Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بكتيريا خارقة" مهددة للصحة تفيض بها أنهار المملكة المتحدة

تم العثور على نوع مقاوم للمضادات الحيوية في مجار مائية على مقربة من مزارع صناعية بريطانية

تم العثور على سلالات البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية في أنهار مجاورة لمزارع صناعية تربى فيها الخنازير والدجاج (غيتي)

لم تكن الممرات المائية في بريطانيا في هذه الحال المؤسفة من قبل!

فلقد خضع كثير منها للتجريف، أو تقويم مساراتها أو صبها بالخرسانة. كما تتعرض تلك المتبقية منها لعمليات استخراج للمياه بطريقة غير مستدامة، أو يتم استغلالها من قبل شركات متربحة كأنابيب تدفق فائضة للصرف الصحي مع فرض القانون ضغوطاً هزيلة عليها من أجل الإصلاح. وفي شتى أنحاء البلاد، تغمر الأنهار والجداول بالمخلفات التي تضخها الأراضي الزراعية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما تترك المبيدات الزراعية والأسمدة المتدفقة من الحقول آثاراً مدمرة في الحياة النباتية والحيوانية في هذه النظم الإيكولوجية البالغة الأهمية التي تقاسي مشكلات عدة، من بينها تسمم الأسماك والحشرات، واستنزاف الأوكسجين من المياه بفعل الانتشار الطحلبي الضخم، وتحول الأنهار إلى خلطات من مواد كيماوية عالية التركيز لا يستطيع أي كائن حي فيها البقاء على قيد الحياة.

أخيراً، قدم الباحثون تفاصيل جديدة تبعث على القلق حول "التأثيرات بعيدة المدى" التي تطرحها مخلفات المزارع وتربية المواشي على مجارينا المائية، إذ تعج الأنهار المحيطة بالمزارع الصناعية في المملكة المتحدة ببكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية.

التقرير، وهو الأول من نوعه في المملكة المتحدة، رصد بكتيريا "خارقة" [بمعنى أنها مقاومة للأدوية المتوافرة] في الأنهار والمجاري المائية في المناطق التي تضم كثيراً من المزارع الصناعية.

من المعلوم أن "الإشريكية القولونية" E. coli و"المكورات العنقودية الذهبية" S. aureus هما نوعان شائعان من البكتيريا اللذان يلحقان بالإنسان والحيوان أشكالاً عدة من العدوى والمرض.

هذا وقد تم العثور على سلالات من نوعي البكتيريا تلك، كلاهما قادر على مقاومة المضادات الحيوية في أنهار مجاورة لمزارع صناعية تربى فيها الخنازير والدجاج، وكذلك في المجاري الطينية لمزارع صناعة الألبان الكبيرة.

البحث الذي أعدته "المنظمة العالمية لحماية الحيوان" World Animal Protection، و"تحالف عدم الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية" The Alliance to Save Our Antibiotics و"مكتب الصحافة الاستقصائية" Bureau of Investigative Journalism، أثار "نداءات عاجلة تدعو حكومة المملكة المتحدة إلى فرض حظر على الاستخدام الروتيني للمضادات الحيوية على الحيوانات السليمة في المزارع".

العينات التي تم الحصول عليها كانت قد جمعت من مناطق مختلفة حول المملكة المتحدة تنتشر فيها تربية المواشي وزراعة المحاصيل، من بينها "ساسكس" و"نورفولك" و"واي فالي"، وقد تصدرت هذه الأخيرة عناوين الصحف بسبب المستوى المهول من التلوث الناجم عن مزارع الدجاج، الذي يخلف معدلات عالية من النيترات والفوسفور، مما يشكل مناطق ميتة إيكولوجياً.

فريق البحث قال إن نحو 80 في المئة من جميع حيوانات المزارع في المملكة المتحدة تعيش في مزارع صناعية، مضيفاً: "الظروف القذرة والقاسية والضيقة التي تتسم بها هذه المزارع تفرض الحاجة إلى الاستخدام الواسع للمضادات الحيوية الوقائية - التي من دونها لن تقوى تلك الحيوانات على النجاة".

 

وحذر الفريق من أن هذه البكتيريا الخارقة التي تجد طريقها من المزارع الصناعية إلى الأنهار، يسعها بعد ذلك أن تصل إلى الناس بطرائق عدة، من بينها مثلاً مياه الشرب والسباحة والأنشطة الترفيهية، أو تناول الأسماك التي تعيش في  المياه الملوثة. كما أكدوا أنه "ما لم تتخذ الحكومة الإجراءات المناسبة، ستواجه المملكة المتحدة أزمة صحية بشرية، إذ يكون علاج المرض محالاً بسبب مقاومة المضادات الحيوية".

تطرقت إلى النتائج ليندسي دنكان، مديرة الحملات الزراعية في جمعية "حماية الحيوان في العالم" World Animal Protection فقالت إن تقريرهم "يكشف عن أن أنهارنا غارقة في الكائنات الممرضة الخارقة".

وتضيف أنه "وفق تقديرات ’منظمة الصحة العالمية‘، ستكون مقاومة المضادات الحيوية السبب الرئيس للوفاة على مستوى العالم بحلول عام 2050، بكلفة اقتصادية إجمالية تبلغ 66 تريليون جنيه استرليني - إنها أزمة صحية بشرية".

ودعت دنكان وزملاؤها "حكومة المملكة المتحدة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة الآن، من أجل رفع معايير رعاية حيوانات المزراع، والحؤول دون معاناتها، وحظر الاستخدام الوقائي الروتيني للمضادات الحيوية في تربيتها".

في رأي دنكان، "مع إدخال تحسينات على رعاية حيوانات المزارع، ستنتفي الحاجة إلى الاستخدام الخطر وغير الضروري للمضادات الحيوية التي تهدد صحة الإنسان".

كذلك قال كويلن نونا، المستشار العلمي لدى جمعية "جمعية حماية التربة" Soil Association و"تحالف عدم الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية"، إن ما يربو على مليون شخص يموتون سنوياً حول العالم بسبب ارتفاع معدلات مقاومة المضادات الحيوية، مسلطاً الضوء على مدى تفاقم المشكلة نتيجة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية المنتشرة في البيئة.

وأضاف: "غالبية المضادات الحيوية التي يتناولها الإنسان أو الحيوانات تخرج من الجسم مصحوبة ببكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية. عندما ينتشر السماد أو الطين على اليابسة، يزداد عدد البكتيريا المقاومة في التربة والمياه، ويمكن أن ينتهي الأمر بها على المحاصيل. أفضل طريقة للحد من تأثير الزراعة تكون بفرض خفض كبير على استخدام المضادات الحيوية، وذلك من خلال إبقاء الحيوانات في ظروف صحية جيدة، فلا تحتاج إلى الأدوية إلا نادراً".

الدكتورة شيرين قسام، استشارية أمراض الدم ومؤسسة "اختصاصيو الصحة القائمة على النبات" في المملكة المتحدة ذكرت أنه: "بصفتي طبيبة استشارية في المستشفى، أجد أن مرضاي يتأثرون فعلاً بشكل مباشر بعواقب الاستخدام الواسع النطاق للمضادات الحيوية في تربية المواشي. تعد العدوى المقاومة للمضادات الحيوية أمراً شائعاً، وقد أكدت بيانات عالمية أنه لا يوجد بلد بمنأى عن العواقب الوخيمة لهذه العدوى، مع ارتفاع معدلات الوفيات الناجمة مباشرة عن هذه العدوى المقاومة للمضادات الحيوية".

 وختمت الدكتورة قسام: "لا شك في أن تقليص العبء المتعلق بالصحة الناتج من العدوى المقاومة للمضادات الحيوية يتطلب منا خفضاً كبيراً في إنتاج واستهلاك الأطعمة المشتقة من الحيوانات، مع التركيز بشكل خاص على القضاء على أساليب الزراعة المكثفة التي تستلزم الإفراط في استخدام المضادات الحيوية".

© The Independent

المزيد من بيئة