Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سياحة المغرب العلاجية... رمال ساخنة ومياه معدنية

تعول البلاد على الاستشفاء في الطبيعة لتضميد جراح القطاع وانتشاله من أضرار الإغلاق بسبب كورونا

الحمام الرملي الساخن في مرزوكة المغربية (موقع القناة التلفزيونية الثانية المغربية)

يتيح التنوع الطبيعي والبيئي الهائل الذي يزخر به المغرب، الرهان على أكثر من واجهة سياحية لإنعاش هذا القطاع الحيوي، الذي تعرض لضربة قاصمة جراء تداعيات جائحة كورونا طيلة أكثر من عامين متتاليين.

وعلاوة على واجهات السياحة الجبلية والسياحة الشاطئية وحتى السياحة القروية، يعول المغرب على السياحة العلاجية أو ما يُسمّى بـ"السياحة الاستشفائية" لتضميد جراح القطاع وانتشاله من أضرار الإغلاق بسبب كورونا.

وبعد أن عرفت السياحة المغربية تقهقراً واضحاً في المداخيل والإيرادات طيلة عامين، بدأت بشائر الانفراج والانتعاش تظهر في الفترة الأخيرة بدليل الأرقام الرسمية لوزارة الاقتصاد، التي تفيد بأن الإيرادات السياحية في المغرب سجلت ارتفاعاً بنسبة 123.3 في المئة خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2022.

ووفق المعطيات الرسمية لشهر يونيو (حزيران) الماضي، تجاوزت هذه الإيرادات الانخفاض المسجل خلال فترة ما قبل انتشار الجائحة، إذ ارتفعت إلى 36.3 في المئة، بعد أن كانت في حدود ناقص 71.5 في المئة في أبريل (نيسان) 2021.

تنوع سياحي

ويحاول المغرب بناء على تنوعه الطبيعي الذي يجمع بين البحار والجبال والأودية والرمال الصحراوية، أن ينوع قطاعه السياحي تحت شعار "لا لوضع جميع البيض في سلة واحدة"، فلا يكتفي بالسياحة الشاطئية، أو السياحة الجبلية، بل يراهن حتى على السياحة الاستشفائية.

وتتركز السياحة العلاجية التي يعتمدها المغرب على قطبين رئيسين، الأول يتمثل في السياحة العلاجية المحضة، أي العيادات الطبية التي تستقطب السياح المرضى من الخارج، إما لجودة الخدمات أو لتنافسية الأسعار.

فالبلاد تستقبل سياحاً أجانب من أفريقيا وأوروبا لتلقي علاجات معينة، مثل جراحة التجميل وطب الأسنان، وفق معطيات رسمية للشركة المغربية للهندسة السياحية (مؤسسة عمومية أنشأتها الرباط لتطوير المنتجات السياحية).

ووفق هذه المؤسسة، فإن العيادات التي يفد إليها السياح الأجانب تتركز في محور الرباط الدار البيضاء، وذلك بفضل سمعة الأطباء المغاربة في بعض التخصصات، وأيضاً "المناخ الملائم لمتابعة العلاج في أحسن الظروف والاستمتاع بفترة نقاهة تحت أشعة الشمس".

أما القطب الثاني في السياحة العلاجية، فهو ما يمكن تسميته بالسياحة العلاجية "الشعبية" بعيداً من العيادات والأطباء، من قبيل حمامات الرمال الساخنة التي تشتهر بها منطقة مرزوكة في الجنوب الشرقي للبلاد، وأيضاً حمامات مياه معدنية تعالج ـ وفق المشرفين عليها ـ أمراضاً جلدية وأسقاماً أخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

منتجع وسط الصحراء

منطقة مرزوكة تقع في الجنوب الشرقي للمغرب، تتميز برمالها ذات الخصائص الصحية والعلاجية، التي تمتد على طول يتجاوز 24 كيلومتراً وعرض 6 كيلومترات تقريباً.

وتتميز مرزوكة بكثبانها الرملية الساخنة وبيئتها الصحراوية الصامتة، كما أن أهاليها معروفون بالطيبة والكرم، وباتت من أشهر منتجعات السياحة الاستشفائية في العالم كله.

وصنفت مجلة "فوربس" في عددها لشهر أبريل 2022، رمال مرزوكة بأنها إحدى أفضل الوجهات السياحية العلاجية في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، موردة أن هذه المنطقة تضم كثباناً رملية ومزارع نخلية ومسار رحلات أصبحت من خلالها مزاراً سياحياً واستشفائياً.

وتحولت المنطقة منذ أعوام خلت إلى منتجع سياحي رملي، عماده حمامات الرمل الساخنة، وإلى جانبها مخيمات صحراوية يأوي إليها الزوار والسياح سواء المغاربة أو الأجانب.

ويقول في هذا الصدد إبراهيم أزكود، أحد أبناء منطقة مرزوكة، إن الذي يجذب الناس إلى الرمال ليس فقط الاستشفاء من بعض الأمراض، أو حتى تغيير الأجواء، بل التعامل السمح والسخي لسكان المنطقة مع الضيوف والزوار، من دون طمع في ما لديهم أو من أجل مقابل مادي فقط.

ويردف أنه في كثير من الأحيان يلتقي هؤلاء السياح مع سكان وأبناء المنطقة في تناغم روحاني جميل، كما أن عدداً من الأسر تطلب استضافة السياح من باب الكرم المعروف لدى أهل المنطقة.

طقوس الدفن في الرمال

من جهته، يكشف المرشد السياحي محماد أوطاطا أن السياحة في منطقة مرزوكة تنتعش كثيراً في فصل الصيف، انطلاقاً من شهر يونيو، وتخمد قليلاً ابتداء من فصل الخريف في شهر سبتمبر (أيلول).

ويضيف أن أساس الحمام الرملي الساخن في رمال مرزوكة يتم على أساس الدفن أو ما نسميه بـ"التعراق"، وهي لفظة تأتي من تعرق الزائر المريض بالروماتيزم مثلاً أو المفاصل، لافتاً إلى أن هناك مشرفين على عملية "التعراق يتكفلون بذلك من الألف إلى الياء"، وفق تعبيره.

ويشرح أوطاطا أن دفن الجسد داخل الرمال يكون كاملاً باستثناء الرأس، وذلك بعد إثبات السائح أو الزائر "المريض" عن طريق شهادة طبية أن بإمكانه تحمّل حرارة الرمال المرتفعة جداً.

ويتابع أن السائح المريض بالروماتيزم أو مشكلات في المفاصل، يبقى تحت الرمل بين 5 إلى 10 دقائق، وهي مدة متوسطة كافية جداً، على أن يكون رأسه محمياً أو مظللاً من الشمس، قبل أن يخرج إلى الخيمة ليرتاح ويشرب الماء الكثير لتعويض ما ضاع منه من سوائل بسبب التعرق الشديد جراء سخونة الرمال التي تصل أحياناً إلى 50 درجة.

وحول المحاذير التي تروج بشأن رمال مرزوكة، قال المرشد إن الأمر يتعلق ببعض المصابين بأمراض القلب مثلاً أو كبار السن، فلا يتعين عليهم أخذ حمامات الرمل، لأن ذلك قد يؤثر فيهم سلباً، كما أن العقارب تنتشر في المنطقة وقد تلدغ الزائرين، الأمر الذي يستوجب الحيطة والحذر.

عيون استشفائية

ومقابل الرمال، توجد في المغرب حمامات استشفائية، عبارة عن عيون مائية تتميز ببعض الخاصيات العلاجية، ما يجذب إليها الناس للاستحمام فيها بغية نيل العلاج بعد أن أعياهم العلاج بالأدوية.

ومن أشهر هذه المراكز العلاجية عبر السباحة في الماء، توجد حامة "مولاي يعقوب" قرب مدينة فاس (وسط البلاد)، المشهورة بمياهها المعدنية التي تتوافر على عدد من المعادن، التي تصلح لعلاج الأمراض الجلدية خصوصاً.

وتقول المعطيات حول هذه الحامة الشهيرة إن العلاج الحراري في "مولاي يعقوب" يعود إلى الاستعمار الفرنسي، وإن دراسة علمية أجراها أحد الأطباء الفرنسيين بيّنت أن 70 في المئة من المصابين بأمراض مزمنة تحسنت حالتهم بفضل الاستحمام في تلك المياه ذات الخصائص المعدنية الكثيرة.

وبفضل الشهرة التي نالتها هذه الحامة التي تنبع مياهها من عمق يزيد على 1500 متر من باطن الأرض، تطور هذا المنتجع الاستشفائي ليصبح مركزاً عصرياً، يضم مسابح وحمامات فردية و"حمامات جاكوزي" وحمامات تدليك، كما تمت تهيئته بمواصفات دولية وطبية، وفق تعليمات العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وإضافة إلى مياه حامة "مولاي يعقوب"، توجد محطات استشفائية أخرى عن طريق العيون المائية، من أشهرها عين سيدي حرازم وعين الله بالقرب من مدينة فاس، و"عين العاطي" الموجودة في الجنوب المغربي، وجميعها تتسم بخصائصها المعدنية وعلاجها الأمراض الجلدية.

اقرأ المزيد

المزيد من صحة