Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تنظيم العمل النقابي في الجزائر... تضييق أم توسيع للحريات؟

حزب العمال يرى أن القانون يرمي إلى مصادرة المهمة التاريخية التحررية للطبقة العاملة المنظمة في نقاباتها

مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين أكبر نقابة عمالية (الإذاعة الجزائرية)

تتجه الجزائر لإعادة الاعتبار للنشاط النقابي في إطار الإصلاحات التي باشرتها السلطة في مختلف القطاعات والمجالات منذ تسلم الرئيس عبد المجيد تبون مقاليد الحكم، وجاء اليوم العالمي لعيد العمال ليعيد إحياء الخطوة من خلال الكشف عن الإعداد لقانون إطار ينظم العمل النقابي.

اهتمام رئاسي أم استجابة لوعود؟

وقال الرئيس تبون في كلمة بمناسبة عيد العمال، "أسديت توجيهات لإعداد قانون إطار ينظم العمل النقابي، بإثراء أكبر لمحتواه من خلال التشاور والنقاش مع المهنيين"، مشدداً على أن يراعي مشروع القانون المواثيق والاتفاقيات التي صادقت عليها الجزائر، والتمثيل الحقيقي للنقابات والتزام ترقية الجانب الاجتماعي والمهني للعمال، بعيداً من النزاعات السياسية التي أغرقت العمل النقابي من روحه الحقيقية، وداعياً كل النقابات المهنية للعمال إلى إدراج حجم المسؤولية تجاه العاملات والعمال والمؤسسات والدور المنوط بها، بخاصة أن الدولة حريصة على الحوار الدائم مع الشركاء الاجتماعيين لضمان الشفافية والتقيّد التام بالقوانين عندما يتعلق الأمر باحتجاجات مطلبية. 

وشدد تبون قبل أسابيع على أن "ممارسة الحق النقابي ركيزة أساسية من ركائز الديمقراطية وأن دستور 2020 يكفل هذا الحق ويكرسه"، مؤكداً أن "مراجعة قانون كيفيات ممارسة النشاط النقابي ينبغي أن تتماشى ولوائح المكتب الدولي للعمل". وتابع أنه من الضروري أن يراعي القانون ضوابط التمثيل الحقيقي للنقابات، بعيداً من التمييع مع إشراك النقابات القطاعية في استحداث آليات قانونية لتقييم الأداء النقابي، مبرزاً "أهمية الفصل بين العمل النقابي والمسؤولية في التسيير والانتماء السياسي".

من أجل وضع حد للفوضى؟

وتبقى السلطة جادة في مسعاها استجابة للوعود التي قطعها تبون على نفسه أمام الشعب بإجراء إصلاحات في مختلف المجالات والقطاعات، ثم من أجل وضع حد للفوضى التي باتت تطبع النشاط النقابي الذي تسيطر عليه منظمات معروفة بالقيادات نفسها، وهو ما أبرزه قبل أيام وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي يوسف شرفة بالقول إن مشروع القانون الإطار المتعلق بالعمل النقابي الذي هو في طور الإعداد سيضع نظاماً جديداً بتغييرات جذرية، بالمقارنة مع القانون الحالي المتعلق بممارسة الحق النقابي الذي يعود تاريخ إصداره إلى 30 عاماً.

وأوضح الوزير في رده على انشغالات أعضاء مجلس الأمة حول ممارسة الحق النقابي، أن مشروع القانون الإطار سوف يتضمن إجراءات جديدة عدة، من بينها شرط تكوين المندوب النقابي حول التحكم في بعض قواعد تسيير العمل النقابي، وكذلك وضع آلية جديدة تكون بمثابة وسيط لتفادي اللجوء إلى العدالة في حالة النزاعات، مضيفاً بخصوص الفصل بين النشاط النقابي والعمل السياسي، أنه سيتم تعزيز هذا الفصل حتى تكون المنظمات النقابية مستقلة في تسييرها عن أي حزب سياسي، ومبرزاً أنه سيتم أيضاً التأكيد على الفصل بين الوظائف القيادية والعمل النقابي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكد شرفة أن مشروع القانون يصبو إلى "منح الحريات النقابية إطاراً قانونياً متقدماً وملائماً لمهمات المنظمات النقابية، انسجاماً مع المعايير الدولية للعمل وتعزيزاً للضمانات القانونية التي تخوّل العمال الأجراء وأرباب العمل تأسيس منظمات نقابية بكل حرية من دون تمييز للدفاع عن مصالح أعضائها المادية والمعنوية"، كما أنه "يعزز حماية المندوبين النقابيين من التسريح التعسفي بسبب ممارستهم لنشاط نقابي".

وفي السياق ذاته، ذكر أنه تم إلى اليوم تأسيس 158 منظمة نقابية، من بينها 99 عمالية، و59 لأرباب العمل، تغطي جميع قطاعات النشاط، مشيراً إلى أنه من بين مجموع النقابات المسجلة "هناك 72 نقابة في القطاع العمومي، وتخص بعض القطاعات من بينها التربية 33 نقابة والصحة 19 والتعليم العالي 6 نقابات والتكوين المهني 4 نقابات".

بين الرقابة ومسايرة التطورات

إلى ذلك، يرى حزب العمال أن القانون يمهد لـ"رقابة بوليسية دائمة على المنخرطين في النقابات"، ويشكل "انتهاكاً خطيراً لحق جوهري لأنه يمثل مكونة أساسية في المواطنة"، وأشار الحزب في بيان إلى أن القانون "يرمي إلى مصادرة المهمة التاريخية التحررية للطبقة العاملة المنظمة في نقاباتها، التي تمثل الغالبية"، وشدد على أنه "لا توجد اتفاقيات أو توصيات صادرة عن منظمة الشغل العالمية تكرس مصادرة الحقوق السياسية للعمال والموظفين النقابيين".

لكن للنقابي محمد عبد الكريم رأياً أخر، ويقول في حديث إلى "اندبندنت عربية" إن "القانون 90/14 المؤرخ في 2 يونيو (حزيران) 1990 المتعلق بكيفيات ممارسة العمل النقابي تجاوزه الزمن، ولم يعُد يستجيب لمطالب العمال والشركاء الاجتماعيين"، وعليه فإن مراجعته باتت أمراً ضرورياً، لا سيما في ظل التطورات التي يعرفها العالم، موضحاً أن مسألة فصل العمل النقابي عن السياسي التي خلقت جدلاً في الأوساط السياسية ولدى بعض النقابات، تحتاج إلى مزيد من التوضيحات بغية تجنب التأويلات التي تروج لها أطراف معروفة، وختم أن الدفاع عن حقوق العمال لا يجب أن يأخذ منحى سياسياً يخدم أجندات جهات تبحث عن تحقيق مصالح ضيقة.

الحق النقابي منذ 1989

لقد تكرس رسمياً الاعتراف بالحق النقابي في الجزائر بصدور دستور 1989 في المادة 53 منه، ليتقرر في ما بعد الاعتراف بالحرية النقابية بصدور القانون رقم 90-14 المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي الذي يُعتبر أول قانون نقابي تعددي في البلاد، يسمح للعمال وللموظفين على حد سواء بتأسيس نقابات عدة والعمل بمعيار النقابة الأكثر تمثيلاً، اعترافاً من المشرع بأن النقابة من الأطراف الأساسية الفاعلة في رسم السياسة الاقتصادية للدولة باعتبارها شريكاً اجتماعياً حيوياً في الحياة الاقتصادية والاجتماعية.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير