Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متى يُسدل البنك المركزي الأميركي الستار على ملف التضخم ورفع الفائدة؟

محللون يحذرون من الاستجابة لمخاوف المستثمرين ووقف دورة التشديد النقدي

أجبر التضخم البنوك المركزية على العودة لدورها التقليدي المتمثل في رفع الفائدة (رويترز)

على رغم استمرار ارتفاع وتيرة التضخم عالمياً، يتوقع محللون أن ترفع البنوك المركزية الكبرى في العالم أسعار الفائدة بأحجام أقل خلال الأشهر المقبلة، مع اتجاه التضخم نحو التباطؤ في أجزاء كثيرة من العالم بينما تتزايد مخاطر الركود.

في مذكرة بحثية حديثة، ترى مؤسسة "كابيتال إيكونوميكس"، أن معظم البنوك المركزية العشرين التي تتبعها - بما في ذلك مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي وبنك إنجلترا، سترفع أسعار الفائدة بنسبة 25 إلى 50 نقطة أساس خلال اجتماعاتها المقبلة.

ووفق بيان، كشفت نائبة رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، لايل برينارد، أنه من المرجح أن يقوم البنك المركزي الأميركي برفع أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس خلال اجتماعه يومي 13 و14 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بعد بيانات الأسبوع الماضي والتي أظهرت تباطؤ التضخم بشكل أسرع مما كان متوقعاً.

ومنذ الربع الثاني من العام الحالي، قامت العديد من البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة في إطار محاولات ترويض التضخم المرتفع والذي سجل أعلى مستوى في أكثر من 4 عقود، وهو ما تزامن مع ارتفاعات قياسية في أسعار السلع والغذاء، والقفزة القياسية في أسعار الطاقة وبخاصة بعد بدء الحرب الروسية في أوكرانيا في نهاية فبراير (شباط) الماضي.

زيادات إضافية

في تصريحات حديثة، قال خبير الاقتصاد العالمي، وكبير المستشارين الاقتصاديين في "أليانز"، محمد العريان، إن البنوك المركزية الكبرى لا يمكنها التراجع عن جهود رفع الفائدة للسيطرة على التضخم، على رغم الضغوط التي تفرضها الخسائر التي تواجه الأسواق المالية.

وذكر أنه "بعد تقديم دفعة طويلة من الأموال المجانية تقريباً وتوفير السيولة الوفيرة، أجبر التضخم البنوك المركزية على العودة لدورها التقليدي المتمثل في رفع الفائدة لتقليص وتيرة صعود الأسعار وتهدئة الاقتصاد والأسواق".

لكن على رغم الضغوط من قبل السياسيين والمستثمرين في الأسواق ومشتري المنازل، لا يجب أن يتراجع البنك المركزي الأميركي عن تشديد السياسة النقدية واستمرار رفع أسعار الفائدة. وحذر العريان، من تسارع التضخم مجدداً والتوقعات بشأن ترسخ التضخم، ما يشير إلى دخول الاقتصاد العالمي في موجة من الركود العميق خلال الفترة المقبلة.

في الوقت نفسه، يرى رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ولاية أتلانتا، رفائيل بوستيك، دليلاً محدوداً على أن السياسة النقدية المتشددة نجحت في إبطاء التضخم، مشيراً إلى الحاجة لاستمرار رفع معدلات الفائدة بشكل إضافي. وأضاف في مقال منشور على موقع البنك الأميركي: "تشديد السياسة النقدية لم يقيد النشاط بالشكل الكافي لكبح التضخم المتسارع، أتوقع الحاجة لمزيد من عمليات رفع الفائدة للحصول على سياسة مقيدة بما يكفي لإعادة معدل التضخم عند المستوى المستهدف والبالغ نحو 2 في المئة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وذكر أنه من المرجح أن يستغرق الأمر عدة أشهر قبل ظهور التأثير الكامل لرفع معدلات الفائدة على التضخم، مشيراً إلى ضرورة النظر إلى الإشارات الاقتصادية بخلاف التضخم. وأوضح، أن تشدد سوق العمل في الولايات المتحدة يبقي الضغوط الصاعدة على الأجور، وهو ما تسبب في استمرار تسارع التضخم في قطاع الخدمات.

لكن في المقابل، توقع رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا، باتريك هاركر، أن يقلص البنك المركزي الأميركي، من وتيرة رفع معدلات الفائدة، مع وصول السياسة النقدية لمستويات مقيدة. وأوضح أنه "خلال الأشهر المقبلة، وفي ضوء التشديد النقدي التراكمي الذي مارسه البنك الاحتياطي الفيدرالي، أتوقع أننا سنقوم بإبطاء وتيرة رفع الفائدة مع اقترابنا من موقف مقيد بشكل كافٍ". وتابع: "أتوقع أننا سنبقي معدلات الفائدة عند مستويات مقيدة للنشاط لفترة من الوقت، للسماح للسياسة النقدية بالقيام بعملها".

5 زيادات متتالية

وفي بداية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، قررت لجنة السوق المفتوحة بمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، رفع أسعار الفائدة على الأموال الفيدرالية 75 نقطة أساس لتصل إلى نطاق بين 3.75 في المئة و4 في المئة، وهو أعلى مستوى له منذ أوائل عام 2008. وأشار البنك المركزي الأميركي، إلى تغيير محتمل في كيفية تعامله مع السياسة النقدية لخفض التضخم.

وبدأت رحلة الفيدرالي الأميركي في رفع أسعار الفائدة، في مارس (آذار) الماضي، مع وصول التضخم لمستويات قياسية، وبدء تبني سياسات نقدية أكثر تشدداً لمواجهته. وتلجأ البنوك المركزية غالباً إلى رفع أسعار الفائدة وتشديد الإقراض في وقت التضخم المرتفع، من أجل سحب السيولة من الأسواق، بما يدعم السيطرة على الأسعار.

ورفع البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الأولى في نحو 4 سنوات خلال شهر مارس الماضي بنسبة 0.25 في المئة، وتبعتها زيادة بنسبة 0.5 في المئة في اجتماع مايو (أيار) الماضي، ثم بنسبة 0.75 في المئة في اجتماع يونيو (حزيران) الماضي والتي كانت أعلى نسبة رفع منذ عام 1994.

ثم قرر الفيدرالي الأميركي رفع أسعار الفائدة خلال اجتماع يوليو (تموز) الماضي بنسبة 0.75 في المئة. ثم قام بزيادتها بنحو 75 نقطة أساس خلال اجتماع سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخيراً تمت زيادتها بنحو 75 نقطة أساس في اجتماع نوفمبر الحالي.

لكن تسببت الموجة المستمرة من رفع أسعار الفائدة في السوق الأميركية، في زيادة معدل الرهن العقاري لآجل 30 عاماً لتتجاوز نحو 7 في المئة. كما تسببت في هبوط أسواق الأسهم بأكثر من 20 في المئة منذ بداية العام الحالي.

ووفق البيانات الرسمية، فقد سجل التضخم السنوي في الولايات المتحدة الأميركي تباطؤاً عند 7.7 في المئة خلال أكتوبر الماضي، مقابل نحو 8.2 في المئة خلال سبتمبر السابق له، ما أثار توقعات بشأن اقتراب خفض وتيرة رفع الفائدة أو وقف عمليات الزيادة.

وعلى رغم بدء تراجع وتيرة التضخم، لكن الأسواق المالية تتوقع رفع الفائدة في السوق الأميركية بمقدار 50 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر المقبل، على أن ينهي البنك المركزي الأميركي سياسة التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة خلال الربع الثاني من العام المقبل.