Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تحدي الأنقاض... ماذا بعد أن تسكن الزلازل؟

يحتاج التعاطي معها إلى آليات علمية دقيقة ومتخصصون: "معامل إعادة تدوير الردم نادرة في الشرق الأوسط"

خلف الزلزال دماراً في 10 محافظات تركية وأربع سورية وعدد المباني التي تحتاج إلى الهدم بصورة عاجلة في تركيا يقدر بـ50 ألفاً (أ ف ب)

لا تقتصر آثار #الزلازل_والكوارث على الخسائر في الأرواح والأموال، بل تتجاوزها إلى تلك الأكوام الهائلة من الركام والأنقاض التي تصيب المشاهد بالخوف، وتفرض تحدياً على السلطات العامة و#المجتمع_المدني لناحية كيفية التعاطي معها وفق الشروط العلمية.

وفق التقديرات الأولية خلف زلزال تركيا وسوريا الذي وقع في السادس من فبراير (شباط) الجاري أكثر من 46 ألف قتيل، وبلغت خسائر تركيا 25 مليار دولار أميركي، بحسب "جي بي مورغان"، فيما أفادت "فيتش" بأن خسائر سوريا تتراوح بين مليارين و4 مليارات دولار أميركي.

كما خلف الزلزال دماراً في 10 محافظات تركية وأربع سورية، وقدر المتخصصون عدد المباني التي تحتاج إلى الهدم بصورة عاجلة في تركيا بـ 50 ألف مبنى، وبالتالي فإن الزلزال فرض واقعاً جديداً على تلك البلاد، إذ إن مرحلة إعادة الأعمار تتطلب التخلص من أكوام الدمار التي قضت على آمال الازدهار وأحلام السكان.

العناية الفائقة

تحتاج أكوام الركام إلى عناية فائقة وخبرات علمية للتعاطي معها، وتعتبر الأنقاض الفئة السابعة من فئات النفايات الصلبة التي تضم النفايات المنزلية ونفايات المسالخ الحيوانية والنفايات الصناعية والطبية والصيدلية الدوائية والمجارير ومياه الصرف الصحي والإلكترونية وأجيال الحواسيب والهواتف، وصولاً إلى نفايات العمارة، بحسب المتخصص البيئي زياد أبي شاكر.

ويتطلب التعاطي مع الأنقاض معامل خاصة، فبعد تجميعها تنقل إلى مصانع لفصل موادها، وبعد استخراج الحديد والبلاستيك والإمدادات يتم تكسير المواد الحجرية وصولاً إلى تحويلها لما يشبه الحصى الصغيرة التي يمكن تحويلها إلى بلاط خاص بالأرصفة وغيرها من الأشياء المعمارية التي تتعرض لأوزان ثقيلة بسبب طبيعتها الجديدة.

ويلفت أبي شاكر إلى أن معامل إعادة تدوير الردم "نادراً ما توجد في الشرق الأوسط"، وفي حال وجودها في تركيا فهي موجودة خارج نطاق المنطقة المتضررة من الزلزال، مشيراً إلى أن مشكلة النقل تتسبب في تراجع التفكير بإعادة تصنيعها وتحويلها.

التجربة اللبنانية

مر لبنان بحروب ونكبات كثيرة تسببت عبر مناسبات مختلفة بكميات كبيرة من الأنقاض، ناهيك عن كميات من الأنقاض الناجمة عن عمليات الهدم التي تحدث بصورة آلية ويستعجل أصحابها التخلص منها عبر رميها على قارعة الطرق أو في الوديان من دون اعتبار للشروط البيئية والصحية، وتشكل قضبان الحديد حصراً عامل إثارة لأصحاب "البور" أي أماكن تجميع الكسر، فهم يقومون بتشجيع الأفراد على فصلها عن الأجزاء الباطونية قبل تجميعها وإعادة تصنيعها، كما أن لبنان شهد خلال نصف القرن الماضي حروباً كبرى مدمرة، بدءاً بالحرب الأهلية التي لاتزال ملامحها ماثلة في الأبنية المهشمة في بيروت وطرابلس، ووصولاً إلى حرب يونيو (تموز) 2006 عندما تعرضت مناطق واسعة من محافظات الجنوب والبقاع للهجوم الإسرائيلي.

وخلال المرحلة التي أعقبت الحرب لم يتم تدويرها وإنما رميت في مكب الـ "كوستابرافا" الواقع عند مشارف مطار بيروت الدولي في منطقة خلدة جنوب بيروت من دون معالجتها علمياً.  

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما بالنسبة إلى انفجار المرفأ بيروت في الرابع من أغسطس (آب) 2020، فقد عاش محيط المنطقة حالاً استثنائية، وتحديداً الجميزة ومار مخايل التابعة لمنطقة الأشرفية.

ويوضح زياد أبي شاكر أن تلك المنطقة بنيت في الخمسينيات من القرن الـ 20، وشاع في تلك الحقبة استخدام مادة الـ "أسبيستوس" للعزل داخل البناء، وتبين لاحقاً أنها مادة مسرطنة وبالتالي بات محظوراً استعمالها، مما شكل خطراً في التعامل مع الركام والردميات.

ويضيف أبي شاكر، "لم تتوافر لدينا في حينه المعامل أو التقنيات للتعاطي مع تلك المادة والكشف عنها"، متابعاً "تعتبر تلك الردميات مشكلة كبيرة، وهي موجودة في منطقة مجاورة لمرفأ بيروت ولم تعالج بعد".

عملية معقدة

في عرف الخبراء لا شيء مستحيل، لكن التعامل مع الأكوام الهائلة من الركام يحتاج كثيراً من الدقة، وقد جاء زلزال تركيا وسوريا ومن قبله مجموعة مشكلات للفت أنظار العاملين في مجال الهندسة والبيئة إلى ضرورة اعتماد معايير دقيقة للحفاظ على السلامة العامة، وبدأت وزارة البيئة في لبنان بوضع "قائمة إرشادات بيئية" لكيفية معالجة الردميات عبر جمعها وتخزينها وترحيلها أو معالجتها وصولاً إلى تحديد كيفية إعادة تدويرها.

ونهار الجمعة المقبل تنظم الوزارة بالتعاون مع مجموعات بيئية مؤتمراً في بيروت من أجل وضع الخطوط العريضة للخطة الوطنية للاستجابة لآثار النكبات الطبيعية والحروب.

المزيد من متابعات