باشر مفاوضون مكلفون الملف النووي الإيراني لقاءات غير رسمية في فيينا، الخميس الرابع من أغسطس (آب)، حيث التقى كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني مع منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، بعد توقف استمر لأشهر في محاولة لإحياء اتفاق 2015 النووي الذي من شأنه الحؤول دون امتلاك طهران السلاح الذري.
وقالت وكالة "فارس" شبه الرسمية للأنباء، "عقد علي باقري كني اجتماعاً مع مورا في قصر كوبورغ في فيينا".
وللمرة الأولى منذ مارس (آذار) الماضي، تلتقي الأطراف التي لا تزال منضوية في هذا الاتفاق، وهي إيران وروسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا، بمشاركة غير مباشرة للولايات المتحدة، من أجل إحيائه.
ورأت إيللي جيرانمايه، المحللة في المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية، أن هذه الجولة الجديدة من المفاوضات التي انطلقت في أبريل (نيسان) 2021 "قد تسمح بتصحيح المسار وإعطاء دفع ضروري للوصول إلى خط النهاية".
وفي اليوم الأول من المفاوضات، تتالت الاجتماعات الثنائية في قصر كوبورغ حيث تجرى المحادثات. واستقبل مورا في الصباح السفير الروسي ميخائيل أوليانوف ثم نظيره الصيني وانغ كون وأخيراً كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري.
كما عُقد اجتماع منفصل بين الموفدين الإيراني والروسي، وهما عادةً ما يكونان مقربين خلال المناقشات.
ولم يعطِ الاتحاد الأوروبي أي معلومات حول مدة هذه الاجتماعات غير الرسمية ومن غير المتوقع القيام بأي إعلان صحافي.
الموقفان الإيراني والأميركي
وفي طريقه إلى العاصمة النمساوية، كتب كبير المفاوضين الإيرانيين علي باقري كني، في تغريدة، "أتوجه إلى فيينا للتقدم في المفاوضات... الكرة في ملعب الولايات المتحدة لتبدي نضجاً وتتصرف بمسؤولية".
وتجرى المفاوضات في قصر كوبورغ تحت إشراف منسق الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا، المكلف التنسيق مع الوفد الأميركي الذي لا يشارك مباشرة في المفاوضات.
وينزل الموفد الأميركي روبرت مالي الذي توجه إلى فيينا أيضاً، في فندق آخر في الحي نفسه، إذ إن طهران لا تريد اتصالاً مباشراً مع واشنطن.
وفي تغريدة أعلن فيها أنه في طريقه إلى فيينا، سعى مالي إلى التخفيف من التوقعات. وأوضح، "تطلعاتنا متأنية إلا أن الولايات المتحدة ترحب بجهود الاتحاد الأوروبي وهي مستعدة لمحاولة التوصل إلى اتفاق بنية حسنة". وأضاف "سيتضح قريباً جداً إذا ما كانت إيران مستعدة للشيء نفسه".
المفاوضات
وبدأت إيران والقوى المنضوية في الاتفاق النووي مباحثات لإحيائه في أبريل 2021 في فيينا، بمشاركة غير مباشرة من الولايات المتحدة وبتسهيل من الاتحاد الأوروبي.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وعلى الرغم من تحقيق تقدم كبير في المفاوضات، علّقت المباحثات في مارس الماضي مع تبقّي نقاط تباين بين طهران وواشنطن لم يتمكن المعنيون من ردم الهوة بشأنها بعد.
وأجرى الجانبان في أواخر يونيو (حزيران)، مباحثات غير مباشرة في الدوحة بتسهيل من الاتحاد الأوروبي، انتهت من دون تحقيق اختراق.
وقدّم بوريل في 26 يوليو (تموز)، مسودة اقتراح لطهران وواشنطن في محاولة لإبرام تسوية تتيح إعادة تفعيل التفاهم الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018، ودعا الأطراف إلى قبولها لتجنب "أزمة خطيرة".
المطالب الإيرانية
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، إن بلاده درست مقترح بوريل و"عرضت وجهة نظرها"، مشيراً إلى أن طهران تبقي على "تفاؤلها" بشأن إمكان التوصل إلى تفاهم لإحياء الاتفاق.
وأوضح في بيان أن "في هذه الجولة (المقبلة) من المباحثات التي ستجرى كما في السابق بتنسيق من الاتحاد الأوروبي، سيتم التناقش بشأن الأفكار التي تم تقديمها من الأطراف، بما فيها تلك التي تم تقديمها هذا الأسبوع من قبل إيران للطرف الآخر".
ورحب دبلوماسي أوروبي مقره في فيينا بـ"لقاء يظهر إرادة الجميع للمضي قدماً. هذا أمر إيجابي لكن لا شيء مضموناً".
ومن بين العوائق الماثلة، رفع عقوبات عن الحرس الثوري الإيراني. إلا أن جون كيربي، الناطق باسم البيت الأبيض للشؤون الاستراتيجية، جدد الثلاثاء رفض الرئيس الأميركي جو بايدن سحب الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية "في إطار هذه المفاوضات".
وتطالب طهران أيضاً بضمانات في حال عاد بايدن عن تعهداته، فضلاً عن إغلاق تحقيق للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة.
تقدم البرنامج النووي الإيراني
وأتاح الاتفاق المبرم عام 2015 بين طهران وكل من واشنطن وباريس ولندن وبرلين وموسكو وبكين، رفع عقوبات عن إيران لقاء خفض نشاطاتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
غير أن الولايات المتحدة انسحبت أحادياً منه في عام 2018 خلال عهد رئيسها السابق دونالد ترمب، معيدةً فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران التي ردت بالتراجع تدريجاً عن غالبية التزاماتها بموجبه.
وقد تخطّت طهران نسبة تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها في الاتفاق بواقع 3.67 في المئة، رافعةً إياها إلى 20 في المئة في مطلع 2021، قبل أن تتجاوز للمرة الأولى عتبة 60 في المئة مقتربة من 90 في المئة، وهي النسبة اللازمة لتصنيع قنبلة ذرية.
وفي إطار هذا التصعيد، بدأت طهران هذا الأسبوع إمداد "مئات" من أجهزة الطرد المركزي الجديدة بالغاز، وهو إجراء جاء بمثابة رد على العقوبات الجديدة لمنع إيران من بيع نفطها.
وأعرب المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية رافايل غروسي، الثلاثاء، عن قلقه قائلاً، "البرنامج يتقدم بسرعة كبيرة جداً... يزداد من حيث الطموح والقدرة". وأضاف، "في المجال النووي، الكلمات المنمقة لا تكفي"، داعياً إيران إلى "التحلي بالشفافية".