Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد ربع قرن من بداية حكمه نرى أن حقائق بلير أبدية

بعد 25 سنة من فوزه الساحق عام 1997، حزب العمال يعيد قراءة إنجازاته الخاصة ويفهمها بشكل أفضل

يقول توني بلير إن الفشل النسبي لحزب العمال يكمن في إخفاقه في توحيد التقاليد الاشتراكية والليبرالية (غيتي)

إنه مجرد رقم مدوّر [من السهل ضربه وتقسيمه]، لكنه يوفر لكم طريقة حكيمة لمحاكمة الأوضاع. بعد مرور ربع قرن، يمكننا الآن أن نرى بوضوح ليس فقط أن حزب العمال كان فاشلاً بشكل مزمن في أغلب حقباته، بل أنّ بوسعه النجاح.

لا يهم إذا بدأتم مع تأسيس حزب العمال في عام 1900، أو عند تجاوزه الحزب الليبرالي كبديل رئيسي للمحافظين في انتخابات عام 1923، فقد قضى حزب العمال خارج السلطة فترة تعادل ضعف المدة التي قضاها فيها.

وكما قال توني بلير أيضاً عندما جاء للتحدث إلى طلابنا في جامعة "كينغز كوليج لندن" في مارس (آذار)، "لم تستمر أي حكومة عمالية أكثر من ست سنوات، ونحن استمررنا لمدة 13 عاماً، أي إننا استمررنا ضعف الفترة التي استمرت فيها الحكومات العمالية السابقة".

هناك العديد من الطرق المختلفة لقول أشياء مشابهة، وقد قيل معظمها في فصل "سنوات بلير" الذي أدرّسه مع الدكتورة ميشيل كليمنت والبروفيسور جون ديفيز. فقد تلا كل من أندرو أدونيس وبيتر ماندلسون لنا تاريخ الانتخابات الـ11 الأخيرة التي خاضها حزب العمال "خسر، خسر، خسر، خسر، بلير، بلير، بلير، خسر، خسر، خسر، خسر". وهذا يعيدنا إلى عام 1979 (الذي شهد الـ"خسارة" الأولى في هذه القائمة)، بيد أنه بإمكاننا العودة إلى الوراء. بلير هو الزعيم العمالي الوحيد الذي فاز منذ عام 1966، بأغلبية مستدامة في مجلس العموم، أي إنها أغلبية يمكن أن تدوم خلال ولاية البرلمان بأكملها.

إحدى الحقائق المفضلة لديَّ هي أن عدد زعماء حزب المحافظين الذين فشلوا في الوصول إلى رئاسة الوزراء قبل بلير هو: صفر؛ وبينما كان رئيساً للوزراء: ثلاثة [زعماء محافظين فشلوا بذلك]؛ وبعدما غادر رئاسة الوزراء: صفر. (هناك حاشية معقدة هنا حول أوستن تشامبرلين، الذي كان زعيماً لحزب المحافظين في مجلس العموم في 1921 و1922، بينما كان اللورد كرزون زعيم حزب المحافظين في مجلس اللوردات، ولم يكن أي منهما زعيماً شاملاً للحزب، لكن يمكنك فهم المغزى).

إن الخطر الكامن في إيلاء الاهتمام للذكرى السنوية الـ25 لانتخابات عام 1997، هو أنه يحجب التاريخ الأطول، ويمكن استخدام تلك الذكرى لتثبيت الأسطورة القائلة بأن التاريخ بدأ مع بزوغ ذلك الفجر الجديد. قد يتحمل أتباع بلير أنفسهم مسؤولية ذلك، لأنه كان هناك شعور بأن "المشروع" كما سمي في تلك الأيام كان عبارة عن عام صفر [بداية نظام جديد تماماً]، على الرغم من أن غاية التحديث برمتها كانت جعل عام 1994 التي تم فيها انتخاب بلير زعيماً للحزب وأعاد تسميته بـ"العمال الجديد"، هو العام صفر. وبالنسبة إلى العديد من أنصار بلير، كان عام 1997 نهاية لشيء بقدر ما كان بداية جديدة.

كانت هناك بدايات صغيرة لمؤيدي جيرمي كوربين عبر الإنترنت، مع أن عام 1997 كان نقطة البداية بالنسبة إليهم. وفي مجاملة غير مقصودة لبلير، اتخذوا من أغلبية 179 مقعداً كما لو أنها مستوى طبيعي للدعم الذي يحظى به حزب العمال، ولذا فكل شيء حصل بالنسبة إليهم منذئذ كان خيانة، وخسارة وفشلاً (حتى تحقق النصر المعنوي الكبير في انتخابات عام 2017). على الصعيد الانتخابي، من الصحيح أن الأشياء يمكن أن تزداد سوءاً، على الرغم من أن الربح الصافي للمحافظين كان مقعداً واحداً في انتخابات عام 2001، إلا أنّه بالنسبة إلى حزب العمال، يعد سقوطاً متواضعاً بشكل ملحوظ من العلياء.

عندما جاء بلير إلى "كينغز كوليج"، قدم لنا لمحة تاريخية واسعة، والأطروحة التي استعارها من روي جينكينز، وزير الداخلية العمالي الإصلاحي ومؤسس الحزب الاشتراكي الديمقراطي، ومفادها أن الفشل النسبي لحزب العمال يكمن في خطيئته الأصلية في إخفاقه في توحيد التقاليد الاشتراكية والليبرالية. ووصف بلير الأمر بشكل أكثر وضوحاً مما كنت قد سمعته منه قبل ذلك، قائلاً "إن العيب الكبير عند ولادة حزب العمل أن يكون مرتبطاً بالعمل المنظم بدلاً من أن يكون تقدمياً على نطاق واسع".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أثار ذلك بعض الخلافات في أوساط نواب حزب العمال ممن يرون أنفسهم على يمين الحزب ولكنهم ينتمون إلى حد بعيد إلى التقاليد النقابية، وقد وصف أحدهم الأمر لي بأنه "هذا هراء، غير تاريخي وينم عن الأنانية".

أعتقد أن ما قصده هذا النائب هو أن الأمر كان أكثر تعقيداً من ذلك. هناك العديد من الأسباب التي تفسر لماذا لم يكن حزب العمال جيداً لجهة الفوز بالانتخابات، ولا تتعلق هذه الأسباب كلها بتصويت الكتلة النقابية. انشقاق رمزي ماكدونالد وانضمامه إلى حزب المحافظين في 1931، على سبيل المثال، أو استنفاد الحكومة العمالية في فترة ما بعد الحرب لنفسها وقيامها بتوريث خصومها فترة حميدة من الازدهار.

وبدلاً من التمعن طويلاً في الفشل، يجب أن تكون الذكرى السنوية الـ25 فرصة للتفكير بالشطر الآخر من المعادلة. إن الدرس الأكثر وضوحاً من خلال التفكير التاريخي بالآثار الممكنة في المستقبل [لإنجازات الرجل] بدلاً من القلق بشأن الحاضر، هو أن توني بلير كان زعيماً استثنائياً. وكان السؤال المحير على امتداد فترة طويلة بعد خروجه من منصبه هو ما الذي جعل حزب العمال غير مهتم إلى درجة كبيرة بمعرفة ذلك.

في الواقع، عندما بدأت أنا والبروفيسور ديفيز تدريس مادة "سنوات بلير" بعد تنحي بلير بسنة واحدة، اعتقدنا أننا يمكن أن نسهم في تحقيق إعادة التوازن بعد السلبية التي أحاطت ولاية بلير في نهايتها. ولقد شعرنا بخيبة الأمل خلال فترة طويلة، إذ تواصل العداء نحوه بالتمدد على أرضية جديدة ومُحيت بعض آثاره البارزة التي خلفها. فأولاً، شوهت الأزمة المالية السجل الاقتصادي الذهبي لحزب العمال الجديد؛ ثم أدى رد الفعل على حرب العراق إلى انتخاب جيرمي كوربين زعيماً. وأخيراً أسهمت حرية التنقل من اليوم الأول لمواطني أعضاء الاتحاد الأوروبي الجدد في عام 2004 في الدفع إلى "بريكست".

منذ ذلك الحين، تحول المد، وصار هناك فهم أفضل للإنجازات الدائمة المتبقية. القائمة مألوفة للغاية بحيث يمكن التقليل من أهميتها بسهولة: السلام في إيرلندا الشمالية، والحد الأدنى للأجور (جنباً إلى جنب مع التوظيف الكامل)، وSure Start [مبادرة تعليمية تستهدف الأطفال في المراحل التعليمية المبكرة أطلقت عام 1998]، والمعايير الأعلى في المدارس والاستثمار في الجامعات، وخدمة الصحة الوطنية NHS، والمساواة في الحقوق. فقط تخيل لو كانت هناك حكومة محافظين طيلة ذلك الوقت.

ويزيد عدد أعضاء حزب العمال ممن يتبنون حالياً وجهة نظر إيجابية تجاه بلير عنهم حيال كوربين، وفقاً لاستطلاع أجرته شركة "يوغوف" العام الماضي. ويرجع ذلك جزئياً إلى مغادرة أنصار كوربين وانضمام أنصار بلير مرة أخرى، لكن ثمة سبب آخر كما أعتقد وهو أن الآراء قد تغيرت بشأن موضوع الفوز بالانتخابات. لا يعني هذا أن أنصار كوربين قد ظنوا على الإطلاق أن الفوز غير مهم، فالفكرة القائلة بأنهم يفضلون أن يتمسكوا بالنقاوة الأيديولوجية حتى لو أدّت إلى الهزيمة هي مجرد افتراءات أطلقها أتباع بلير عليهم.

لكن إذا كنتم تعتقدون أن التاريخ قد بدأ في عام 1997، فلعلكم تظنون أن فوز العمال في الانتخابات كان شيئاً عادياً غير مميز، وحتى أن التدهور منذ تلك الفترة كان قد تم عكسه في عام 2017. وهو ما كان عليه الأمر، وكاد كوربين أن يصبح رئيسا للوزراء، على الرغم من أن فكرة أن حكومة أقلية بقيادة كوربين ودعم من القوميين، والديموقراطيين الليبراليين وأنصار بلير كانت ستحقق تغييرا "جذريا" هي فكرة غير مقنعة.

اليوم، وبعد الهزيمة الرابعة، الأمر واضح وضوح الشمس أنّه [التغير] ليس بهذه السهولة. الغاية لم تكن الفوز بالانتخابات من أجل الفوز - هذا افتراء أنصار كوربين ضد بلير وأتباعه - بل كانت الغاية تغيير الأمور.

إن الدرس الحقيقي الذي يمكن استخلاصه من هذا اليوم قبل ربع قرن مضى هو أن حقائق بلير أبدية. يمكنك أن تربح من خلال إقناع ناخبي الطرف الآخر بالتصويت لك. بمقدورك أن تغير الأشياء من خلال ثني آلية الحكومة لتتوافق مع قيمك والتركيز على ما يمكن أن ينجح، وتحثّ بشكل دائم ناخبي الأطراف الأخرى في التصويت لك، لكي يتوفّر لك مزيداً من الوقت للتصرف من وحي مبادئك وقناعاتك وإبقاء الطرف الآخر بعيداً من السلطة.

إن فجر فهم جديد قد بدأ يظهر، أليس كذلك؟

نُشر في اندبندنت بتاريخ 2 مايو 2022

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل