Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اختيار أربعة من عشرة ناخبين فرنسيين رئيسة من الفاشيين الجدد ليس سببا للاحتفال

لا يزال من المبكر الرقص على جثة الفاشية الجديدة في فرنسا

لا جدال في أن مارين لوبن تتمتع بشعبية (أ ف ب)

يستدعي النظر عبر القنال [إلى الضفة الأخرى منها] نوعاً من تقييم سليم [للأوضاع]. نعم، نجت فرنسا، ومعها أوروبا، بفضل الجيل الأكبر سناً من الناخبين الذين أظهروا تأييدهم لإيمانويل ماكرون.

سوف يعتبر ماكرون هذا التصويت المتواضع تفويضاً بتعزيز قيادته السياسية للاتحاد الأوروبي بعد ميركل، "المزيد من أوروبا" كما يقول. ليست أنباء مفرحة تماماً للمملكة المتحدة بالمناسبة، أن ترى الاتحاد الأوروبي يعرف وجهته وما يصبو إليه.

فيما يسعى بوريس جونسون مرة جديدة إلى إعادة التفاوض على شروط "بريكست"، سوف يواجه معارضة صلبة (مع أن مارين لوبن كانت ستتبنّى بلا شك سياسة "فرنسا أولاً" إزاء الصيادين البريطانيين والمملكة المتحدة بشكل عام).

لكن الخاسر الأكبر تلك الليلة كان على الأرجح فلاديمير بوتين. فمرشحته المثالية كانت لوبن التي كانت لتشرذم الاتحاد الأوروبي ورد فعل "ناتو".

لا شك في أن اجتياح أوكرانيا لم يساعد حملتها الانتخابية، وهو عكس النمط المعتاد للتدخل الروسي غير المفيد في الانتخابات الغربية.

لو كانت لوبن فازت وحاولت تطبيق مجموعة سياساتها المتناقضة والتمييزية، كانت على الأرجح لتحطّم الاقتصاد والاتحاد الأوروبي وتشعل حرباً أهلية فوق كل هذا، كما حذّر ماكرون.

 

تخيّلوا [أيها القراء] لو أن مارين لوبن، حليفة بوتين، تسيطر على الرادع النووي الفرنسي ومقعد البلاد الدائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.

وتفادينا الكارثة إذاً بلا شك، وبعد ثلاث محاولات، ربما يبحث حزب لوبن عن قيادة بديلة وجديدة.

لكن لا يزال من المبكر الرقص على جثة الفاشية الجديدة في فرنسا. فقد حصدت لوبن أكبر نسبة من التصويت التي يحصل عليها أي مرشح مثلها على الإطلاق في التاريخ الفرنسي الحديث. علينا فهم وتقبّل فكرة أنها تتمتع بشعبية. ربع الفرنسيين تقريباً دعموها بكل سرور خلال الجولة الأولى، التي يصوّت فيها الفرد "من قلبه".

وهي الوريثة الفخورة لعقيدة والدها المعادية للسامية ونظام فيشي وبدع عدة مخبولة مرّت عبر التاريخ: سيدة أرادت منع المسلمين من ارتداء غطاء رأس غير مؤذٍ ثقافياً، وغير ذلك الكثير.

عند مواجهتها رجلاً ليبرالياً وسطياً، حصلت على دعم أكثر من أربعة ناخبين فرنسيين من كل عشرة. وربما حصدت موقع القيادة - أو "فازت" - في أوساط الفئات التي تبلغ أقل من الخمسين من العمر.

 

إنه واقع صادم ومخيف أن يكون هذا العدد الكبير من الأشخاص العاقلين في هذه الثقافة القديمة والمتحضرة والديمقراطية مستعداً لوضع شخص من الفاشيين الجدد في قصر الإليزيه. لقد فازت بشكل ما كان ليخطر على البال بأصوات أفراد كانوا يدينون بالولاء سابقاً لليسار واليمين المحافظ . إن هذا الأمر لمذهل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

انظروا إليه من هذه الزاوية: عام 2002، وصل والدها، جان ماري لوبن إلى الجولة الثانية في مواجهة الرئيس حينذاك، جاك شيراك. تحلّق الاشتراكيون والوسط حول شيراك، فيما حصل لوبن على 18 في المئة في الجولة الثانية والنهائية.

لكن ابنة لوبن فازت بأكثر من ضعف تلك النسبة، أي نحو 42 في المئة، بإضافة 7 إلى 8 في المئة من الأصوات التي صوّتت لها بعد اختيارها ماكرون عام 2017، أي بزيادة 3 ملايين صوت.

لقد قامت بتعقيم وتحديث الإرث غريب الأطوار والغاضب الذي تركه والدها، إلى درجة مزعجة. لقد حسّنت ووسعت إغراء حزبها بمهارة. ولا شك في أنها ستكرر قريباً بعض نجاحها في الانتخابات البرلمانية الفرنسية المقبلة. لن يبارح ذلك اليمين المتطرف مكانه. هذا هو مصدر القلق.

أخطأ كثيرون، لا سيما الشباب، في النظر إلى الخيار بين ماكرون ولوبن على أنه خيار بين الإصابة بالكوليرا أو بالطاعون. لو كان ماكرون هو الكوليرا، فعلى فرنسا والعالم بشكل عام أن يكون شكوراً.

والوضع أشبه بسيناريو انتخابات رئاسية في المملكة المتحدة بين توني بلير ونايجل فاراج، يصوّت فيها مناصرو كوربين لفاراج لا لشيء سوى لكراهيتهم العميقة لبلير.

إن أردنا التعبير بتهذيب، نقول إن تقلّب صوت الشباب في فرنسا يشكل الخطر الأكبر على استقرار أوروبا اليوم. وإن مرت سنوات عدة من المعاناة الاقتصادية والوعود الكاذبة، ربما يسجل اليمين المتطرف مكاسب أكبر بعد في الأعوام القادمة.

قام الاثنان، ماكرون ولوبن، بتدمير الهيكلية السياسية المعتادة لليسار واليمين في فرنسا، التي سُحقت بين فكّي كماشة غريبة بين الشعبوية الوسطية المحبة لأوروبا من جهة ماكرون والشعبوية القومية من جهة لوبن، وهذا الوضع ليس مستداماً.

ولهذا السبب، يظهر أن الآفاق على المدى البعيد سيئة. فقد تحطّمت أحزاب اليسار واليمين الموالي لاتجاه ديغول في هذه العملية، ولا دليل على تعافيها.

لن يتمكّن ماكرون، مع أنه لا يزال شاباً إلى حد ما (سوف يبلغ 45 سنة في ديسمبر "كانون الأول")، من الترشح مجدداً في إطار الدستور الفرنسي (ومن غير المحتمل أن يمرّ تعديل دستوري يساعد في هذه النقطة)، فيما كانت حركته En Marche! (إلى الأمام) إجمالاً أداة شخصية لتحقيق طموحاته.

من دون ماكرون، سوف تذوي حركة En Marche! ويبقى نظام أحزاب وسط اليسار ووسط اليمين مفككاً، فيما يُحتمل أن يزدهر حزب لوبن، بعد ارتباطه المحتمل بإريك زامور الأسوأ بعد، إما تحت قيادتها أو تحت قيادة زعيم يملك رصيداً أكبر من الجاذبية وقدراً أقل من متاع الماضي.

يجب أن تبدأ الحملة المقبلة لإنقاذ فرنسا اليوم.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من آراء