Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"بينغ بونغ" تصريحات بين بايدن والجبير

الرئيس الأميركي يتمسك بروايته و"نيويورك تايمز" تفتح ملف مبالغاته الكلامية

الرئيس الأميركي في لقاء جانبي مع ولي العهد والجبير (أف.ب)

بعد لقائه المطول مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان سارع الرئيس الأميركي جو بايدن إلى عقد مؤتمر صحافي غير مجدول من مقر إقامته بجدة في ساعة متأخرة، حيث تحدث نحو عشر دقائق عن فحوى مباحثاته التي استمرت لساعات مع القيادة السعودية، وأعلن عن مبادرات في مجالي الطاقة والتكنولوجيا منوهاً بقرار فتح المجال السعودي أمام جميع الطائرات المدنية من دون تمييز ومغادرة قوات حفظ السلام الدولية بما في ذلك القوات الأميركية جزيرتي تيران وصنافير في البحر الأحمر، مجدداً في الوقت نفسه ضرورة  تثبيت مكانة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

تضارب الروايات

مرت تصريحات بايدن حول الشق الأمني والاقتصادي بسلام واتساق مع الجانب السعودي، إلا أن حديثه حول قضية جمال خاشقجي جذب جدلاً واسعاً حول صدقيته. قال بايدن إنه أثار المسألة أثناء الاجتماع وهو ما أكده المسؤولون السعوديون، إلا أنه لدى سؤاله عن رد ولي العهد السعودي أجاب الرئيس الأميركي، "قال بشكل أساسي إنه ليس مسؤولاً عما حصل بشكل شخصي، ولكنني أشرت إلى أنني أعتقد أنه مسؤول عن ذلك بشكل شخصي على الأرجح".

إلا أن عادل الجبير وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي ذكر خلال مقابلة مع وولف بلتزر من قناة "سي أن أن" الأميركية بأن الرئيس بايدن قبل تفسير الجانب السعودي لمقتل خاشقجي، مشيراً إلى أن الرياض حققت في الجريمة، وحاسبت المسؤولين عنها واتخذت إجراءات لمنع تكررها، وأضاف، "هذا ما تفعله الدول في مثل هذه المواقف، وهو ما فعلته الولايات المتحدة حيال خطأ أبوغريب".

الجبير الذي كان أحد المسؤولين السعوديين الحاضرين للجلسة التي استمرت أكثر من ساعتين بين الرئيس بايدن والأمير محمد بن سلمان، ذكر بوضوح في مقابلة أخرى مع مراسلة "فوكس نيوز" اليكس هوغان بعيد مغادرة بايدن  السعودية بأنه "لم يسمع" الرئيس الأميركي يقول لولي العهد السعودي إنه يعتقد أنه مسؤول عن مقتل خاشقجي.

وفور وصوله إلى واشنطن قادماً من جدة رفض الرئيس الأميركي تصريحات الجبير الذي عمل سفيراً للسعودية لدى الولايات المتحدة لثماني سنوات، متمسكا بما أدلى به في جدة، وكذلك فعل مسؤولو التواصل في البيت الأبيض، إذ قال جون كيربي منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي أمس السبت، إن "الرئيس كان واضحاً للغاية بشأن المحادثة ونحن نقف بجانب روايته".

بايدن والزخرفة اللغوية"

ببينما يحضر بايدن أنشطة يومه الثاني في مدينة جدة السعودية، نشرت "نيويورك تايمز" تقريراً يحقق في صحة تصريحات الرئيس التي أدلى بها بعيد لقائه مع القيادة السعودية، وذكّرت الصحيفة بأن بايدن يميل إلى استخدام "الزخرفة" اللغوية أثناء سرده للأحداث وهي طريقة لجعل القصة أكثر تشويقاً، مستشهدة بسرده لوقائع لقائه إبان عمله نائباً للرئيس بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين عام 2011، حين زعم بأنه قال لبوتين "أنظر في عينيك ولا أعتقد أنك تملك روحاً". أشار أشخاص حضروا اللقاء بأنهم لا يتذكرون هذه المحادثة.

وبحسب الصحيفة الأميركية لم تقتصر مواجهات بايدن وانتصاراته الكلامية التي يتباهى بها ولا يذكرها من حوله على لقاءاته ببوتين، ففي مذكراته "وعود يجب الوفاء بها" المنشورة عام 2007، ذكر بايدن أنه واجه عام 1993 حين كان عضواً في مجلس الشيوخ، سلوبودان ميلوسيفيتش، الزعيم القومي الصربي الذي أطلق العنان لحرب عرقية في البلقان وقال له "أعتقد أنك مجرم حرب لعين ويجب أن تحاكم على ذلك"، إلا أن بعض الأشخاص ممن حضروا الاجتماع قالوا إنهم لا يتذكرون هذا الجزء من اللقاء.

ادعاءات لا تنقطع

وعندما سُئل بايدن في مقابلة مع شبكة "أن بي سي" أثناء حملته الانتخابية عن السبب الذي يجب أن يجعل الأميركيين يقدرون حكمه ونظرته للأمور، بالنظر إلى تصويته المؤيد لحرب العراق، أشار بايدن إلى جهوده في دفع الكونغرس للتحرك بشأن التطهير العرقي في البوسنة في التسعينيات، على نحو يحصر الفضل لنفسه وقال، "أنا الرجل الذي بدأ الجهد للتأكد من القضاء على الرجل الذي تورط في الإبادة الجماعية في البلقان سلوبودان ميلوسيفيتش".
 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن "واشنطن بوست" ذكرت في تقرير عام 2008 أن بايدن كان الداعم التاسع لمشروع القانون وجاء في التقرير، "على الرغم من التباهي لم يكن بايدن لاعباً رئيساً في التشريع الذي أجبر بيل كلينتون في النهاية على رفع حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على مسلمي البوسنة الذين يقاتلون الصرب". كما قال مساعد جمهوري قام بصياغة التشريع إنه بينما كانت آراء بايدن "متسقة" مع مشروع القانون إلا أنه لم يعتبره قائداً لهذه الجهود.

وكانت الصحيفة نفسها نفت 2019 قصة رواها بايدن أثناء حملته الانتخابية عن تكريمه لبطل حرب، تبين لاحقاً وفق الصحيفة أن الرئيس "خلط عناصر من ثلاثة أحداث في قصة واحدة لم تحدث"، مشيرةً إلى أن كل تفاصيل القصة غير صحيحة.

سجال القائدين

وعودةً إلى لقاء بايدن والأمير محمد بن سلمان، تقول "نيويورك تايمز" إن السعوديين لم يسعوا إلى لفت الانتباه إلى تحريف الرئيس الأميركي للواقع من خلال استعراض روايتهم للأحداث، بل بدا أنهم يريدون تجنب أي تصور للاختلافات أو التوتر. لكن ذلك لم يمنع عادل الجبير من الإدلاء بتصريحات ناقضت أقوال الرئيس الأميركي.

في غضون ذلك، قالت سفيرة السعودية لدى الولايات المتحدة الأميرة ريما بنت بندر آل سعود، للصحافيين إن المحادثة حول قضية خاشقجي كانت "صريحة"، لكن الشفافية التي أشارت إليها السفيرة السعودية كانت من الجانبين، على الرغم من محاولات بايدن نشر روايته للحدث سريعاً عبر مؤتمره غير المجدول في ساعة متأخرة، ليوضح بأنه كان صريحاً ومباشراً مع المسؤولين السعوديين، في حين أن الجانب السعودي فعل المثل وفق تصريحات وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في مؤتمر صحافي أمس السبت عقب قمة جدة للأمن والتنمية.

وذكر وزير الخارجية السعودي أن الأمير محمد بن سلمان أوضح بجلاء أن السعودية "تأخذ جريمة خاشقجي على محمل الجد"، مضيفاً أنه حتى الولايات المتحدة ارتكبت "أخطاء"، واتخذت إجراءات لمحاسبة المسؤولين كما فعلت السعودية، موضحاً أن ولي العهد السعودي قال لبايدن إن السعودية تعاملت مع الملف كدولة مسؤولة وإنها تنتظر من الولايات المتحدة أن تتعامل مع مشكلاتها بالطريقة نفسها التي تعاملت بها السعودية، مشيراً إلى انتهاكات سجن أبوغريب، والضربة الجوية الأميركية التي أودت بحياة عائلة كاملة عام 2021.
 

 

وبعد ساعات من اجتماع الرئيس بايدن والأمير محمد بن سلمان، ذكر مصدر سعودي مسؤول بأن ولي العهد السعودي أكد خلال لقائه الرئيس الأميركي بأن فرض القيم بالقوة له نتائج عكسية كبيرة، مثلما حصل في العراق وأفغانستان، وهي نقطة شدد عليها الأمير كذلك في كلمته أمام قمة جدة التي جمعت الولايات المتحدة ودول الخليج وثلاث دول عربية، إذ دعا الآخرين إلى "احترام قيم دول المنطقة" وعدم التدخل في شؤونها.

وذكر المصدر بأنه عندما تطرق بايدن مساء الجمعة إلى موضوع مقتل جمال خاشقجي، كان جواب الطرف السعودي أن "ما حدث مؤسف، ونحن في المملكة اتخذنا جميع الإجراءات القانونية من تحقيقات ومحاكمات لحين صدور الأحكام وتنفيذها، كما وضعنا إجراءات تمنع حدوث مثل هذه الأخطاء مرة أخرى في المستقبل". وأضاف "مثل هذه الحادثة تحصل في أي مكان في العالم، كما أنه في العام ذاته الذي وقعت فيه هذه الحادثة المؤسفة، قُتل صحافيون آخرون في أماكن أخرى من العالم بما في ذلك الولايات المتحدة التي تتذكر حادثة أبوغريب في العراق وغيرها من الأخطاء، إلا أن المطلوب هو أن تتعامل هذه الدول مع هذه الأخطاء وتتخذ إجراءات تمنع حدوثها مجدداً".

وتساءل ولي العهد السعودي عما اتخذته الولايات المتحدة ودول العالم من إجراءات بشأن مقتل الصحافية الأميركية شيرين أبوعاقلة، التي توصلت تحقيقات متطابقة إلى أنها قتلت على يد قناصين إسرائيليين عمداً، وهي تؤدي عملها في الميدان من دون أي أجندة سياسية يمكن التذرع بها.

وجاءت تصريحات المصدر السعودي لوسائل الإعلام عقب عقد الرئيس الأميركي مؤتمراً صحافياً مساء الجمعة منفرداً بعد لقائه الملك وولي العهد في قصر السلام في جدة، إذ قال بايدن إنه عقد "سلسلة اجتماعات جيدة" مع القيادة السعودية، مما أسفر عن إحراز تقدم كبير على صعيد القضايا الأمنية والاقتصادية.

وذكر بايدن في المؤتمر الصحافي أن الولايات المتحدة لن تترك فراغاً في الشرق الأوسط لتملأه روسيا أو الصين، وأنه جرى التوصل إلى اتفاق تغادر بموجبه قوات حفظ السلام الدولية بما فيها القوات الأميركية جزيرتي تيران وصنافير، اللتين عادت ملكيتهما إلى السعودية.

ووصف الرئيس الأميركي قرار السعودية بفتح مجالها الجوي أمام جميع الطائرات المدنية بما فيها الطائرات الإسرائيلية بالخطوة "المهمة للغاية"، معرباً عن أمله في أن تؤدي هذه الخطوة إلى علاقات أوسع.

مخرجات قمة جدة

وكان بايدن أكد السبت لقادة دول الخليج وثلاث دول عربية أخرى خلال لقائه بهم في جدة أن واشنطن "لن تتخلى" عن الشرق الأوسط حيث تؤدي منذ عقود دوراً سياسياً وعسكرياً محورياً، وأنها ستعتمد رؤية جديدة للمنطقة الاستراتيجية ولن تسمح بوجود فراغ تملأه قوى أخرى.

وفي كلمة أمام الرؤساء والملوك والمسؤولين الممثلين للدول الخليجية الست والأردن ومصر والعراق، شدد بايدن على أنه أول رئيس أميركي منذ هجمات 11 سبتمبر(أيلول) 2001 يزور الشرق الأوسط دون أن يكون الجيش الأميركي منخرطا في حرب في المنطقة. وقال "لن نتخلى (عن الشرق الأوسط) ولن نترك فراغاً تملأه الصين أو روسيا أو إيران".

من جانبه أكد ولي العهد السعودي تفاؤله بأن تؤدي محادثات القمة إلى "وضع إطار شامل لمرحلة جديدة نبعث فيها الأمل لشباب وشابات المنطقة بمستقبل مشرق يتمكنون فيه من تحقيق آمالهم ويقدمون للعالم رسالتنا وقيمنا النبيلة التي نفتخر بها ولن نتخلى عنها ونتمنى من العالم احترامها".

وأكد البيان الختامي المشترك تعهد القادة على "الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليميين" وتعميق تعاونهم الدفاعي والاستخباري، مشدداً على الجهود الدبلوماسية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، وداعياً إلى تعزيز قدرات الردع المشتركة "ضد التهديد المتزايد" الذي تشكله الطائرات من دون طيار، في إشارة إلى طهران التي كشفت الجمعة عن سفن قادرة على حمل طائرات بلا طيار.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير