Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاحتجاجات على أسعار الوقود تتنامى فكيف ستتعامل الحكومة البريطانية معها؟

سينعكس مزاج التفكك والتواهن الوطني بشكل سيئ على الحزب الحاكم بغض النظر عن أحقيته

سائقون غاضبون بسبب أسعار الوقود ينفذون احتجاجاً من نوع "القيادة البطيئة" على الطريق السريعة "أي 64" في يوركشاير (غيتي)

لم يكن لحملة القيادة البطيئة على الطرق السريعة في وقت سابق من هذا الأسبوع، التي نظمتها مجموعة تطلق على نفسها تسمية محرجة هي "سعر الوقود يناوئ الضريبة"، أثر مباشر كبير، إذ يبقى سعر الليتر من البنزين مرتفعاً بعناد. في المقابل، أثبتت تلك الحملة نقطة واحدة مهمة حقاً تتمثل في أن حتى القوانين الأكثر صرامة، وأكثر وزراء الداخلية اضطراباً (بريتي باتل)، لا حول لهم ولا قوة أمام احتجاجات حاشدة من هذا المستوى.

تملك الشرطة مجموعة كبيرة من التدابير التي يمكن الاختيار من بينها بموجب قانون "الشرطة والجريمة والأحكام والمحاكم" الجديد، فضلاً عن صلاحيات قمعية أخرى مررت في ظل إدارات حزب العمال الجديد [تطلق هذه التسمية على حزب العمال وتجديده على يد توني بلير] وحزب المحافظين على مدى ربع القرن الماضي. ولديها كاميرات مراقبة وأجهزة للتعرف على أرقام لوحات التسجيل على نطاق غير مسبوق، بل حتى بعض المجندين الجدد، لكن إذا أراد الآلاف من سائقي الشاحنات والسيارات والمركبات الثقيلة للبضائع بالفعل سد الطريق السريعة "أم 4"، فسيفعلون ذلك. وإذا  فرضت عليهم جميعاً غرامات واختاروا بعد ذلك اللجوء إلى المحكمة، سينهار النظام القضائي. لقد شكل ما جرى مجرد استعراض للعصيان الجماعي الذي عطل "الضريبة على الرؤوس" في عام 1990 [ضريبة قديمة جددتها رئيسة الوزراء المحافظة الراحلة مارغريت تاتشر، كي تحصل من كل شخص بغض النظر عن دخله].

ومع غياب أي علامة تشير إلى تراجع أسعار البنزين والديزل، وغياب أي مؤشر يذكر حتى الآن على خضوع وزارة المالية [أي تراجعها أمام الاحتجاجات]، فمن المحتم أن تنمو هذه الاحتجاجات التي تعتبر غير قانونية عموماً. وفي المقابل، يشير التاريخ إلى أن لديها [الاحتجاجات] فرصة كبيرة للنجاح في نهاية المطاف. تضمنت الاحتجاجات على أسعار الوقود عام 2000، مثلاً، إقامة حواجز طرق متنقلة وفرض حصار خارجي على محطات تكرير النفط، وكذلك تسببت في إثارة هلع جماعي في البلاد، وإلى حد أكبر في حكومة توني بلير. وآنذاك، تمثل الأمر الأكثر إزعاجاً في تراجع حزب العمال وراء حزب المحافظين في استطلاعات الرأي للمرة الأولى منذ أكثر من عقد.

في عام 2000، ارتفع سعر الوقود إلى 80 بنساً لليتر أو ما إلى ذلك. وواصل حزب العمال في واقع الأمر استخدام "تصعيد رسوم الوقود" الذي وضعته حكومة جون ميجور قبل ذلك، لأسباب بيئية ومالية عامة (ولو أن غوردون براون بوصفه وزير المالية، شرع فعلياً في تخفيف أثره). وحصل شراء مذعور، وواجهت قدرة خدمات الطوارئ على العمل تهديداً. وكذلك جرت الأمور مع شحنات الأغذية. وعلى مدى بضعة أسابيع، تضاءلت الاحتجاجات وتراجعت، لكن مع حلول نوفمبر (تشرين الثاني) كان براون مستعداً لمجموعة من التدابير الرامية إلى خفض تكاليف قيادة المركبات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومنذ ذلك الوقت حصلت تهديدات متقطعة وتعطل متواضع، بالتالي فإن تأثير الشراء المذعور يكون عادة أكبر من أثره المباشر. ويتمثل العامل الإضافي عام 2022 في احتمال حدوث احتجاجات متزامنة على أسعار الوقود وإضرابات في السكك الحديد. وقد زاد ذلك الاحتمال الآن بعد أن صوت أعضاء "النقابة الوطنية لعمال السكك الحديدية والبحرية والنقل" ممن يعملون في شركتي "كروس كاونتري" و"إيست ميدلاندز للقطارات" لمصلحة إجراء في هذا القطاع. ومن المحتمل تماماً أن تتفاقم هذه التعطلات بفعل حركتي "التمرد على الانقراض" و"العزل الحراري لمنازل بريطانيا" اللتين تحاولان وقف حركة المرور أيضاً، وإن لأسباب مناقضة تماماً.

قد يشل تحالف المصلحة هذا، أو تحالف الفوضى، شبكة النقل في المملكة المتحدة بسرعة كبيرة ويترك الحكومة في موقف مستحيل. فمن شأن الاستسلام للمتظاهرين ضد أسعار الوقود أن يغضب ببساطة المحتجين البيئيين، والعكس صحيح.

ستشهد الأشهر المقبلة مزيداً من التعطيل، بما في ذلك إجراءات في ذلك القطاع [النقل والمواصلات] تؤثر في المستشفيات، والمدارس، والمحاكم، وخدمات المجالس المحلية، والمطارات، وعدداً من القطاعات الأخرى. إضافة إلى ذلك، لدينا شركات طيران تلغي رحلات جوية، وتأخير في التعامل مع طلبات الحصول على جوازات السفر ورخص قيادة المركبات، وفواتير طاقة ترتفع إلى جانب أسعار الأغذية ومعدلات الرهون العقارية. ويضاف إلى ذلك وجود حكومة تبدو ضعيفة نوعاً ما، ولا حول لها ولا قوة في مواجهة التحديات.

وإذا كنا حقاً غير محظوظين، فقد يبدأ متغير جديد أكثر خطورة من "كوفيد"، في الانتشار، وهو تطور من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من النقص في عدد موظفي هيئة "الخدمات الصحية الوطنية"، ومختلف مناحي الاقتصاد. وما ينذر بالشر أن إسبانيا أعادت العمل بفحوص "بي سي آر" الإلزامية، و"جوازات" اللقاحات بالنسبة إلى المسافرين البريطانيين. في هذه الأثناء، لم تحصل أي عودة إلى الاحتياطات القديمة كالكمامات، وقواعد العزل الذاتي، والفحوص ولقاحات التعزيز، ما يترك الجمهور البريطاني غير محمي إلى حد كبير من موجة أخرى من "كوفيد".

من المحتم أن ينعكس مزاج التفكك والتواهن الوطني بشكل سيئ على الحزب الحاكم بغض النظر عن أحقية ذلك المزاج، تماماً كما حدث عامي 1974 و1979 و(إلى حد أقل) عامي 1990 و2010. إذا بدت الحكومة منهكة وغير متحكمة في الحوادث، حتى مع تنحية الاضطرابات السياسية المعيقة التي تغرق فيها رئاسة الوزراء حالياً، فستميل الحكومة إلى خسارة السلطة بعد فترة وجيزة. وبطبيعة الحال، فمن شأن تغيير القائد، إن لم يكن الحزب، أن يتأتى من شعور بوجود أزمات، لا سيما مع افتقار رئيس الوزراء بوريس جونسون بالفعل إلى الشعبية. والآن، قد لا يتطلب الأمر كثيراً كي يدفع عامة الناس إلى فقدان السيطرة.

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 06 يوليو 2022

© The Independent

المزيد من تحلیل