Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صفر مياه في لندن خلال 25 عاما وخطر الجفاف يهدد مدنا كبرى

حصة عاصمة الضباب من الأمطار حوالى نصف ما يهطل على نيويورك وتغير المناخ يزيد معاناتها

الجفاف الشديد في العاصمة البريطانية سيحمل عواقب اقتصادية واجتماعية وبيئية وخيمة (آي ستوك)

تبيّن أن العاصمة البريطانية لندن ربما تنفد من المياه في غضون 25 عاماً، والأنهار البريطانية قد تفقد أكثر من نصف مياهها مع حلول 2050. وبالتزامن مع ذلك، تواجه مدن في مختلف أنحاء العالم مخاطر متنامية ناجمة عن الجفاف الذي يعزى إلى أزمة المناخ، وفق تقرير أصدرته منظمة "كريستيان أيد" أخيراً.

وحذرت تلك المنظمة الخيرية من أن الوضع القائم يفاقم شدة الجفاف في 10 مدن كبرى عالمياً، بداية من لندن وصولاً إلى العاصمة الهندية نيودلهي، ومن سيدني الأسترالية حتى كابول عاصمة أفغانستان. كذلك ترى "كريستيان أيد" أنه من دون خفض انبعاثات غازات الدفيئة وإدخال تحسينات على إدارة [موارد] المياه العذبة، ستكون الخسائر أشد وطأة في صفوف السكان الأكثر فقراً في العالم.

بالتالي، تدعو "كريستيان أيد" إلى إنشاء صندوق دولي للتعويض عن الخسائر والأضرار الناجمة عن تأثيرات المناخ.

وفي إطار أكثر عمومية، تغطي المياه ما يربو على 70 في المئة من سطح الأرض، غير أن العذبة منها لا تمثل سوى ثلاثة في المئة من مياه العالم، ومعظمها حبيس الأنهار الجليدية والقمم الثلجية.

واستطراداً، لا يتاح أمام البشر من المياه العذبة سوى أقل من 0.01 في المئة من مجموعها عالمياً، وهي موجودة في البحيرات والأنهار وخزانات المياه. على الرغم من ذلك، وجدت المؤسسة الخيرية أن حجم الاستخدام العالمي للمياه ازداد بما يفوق مرتين معدل الزيادة السكانية خلال القرن العشرين.

واستكمالاً، بدأ شح المياه يظهر فعلاً في كل أنحاء العالم. في 2018، اقتربت مدينة كيب تاون في جنوب أفريقيا بشكل خطير من أن تصبح أول مدينة كبرى في العالم تنضب مياهها، وفي الأسابيع الأخيرة، احتشد الناس في طوابير طويلة للحصول على المياه في نيودلهي حيث بلغت درجات الحرارة معدلات قياسية.

ولكن حتى لندن وجنوب شرقي إنجلترا من المحتمل أن تنفد فيهما المياه في غضون 25 عاماً، بحسب جيمس بيفان، الرئيس التنفيذي لـ"وكالة البيئة" في المملكة المتحدة. وسيكلف الجفاف الشديد الوطأة اقتصاد لندن 330 مليون جنيه استرليني يومياً، وفق تقديرات شركة "تايمز ووتر" [حرفياً، مياه التايمز]، وسيسفر عن عواقب اقتصادية واجتماعية وبيئية وخيمة أيضاً، بحسب ذلك التقرير.

وأشارت "كريستيان أيد" إلى أنه مع حلول 2050، ستتغذى بعض الأنهار خلال أشهر الصيف بمياه تقل بـ50 إلى 80 في المئة عما كانته في أوقات سابقة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الإطار ذاته، يتساقط في لندن فعلياً نحو نصف كمية الأمطار التي تهطل في مدينة نيويورك، وفق التقرير، ونتيجة تغيّر المناخ، ستتكرر فترات الجفاف في جنوب شرقي إنجلترا وتزداد شدتها. ومصحوباً بتزايد عدد السكان، ربما يشكل ذلك الواقع ضغطاً خطيراً على شبكة إمدادات المياه القديمة في لندن، بحسب الدراسة.

واتصالاً مع ذلك، سيعاني فقراء العالم الأمرّين، إذ يعيش 55 في المئة تقريباً من سكان العالم في مناطق حضرية، ومن المتوقع أن تقفز النسبة إلى 68 في المئة مع حلول 2050.

في نفس مماثل، حذرت الأمم المتحدة من أن سكان المدن ذوي الدخل المنخفض يدفعون ما يصل إلى 50 مرة مقابل ليتر من الماء العذبة أكثر من جيرانهم الأغنياء، لأنهم غالباً ما يضطرون إلى شراء الماء من جهات بيع خاصة.

ويذكر التقرير أن مدن البلاد الفقيرة أكثر عرضة للخطر من نظيراتها في البلاد الغنية، لأنها تملك موارد أقل كي تساعدها في التكيف مع نقص المياه.

ويكشف استطلاع للرأي اضطلعت به المؤسسة الخيرية أن أكثر قليلاً من ثلث سكان المملكة المتحدة يعتقدون أنه يتعين على الدول الغنية أن توفر التمويل اللازم للتخفيف من التأثيرات التي يطرحها الجفاف.

وضمن الوضع الراهن، يساور نصف إجمالي عدد الراشدين في مختلف أنحاء المملكة المتحدة، تحديداً 49 في المئة، قلق بشأن وطأة الجفاف. وكذلك يقرّ أكثر من 60 في المئة أنهم لم يطلعوا أبداً على معلومات حول سبل حماية أنفسهم منه، وفق استطلاع الرأي ذاته.

في تعليق لها على تلك المعطيات، ذكرت نوشرت رحمن شودري، واحدة من الباحثين الذين تولّوا إعداد التقرير، أن شدة الجفاف وتكرره زادا خلال الأعوام الثلاثين الماضية بسبب الاحترار العالمي.

في الواقع، يهدد الجفاف "حياة بعض أفقر الناس في العالم وسبل عيشهم، علماً أن هؤلاء يشكلون المجتمعات التي أسهمت بأقل قدر في أزمة المناخ"، أضافت شودري.

وكذلك ذكرت شودري أنه يتعين على العالم عدم الاكتفاء بخفض الانبعاثات، بل أيضاً توفير الدعم المالي، "لذا، ندعو في محادثات المناخ التي تعقدها الأمم المتحدة العام الحالي في مصر، إلى إعطاء أولوية كبرى لإنشاء مرفق لتمويل الخسائر والأضرار".

ليس بعيداً من ذلك، أوضحت فريدريكا أوتو، محاضرة بارزة في علوم المناخ في "معهد غرانثام" في "إمبريال كوليدج لندن"، أن انبعاثات غازات الدفيئة غيّرت أنماط هطول الأمطار ورفعت درجات الحرارة، ما جعل من الجفاف أكثر شيوعاً وحدّة في أجزاء كثيرة من الكرة الأرضية.

ووفق أوتو، "إلى حين وقف [ارتفاع] صافي انبعاثات غازات الدفيئة، فإن خطر الجفاف الذي يهدد إمدادات المياه في المدن سيبقى يتفاقم باستمرار".

(أسهمت وكالة "برس أسوسييشن" في إعداد التقرير)

نشر في "اندبندنت" بتاريخ 17 مايو 2022

© The Independent

المزيد من بيئة