Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الممارسة النقابية قيد المراجعة بالجزائر والحديث في السياسة ممنوع

يقتصر مشروع القانون الجديد على حرية المطالبة بالحقوق المهنية والاجتماعية بما يتماشى مع بنود الدستور

ينص مشروع القانون الجديد بالجزائر على الفصل بين العمل النقابي والسياسي  (أ ف ب)

تحتفظ الذاكرة الحراكية في الجزائر بلحظات توثق تشابك أذرع النقابات المستقلة في مظاهرات احتجاجية اندلعت في 22 من فبراير (شباط) 2019 خرجت برفقة شرائح أخرى من المجتمع، للتعبير عن رفضها الخيارات السياسية المطروحة حينها والدعوة إلى تغيير الوضع القائم.

هذه الحرية في ممارسة حق التعبير لن تشمل السياسة على ما يبدو مستقبلاً، وستقتصر على المطالبة بالحقوق المهنية والاجتماعية، إذ أعدت الحكومة الجزائرية مشروع قانون جديد يتعلق بآليات تأسيس النقابات العمالية والمهنية، وكيفيات ممارسة العمل والحق النقابي، بما يتماشى مع بنود الدستور، الذي جرى الاستفتاء عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020.

مراجعة بعد 30 عاماً

وقال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون في الثاني من يناير (كانون الثاني) الحالي، خلال اجتماع مجلس الوزراء إن "ممارسة الحق النقابي ركيزة أساسية من ركائز الديمقراطية وإن دستور 2020 يكفل ويكرس هذا الحق"، مبرزاً أن "مراجعة قانون كيفيات ممارسة النشاط النقابي ينبغي أن تتماشى ولوائح المكتب الدولي للعمل".

وفي السياق ذاته، شدد تبون على ضرورة مراعاة "القانون ضوابط التمثيل الحقيقي للنقابات بعيداً من التمييع، مع إشراك النقابات القطاعية في استحداث آليات قانونية لتقييم الأداء النقابي"، متحدثاً عن "أهمية الفصل بين العمل النقابي، والمسؤولية في التسيير والانتماء السياسي". وشدد تبون على "العودة إلى أبجديات العمل النقابي المعمول به دولياً، والمتمثلة في الدفاع عن حقوق العمال وترقية مناخ العمل، والابتعاد نهائياً، ضمن القانون، عن الممارسات السياسية، والارتباط العضوي بين النقابات والأحزاب".

قوة التمثيل

الجوانب السياسية من المسألة لا حصر لها، إذ يذهب مراقبون إلى القول إن الحكومة تنظر بعين الريبة إلى النقابات المستقلة التي تتحرك وفق رؤيتها بخلفيات سياسية بسبب انتماءات حزبية لقياداتها وبعض المنخرطين فيها، وهي توظف ذلك للضغط على الحكومة في مواعيد سياسية وأحداث اجتماعية تعرفها البلاد.

وعلى الرغم من أن أكبر تكتل نقابي وهو الاتحاد العام للعمال الجزائريين موالٍ لخيارات السلطة، فإن النقابات المستقلة تسيطر على قطاعات حساسة مثل التربية والصحة والإدارة العمومية والبريد، ولها تمثيل عمالي معتبر، وقوة على الحشد، إذ تنفذ من فترة إلى أخرى حركات احتجاجية تشل القطاعات الرئيسة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ضمن هذا السياق، يقول النقابي مسعود بوديبة لـ"اندبندنت عربية"، "إن العمل النقابي في أصله مقلق سواءً بالنسبة إلى أرباب العمل أو مسؤولي القطاعات المختلفة". ويضيف "الفعل النقابي هو فعل سياسي في الأصل، وبالتالي فإن الحديث عن الفصل بينهما أمر فيه ما يقال، وسنعلق على الموضوع بمجرد الاطلاع على مشروع النص القانوني قبل طرحه للمناقشة على البرلمان الجزائري"، ويردف "كل القوانين الأساسية السارية المفعول حالياً تمنع الممارسات السياسية في العمل النقابي، ولهذا لا ندرى ما المغزى من الحديث عن هذا الأمر في مسودة القانون الجديد".

الرقابة على المنخرطين

ويرى حزب العمال الذي تقوده اليسارية لويزة حنون، أن القانون يمهد لـ"رقابة بوليسية دائمة على المنخرطين في النقابات"، ويشكل "انتهاكاً خطيراً لحق جوهري كونه يمثل مكونة أساسية في المواطنة".

وأضاف الحزب، في بيان، أن القانون "يرمي لمصادرة المهمة التاريخية التحررية للطبقة العاملة المنظمة في نقاباتها، التي تمثل الأغلبية"، وشدد على أنه "لا توجد اتفاقيات أو توصيات صادرة عن منظمة الشغل العالمية تكرس مصادرة الحقوق السياسية للعمال والموظفين النقابيين".

حماية المكتسبات العمالية

من جهته يلفت النقابي بوعلام عمورة إلى أن مراجعة قانون الممارسة النقابية هو مطلب رفع منذ عام 2016، لكن الحكومات المتعاقبة ظلت تتجاهله حتى لقاء ممثلي النقابات مع المكتب الدولي للشغل بالجزائر في 22 مايو (أيار) 2019، الذي قام بدوره بمراسلة الحكومة الجزائرية التي استجابت للمطلب.

ويضيف عمورة في تصريح خاص، أن "القانون 90/14 المؤرخ في 2 يونيو (حزيران) 1990 المتعلق بكيفيات ممارسة العمل النقابي تجاوزه الزمن، ولم يعد يستجيب للمطالب العمالية والشركاء الاجتماعيين".

وفي تعقيبه على التوجه نحو فصل العمل النقابي عن السياسي، قال، "نحن نقوم بالسياسة النقابية وليس الحزبية، وعلى سبيل المثال من حقنا المطالبة بتحسين القدرة الشرائية، هل هذه سياسية أم مطلب نقابي؟ نطالب الحكومة بالوفاء بوعودها فقط والاستجابة لكل الانشغالات المرفوعة من خلال المحافظة على الحقوق المكتسبة وملاءمتها مع التشريعات العالمية المكرسة للحق في الممارسة النقابية".

وإلى الآن لم تحصل كونفيدرالية النقابات المستقلة على الاعتماد من طرف وزارة العمل الجزائرية، على الرغم من أحقيتها في ذلك بناءً على القانون 14/90 بخاصة المادة 39 التي تخص الفيدراليات والاتحادات والكونفيدراليات.

ورفع تكتل النقابات المستقلة، الذي ضم 14 لائحة مشتركة في التاسع من نوفمبر الماضي إلى رئيس الحكومة أيمن بن عبد الرحمن لدعوته إلى "التراجع عن سياسات التضييق على الحريات النقابية ونشاط النقابات المستقلة، وإطلاق حوار اجتماعي تكون النقابات عضواً فيه".

ومن المرتقب أن يحمل المشروع الجديد مادة قانونية تنص على أنه "يمكن للمنظمات النقابية للعمال الأجراء وللمستخدمين، المؤسسة قانوناً أن تنشئ فيدراليات واتحادات أو كونفيدراليات، مهما كانت المهنة أو الفرع أو قطاع النشاط الذي تنتمي إليه. ولها نفس الحقوق وعليها الواجبات ذاتها التي تطبق على المنظمات النقابية وتخضع في ممارسة نشاطها لأحكام هذا القانون".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير