Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اختفاء الواحات في جنوب المغرب يهدد توازن النظام البيئي

كانت رمزاً حياً للإبداع البشري والتنمية المستدامة منذ آلاف السنين

تفيد أرقام رسمية بأن المغرب فقد ثلثي أشجار النخيل في الواحات خلال القرن الماضي (أ ف ب)

من مؤشرات التغيرات المناخية في العالم اختفاء الواحات، حيث يعيش أكثر من 150 مليون شخص حول العالم، وتعدّ الواحات أهم حاجز بيئي ضد التصحر، واختفاؤها يهدد استمرار الحضارة الإنسانية، لأنها تضمن استمرار توازن النظام البيئي. فكيف يواجه المغرب شبح التصحر واختفاء عدد من الواحات بالجنوب الشرقي؟

التربة العمود الفقري للبيئة

ومنذ آلاف السنين، كانت الواحات رمزاً حياً للإبداع البشري والتنمية المستدامة، وتمكّن سكانها من البقاء على قيد الحياة، ونجحوا في مواجهة التغيرات المناخية بفضل معارفهم البيئية، لكن، هل سينجح المغاربة اليوم في مواجهة هذه التحديات البيئية؟

وفي هذا السياق، أشار كبيري لحسن أستاذ كلية العلوم والتقنيات الرشيدية، في جامعة "مولاي إسماعيل" ورئيس جمعية "واحة فركلة" للبيئة والتراث إلى أن "التغيرات المناخية، إشكالية كونية، والتصحر هو ظاهرة طبيعية مرتبطة بممارسة الإنسان"، وانتقد الخبير في البيئة التركيز فقط على الماء خلال الحديث عن التغيرات المناخية، مشيراً إلى أن هناك عنصراً مهماً هو التربة، قائلاً، "التصحر يقتل التربة، وموت التربة يعني تلف الأشجار والنباتات، والمجاعة والفقر، ما يتسبب في حروب بالعالم، لأن التربة هي العمود الفقري للبيئة".

اختلال التوازن البيئي

أضاف، "التغيرات المناخية وممارسات الإنسان والجفاف، كلها أسباب تزيد من التحديات البيئية، وينبغي على الإنسان أن يدرك أنه جزء من الطبيعية، وهو مطالب باحترام بقية الحيوانات والنباتات، التي تعدّ من العناصر المهمة لاستمرار الحياة على الأرض، فمثلاً، عندما يستخدم الإنسان الأسمدة في التربة، فهو يقتل حشرات مكونة للتربة، ويقتل بذلك الأرض، ويخلّ بالميزان البيئي، وهي عملية معقدة جداً، لأن كل حيوان أو حشرة، لديه دور بيئي، وانقراضه يعني الاختلال البيئي وتفاقم الأزمات البيئية."

العودة للأصل

وأوضح الخبير البيئي أن "الإنسان المغربي القديم كان متعايشاً مع الوسط البيئي وطوّر معارفه القديمة، وكان يحترم التربة والطبيعة ويراقب التغيرات المناخية، ويعمل على التأقلم معها محافظاً على الموارد الطبيعية، لأنه كان يمتلك وعياً بيئياً وإحساساً بالطبيعة."

وعلى الرغم من الإمكانيات المالية التي تقدمها المنظمات البيئية في العالم لمواجهة التغيرات المناخية، لكنها ما زالت عاجزة عن إيجاد حلّ لهذه الظاهرة المعقدة، وبحسب كبيري لحسن أستاذ كلية العلوم والتقنيات الرشيدية، "المنظمات الدولية البيئية أدركت أهمية الحوار مع السكان المحليين، لأن لديهم معارف قديمة حول كيفية مواجهة التغيرات المناخية وتدبير الموارد الطبيعية، لأن الحل لهذه التغيرات المناخية هو العودة للأصل، وإشراك السكان المحليين في النقاشات العمومية حول التحديات البيئية".

وتفيد أرقام رسمية بأن المغرب فقد ثلثي أشجار النخيل في الواحات خلال القرن الماضي، والتي كانت تقدر بـ 14 مليون نخلة.

جدار أخضر

وأشار الباحث في مجال الـ "إيكولوجيا" أمحمد خافو إلى أن "التصحر ظاهرة طبيعية ناجمة عن التغيرات المناخية التي تفرض على الإنسان أشياء لا يستطيع منعها، وينبغي عليه أن يتأقلم معها ويحسن تدبير موارده الطبيعية لمواجهتها"، مضيفاً، "ما يزيد من حدتها الأنشطة غير المعقلنة، من بينها الاستغلال المفرط للفرش المائية، والرعي الجائر، وعدم العناية، وإهمال الواحات"، ودعا خافو "إلى وضع جدار أخضر في جنوب المغرب لوقف زحف التصحر إلى المناطق الشمالية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشار إلى أن الحكومات الأفريقية أعلنت عن خطط إنقاذ منذ سنوات، ولا سيما إقامة "جدار أخضر" من ملايين الأشجار، أي جدار دفاعي نباتي، بعرض خمسة كيلومترات، وطول 7000 كيلومتر، من داكار إلى جيبوتي، لمواجهة زحف الرمال.

جدار مقاوم

وعزا المتحدث نفسه انتشار التصحر، "إلى الأنشطة البشرية التي لا تلائم القدرات المناخية والإمكانيات المائية، ما نعيشه حالياً من الاستغلال المفرط للفرش المائية، هو كارثة طبيعية تهدد الواحات"، وبحسب خافو، "الواحة عبارة عن جدار مقاوم للتغيرات المناخية، ويجب تقويتها، وخلق أوساط طبيعية أخرى لتكاثر النباتات والحشرات والنحل لضمان استمرار الحياة لجميع المخلوقات".

يشار إلى أنه، في عام 2016، أطلقت الحكومة المغربية برنامجاً لإنقاذ الواحات، وسعت لتعزيز الزراعة المحلية، وترميم قنوات الري التقليدية، واستخدمت تقنيات لجعل النباتات أكثر مقاومة للجفاف، وتدريب المزارعين على زراعة النباتات الطبية الموفرة للمياه، وأسهم ذلك في زراعة أكثر من ثلاثة ملايين نخلة.

الطوارئ المائية

وفي سياستها لمواجهة ندرة الماء، أعلنت وزارة التجهيز والماء المغربية، حال الطوارئ المائية، بسبب الإجهاد المائي الذي تعانيه البلاد، نتيجة موجة الجفاف القاسية التي تمر بها وارتفاع استهلاك المياه مع حلول موسم الصيف، وأكدت الوزارة، في بيان، "أنه في الوقت الذي تتناقص فيه الموارد المائية، يعرف منحنى استهلاك المياه بين المستخدمين ارتفاعاً"، وأمام هذا الوضع، دعت إلى "التوقف عن ممارسة أي شكل من أشكال تبذير الماء حفاظاً على الموارد الحالية"، وأطلقت الوزارة حملة تحسيسية بشعار "لا لتبذير الماء" لتوعية المواطنين بضرورة الحد من تبذير المياه.

الاستغلال المفرط للاحتياط المائي

بحسب تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ "IPCC"، فإن العالم سوف يصبح أكثر حرارة، وستذوب القمم الجليدية القطبية، وسترتفع مستويات سطح البحر، وسيعاني العديد من الدول في العالم من ندرة المياه، وإذا لم يتم كبح تغير المناخ، سوف تنتشر الصحاري في بعض المناطق، وتصبح الزراعة مستحيلة في بعض المناطق.

وتعد دول شمال أفريقيا من أكثر الدول تضرراً من تداعيات التغيرات المناخية، وبحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فإنه حتى من دون تغيرات المناخ، فإن بلداناً عدة سوف تستغل احتياطها المائي بشكل مفرط قبل عام 2025، لا سيما في شمال أفريقيا.

يشار إلى أن المغرب يعيش موجة جفاف تعد الأقسى خلال عقود من تاريخه، لأن حجم التساقطات المطرية التي شهدتها البلاد لم يتجاوز، منذ سبتمبر (أيلول) 2021 إلى غاية اليوم، معدل ما بين 10.5 مليمتر و308 مليمترات، وهذا يعد عجزاً يقدر بـ 48 في المئة على الصعيد المحلي مقارنة بمعدل التساقطات للفترة نفسها بالعام الماضي، واحتل المغرب المركز الرابع من حيث الأداء المناخي على الصعيد العالمي، وفق ما أفاد به تقرير مؤشر الأداء المناخي لعام 2021، وكشف التقرير الصادر عن المنظمات غير الحكومية، "جيرمان واتش"، (الشبكة الدولية للعمل من أجل المناخ، والمعهد الألماني "المناخ الجديد")، أن المغرب يأتي بعد السويد وبريطانيا والدنمارك في تصنيف الأداء المناخي على الصعيد العالمي.

اقرأ المزيد

المزيد من بيئة