Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لماذا يتجه ريشي سوناك لمواجهة بنك إنجلترا؟

سلطة استدعاء رئيس الوزراء البريطاني "المركزي" قد تضر بالقدرة التنافسية لمدينة لندن أو تطلق العنان لإصلاحات ما بعد "بريكست"

يصر الوزراء والنقاد في بريطانيا على أن إدخال "سلطة التدخل" أمر ضروري لضمان الدفع بالإصلاح التنظيمي (رويترز)

اتفق ريشي سوناك وليز تراس على القليل جداً خلال انتخابات قيادة حزب المحافظين، لكنهما في الأقل وجدا أرضية مشتركة في شأن قضية واحدة وهي سلطة استدعاء تنظيمية. هذه الآلية التي اقترحها سوناك في الأسابيع الأخيرة من فترة وجوده في وزارة الخزانة، ستسمح للوزراء باستخدام حق النقض (الفيتو) النهائي على القرارات التي تتخذها هيئة مراقبة المدينة وهيئة التنظيم الاحترازية التابعة لـ"بنك إنجلترا" (PRA). على رغم العواقب المحتملة لمثل هذه الخطوة، كان رد الفعل خلال الصيف صامتاً. 

ومن المفهوم أن أندرو بايلي، محافظ البنك المركزي الإنجليزي، أعرب بشكل خاص عن عدم موافقته في اجتماعاته مع سوناك بهذا الشأن، ولكن بالنظر إلى أن تراس كانت تفكر في مراجعة تفويض "بنك إنجلترا"، وإيجازاً بأنها قد تدمج ثلاث هيئات رقابة رئيسة، فقد خاض المنظمون أكبر المعارك. 

واليوم وبعد أن اضطر البنك والنظام البيئي التنظيمي الأوسع إلى التدخل لتجنب الانهيار المالي في أعقاب الميزانية المصغرة لتراس، خرج التكنوقراط متأرجحون.
وفي الأسبوع الماضي لم يخف ريتشارد لويد، الرئيس الموقت لهيئة السلوك المالي (FCA)، تنديده بصلاحية الاستدعاء المقترحة أمام لجنة الخزانة. وقال "حتى لو تم استخدامه بشكل ضئيل للغاية، فإن التصور الذي يأتي مع قدرة الوزراء على توجيه المنظمين المستقلين سيقوض استقلالنا. لقد أوضحنا للوزراء أن هذا يشكل مصدر قلق كبير لنا". 

جاء ذلك بعد أسابيع فقط من استخدام سام وودز، رئيس هيئة التنظيم الاحترازية التابعة لبنك إنجلترا (PRA) نائب محافظ البنك، خطابه أمام تجمع كبير من "سكوير مايل" في "مانشن هاوس"، للتنديد العلني بهذه الخطوة. 

وقال وودز إن الاستدعاء من شأنه أن يضر بالقدرة التنافسية لمدينة لندن، ويقوض مصداقيتها الدولية ويخلق نظاماً "ينفجر فيه التنظيم المالي أكثر بكثير مع الريح السياسية". وأضاف "هذه ليست ميزات من شأنها أن تجعل المملكة المتحدة مكاناً أكثر جاذبية للشركات الدولية للقيام بأعمال تجارية فيها".

سلطة التدخل والإصلاح التنظيمي 

بالنسبة إلى المنظمين الذين عادة ما يفضلون تجنب الأضواء فإن هذه التدخلات تمثل تصعيداً كبيراً وتسلط الضوء على مدى قوتهم في معارضة هذه الخطوة. 

ومع ذلك يصر الوزراء والنقاد على أن إدخال "سلطة التدخل" أمر ضروري لضمان الدفع بالإصلاح التنظيمي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، وسط الإحباط من أن وتيرة التغيير كانت بطيئة منذ استفتاء عام 2016. حتى إن البعض يعتبرها الطريقة الوحيدة التي يمكن للحكومة أن تنقذ بها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في "سكوير ماي" (أقدم جزء من لندن، وهي مركز تجاري كبير).

"سولفينسي 2" وحاجات يصعب ابتلاعها

الإصلاحات في "سولفينسي 2" (Solvency 2)، وهو كتاب قواعد حقبة الاتحاد الأوروبي التي تتطلب من شركات التأمين الاحتفاظ بمبالغ ضخمة من النقد في ميزانياتها العمومية، تم تحديدها من قبل الوزراء على أنها منطقة معينة تم تأجيلها من قبل التكنوقراط المتغطرسين. وقال السكرتير الاقتصادي لوزارة الخزانة أندرو غريفيث إن السلطة لن تستخدم إلا "عندما تكون هناك مسائل ذات أهمية عامة". 

ولقيت الخطوة المقترحة استقبالاً مختلطاً. ويقول سايمون موريس، شريك الخدمات المالية في شركة المحاماة "سي أم أس" لصحيفة "تلغراف"، "تريد الحكومة تحرير القطاع المالي في المملكة المتحدة من تراث الإدارة الصغيرة لبروكسل... فليس من المستغرب أن يخضع ذلك لمزيد من الرقابة العامة". ويضيف أن احتجاجات المنظمين "يصعب ابتلاعها". 

وزاد "أولاً، يعمل المنظمون حالياً في ظل قيود قانونية واسعة النطاق مع واجبات وخطوط إبلاغ مفصلة يفرضها البرلمان. ثانياً، قالت الحكومة مراراً وتكراراً إنها ستحافظ على معايير المملكة المتحدة على أعلى مستوى لضمان سلامة المدينة ونزاهتها". 

وفي الوقت نفسه، قال آندي بيل، مؤسس منصة الاستثمار "أي جي بيل" المدرجة على مؤشر "فوتسي 250" (مؤشر مرجح للرسملة يتكون من 101 إلى أكبر 350 شركة مدرجة في بورصة لندن)، إنه يدعم السلطة "من حيث المبدأ"، لكنه يحذر من أنه ينبغي "استخدامها باعتدال وليس كوسيلة لتسييس منظمي المدينة، الذين يمثل موقفهم وكيلاً للثقة في المملكة المتحدة. وأضاف "هناك خط رفيع بين أن تكون الجهة الرقابية مستقلة وأن تكون قانوناً في حد ذاتها. في نهاية المطاف ستكون الحكومة مسؤولة عن الإجراءات التي يتخذها منظمو المدينة، لذا فإن الفيتو النهائي لا يبدو غير معقول. فكلما تم استخدام حق النقض هذا، سيكون هناك تدقيق مكثف من قبل المعارضة ووسائل الإعلام وفي نهاية المطاف جمهور التصويت".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تسييس اللوائح لتناسب الأيديولوجيات

في المقابل، بدا البعض الآخر أقل اقتناعاً بمزايا الجهة الرقابية الجديدة، فقال اللورد بيتر كروداس، الرئيس التنفيذي لشركة "سي أم سي ماركتس" للأعمال التجارية، إنه "على رغم أن النظام التنظيمي الحالي ليس مثالياً، فإنه يعمل بشكل جيد وقد يكون لسلطة الاتصال عواقب غير متوقعة". وأضاف "ما يقلقني هو أنه إذا كان للحكومة الكلمة الأخيرة في القرارات التي يتخذها منظمو المدينة، فيمكنهم تسييس اللوائح لتناسب أيديولوجيتهم السياسية". 

فعلى سبيل المثال يمكن أن يكون لديك وزراء داعمون للبقاء يحاولون التوافق مع المنظمين في الاتحاد الأوروبي لإبقاء بريطانيا أكثر انسجاماً مع الاتحاد الأوروبي. أي وضع السياسة في مقدمة ما هو أفضل للشركات المنظمة. 

ويقول رئيس تنفيذي آخر في لندن، "هل ما تفعله وزارة الخزانة ضروري حقاً في الوقت الحالي؟ في نهاية المطاف، تتمتع الحكومة دائماً بسلطة الاتصال، هذا فقط يجعل الأمر صريحاً". 

على رغم معارضة هذه الخطوة، فلن تكون المملكة المتحدة الدولة الأولى التي تقدم مثل هذه القوة. ففي العام الماضي أنشأت الحكومة الأسترالية آلية تمنحها سيطرة مماثلة على منظم الأوراق المالية في البلاد. 

ويسمح بند "توجيهات الوزراء" للحكومة بإعطاء المنظم "التوجيه في شأن السياسات التي ينبغي أن تتبعها، أو الأولويات التي يجب أن تتبعها، في أداء أو ممارسة أي من وظائفها أو صلاحياتها".

السلطة مؤهلة من خلال اشتراط أن يقوم الوزراء بإخطار الهيئة الرقابية أولاً بأنهم يفكرون في استخدامها والسماح لرئيسها بفرصة كافية لمناقشة الاتجاه المقترح مع الوزير. مع الإشارة إلى أنه لم يتم استخدام القوة في أستراليا بعد لتنفيذ هذا البند. 


تعديلات مرتقبة على قانون الخدمات والأسواق المالية 

وفي المملكة المتحدة، لم تنشر الحكومة بعد تعديلها على قانون الخدمات والأسواق المالية الذي سيكون مطلوباً لإدخال سلطة الاستدعاء. ولا يزال يتعين على المنظمين رؤية نسخة مسودة. 

في حين أن غريفيث قد أخر الدفع بالتعديل إلى الأمام في الوقت الحالي، فإن الخلاف العلني بين الوزراء والمنظمين يتحدث عن التوترات المتزايدة بين الجانبين. 

وسيكون الأمر متروكاً لرئيس الوزراء ريشي سوناك ووزير خزانته جيريمي هانت لتقرير ما إذا كانت لديهما الرغبة في استعراض عضلاتهما السياسية، أو ما إذا كانا سيستسلمان للضغط الذي يمارسه تكنوقراط مدينة لندن.