Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"المناصب السيادية" أزمة جديدة تلوح في أفق ليبيا

أول ضحاياها سيكون الصديق الكبير وكتائب مسلحة تتحرك لعرقلة قرار إقالة رئيس مؤسسة النفط

رئيس المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا مصطفى صنع الله (أ ف ب)

لا يزال قرار رئيس حكومة الوحدة الليبية عبد الحميد الدبيبة، إقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، يثير احتجاجات من أطراف محلية ودولية، على الرغم من عقد مجلس الإدارة الجديد المكلف تسيير المؤسسة أول اجتماع له بحضور الدبيبة.

ومع استمرار رفض صنع الله الاعتراف بشرعية قرار إقالته، شهدت العاصمة طرابلس في الساعات الأولى من صباح الأحد 17 يوليو (تموز)، تحركات عسكرية مقلقة من كتائب مسلحة جاءت من مدينة الزاوية لفرض تغيير قرار الدبيبة، قبل أن يتم احتواء الموقف الخطير بشكل مؤقت على الأقل.

في الأثناء، يتحرك مجلس النواب في طبرق لإجراء تغييرات جديدة مثيرة للجدل بالمناصب السيادية. وقالت مصادر متطابقة إن أول ضحاياها سيكون محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، المسؤول الليبي الوحيد الذي صمد في منصبه منذ سقوط نظام القذافي عام 2011 إلى الآن.

العاصمة تستعيد الهدوء

عاد الهدوء الحذر إلى شوارع العاصمة الليبية، بعد ليلة من التحشيدات العسكرية الوافدة من مدينة الزاوية وطرابلس، على خلفية إقالة رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، وتعيين فرحات بن قدارة مكانه.

وقال شهود عيان، إن "القوات الأمنية انتشرت وسط طرابلس رداً على التحشيد العسكري بالبوابة 27 غرب المدينة من مجموعات الزاوية المسلحة، مسقط رأس صنع الله.

وتداول نشطاء على مواقع التواصل مقاطع فيديو لما قالوا إنها "مجموعة مسلحة تابعة لأحد المتهمين بتهريب النفط، يدعى محمد كشلاف، تتجه بسيارات رباعية الدفع نحو طرابلس، بهدف إعادة صنع الله إلى منصبه".

في المقابل، أظهرت مقاطع أخرى تجمعاً لقوات تابعة لحكومة الوحدة متمركزة بمحيط المؤسسة الوطنية للنفط، وتجمعاً آخر قرب "كوبري الغيزان" في طرابلس، لمنع أي تقدم محتمل للمجموعات المساندة لرئيس المؤسسة المقال.

صنع الله يتشبث بمنصبه

وكان رئيس المؤسسة الوطنية للنفط المقال مصطفى صنع الله، صرح لوكالة "رويترز"، بأن "المديرين التنفيذيين والشركات التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط ما زالوا يعترفون به كرئيس لها".

وقال صنع الله إنه "لا يزال في طرابلس، ويعمل على حل الأزمة"، محذراً أنه "من دون ضغوط دولية يمكن أن تؤدي الأزمة إلى ظهور مؤسسة نفط وطنية موازية مثلما حدث خلال الحرب الأهلية الأخيرة في البلاد، عندما حكمت إدارات متنافسة في الشرق والغرب". أضاف، "إذا لم يكن هناك التزام مثل السابق من المجتمع الدولي، فهذا متوقع".

باشاغا بعيد ويراقب

في السياق ذاته، نفت مصادر مقربة من رئيس الحكومة المكلف فتحي باشاغا، علاقته بالتحركات العسكرية الأخيرة في طرابلس، حيث نفى أحمد الروياتي الناشط السياسي المقرب من باشاغا وجود الأخير داخل العاصمة.

وحذر الروياتي، في تدوينة على مواقع التواصل، مما وصفه بـ"محاولة بعض الصفحات والشخصيات المحسوبة على حكومة الدبيبة تسويق أن فتحي باشاغا موجود في العاصمة طرابلس وضواحيها أو يتوجه لها، هو خبر عار عن الصحة تماماً".

وأضاف الروياتي أن "رئيس الحكومة المكلف ما زال موجوداً في مدينة سرت، أما الحراك العسكري النشط في العاصمة ونواحيها فالكل يعرف أسبابه وأطرافه، ولن أزيد".

اجتماع وسط التوتر

وسط هذه الأجواء المتوترة، عقد مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط الجديد، برئاسة فرحات بن قدارة، الأحد، اجتماعاً تحضيرياً بمبنى المؤسسة في طرابلس، بحضور رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة.

وخلال الاجتماع، أكد الدبيبة "اعتماد ميزانية استثنائية للمؤسسة الوطنية للنفط بقيمة 4.5 مليار دينار (مليار دولار)، لمعالجة مشكلات الديون وتطوير الحقول والموانئ للرفع من مستويات الإنتاج".

وقال الدبيبة إنه "يجب تسهيل دخول جميع الشركات الأجنبية الكبرى لزيادة الاستثمار والمساهمة في تطوير قطاع النفط، الذي يجب أن يكون الرقم واحد في الاقتصاد الوطني، والتركيز على تشغيل الشباب الليبي من حملة الشهادات العليا، خصوصاً القاطنين حول مناطق العمليات النفطية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

صفقة أطاحت صنع الله

وأشارت مصادر عدة، ليبية ودولية، إلى صفقة دارت في الخفاء كانت السبب المباشر في إطاحة مصطفى صنع الله من رئاسة المؤسسة النفطية، وكان المفاجئ فيها الأسماء التي اتفقت على تفاصيلها، وهما بحسب هذه المصادر، رئيس الحكومة الموحدة عبد الحميد الدبيبة وقائد الجيش في بنغازي خليفة حفتر.

ومن بين هذه المصادر صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية، التي نقلت عن بيتر ميليت رئيس مجلس الأعمال البريطاني الليبي والسفير البريطاني السابق في طرابلس، إن "تعيين بن قدارة سيسيس قطاع النفط، وهو أمر تجنب صنع الله القيام به".

وقال المحلل في الشؤون الدولية كلوديا غازيني، إن "التغيير في المؤسسة الوطنية للنفط قد يكون جزءاً من صفقة أوسع تهدف إلى إقناع حفتر بتحويل الدعم إلى الدبيبة والابتعاد عن فتحي باشاغا".

وأكدت "فاينانشيال تايمز" أن "اتفاق الدبيبة مع حفتر وإبعاده عن باشاغا قيد المناقشة، ومن المتوقع أن يشمل هذا الاتفاق أيضاً تغيير وزيري المالية والدفاع إلى شخصيات مقبولة لدى حفتر".

أهداف سياسية بحتة

وعلق المحلل السياسي مجدي الشبعاني على الجدل الذي صاحب إقالة مجلس إدارة مؤسسة النفط، قائلاً إن "أهداف الإقالة سياسية بحتة وتهدف إلى أن تكون أموال النفط متاحة من دون تعقيدات أو عراقيل أو حجج، وربما مثل صنع الله عائقاً كبيراً أمام طرفي الصفقة".

وأشار الشبعاني إلى أن "للصفقة دلالات، منها الاستعجال بالتسلم واستخدام القوة بحسب ما أشيع والانتقال السريع لمجلس الإدارة الجديد إلى الشرق الليبي من دون أي معارضات أو ممانعة من الفاعلين، وبخاصة من سحبوا الثقة من الدبيبة".

واعتبر أن "الخطوة أكبر من مجرد صفقة، بل ربما تتحول لمشروع سياسي جديد يرمي لمرحلة انتقالية جديدة بين الفاعلين في الشرق والغرب ويجمد مجلسي النواب والدولة".

تغييرات جديدة

الجدل الذي صاحب إقالة رئيس المؤسسة للنفط في ليبيا، قد يتلاشى بسرعة، في خضم جدل أكبر وأشد قد يثيره البرلمان في الأيام المقبلة، إذا نجح في إسقاط محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، من منصبه الذي صمد فيه أكثر من عقد كامل.

وقال رئيس لجنة متابعة الأجهزة الرقابية بمجلس النواب، زايد هدية، إن "المجلس يعتزم عقد جلسة طارئة في شأن المناصب السيادية في الأيام القليلة المقبلة".

وأضاف هدية، أن "البرلمان أدى ما عليه ملتزماً بكل الاتفاقيات المنصوص عليها فيما يخص المناصب السيادية والتشاور مع المجلس الأعلى للدولة، وأحال للأخيرة أسماء المرشحين لتلك المناصب مرات عدة، لكننا فوجئنا بعدم تجاوب مجلس الدولة معنا في هذه المشاورات". وشدد على أن "الظروف حالياً تحتم علينا إنجاز هذا الاستحقاق المهم وبشكل عاجل في جلسة لمجلس النواب".

وفي السادس من يوليو الحالي، أعلن رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، تقديم المجلس قائمة بالمرشحين للمناصب السيادية إلى مجلس الدولة. وقال، "أرسلنا 13 اسماً إلى مجلس الدولة عن كل قطاع، على أن يختاروا من بينهم ثلاثة أسماء، ثم يسمي منهم مجلس النواب، ونطالبهم بأن يردوا علينا".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير