بعد الأزمة ارتفعت نسبة مساهمة الصناعة الدوائية المحلية إلى 40 في المئة من حجم السوق الإجمالي، كما يصدر الدواء المحلي إلى 11 بلداً، ويغطي 20 فئة علاجية من تلك الأكثر انتشاراً في البلاد ومنها أمراض الضغط والسكري والقلب وتجلط الدم والفطريات.

هذا التطور المهم الذي شهده القطاع لم يأت بشكل مفاجئ. فمصانع الأدوية كانت مستعدة من النواحي جميعها سواء لجهة المنشآت أو لجهة اليد العاملة أو المعايير المطلوبة، إلى أن أتت الجائحة وأيضاً الأزمة، فعززت إمكاناتها المتوافرة أصلاً. "تحمل قطاع الصناعة الدوائية كامل مسؤولياته من دون تهاون وأمن حاجات السوق من الأدوية مع تغطية للنقص الحاصل جراء انقطاع شبه تام للأدوية المستوردة. هذا، في ظل تقصير مصرف لبنان في الموافقة على الفواتير الخاصة بالمواد الأولية المستوردة. لولا الدواء المحلي، لأقفلت الصيدليات خلال الأزمة بسبب انقطاع الأدوية. أسهمنا بصمود القطاع وضمنا استمراريته رغم التحديات".

ثقة مكتسبة

الثقة بالدواء كانت موجودة في السابق، لكن كانت هناك حاجة إلى تعزيزها لدى الجسم الطبي والصيدلاني والمواطن. لم تكن هناك قدرات كافية للتسويق قبل الأزمة بسبب انخفاض أسعار الأدوية المصنوعة محلياً ولم يكن سهلاً خرق الدواء المستورد بنسبة كافية، خصوصاً بوجود الثقافة السائدة بأن الدواء المستورد هو الأفضل. بفضل إصرار المصانع على الصمود وتغطية حاجات السوق في ظل الأزمة، اقتنع المواطن بجودة الدواء المحلي بعد أن أرغمته الأزمة على القبول به كاختيار وحيد في مرحلة أولى. فالدواء المحلي الصنع متوافر بطريقة مستدامة وبأسعار تنافسية وبجودة عالية موافقة للمعايير العالمية. وتنخفض أسعاره بنسبة 70 في المئة عن الدواء المستورد الأصلي وبنسبة 30 في المئة عن الدواء المستورد البديل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

واليوم، تستمر مصانع الأدوية بزيادة استثماراتها مساهمة في دعم الاقتصاد وفي تغطية حاجات المواطنين من الأدوية بعد المعاناة المرافقة لأزمة الدواء.

في الوقت نفسه استطاع الدواء المصنوع محلياً الحفاظ على الأمن الغذائي المهدد في ظل انقطاع الأدوية، كما قلل من خروج العملة الأجنبية من البلاد في هذه الأزمة، حتى اقتصر ذلك على المواد الأولية التي لا تزال تحظى بدعم مصرف لبنان بنسبة 20 أو 30 في المئة من قيمة الدواء المحلي. علماً أنه حتى اللحظة يستورد لبنان الأدوية من نحو 40 دولة. وفي هذه المرحلة، قد تكون هناك حاجة إلى المباشرة بترشيد الاستيراد للحد منه عندما لا يكون ذلك ضرورياً، بحسب أبي كرم التي تشدد على أهمية دعم هذا القطاع الحيوي ضمن السياسة الدوائية. فيمكن بلوغ حد الاكتفاء الذاتي وتأمين جميع حاجات السوق بأدوية عالية الجودة مطابقة للمعايير الدولية لصناعة الدواء.

فئات علاجية جديدة

الهدف الأساسي اليوم لتطوير القطاع هو إدخال فئات علاجية جديدة تشكل نسبة 45 في المئة من السوق الإجمالية ومنها أدوية السرطان والأمراض المستعصية التي تتطلب استثمارات كبرى. يستدعي ذلك تأمين السيولة للمضي بهذا المجال بعد إقامة شراكة بين الدولة والقطاع الصناعي ووضع خطة لتحفيز الشركات العالمية لنقل التكنولوجيا الخاصة بها إلى لبنان حتى يتوافر بأسعار تنافسية، كما حصل في الدول العربية. يمكن أن يسهم ذلك في الحفاظ على لبنان ضمن الخريطة العالمية للدواء وتوفير الأمن الدوائي بأقل كلفة ممكنة والحد من الاستيراد.

تجارب وتحديات

لكل من مصانع الأدوية تجربة خصوصاً في ظل الأزمة التي فرضت مواكبة متطلبات الأسواق والحاجات المتزايدة للأدوية. بحسب مدير الأخلاقيات والامتثال في مصنع أدوية في بيروت نبيل غريب، كان إنتاج الدواء خجولاً في لبنان مقارنة مع دول أخرى. بالنسبة إلى الشركة التي تعنى بإنتاج أصناف عديدة من الأدوية كتلك الخاصة بجهاز البول وأدوية المعالجة النفسية، ارتفع الإنتاج سريعاً من 7 إلى 20 في المئة من حجم السوق في السنوات الثلاث الأخيرة، في ظل صعوبات استيراد الأدوية والأزمة النقدية وارتفاع أسعار الأدوية المستوردة. عندها أصبح للصناعة المحلية للدواء حيز مهم.

كانت للشركة الإمكانات، لكنها عملت على تعزيزها مع بداية الأزمة وتكثيف الإنتاج وأضيفت أدوية جديدة إلى تلك التي كانت تنتجها، مع حرص على تأمين ما يعرف بمخزون الأمان لستة أشهر على رغم التحديات العديدة على جميع الصعد في الأزمة. تضاعفت في مراحل سابقة الجهود في الإنتاج والتسويق وعلى المستوى العلمي والطبي، كما استطاعت الأدوية المحلية المتوافرة من فترة انتشار الوباء أن تسد النقص الحاصل في الأدوية المستوردة، بدعم من وزارة الصحة لهذه المصانع المرخصة. "قدمنا أدوية أجريت عليها أبحاث وتستخدم فيها مواد أولية آمنة وهي ذات جودة عالية وتخضع لإشراف دقيق. بهذه الطريقة، اكتسبنا ثقة المواطن والجسم الطبي حتى تقبل الكل فكرة تطور الصناعة الدوائية المحلية وأصبح لها حصة في سوق الدواء، كما خلقت الصناعة المحلية للدواء فرص عمل بمعدل 10 مرات أكثر من الدواء المستورد".

 

لا ينكر غريب أن الصعوبات المالية كثيرة، فيستمر دعم الدولة للمواد الأولية بنسبة بسيطة، فيما هناك قوانين تحدد تسعيرة الدواء. هذا، ولم تسدد فواتير العام الماضي حتى اللحظة من مصرف لبنان. إنما رغم التحديات، قامت وزارة الصحة بخطوات عديدة لتقديم الدعم وتسهيل الأمور لأن الاستمرار بالاستيراد لم يكن ممكناً في مثل هذه الظروف.

وبالنسبة إلى شركة أخرى في قضاء المتن تصنع أدوية من الفئات العلاجية الأكثر انتشاراً في لبنان كأمراض الضغط والسكري والمسالك البولية والالتهابات وبعض أدوية السرطان والهيموفيليا، بعد الأزمة، زاد الإنتاج بشكل ملحوظ وأيضاً في فترة كورونا حيث أمنت أدوية عديدة لمواجهة الفيروس. وفي ظل النقص في الأدوية المستوردة، حرصت على مضاعفة الجهود لزيادة الإنتاج أكثر بعد لسد النقص الحاصل في الأدوية في السوق وتوفير علاجات المواطنين.

لثقة الطبيب والصيدلي دور أساس في الصناعة الدوائية، وهذا ما حرصت عليه الشركة، خصوصاً أن الجسم الطبي مسؤول عن تعزيز هذه الثقة لدى المواطن. وأصبح المصنع المعني يلبي نسبة تتخطى الـ75 في المئة من حاجات السوق المحلية من الأدوية التي تنتجها، ونسبة 40 في المئة من الأدوية المستهلكة في البلاد.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة