Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مستشرق ألماني يحلل ظاهرة نهاية عصر مصري في 6 روايات

شتيفان غوت يناقش "أدب الانفتاح" في مصر بعد 1970 ويرصد ملامح التحول

القاهرة في السبعينيات من القرن العشرين (موقع وزارة الثقافة)

يتناول كتاب "شهود على نهاية عصر، تحول المجتمع المصري بعد عام 1970" للمستعرب الألماني شتيفان غوت Stephan Guth (ترجمه أيمن شرف إلى العربية وصدر عن المركز القومي للترجمة) ظاهرة اجتماعية - أدبية تشكلت بداياتها في سبعينيات القرن الماضي وتبلورت أدبياً في ثمانينياته تقريباً وذلك من خلال روايات لكل من نجيب محفوظ وفتحي غانم وصنع الله إبراهيم وجمال الغيطاني وعبده جبير، رأى المترجم أنها تنطوي على ما يمكن اعتباره البدايات الأولى، حديثاً للتحول، التغيير/ الانكسار في مسار المجتمع المصري الذي نبتت بذرته في سبعينيات القرن الماضي، وازداد عمقاً وتشعباً عبر العقود الأربعة التالية لنرى نتائجه في مزيد من تحلل قيم إيجابية للجماعة الإنسانية المصرية لصالح قيم فردية سلبية.

وهذه الروايات هي "الحب فوق هضبة الهرم" و"أهل القمة" لنجيب محفوظ و"قليل من الحب كثير من العنف" لفتحي غانم و"رسالة البصائر في المصائر" لجمال الغيطاني" و"اللجنة" لصنع الله إبراهيم و"تحريك القلب" لعبده جبير. وبحسب مقدمة المؤلف فإن فكرة هذه الدراسة التي وافقت عليها جامعة بون أوائل عام 1992 كأطروحة للدكتوراه في الدراسات الإسلامية، جاءت أثناء إقامته لمدة ستة أشهر في مصر في شتاء 1987-1988.

"زمن حاتم زهران"

 

ويقول غوت "ظل بحثي عن موضوع الأطروحة الذي كان هدفي ضمن أمور أخرى من تلك الإقامة بلا نتيجة لفترة طويلة حتى سنحت لي فرصة أن أشاهد فيلم (زمن حاتم زهران) للمخرج محمد النجار وأن أحضر ندوة عنه على هامش مهرجان القاهرة السينمائي، مما جعلني أدرك أنني قد وجدت أخيراً الموضوع الذي كنت أبحث عنه". لاحظ غوت أن هذا الفيلم عالج وضعاً يشبه ما حدث في مقاطعات ألمانيا الشرقية المنضمة حديثاً لألمانيا الاتحادية وفي الكتلة الشرقية السابقة من انفتاح أدى إلى تغيير المجتمعات المحلية بطرق مختلفة، إذ بدأت الشركات الغربية تلعب دوراً مماثلاً لدور الولايات المتحدة والغرب بشكل عام في مصر السبعينيات والثمانينيات، وحدث ما يشبه ظاهرة الطفيليين، وفي هذا السياق اهتزت القيم وبدأت أسأل عما إذا كان الموضوع الذي ناقشه فيلم النجار قد تناولته الروايات والقصص القصيرة الصادرة حديثاً، وخلال فترة وجيزة وضعت قائمة طويلة من الأعمال الأدبية، اخترت منها ست دراسات حالة". ويضيف غوت "حاولت بهذا الاختيار أن أغطي قطاعاً واسعاً من حيث المضمون وأسلوب المؤلفين، ولا يمكنني أن أنكر هنا درجة معينة من التعسف بطبيعة الحال، وأعترف أنني لم يكن بإمكاني أن أقرأ كثيراً من القصص التي أعرف أو أدرك أنها ذات صلة، ولكن بحسب مستوى اطلاعي حتى الآن أعتقد أن الاختيار ما زال معقولاً، إذ لم أكتشف جوانب جوهرية أخرى في الأعمال التي استبعدتها بالمقارنة بالأعمال التي اخترتها هنا".

أدب الانفتاح

عاد غوت مجدداً إلى القاهرة عام 1990 ليطلع على مزيد من الوثائق التي ساعدت في إنجاز أطروحته كما ساعده خلال تلك الزيارة لإنجاز المهمة نفسها إجراء مقابلات مع نجيب محفوظ وعبده جبير وفتحي غانم وجمال الغيطاني وصنع الله إبراهيم. وأجرى مقابلات مع عدد من نقاد الأدب بينهم عبدالمنعم تليمة وعز الدين إسماعيل وشكري عياد وسيزا قاسم وطه وادي وحمدي السكوت وإدوار الخراط. وفي الأخير جاءت دراسته في خمسة أجزاء أولها عبارة عن تمهيد ناقش فيه "الانفتاح، الأسباب والإجراءات والنتائج" و"الظروف العامة للاشتغال بالأدب" و"مصطلح أدب الانفتاح". الجزء الثاني عنوانه "أدب الانفتاح، ست دراسات حالة". وجاء الجزء الثالث تحت عنوان "موضوعات أدب الانفتاح وأشكاله". وخصص المؤلف الجزء الخامس لما سماه "تأملات ختامية"، أما الجزء الخامس فاشتمل على المرفقات والمراجع علماً أن الكتاب إجمالاً في نسخته العربية جاء في 515 صفحة من القطع الكبير.

 

وبحسب ما ورد في كلمة المترجم فإن اختيار شتيفان غوت لأعمال اثنين من الجيل الأقدم - غانم ومحفوظ - إلى جانب أعمال الجيل الأحدث وقتها جبير وصنع الله والغيطاني يرسخ فكرة أن متغيراً كبيراً فرض نفسه على هؤلاء الكتاب جميعاً على رغم تباين رؤى الجيل الأقدم للمجتمع ولطبيعة الظاهرة نفسها مع الجيل الأحدث من الكتاب الذي ينتمي فعلياً للطبقة الوسطى ونال "الانفتاح" من حظوظه بحكم انتمائه لها لكنهم يشتركون في تقديرهم لخطورة التحول. ويبرهن المؤلف بهذا الاختيار أيضاً على حرصه أن تكون "عينات" الدراسة ممثلة لقطاع متنوع أسلوبياً.

الأدب العربي الحديث

حاول المؤلف، بحسب أيمن شرف، بالتصنيف الموضوعي للأعمال المختارة كنماذج ممثلة لـ "أدب الانفتاح" مع وضعها في سياق التحولات الأدبية التي طرأت على الرواية والقصة المصرية في الخمسينيات والستينيات أن يملأ فجوة في الدراسات الغربية عن الأدب المصري – العربي نتجت عن غياب "محاولات جادة لوصف تطورات الأدب العربي الحديث بعيداً من المصطلحات الغربية" كما لو كانت "الرومانسية" و"الواقعية" و"الرمزية" قد "استخدمت بدرجة أو بأخرى في الأدب العربي بشكل متزامن" و"كما لو كانت رؤى العالم التي وضعها الكتاب في الأعمال المصنفة ضمن الرومانسية والواقعية، إلخ، متطابقة مع رؤى الممثلين الغربيين لهذه الحقب، وكما لو كان الكتاب يفتقدون حتى طرق تأمل وتشكيل أصيلة فتبنوا طرق التفكير والكتابة الغربية". وقد نتجت تلك الفجوة كما يقول المترجم عن نقص في عدد الباحثين الغربيين في مجال الدراسات العربية، إضافة إلى أن "ما قدموه من أدوات أساسية لطرق الفرز والإحصاء ما زالت قليلة جداً مقارنة بمناطق ثقافية أخرى"، نظراً إلى حقيقة أن النقد الأدبي العربي "لم يطور بعد معايير واضحة يمكن من خلالها وضع الأعمال الأدبية المنفردة في نسق دقيق للحقب التي يمكن أن تنتمي إليها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي تصديره للكتاب لاحظ عبده جبير من واقع مقابلته مع المؤلف أن شتيفان غوت يتقن اللغة العربية كتابة ونطقاً و"كان يهرول بين المكتبات ويقتني عشرات الكتب حتى يلم بالصورة الكاملة للرواية المصرية المنشورة في هذه المرحلة (السبعينيات والثمانينيات)، علماً أن موضوع رسالته يخص تأثير الانفتاح الاقتصادي على الأدب". وأضاف جبير "روايتي (تحريك القلب) ليست من الروايات التي يمكن الاستشهاد بها في هذا المجال إذا كان المقصود الأمر المباشر في العلاقة بين الأدب والحراك الاجتماعي السياسي الاقتصادي لأنني أظن أنني كاتب من نوع آخر أضع المقصود في إنشاء أدب يهدف لإبراز القيمة الأدبية لا التعرض لموضوع سياسي أو اجتماعي".

واستطرد "لكن شطارة شتيفان ونباهته هي التي جعلته يزج بروايتي في الموضوع لأنه استطاع أن يكشف الطبقات العميقة للرواية، فوجد فيها ما أراد على ما في هذا من إرهاق وسبر للطبقات الخفية التي قد لا تظهر للقارئ العادي. حدد هدفه في دراسة ستة أعمال اختارها من بين عديد من الأعمال الأخرى التي بحثها كدراسة حالة تطبيقية، وبعد أن (فصص) هذه الأعمال واحداً بعد الآخر من كل جوانبه، سواء ما يتعلق بالشكل أو المحتوى، فإنه عاد ووسع عين الكاميرا ليعود ويتناول الصورى الأكثر اتساعاً، سواء في مجال الرواية المصرية بشكل عام والتي هي هدفه الرئيس، فقرأ وبحث وفصص عديداً من الروايات التي نشرت، لا فقط في مرحلة الانفتاح، بل وقبلها منذ بدايات الرواية المصرية في بداية القرن الـ 20 ثم إنه لم يكتف بذلك، بل عاد إلى التاريخ المعاصر بكل محتوياته السياسية والاقتصادية في مراحل أسبق وأوسع لنقل منذ بداية الخمسينيات والستينيات وصولاً إلى السبعينيات فترة الدراسة الأساسية".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة