Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما وراء زيارة مدير الـ"سي آي أي" إلى ليبيا؟

الغموض يثير الشكوك والتأويلات وتحذيرات من تسليم السنوسي والبعض: واشنطن تسعى إلى أكبر من ذلك

رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز (أ ف ب)

أحيطت زيارة مدير وكالة الاستخبارات الأميركية "سي آي أي" وليام بيرنز إلى ليبيا بهالة من الغموض وشح في التفاصيل عن أسبابها، مما فتح الباب للتكهنات في شأنها على مصراعيه، خصوصاً بالنسبة لتوقيتها الذي جاء بعد أسابيع من تسليم المتهم في قضية "لوكربي" مسعود بوعجيلة إلى واشنطن، وسط إشاعات عن تسليم مزيد من المتهمين خلال الفترة المقبلة.

تناولت التحليلات التي شرحت أسباب الزيارة بالطول والعرض، تأثيرها على الموقف السياسي لحكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة التي تعاني منذ فترة عزلة كبيرة بسبب خلافاتها الكثيرة مع قوى محلية وإقليمية بارزة، وتفتش عن الحلفاء والداعمين الأقوياء في الداخل والخارج.

تفاصيل مبهمة

كان رئيس الحكومة الليبية في طرابلس عبدالحميد الدبيبة قد استقبل بيرنز رفقة القائم بأعمال السفارة الأميركية والوفد المرافق له بحضور وزيرة الخارجية نجلاء المنقوش ورئيس جهاز الاستخبارات حسين العائب وسط تكتم ملحوظ على ما تمت مناقشته أو الاتفاق عليه أثناء الزيارة، والاكتفاء بتصريحات مقتضبة ومقننة تتحدث عن تفاصيل عامة عما دار فيها.

وبحسب المكتب الإعلامي لحكومة الوحدة أكد بيرنز "ضرورة تطوير التعاون الاقتصادي والأمني بين البلدين". وأشاد بـ"حالة الاستقرار والنمو الذي تشهده ليبيا خلال الفترة الأخيرة"، بينما قالت وزيرة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش إن "الاجتماع مع مدير وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية شهد تبادلات مثمرة حول التعاون في القضايا الأمنية، مما يمهد الطريق نحو الاستقرار والانتخابات". 

وأضافت المنقوش، عبر حسابها على "تويتر"، "نتطلع إلى ترجمة هذه المبادرات الممتازة إلى خطوات ملموسة في القريب العاجل". 

في المقابل، أفاد الناطق باسم حكومة الوحدة الوطنية الموقتة محمد حمودة بأن "الهدف الرئيس من زيارة مدير الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز لليبيا هو تحقيق الاستقرار في البلاد".

واعتبر حمودة، في تصريح صحافي، أن "الولايات المتحدة الأميركية تسعى إلى دعم ليبيا دولياً حتى يتسنى للبلاد إجراء انتخابات جديدة قريباً".

وأشار إلى أن "لقاء رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة ومدير الاستخبارات الأميركية بحث قضايا مشتركة بين البلدين، كما ناقشا الحرب الروسية ضد أوكرانيا ومكافحة الإرهاب والقضايا المتعلقة بالنفط". 

واشنطن ترفض التعليق

من جانبه، أعلن المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس أن "وزارته ترفض التعليق على زيارة مدير الاستخبارات الأميركية وليام بيرنز إلى ليبيا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد برايس أن "واشنطن منخرطة مع القادة الليبيين وشركائهم الإقليميين من أجل تحديد موعد للانتخابات استجابة لرغبة 2.5 مليون ليبي سجلوا بياناتهم للتصويت خلال الانتخابات المؤجلة".

وزاد هذا التكتم الأميركي عن أسباب هذه الزيارة غير المعلنة من اهتمام المراقبين في ليبيا، وحجم التكهنات بخصوصها، مع ترقب لنتائجها في القريب العاجل، لا سيما ما يتعلق بتسليم مزيد من المتهمين في قضية "لوكربي"، على رأسهم رئيس الاستخبارات الليبي السابق عبدالله السنوسي، الرجل الثاني في نظام القذافي، الذي يقبع حالياً في سجن بالعاصمة الليبية.

حماية المصالح الأميركية

الباحث القانوني الليبي رمضان التويجر يرى أن الزيارة، بغض النظر عن ماهية أسبابها، تدل على أن هناك تهديداً ما للمصالح الأميركية في ليبيا استوجب التحرك على هذا المستوى.

وقال التويجر، "يبدو أن خطراً ما يداهم وجود ومصالح الولايات المتحدة الأميركية في ليبيا هو ما جعل مدير الـ(سي آي أي) يجري هذه الزيارة، وفي هذا الوقت بالذات".

وأضاف أن "الزيارة تأتي في الوقت الذي تفقد فيه ليبيا سيادتها واستقرارها، وتتمركز القواعد والقوات الأجنبية من مختلف الأطراف الدولية المتصارعة للسيطرة على العالم في كل مكان من أرضها".

وطالب السلطات الليبية بأن تخلق نوعاً من التوازن في علاقتها الدولية، لأن كل المتدخلين في الشأن الليبي يسعون خلف مصالحهم، "أتمنى من الأطراف الليبية العمل على توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية، وإخراج جميع القوات الأجنبية والمرتزقة، والتصالح فيما بينها، وإقامة علاقات متوازنة وقوية مع مختلف الأطراف الدولية، بما فيها الولايات المتحدة وروسيا، بما يعيد سيادة ليبيا ويجعلها بلداً محايداً".

دعم في وقته

بدوره، اعتبر المحلل السياسي محمد الهنقاري أن الزيارة تشكل دعماً كبيراً للحكومة جاء في وقته، وبمثابة اعتراف علني وتجديد لشرعية الدبيبة".

وقال إن "الهدف من الزيارة فتح ملف التعاون في مجال مكافحة الإرهاب بعد أن أثبت الدبيبة سيطرة حكومته القوية السياسية والإدارية والأمنية على المنطقة الغربية وتمسكها بالذهاب إلى الانتخابات.

خلط الأوراق

زيارة مسؤول أميركي من هذا الحجم إلى ليبيا لأول مرة منذ عام 2012، ووسط ظروف معقدة في البلاد، وبعد أسابيع من تسليم مسعود بوعجيلة المثير للجدل لواشنطن، وكذلك الأوضاع الدولية شائكة الذي يسودها التوتر على خلفية الحرب الروسية ضد أوكرانيا، كل ذلك يجعل هذه الزيارة جديرة بالاهتمام الذي انصب عليها، بحسب الكاتب والأكاديمي الليبي فرج الجارح.

ويرى الجارح أن "هذه الزيارة ستخلط الأوراق تماماً في المشهد الليبي، فمن جهة من الطبيعي أن يتوقع الجميع الآن تسليم عبدالله السنوسي أكبر الشخصيات المستهدفة في ملف قضية "لوكربي"، وصندوق القذافي الأسود المليء بالأسرار، الذي تريد واشنطن فتحه والبحث في خباياه بلا أدنى شك".

وأضاف، "إذا سلم السنوسي فعلاً، فأعتقد أننا أمام خطر انفجار قنبلة موقوتة ستقلب الأوضاع رأساً على عقب، ولنا أن نتخيل فقط تنفيذ قبيلته لتهديدها في حالة تسليمه بقطع الماء والنفط عن الشمال، وطرابلس تحديداً، وكيف سيكون الوضع بعدها".

وقال إن "حكومة الدبيبة تلعب بالنار، وأعرف أنها منتشية حالياً بهذه الزيارة، لكن لو صدقت الأقاويل، وسلمت عبدالله السنوسي، فأنا أتوقع أن تكون هذه الضربة الأخيرة لها، خصوصاً مع استغلال الأطراف المعارضة لها للثورة الشعبية التي سيشعلها هذا الحدث لو وقع".

هدف غير معلن

يعتقد الصحافي الليبي هشام بن صريتي أن التحرك الأميركي الملحوظ في الملف الليبي منذ تسلم إدارة الرئيس جو بايدن له أهداف كثيرة تصب لتحقيق هدف واحد، حيث "تتحرك الإدارة الأميركية في سياق الأزمة الليبية عبر مسارات سياسية وعسكرية ودبلومـاسية".

وقال "من الناحية العسكرية ترعى القوات الأميركية العاملة في أفريقيا (أفريكوم)، مباحثات اللجنة العسكرية (5+5)، كما أطلقت تحذيراتها للميليشيات المسيطرة على غرب البلاد بعدم تحريك أي آليات عسكرية تابعة لها تنفيذاً لقرار وقف إطلاق النار".

وأضاف، "سياسياً، تلقي الإدارة الأميركية بثقلها في رعاية كل المباحثات السياسية، حتى أصبحت شريكاً للأمم المتحدة برعاية كل المفاوضات الرامية إلى الوصول إلى الانتخابات البرلمانية والرئاسية".

وأوضح ابن صريتي، "من المعلوم أن الإدارات الأميركية السابقة كانت تتخذ مواقف توصف بأنها أقل انخراطاً، بينما اتخذت إدارة بايدن موقفاً مختلفاً، يقوم على ضرورة أن تلعب الولايات المتحدة دوراً مؤثراً ومباشراً في الأزمة الليبية".

وأشار إلى أن دور إدارة بايدن "يرتكز على تحجيم الدور الروسي البارز في هذا الملف، وأعتقد أن هناك رأساً أكبر من رأس عبدالله السنوسي ستطارده الولايات المتحدة قريباً لتحقيق هذا الهدف، وهو سيف الإسلام القذافي الذي تدعم موسكو عودته للسلطة، لأنه سيطلق يدها في ليبيا بلا منافسة، بسبب حلفها القديم مع والده والحالي معه".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات