Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما وراء الحراك الدولي في الخرطوم؟

"جزء من معركة النفوذ بين الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين في مواجهة روسيا"

البرهان يلتقي المبعوثين الدوليين في ختام زيارتهم للخرطوم (إعلام مجلس السيادة السوداني)

شهدت الخرطوم، أمس وأول من أمس (الأربعاء والخميس)، حراكاً دولياً قاد ستة مبعوثين غربيين يمثلون #الولايات_المتحدة و#بريطانيا وفرنسا وألمانيا والنرويج والاتحاد الأوروبي للاجتماع مع أطراف #الأزمة_السودانية من مدنيين وعسكريين وذلك لدفع العملية السياسية، ممثلة في الاتفاق الإطاري الذي وقع في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) بين مجموعة من المدنيين بقيادة تحالف #قوى_الحرية_والتغيير (المجلس المركزي) والمكون العسكري في مجلس السيادة، إلى الأمام من خلال تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف المؤيدة والمعارضة للاتفاق بهدف استكماله بسرعة بما يمهد الطريق لحكومة انتقالية بقيادة مدنية قادرة على معالجة التحديات الاقتصادية والأمنية والإنسانية بالبلاد.

كما شارك في هذا الحراك وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف، الذي جاء إلى الخرطوم في إطار جولة أفريقية بدأها من مالي ثم موريتانيا، حيث أجرى مباحثات مع القيادة السودانية حول العلاقات الثنائية وعدد من القضايا الدولية والإقليمية الملحة، إلى جانب قضية الأزمة السودانية. لكن ما حقيقة هذا التدافع الدولي وأثره على المشهد السوداني؟

مخاوف غربية

يعلق الكاتب السوداني، الجميل الفاضل عن مغزى هذا الحضور الدولي في الخرطوم بقوله "واضح تماماً أن الاهتمام الدولي بالسودان أصبح يتنامى بشكل كبير، لكنه لم ينشأ بسبب الأزمة الداخلية التي تعاني منها البلاد منذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) بقدر ما له أبعاد أخرى، فزيارة ستة مبعوثين دوليين للخرطوم، وتزامنها مع زيارة وزير الخارجية الروسي في التوقيت نفسه لم يأت من فراغ بل له علاقة بتطورات الأوضاع في تخوم البلاد مع تشاد وأفريقيا الوسطى وليبيا، والمخاوف الغربية والأميركية من التمدد الروسي في القارة الأفريقية، بخاصة من جانب نشاط مجموعة فاغنر الروسية من خلال محاصرتها وإبعادها تماماً، في ضوء تصنيفها من قبل واشنطن بأنها منظمة إجرامية دولية عابرة للحدود لكونها ارتكبت فظائع وانتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع، بالتالي فإن ما يحدث هو جزء من معركة النفوذ بين الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين من جهة وروسيا من جهة أخرى".

 

وأضاف "كما أن موقع السودان الجيوسياسي إضافة إلى تمتعه بساحل شاسع على البحر الأحمر يبلغ طوله 750كم، جعل الجميع يسعى لضمان تشكيل حكومة يضمن التعامل معها بإيجابية، فأي طرف دولي أو إقليمي يريد كسب علاقة جيدة مع الخرطوم، فسر هذا الاهتمام يتمثل في موقع السودان الاستراتيجي، لكن من الواضح أن واشنطن وحلفاءها يدعمون العملية السياسية من خلال الاتفاق الإطاري بكل ثقلهم، حيث اعتبروا هذا الاتفاق الأساس الأمثل لإنهاء الأزمة السودانية، مما يمثل هزيمة للطرف الآخر الذي يقف ضد هذا الاتفاق".

وتابع "في تقديري أن تأثير البعد الدولي استفادت منه القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، فالآن القوى الدولية تشكل عامل ضغط لإنجاح العملية السياسية عبر الاتفاق الإطاري، وذلك بقطع الطريق أمام الأطراف مدنية أم عسكرية التي تسعى لعرقلة أو إغراق العملية السياسية، وذلك للوصول إلى تحول ديمقراطي وتكملة الفترة الانتقالية مع إجراء الانتخابات العامة، وبالتالي تحقيق الاستقرار السياسي في البلاد".

وواصل الكاتب السوداني "أعتقد أن موسكو تعمل في محاولات متأخرة من أجل الاحتفاظ بعلاقاتها السابقة مع السودان التي وطدتها مع نظام عمر البشير، حيث تمددت مصالحها داخل البلاد في مجالات استثمارية واقتصادية، لكن يظل جانب التعاون العسكري هو الأقوى، بيد أن روسيا ترى أن الديمقراطية لا تصلح للسودان، فهي تريد نظام حكم قابضاً وشمولياً، بالتالي ظهر هذا الاصطفاف والصراع الدولي والإقليمي في القضية السودانية بين دول داعمة للانتقال وأخرى ضده، وهو نفس الصراع القائم داخلياً بين القوى المختلفة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اللقاءات الرسمية

وكان وفد المبعوثين الدوليين الذي ضم الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي في القرن الأفريقي آنيت ويبر، ونائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون شرق أفريقيا والسودان وجنوب السودان بيتر لورد، والمبعوث البريطاني الخاص للسودان وجنوب السودان روبرت فيرويذر، والمبعوث الفرنسي الخاص للقرن الأفريقي فريديريك كلافيه، ورئيس شعبة القرن الأفريقي في الخارجية الألمانية تورستن هوتر، والمبعوث النرويجي الخاص للسودان وجنوب السودان جون أنطون جونسون، ابتدروا لقاءاتهم مع الأطراف الموقعة على الاتفاق الإطاري، حيث جرى الاطلاع على مجريات العملية السياسية في مرحلتها النهائية، واستعراض تصور القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري للمرحلة المقبلة، والتحديات التي تجابه العملية، وكيفية تلافيها لضمان الوصول إلى الاتفاق النهائي.

كما التقى الوفد الدولي رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو "حميدتي"، وتم التباحث حول سبل الوصول لاتفاق سياسي نهائي مع القوى المدنية يتيح تشكيل حكومة مدنية ذات مصداقية عبر انتخابات حرة ونزيهة.

فيما ختمت الوفود لقاءاتها بممثلين لقوى الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) التي تعارض الاتفاق الإطاري، إلى جانب الاجتماع مع ممثلي لجان المقاومة السودانية الذين يقودون الحراك الثوري المناهض للانقلاب، حيث جرى مناقشة التحديات والفرص المقبلة في العملية السياسية وصولاً لتشكيل حكومة مدنية.

الجانب السوداني

وكان رئيس مجلس السيادة أكد خلال اجتماعه مع المبعوثين الدوليين التزامهم كمكون عسكري بالاتفاق الإطاري والعمل مع جميع الأطراف وإقناع الممانعين للتوصل لاتفاق نهائي شامل يمهد الطريق لحكومة انتقالية بقيادة مدنية تصل بالبلاد إلى انتخابات حرة ونزيهة بنهاية الفترة الانتقالية.

وجدد التزام المؤسسة العسكرية الخروج من العملية السياسية وإجراء الإصلاحات المطلوبة في الأجهزة الأمنية، داعياً المبعوثين الدوليين إلى ضرورة الوفاء بالتزاماتهم في دعم الانتقال السياسي وتقديم المساعدات العاجلة للسودان.

من جانبه، قال المتحدث باسم العملية السياسية في السودان خالد عمر يوسف، إنه تم خلال اللقاء مع المبعوثين الدوليين استعراض موقف الاتحاد الأوروبي وواشنطن ولندن الداعم للاتفاق الإطاري وصولاً لاتفاق نهائي.

وبين أنهم تلقوا وعداً باستئناف دعمهم للسودان بعد التوقيع على الاتفاق النهائي وتشكيل الحكومة المدنية، لكنهم أكدوا أن العملية السياسية تواجه تحديات ومصاعب.

وأشار يوسف إلى أن القضية الرئيسة الآن أمام معسكرين؛ معسكر التحول الديمقراطي، وآخر يريد إعادة عقارب الساعة لما قبل 11 أبريل (نيسان) 2019 تاريخ سقوط النظام السابق.

المبعوثون الدوليون

فيما قال مساعد وزير الخارجية الأميركي بالإنابة بيتر لورد "جئنا لنؤكد دعمنا الاتفاق السياسي الإطاري، الذي يُعد الأساس الأمثل لتكوين الحكومة المدنية القادمة في الخرطوم، والأساس الأمثل لتأسيس الترتيبات الدستورية التي ستفضي إلى فترة انتقالية تنتهي بانتخابات حرة".

وأضاف "نأمل من الأطراف الموقعة على هذا الاتفاق الإسراع في تشكيل حكومة مدنية لديها القدرة على إخراج السودان من الأزمة الاقتصادية والسياسية الحالية".

في حين أشارت الممثلة الخاصة للاتحاد الأوروبي للقرن الأفريقي أنيت ويبر إلى دعمهم وتشجيعهم عملية الحوار الشامل بين السودانيين، الذي يفضي إلى اتفاق جامع، مؤكدة أن لقاءاتهم بالأطراف السودانية كافة تهدف إلى تشجيعها للمضي قدماً في تنفيذ التزاماتها للوصول إلى حكومة بقيادة مدنية.

وأردفت "حضرنا للسودان نحمل رسالة أمل ودعم للاتفاق الإطاري ولجهود الآلية الثلاثية الميسرة للحوار السوداني، فضلاً عن دعم الشعب السوداني ومستقبله في هذه المرحلة".

وزير خارجية روسيا

وفي ما يتعلق بزيارة وزير الخارجية الروسي للخرطوم، فقد التقى مع رئيس مجلس السيادة السوداني ونائبه، ووزير الخارجية المكلف علي الصادق. وبحسب بيان صادر من مجلس السيادة السوداني، فإنه جرى بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها في المجالات كافة بما يخدم المصالح المشتركة، فضلاً عن التطورات الإقليمية والدولية، إلى جانب الأزمة السياسية الراهنة في السودان على ضوء الاتفاق الإطاري.

وأشار البيان إلى أن الجانب السوداني أكد سعيه إلى بناء علاقات متوازنة مع جميع الدول تقوم على الاحترام المتبادل وتحقيق المصالح المشتركة، معرباً عن أمله في توصل روسيا وأوكرانيا إلى حلول سياسية ودبلوماسية تنهي الحرب وتحقق الأمن والاستقرار والسلام، وتجنب العالم الآثار السالبة.

في المقابل، أوضح وزير خارجية موسكو في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية السوداني المكلف، دعم بلاده مساعي السودان لرفع العقوبات المفروضة عليه، فضلاً عن دعمها المساعي الجارية لاستقرار الخرطوم عبر الحوار السوداني بعيداً عن الإملاءات. 

وعلق على زيارة المبعوثين الغربيين للخرطوم بقوله "هذه المجموعة تريد تقفي أثرنا أينما وجدنا فسبق أن زار بعضهم موريتانيا عقب زيارتي لها".

ونوه بأن الشركات الروسية العسكرية الخاصة تعمل باتفاق مع الحكومات، ومن بينها حكومة جمهورية أفريقيا الوسطى، وتسهم في تحقيق الاستقرار في هذه المناطق نظراً لانتشار "العصابات الإرهابية" هناك.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير