Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعثر المفاوضات لبلورة غالبية برلمانية يسارية موحدة في فرنسا

الاشتراكي والشيوعي يعلقان المشاورات وميلانشون يحافظ على تفاؤله

يواجه ميلانشون صعوبة في توحيد اليسار المتعدد في جبهة واحدة (أ ف ب)

تؤمّن المنافسة الحامية بين الأطراف الفرنسية المتنازعة على تأمين غالبية برلمانية، لإيمانويل ماكرون، وضعاً مريحاً ربما حلم به وتحقق..

التسابق بين كل من جان لوك ميلانشون ومارين لوبن على الأولوية يحمل كثيراً من العقبات. فعدد الأصوات التي حصلت عليها لوبن في الانتخابات الرئاسية لا تعني حتماً أنها ستحصل على غالبية المقاعد في البرلمان. في المقابل، يواجه ميلانشون صعوبة في توحيد اليسار المتعدد في جبهة واحدة، فبعد تعليق المشاورات مع الحزب الاشتراكي، ها هو الحزب الشيوعي بدوره يعلن عن وقفها أيضاً، فهو يريد خوض الانتخابات التشريعية وحيداً ويطالب بمجموعة برلمانية خاصة به. والحزبان يتمردان على النزعة التسلطية التي يبديها ميلانشون متحصناً بعدد الأصوات والنسبة العالية التي حققها في الدورة الأولى التي تجاوزت 23 في المئة.

"الحزب الاشتراكي مات"

الأمين العام لحزب الخضر جوليان بايو، تحدث في مقابلة تلفزيونية، عن اتفاق يلوح في الأفق، وعلى اليسار أن يتوحد ليقدم أكبر عدد من النواب تحت قبة البرلمان، وتأمين غالبية في مواجهه سياسة إيمانويل ماكرون الليبرالية.

فما هي العقبات أمام ميلانشون الذي يسعى إلى رئاسة الوزراء؟

"الاتحاد الشعبي" الذي دعا إليه ميلانشون، مطالباً بانتخابه رئيساً للوزراء، وهو ما يفتأ يردد "أنا رئيس وزراء"، تبدو ولادته عسيرة، إذ يصطدم بمعارضة شخصيات عدة من الحزب الاشتراكي الذي يبدو منقسماً على ذاته أكثر من أي وقت مضى.

وبين الذين قدموا استقالاتهم، والأصوات المعارضة والأخرى المؤيدة، يعطي الحزب صورة مارد ينازع. وما صرح به أمينه العام أوليفيه فور يلخص الوضع في رد فعل عنيف على تصريح الوزير السابق في عهد فرانسوا هولاند، أوليفيه لوفول، الذي قال، "الحزب الاشتراكي مات، ولم يبق منه شيئ"، أعلن أن "من يعتقد أن الحزب الاشتراكي قد مات، وما من أمل لإيجاد حل ما، فليغادر الحزب".

هيلين جوفروا، رئيسة تيار اشتراكي يدعو مؤيدي الحزب للاستيقاظ، "الاشتراكيون انهضوا"، هي من بين المعارضين للاتفاق مع ميلانشون، ووصفته بأنه "إعلان استسلام وليس اتفاقاً"، وطالبت بإجراء تصويت داخل الحزب، فيما شهد الحزب استقالات عدة.

وفي خضم هذا التخبط، يعود الرئيس الاشتراكي السابق فرانسوا هولاند، إلى الأضواء بعد فترة من الانكفاء، حيث أدلى بعدد من المقابلات في وسائل الإعلام طارحاً الأسئلة على الاشتراكيين، متسائلاً إن كان الحزب سيتخلى عن مبادئه وقيمه، خصوصاً في مسألة بعض النقاط المتعلقة بالمعاهدات الأوروبية والدولية، والموقف من الحرب في أوكرانيا؟ مشدداً على أن حزبه هو الذي أقر عمر التقاعد عند 60 سنة، لا سيما لأصحاب المهن الشاقة وليس جان لوك ميلانشون.

ظهور خلافات

وأعلن الحزب الاشتراكي السبت الماضي، وقف الاستشارات مع حزب ميلانشون فرنسا المتمردة. كذلك صدر عن الحزب الشيوعي الفرنسي موقفاً مماثلاً، إذ دعا إلى مشاورات تشمل الأحزاب اليسارية كافة بدل المحادثات على حدة، استراتيجية انتهجها ميلانشون حتى الآن.

من جهته، لم يستبعد  "حزب الخضر" التوصل إلى اتفاق على الرغم من بعض العقبات، وأعرب الأمين العام للحزب جوليان بايو، عن تفاؤله للتوصل إلى اتفاق، مؤكداً أهمية تجمع اليسار بكافة أطيافه للوصول إلى البرلمان بأكبر عدد من النواب لتأمين الغالبية. وتتمحور الخلافات حول الحفاظ على مجموعات برلمانية خاصة، فما من حزب يرغب في الانجراف بمسار ميلانشون، الذي يفاوض معتمداً على نسبة الأصوات التي حصدها، في حين أن الانتخابات التشريعية تبدو أكثر محلية، بحيث لا يمكن إلغاء القاعدة المحلية لكل حزب.

فما هي العوائق أمام تشكيل هذه الوحدة التي ينوي ميلانشون مواجهة ولاية ماكرون بها؟

للتصدي للتعديلات التي يعارضها حول التقاعد، وقانون العمل، والحماية الاجتماعية، والمعاشات والقدرة الشرائية، لا سيما مع وصول مستوى التضخم إلى 4 في المئة وهي نسبة تعد استثنائية، رد ميلانشون على الرئيس السابق فرانسوا هولند، مؤكداً أن تبني راية موحدة، لا تعني إلغاء الآخر، مذكراً أنه حين تحالف الخضر مع الاشتراكي عام 2011 لم يؤد ذلك إلى اختفاء حزب البيئة.

والواقع أن حجة ميلانشون التي يرددها هي حصوله على 23 في المئة من الأصوات في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، وهي نسبة لم يصل إلى نصفها حتى أي حزب، وعلى حلفائه اللحاق بركاب التغيير وقبول الأمر الواقع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تعثر المفاوضات

وبمناسبة الأول من مايو (أيار)، عمت فرنسا مسيرات وتجمعات، كانت بمثابة موعد وهو الأول بعد فترة الحجر، والأول بعد احتجاجات السترات الصفراء التي لونت المسيرات قبل 3 سنوات. وانطلق حوالى 250 تجمعاً ومسيرة في أنحاء فرنسا تحت شعار "المطالبات الاجتماعية".

البعض كان يعول على المشاركة تحت راية موحدة لتجمع اليسار. ميلانشون قلل من هذا الشأن في مقابلة صحافية، معتبراً أن اليسار شارك على الدوام بهذه المناسبة تحت رايات مختلفة.

المفاوضات التي تعثرت عللها الحزب الاشتراكي بالتالي: نأمل في التوصل إلى اتفاق بين كافة أحزاب اليسار والبيئة، والتوصل إلى ذلك يستوجب منطقاً مشتركاً. إذ يجب الكف عن منطق السيطرة وقبول التعددية. وحتى اللحظة ليست لدينا أية ضمانة"، هذا ما جاء في رسالة الحزب يوم الجمعة.  ويأمل الجناح المتمسك ببقايا الحزب أن تكون الانتخابات التشريعية مناسبة لصحوة جديدة، يبثها الجدل حول مواضيع أساسية تتمحور حول موقع فرنسا داخل الاتحاد الأوروبي والمطالب الاجتماعية.

ويمكن تلخيص نقاط الخلاف مع حزب أقصى اليسار بزعامة جان لوك ميلانشون، كالتالي:

موقع فرنسا في أوروبا، وإعادة النظر أو رفض بعض المعاهدات، والاستعانة بالطاقة النووية، وهو ما يعارضه حزب البيئة ويؤيده الحزب الشيوعي، في حين صنفتها آن هيدالغو، كمصدر طاقة بديل إلى حين التوصل إلى مصدر طاقة جديد.

المعاهدات الأوروبية والدولية

حماة البيئة هم مع أوروبا، في حين يطالب الشيوعي الخروج من الأطلسي، فيما يرى حزب فرنسا المتمردة، أنه يتوجب إعادة النظر بمساهمة فرنسا في القيادة المشتركة، أما حزب البيئة فيعتبر أن خروج فرنسا من الحلف لن يساعد أوروبا بالدفاع عن نفسها وأمنها.

إصلاح المؤسسات هو نقطة خلاف أيضاً، إذ يطالب ميلانشون بوضع أسس جمعية تأسيسية لجمهورية سادسة، تترك مجال مشاركة أوسع للمواطن في أخذ القرارات المهمة، وتحد من صلاحيات رئيس الجمهورية، وهذا من شأنه تأمين توازن بين السلطات وتوسع صلاحيات البرلمان.

 في المقابل، يتفق الفرقاء كافة على المطالبة بمزيد من النسبية في الانتخابات التشريعية، ما يجعل توزيع المقاعد أكثر انعكاساً للحركات السياسية.

وتستمر الحرب مستعرة بين الرئيس السابق فرانسوا هولاند وميلانشون في مقابلات صحافية على وسائل الإعلام، حيث وجه انتقادات لاذعة لمؤيدي الاتفاق على النحو الذي قدمه رئيس فرنسا المتمردة، متسائلاً في مقابلة إذاعية عن وجود اتفاق لإيصال ميلانشون إلى رئاسة الوزراء، ومعنى ذلك أن هناك اتفاقاً انتخابياً مع التيار المؤيد للاتفاق الذي يطرحه ميلانشون، وعلى هؤلاء القول ماذا ستكون عليه الحال حيال تزويد أوكرانيا بالسلاح، والخروج من الأطلسي، والدخول في نزاع مع الشركاء الأوروبيين. وهل ما يزال الحزب الاشتراكي مؤيداً لاستفتاء حول النووي؟ وما هو موقفه من العلمنة؟ وهل سيعمد إلى تأميم المصارف؟

هناك مَن يعتبر أن ما يقترحه ميلانشون هو استسلام الحزب الاشتراكي وليس اتفاقاً.

وبين الأصوات المعارضة للاتفاق كما هو مطروح من قبل الفائز الأكبر، وما يتسبب به من انقسامات داخل الحزب الاشتراكي، تعلو بعض الأصوات للتشاور حول تجديد هوية الحزب أو تعميق الاندماج حول قيم ومبادئ الحزب الحالية، ومن يرى أن المناسبة مؤاتية للخروج بشيء ما، وهذا ما لمح إليه فرانسوا هولاند، وبين آخرين ممَن يعتبرون أن الحزب قد يتجاوز هذه المحنة. وجناح يعتبر أن الحزب مات، ويرى أن المعارضة التي تتبلور أيضاً داخل حزب الخضر تشكل ربما مناسبة للخروج بشيء جديد مشترك بين المنشقين من الطرفين.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات