في وقت تبدو الحكومة البريطانية أكثر تشدداً من غيرها تجاه روسيا بسبب الحرب في أوكرانيا، يصل النفط الروسي إلى بريطانيا من طريق غير مباشر على رغم العقوبات غير المسبوقة المفروضة على روسيا.
ويكشف تقرير في صحيفة "صنداي تلغراف" كيف أن الهند تلعب الدور الرئيس في وصول النفط الروسي المحظور إلى بريطانيا.
وزاد المشترون في بريطانيا بقوة من وارداتهم عبر أكبر مصافي النفط الهندية، وهي المصفاة التي ضاعفت وارداتها من النفط من موسكو.
ويشير التقرير إلى أن المستوردين البريطانيين استبدلوا الاستيراد المباشر من روسيا بالاستيراد من مصافي تستخدم النفط الروسي، وبالتالي لا يزالون يدعمون عائدات موسكو من مبيعات الطاقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتعتبر عمليات الاستيراد تلك شرعية وقانونية تماماً في ظل نظام العقوبات المفروضة على روسيا، لكنها في الوقت نفسه تجعل الحديث عن جهود بريطانيا في وقف تمويل الحرب الروسية في أوكرانيا غير ذي معنى.
وتنقل الصحيفة عن مستشار الرئيس الأوكراني أوليغ أوستينكو قوله إن تلك الشركات "تستغل حلقة ضعف في نظام العقوبات".
وطالب مستشار الرئيس الأوكراني بريطانيا بالعمل على وقف تلك الممارسات، مضيفاً أن "على بريطانيا إغلاق تلك الثغرات التي تضر بدعم أوكرانيا لأنها تسمح بانسياب عائدات صادرات الوقود عبر الحدود"، لكن بريطانيا ملتزمة بالعقوبات الغربية المفروضة على موسكو، واستيراد المشتقات النفطية بتلك الطريقة لا يعد خرقاً قانونياً لتلك العقوبات.
الخام والمشتقات المكررة
ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا بنهاية فبراير (شباط) من العام الماضي، زادت الهند والصين وارداتها النفطية من روسيا مع توقف دول أوروبا عن استيراد الطاقة من موسكو، ونتيجة العقوبات الغربية تشتري تلك الدول الطاقة من روسيا بأسعار تفضيلية أرخص من سعر السوق.
وبحسب بيانات الشحن من شركة "كيبلر" التي حللتها مؤسسة "غلوبال ويتنس" فإن "مصفاة جامنغار" على الساحل الغربي للهند استوردت ما يصل إلى 215 شحنة من النفط الخام والوقود من روسيا خلال العام الماضي 2022، وتزيد تلك الكمية بمقدار أربعة أضعاف عما استوردته المصفاة العملاقة خلال العام السابق 2021.
ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا استوردت بريطانيا 29 شحنة بحرية، أي نحو 10 ملايين برميل من الديزل وغيره من المشتقات النفطية من "مصفاة جامنغار"، وذلك مقارنة مع سبع شحنات أو 4 ملايين برميل خلال عام 2021 كله.
ويشمل المشترون للمشتقات المكررة من المصفاة الهندية شركات "شل" و"بي بي" و"تافيغورا" و"بتروتشاينا" و"إيسار"، كما تستورد المصافي أنواعاً مختلفة من خامات النفط وتخلطها مع بعضها للتكرير، وهو ما يعني بحسب التقرير أن الخام الروسي يمكن أن يكون مستخدماً في إنتاج الديزل الذي تستورده بريطانيا، لكن من الصعب طبعاً التأكد من أنواع الخام في كل برميل مستورد من المشتقات.
ويقول خبير تكرير النفط في شركة "وود ماكينزي" آلان غلدر إنه "كان من النادر قبل الحرب في أوكرانيا أن تعمل المصافي الهندية على الخام الروسي، أما الآن فواحد من كل خمسة براميل يتم تكريرها هي من النفط الروسي، ولطالما صدرت المصافي الهندية منتجاتها المكررة إلى أوروبا، لكنها تصدر كميات أكبر الآن لأن أسعار الديزل في أوروبا أعلى نتيجة لنقص الوقود في أوروبا بسبب الحرب في أوكرانيا، وكمية كبيرة من الديزل الذي تنتجه حالياً هو نتيجة لتكرير النفط الروسي".
الالتفاف على العقوبات
يقول مدير التكرير في شركة "فاكتس غلوبال إنرجي" ستيف سواير إن الهند والصين "يصدران مزيداً من الديزل حالياً وبعضه ناتج تكرير النفط الروسي".
ويضيف سواير أن العقوبات الغربية على النفط الروسي ليست مصممة بالشكل الذي يوقف صادرات نفطها تماماً بسبب حاجة السوق العالمية إلى الصادرات الروسية.
وطبقاً لتلك العقوبات بدأت بريطانيا حظر استيراد النفط الخام والمشتقات المكررة من روسيا منذ الخامس من ديسمبر (كانون أول) الماضي وذلك بالنسبة إلى الاستيراد المباشر، أما الخام الروسي الذي يمكن أن يكون تم تكريره في مكان آخر فلا يشمله الحظر.
ومنذ بدأ الحظر على الاستيراد المباشر من روسيا الشهر الماضي وصلت إلى بريطانيا سبع شحنات قادمة من "مصفاة جامنغار" الهندية.
يذكر أن كمية كبيرة من النفط الخام الروسي المشحون بحراً من روسيا يتم تحميلها من الناقلات العملاقة إلى سفن شحن أصغر في نقطتين مهمتين، هما المياه المقابلة لليونان والمقابلة لجبل طارق التابع لبريطانيا على السواحل الإسبانية، وتقول الشركات البريطانية المستوردة لشحنات المنتجات النفطية المكررة إنها ملتزمة بالعقوبات وتعمل في إطار القانون والتوجيهات الأوروبية والبريطانية، وبما أنه من الصعب إن لم يكن من المستحيل تحديد نوع الخام الذي تنتج منه تلك المشتقات المقررة، فما تقوم به الشركات تصرف شرعي تماماً.