Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاقتراض الحكومي الضخم يخيم على الأسواق الأوروبية

يتوقع أن تزيد الحكومات إصدار السندات بنسبة 10 في المئة في عام 2023

فاجأت ألمانيا المستثمرين بإعلانها أنها ستبيع نحو 300 مليار يورو من السندات في عام 2023 (رويترز)

يستعد المستثمرون لتحرك الحكومات الأوروبية بقيادة ألمانيا لإغراق السوق بالديون الجديدة في العام المقبل، حيث تنفق هذه الحكومات بكثافة لحماية اقتصاداتها من ارتفاع كلفة الطاقة. ومن المتوقع أن تزيد الحكومات في أوروبا إصدار السندات بنسبة 10 في المئة إلى 1.2 تريليون يورو (1.45 تريليون دولار) في عام 2023، أي ما يعادل نحو 1.27 تريليون دولار، وفقاً لبيانات من بنك "دانسكي إيه/ إس" الذي يغطي 13 دولة. ويأتي ذلك في وقت يتراجع فيه البنك المركزي الأوروبي عن دوره كمشترٍ شره للسندات الحكومية في منطقة اليورو، مع خطط للبدء في تقليص محفظته من السندات في مارس (آذار) المقبل.

ألمانيا وبيع السندات

وفاجأت ألمانيا المستثمرين الأسبوع الماضي بإعلانها أنها ستبيع نحو 300 مليار يورو (361.5 مليار دولار) من السندات في عام 2023، وهو رقم قياسي مرتفع بنحو 70 مليار يورو (84.3 مليار دولار) عن العام الحالي. وسيساعد الاقتراض الجديد في تمويل حزمة إغاثة طاقة بقيمة 200 مليار يورو (241 مليار دولار) وإنفاق إضافي على مشاريع الدفاع وتغير المناخ.
وقال بيت هينز كريستيانسن، الخبير الاستراتيجي للدخل الثابت في "بنك دانسكي" لـ"وول ستريت جورنال"، إن تدفق الديون الجديدة يمثل تراجعاً من ألمانيا التي تتوخى الحذر مالياً، ويمكن أن يمنح دول منطقة اليورو الأخرى مساحة أكبر للتنفس أيضاً لزيادة إصدار ديونها". وأضاف كريستيانسن، "إنه تغيير جوهري لألمانيا كما يمنح دول منطقة اليورو الأخرى بعض المساحة".
وخصصت الدول الأوروبية 705.5 مليار يورو (850.3 مليار دولار) لحماية المستهلكين من ارتفاع كلفة الطاقة، وفقاً لمركز الأبحاث "بروغيل"، مقره بروكسل.
وسيحتاج المستثمرون إلى امتصاص 600 مليار يورو (723.1 مليار دولار) إضافية العام المقبل، وفق بيانات بنك "دانسكي" التي تتضمن تأثير خطط البنك المركزي الأوروبي على تقليص محفظة سنداته بدءاً من نحو 15 مليار يورو (18 مليار دولار) شهرياً، في حين لا يخطط البنك المركزي الأوروبي لبيع السندات مباشرة، ولكن بدلاً من ذلك سيعيد استثمار عدد أقل من عائدات السندات المستحقة.
ومنذ أن بدأ البنك المركزي الأوروبي برنامجه لشراء السندات في عام 2015، حصل على سندات أكثر مما أصدرته الحكومات، حيث جمع محفظة بقيمة 5 تريليونات يورو (6 تريليونات دولار).
وسيكون عرض السندات الذي سيصل إلى السوق في العام المقبل هو الأكبر منذ أن أطلق البنك المركزي الأوروبي البرنامج، وستكون المرة الثالثة فقط في تسع سنوات التي يكون فيها صافي عرض السندات إيجابياً، مما يعني أنه سيكون هناك مزيد من السندات المبيعة أكثر مما يشتريه البنك المركزي الأوروبي (لا يشتري البنك المركزي الأوروبي السندات مباشرة من الحكومات، بل يشتريها في الأسواق الثانوية).
وقال كريستيانسن، "إنه عالم جديد تماماً. كان البنك المركزي الأوروبي مشترياً هائلاً من جانب واحد، ولن يكون لاعباً نشطاً بعد الآن لخفض الأسعار".

مخاوف المستثمرين وأزمة الديون

في حين أن قلة من المستثمرين أو المحللين يرون أن المخاوف في شأن العرض تمتد إلى أزمة ديون شاملة في منطقة اليورو، لكن الحكومات ستضطر إلى الاقتراض بأسعار فائدة أعلى، وقد يواجه المستثمرون مزيداً من التقلبات بعد أسوأ عام على الإطلاق بالنسبة إلى أسواق السندات في الكتلة، كما انخفض مؤشر السندات الحكومية في منطقة اليورو بنسبة 16 في المئة هذا العام، وهو أسوأ أداء في تاريخه البالغ 37 سنة، وفق لمؤشر "آي سي إيه داتا سيرفيسيز".
وقالت أورلا غارفي، مديرة محفظة الدخل الثابت في "فيديريتيد هيرميز"، "لا أعتقد أن أي شخص يتوقع إضراب المشترين". وأضافت، "إذا كان هناك عرض ضخم، فأنت تريد التأكد من شرائها بالسعر المناسب. ولا يلزم تحويل ذلك إلى شيء مزعج للغاية للسوق، ولكن يجب أن يكون هناك بعض التوقعات بأن المشترين سيطالبون بمزيد من علاوة المخاطرة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


إيطاليا الأكثر مديونية

وكان العائد على السندات الحكومية الألمانية لأجل 10 سنوات قد انخفض من سالب 0.1 في المئة في بداية هذا العام إلى 2.4 في المئة يوم الخميس الماضي، في حين تضاعفت عائدات السندات القياسية في إيطاليا أربع مرات تقريباً، بينما زادت عائدات السندات الإسبانية ستة أضعاف تقريباً.
وسيبقى اقتراض إيطاليا في دائرة الضوء كواحدة من أكثر البلدان مديونية في منطقة اليورو والأكثر حساسية لتقلبات السوق. وقالت إيطاليا هذا الأسبوع إنها تخطط لبيع ما يصل إلى 320 مليار يورو (385.7 مليار دولار) من السندات في عام 2023، مقارنة بـ285 مليار يورو (343.5 مليار دولار) هذا العام.
وكانت عائدات السندات الإيطالية ترتفع بوتيرة أسرع من تلك التي في ألمانيا، والتي يراقبها المستثمرون كمقياس لضائقة منطقة اليورو، كما حققت السندات الإيطالية ذات السنوات العشر عائداً بـ2.2 نقطة مئوية أكثر من السندات الألمانية المماثلة هذا الأسبوع، وهو أكبر فارق منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. في حين لا يتوقع مدير محفظة في شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت"، كونستانتين فيت، حدوث اضطرابات كبيرة في أسواق السندات، حيث إن الزيادة في عرض السندات وخطط البنك المركزي الأوروبي لبدء تفكيك محفظته من السندات قد وصلت بشكل جيد إلى الأسواق. وقال إن "ما يهم أكثر، على سبيل المثال، لإيطاليا، هو التطورات السياسية المحلية أو على المستوى الأوروبي وليس صورة العرض أو مشاركة البنك المركزي الأوروبي". وأضاف، "أميل إلى الاعتقاد أنك بحاجة إلى مفاجأة حتى يكون هذا مناسباً بشكل خاص".
وكانت المملكة المتحدة عرضت على المستثمرين إحدى هذه المفاجآت في سبتمبر (أيلول) الماضي، عندما وضعت رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز تراس خططاً للتخفيضات الضريبية وحزمة الطاقة التي كانت ستتطلب زيادة كبيرة في الديون. ومن ثم ألغت حكومة تراس خطط التخفيضات الضريبية هذه بعد أسابيع فقط بعد بيع تاريخي في أسواق السندات الحكومية في المملكة المتحدة، قبل أن تعلن استقالتها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وحتى من دون التخفيضات الضريبية التي كانت ستقرها تراس، من المتوقع أن تصدر المملكة المتحدة 180 مليار جنيه استرليني (216.9 مليار دولار)، في شكل سندات جديدة في السنة المالية التي تبدأ في أبريل (نيسان) المقبل، ارتفاعاً من 90 مليار جنيه استرليني (108.4 مليار دولار) هذا العام وفق بيانات من "جيه بي مورغان تشيس" وشركاه. ويتضمن ذلك تأثير استرداد السندات وخطط بيع السندات لـ"بنك إنجلترا".
وقال ديفيد كومبس، رئيس الاستثمارات متعددة الأصول في صندوق "راثبونز" في المملكة المتحدة، إن "هذا العرض يقلقني، ولهذا أشتري سندات الخزانة الأميركية".
وكان العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 3.667 في المئة يوم الخميس 22 ديسمبر (كانون الأول)، في حين كان عائد السندات البريطانية المماثلة عند نحو 3.592 في المئة. وقال كومبس، "أنا لا أحصل على تعويض مناسب عن مخاطر إقراض حكومة المملكة المتحدة".

اقرأ المزيد